بين الإنكار والبحث عن مَهرَب.. كيف يتفاعل الأوكرانيون مع أحاديث الغزو الروسي لبلادهم؟

عربي بوست
تم النشر: 2022/02/15 الساعة 10:32 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/02/15 الساعة 10:34 بتوقيت غرينتش
الحياة اليومية في عاصمة أوكرانيا، كييف، في الوقت الذي تتصاعد فيه الأحاديث عن احتمالات الغزو الروسي/ Getty

لا ينصب اشتغال الأوكرانيين، بخلاف غيرهم، على سؤال ما إذا كانت بلادهم مقبلةً على حرب مع روسيا أم لا، بل السؤال الذي يتنازع معظمهم هو ما إذا كانت الأحوال ستشتد سوءاً عن ذلك. فمنذ عام 2014، بعد أن أزاح المتظاهرون فيكتور يانوكوفيتش الزعيم الأوكراني الموالي للكرملين، ضمَّت روسيا شبه جزيرة القرم من أوكرانيا، ودعمت الانفصاليين المسلحين في المناطق الشرقية من دونيتسك ولوغانسك، ولم يخمد الصراع هناك على مدى السنوات الماضية.

بعض التقارير التي تسربت عن وكالات الاستخبارات الغربية تتوقع كارثةً يتجاوز مداها أي نطاق سابق للأزمة في البلاد. وأسئلة عديدة تُطرح: هل يغزو 100 ألف جندي روسي، أو نحو ذلك، البلاد "في أي وقت"، كما تزعم أمريكا؟ وهل تسقط العاصمة كييف حقاً في 72 ساعة؟ ترد الحكومة الأوكرانية بأنها تستبعد غزواً واسع النطاق.

كيف يتفاعل الجمهور الأوكراني مع أحاديث الغزو الروسي لبلادهم؟

تقول مجلة The Economist البريطانية التي تناولت في تقرير لها تفاعل الجمهور الأوكراني مع الأنباء التي تتحدث عن الغزو الروسي المحتمل واستعداداتهم لذلك، إن هناك تبايناً لدى الشعب الأوكراني في التعامل مع هذه المعلومات، فالتفكير في الحرب كل يوم قد يقض مضجعك ويشتت عليك أمرك. وفي كل الأحوال، فإن خطةً محكمة للإفلات من الكارثة قبل وقوعها قد تنقذ حياتك؛ ولعلَّك تلتمس خفيةَ الصباح الباكر وتخرج في طريق الهروب من الأذى. لكن ماذا لو لم يحدث شيء؟ هذه المعضلات وغيرها هي أول ما يغتم له المرء من كروب الحرب وانتظارها. 

والأوكرانيون هنا، هم من تتنازعهم هذه الأسئلة وغيرها في كل لحظة. وفيما يلي تروي مواطنتان أوكرانيتان مشاعرهما وموقفهما من الأحاديث عن احتمالات الغزو الروسي لأوكرانيا.

"الأمر مختلف هذه المرة"

تروي ليزا (26 سنة)، من العاصمة كييف، حكايتها للمجلة البريطانية، فتقول: لا تكاد تمضي على الأوكراني سنة واحدة من حياته مضياً سهلاً دون أزمات، لكن الجانب الآخر من الأمر أننا أصبحنا قادرين على النجاة من أي شيء يحل بنا. ولهذا أحب كوني أوكرانية. 

لا تخطئ فهمي أو تتوهم، فأنا لست من المصابين بهوس "الوطنية السامة"، ممن غُسلت أدمغتهم فباتوا عازمين على الموت من أجل فكرة أو بلد ما. لقد أمست رغبة الموت من أجل أوكرانيا موضة دارجة اليوم بين الناس. أمَّا أنا، فإن كنت ولدت وسأموت أوكرانية، إلا أنني أريد أن أنقل هذا الحب إلى أجيال قادمة. وأنا أحب أوكرانيا، لكنني لن أموت من أجلها، ولا من أجل أي فكرة كانت.

كنت في السابعة عشرة من عمري أثناء انتفاضة الميدان الأوكرانية عام 2014، وكنت أذهب إلى ساحة الاحتجاجات بعد المدرسة وأقضي فيها بعض الوقت، فالمكان كان يبث فيك شعوراً لطيفاً. لكن بعد أن غادرت الساحة في أحد الأيام، هاجمت قوات الشرطة الطلاب المحتجين. وأتذكر أن أجنبياً سألني في يوم آنذاك عن موقع "الاحتجاجات"، فما كان مني إلا أن أجبته: "الثورة تقصد؟ الثورة في هذا الاتجاه". بعد أن بدأ العنف، حبستني والدتي داخل البيت ولم يسمحوا بالذهاب مرة أخرى. كانت الحماسة غالبة عليَّ، لكنني كنت على وشك  التعرف إلى وجه آخر للثورات، وجه ملؤه الدماء والخيبة. خسرَ أهلي وظائفهم، ولم يعد بينهم من يكسب بعض المال سواي، واشتد الأمر علينا، حتى كنا لا نكاد نجد طعاماً يكفينا في بعض الأحيان. كنت أعرف أن الثورة تحمل الخير، لكنني علمت أيضاً أن هذا "الخير" لن يأتي في أي وقت قريب.

ربما لهذا السبب كانت نفسي تنازعني إلى استكشاف بلدان أخرى، فغادرت أوكرانيا لأول مرة في عام 2018. وقد منحني السفر شخصية جديدة، كانت ليزا جديدة تولد في كل بلد أذهب إليها. لم يخطر لي أن يطول سفري إلى هذا الحد، وكنت أعرف أنه لا يجدر بي أن أظل بعيدة عن عائلتي، فرجعت إلى أوكرانيا.

لا أتذكر حتى ترتيب الأحداث في عام 2014، فأنا لم أكن أتابعها في ذلك الوقت، كنت أحاول النجاة بنفسي منها. لم ينتابني وقتها شعور بأن الحرب قادمة إلى كييف. لكن الأمر مختلف هذه المرة. فأنا الآن أقرأ كل شيء عما يجري وأتابعه. أستيقظ، فيكون أول شيء أفعله هو البحث على موقع جوجل عن آخر "أخبار العدوان الروسي". وأقرأ الأخبار الصادرة عن أوكرانيا، ولأنني أعمل في شركة تسويق أمريكية، فإن زملائي في العمل يرسلون لي مقالات من وسائل الإعلام الأمريكية.

أوكرانيا
تدريبات لمدنيين في أوكرانيا على حمل السلاح – Getty Images

"عموم الناس في أوكرانيا لا يتلقون الأخبار عادة من الخارج"

تستكمل ليزا حديثها بتعجّب فتقول: لا أحد يستوعب حقاً ما يدور في أذهان الشعب الأوكراني حالياً. والأصدقاء في الخارج قلقون ويطرحون الأسئلة علي، لكن الأمر أشق على النفس مما يبدو، وأشعر أحياناً أن الأمر ما هو إلا تسلية من بعيد للأجانب. إنهم في منازلهم يتصفحون الأخبار، وكأنهم يشاهدون مسلسلاً أو فيلماً على شبكة نتفليكس. أما نحن، فإن هذه الأحداث هي واقع نعيشه. ولذلك  ينزعج الأوكرانيون غالباً من هذا الأمر، ويرون أن الولايات المتحدة تثير الذعر بما تنشره من أخبار عن قرب الغزو، كما أنه أمر يضر اقتصادنا. يتناول كثير من الناس الأمرَ بمبالغة كبيرة، حتى وصل الأمر إلى موقع تيك توك.

أما الأوكرانيون، فالأحب إليهم ألا يتحدث أحد عن الأمر وألا يقرأوا عنه أي شيء على الإطلاق. وهم لا يأخذون قولاً في مجريات الأحداث إلا من الرئيس فولوديمير زيلينسكي، فهو يتحدث إليهم حديثاً هادئاً، ويستعين بخبرته في التمثيل وشخصيته المؤثرة. وأنا أعتقد أن ما يفعله هو الصحيح، فهو يحاول أن يجنِّب الناس الذعرَ. وعموم الناس في أوكرانيا لا يتلقون الأخبار عادة من الخارج. وهم لا يسمعون في الداخل حتى الآن إلا أن "كل شيء على ما يرام"، وأن "روسيا لن تغزو"، وأن الأمر "ليس إلا تهديداً".

عندما تواردت الأخبار عن الغزو الروسي في البداية، استقصيت الأمر قليلاً واعتقدت أن الأمور قد تسوء. لذلك قررت التحدث إلى عائلتي، لأسألهم ما إذا كان لديهم خطة احتياط للأمر، لكنهم اتهموني بالإفراط في الذعر، وعندما حاولت إقناعهم بالحديث عن الأمر، قالوا إنهم لا يريدون سماع أي أخبار لأن ذلك يسوءهم، وهم يفضلون وهماً مريحاً عن واقعٍ منذر بما يكرهون. فأدركت أن أهلي لن يسعوا إلى مغادرة أوكرانيا إلا بعد فوات الأوان، وعزمت على الرحيل بمفردي.

هذه خطتي الآن، لكن عليَّ قبل ذلك أن أشتري بعض إمدادات الغذاء لعائلتي، وأن أجمع بعض المال وأخفيه في قبو المنزل، حتى إذا حدث شيءٌ ما وقرروا أن يغادروا، وجدوا شيئاً يستعينون به على الرحيل. أمَّا أنا، فالرحيل يسيرٌ عليَّ، فأنا عزب، وليس متاعي بالكثير، وأتَّبع أسلوب معيشةٍ لا أمانع فيه "التشرد" وزهد الرضا بأقل الأشياء. لكن ما يكدرني أن لي أصدقاء طيبين أحبهم وأخشى فقدانهم. كما أن أهلي هنا. وحقيبة ظهرك لن تسع كل شيء تحبه. وأنا حقيبة سفري صغيرة، بالكاد تتسع لبعض الملابس ووثائقي الشخصية. وسآخذ معي بعض المال وحاسوبي المحمول، لأنه لا غنى عنه في عملي.

سمعت عن امرأة أوكرانية، في الثانية والخمسين من عمرها، قيل إنها انضمت إلى الجيش، وانتشرت لها في جميع الصحف صور تستلُّ فيها بندقية ضخمة. في البداية، بدا الأمر سخيفاً لي، لكني تحولت عن هذا الرأي بعد ذلك، والآن أحاول الحصول على أسلحة لعائلتي أيضاً، وأبحث على موقع جوجل عن سبيلٍ لذلك.

نحن تنقصنا المعلومات الموثوقة ومع ذلك يقع علينا عبء قرارات ثقيلة على أي حال. ربما أنا واهمة، ولأكون صريحة، أظن أن كييف لن يصيبها شيء. لا سبب يدفع روسيا إلى غزوها، كما أن تكلفة الأمر عليهم لن تكون هينة. لكن جسامة الأمر كافية لدفعك إلى البحث عن خطة احتياط. ومع أني أستيقظ كل يوم وبي أمل أن يجبرني شيء على البقاء هنا، فإنني أعرف من داخلي أن الرحيل أجدر بي.

أوكرانيا روسيا أمريكا
أحد الجنود الأوكرانيين يراقب حدود بلاده المهددة من روسيا/ getty images

"قصص الغزو لا تبدو واقعية"

من جانبها، تقول يوليا (26 سنة)، من خاركيف، ثاني أكبر مدينة في أوكرانيا من ناحية المساحة وعدد السكان، وهي المدينة الواقعة أيضاً على الحدود مع روسيا، إن الكثير من الشكوك تراودها حول أحاديث غزو روسيا لبلادها، وتروي حكاياتها ومشاعرها فتقول:

الشكوك تراودني بين الحين والآخر، لكنني متيقنة بنسبة 80 % أن روسيا لن تغزو أوكرانيا. ولذلك أطمئن أصدقائي وأبث الجسارة فيهم على الاستبشار والتفائل.  وما دام الرئيس قال لنا: لا داعي للذعر، فهو كذلك. لماذا تنتشر إذن كل هذه الشائعات؟ ألكي لا يستقر لنا بال ولا نهنأ بنوم؟

لقد ولدت في مدينة بيلوفودسك، الواقعة بالقرب من لوغانسك في شرق أوكرانيا بالقرب من الحدود مع روسيا. ومعظم الناس هناك يتحدثون الروسية، حتى إنه عندما اندلعت الحرب في عام 2014، أيَّد أبي وأمي أوكرانيا، لكن أجدادي وعمي وعمتي أيَّدوا الجانب الآخر. وكلما جلسنا معاً إلى الطاولة، تحوَّل نقاش السياسة دائماً إلى خلافات محتدمة.

هذا الانقسام أشبه بشيء معلوم بالضرورة في أوكرانيا، وخاصة في الشرق، لأن جيلي، بخلاف الأجيال السابقة، وُلد ونشأ بعد استقلال أوكرانيا عن الاتحاد السوفييتي السابق في عام 1991، وتعلَّمنا في المدارس اللغة الأوكرانية وأُشربِنا الرموز الوطنية: العلم والنشيد والتاريخ. وهذا سبب الاختلاف الحاد في الآراء بين الأجيال في أوكرانيا.

في عام 2014، لا أحد كان مستعداً لما حدث. وأنا لم أخبر الحرب سماعاً، بل شاهدتها بأم عيني. كنت في لوغانسك عندما استولت مجموعة من الانفصاليين الروس على المقر الرئيسي لجهاز الأمن الأوكراني، ورأيتهم يحتشدون حول المبنى. كانوا أشخاصاً عاديين، لم يكونوا جنوداً، من أنزلوا العلم الأوكراني من فوق المبنى. كان عمري وقتها 18 عاماً، ولم أستوعب حقاً ما كان يحدث. كيف يمكن لهذا أن يقع في بلدي، وأين جيشنا، وشرطتنا، ولماذا لا يوقفهم أحد؟

أجبَرَنا ما حدث على مغادرة منزلنا، وعندما غادرت بيتي، لم آخذ معي إلا ما اعتقدت أنني في حاجة إليه وقتها، وتركت الحلي والكتب ومتاعي الشخصي. كنت أظن أن الأزمة في سبيلها إلى حل سريع، وأنني سأرجع ولن أفقد شيئاً. لكنني لم أرجع أبداً.

في عام 2014، أعلنت المنطقة التي كنت أسكنها نفسها "جمهورية لوغانسك الشعبية" وتعهدت بالولاء لروسيا (ومع ذلك لم تعترف بها رسمياً أي دولة، ولا حتى روسيا). وانتقلت وأهلي إلى خاركيف، أكبر مدينة في أوكرانيا بعد العاصمة، لكنني ذهبت أولاً للدراسة في كييف، حيث كان الطابع الأوكراني هو الغالب على كل شيء، وكان المزاج العام قومياً ينزع إلى الاستقلال عن روسيا. وكان جميع الناس على الرأي نفسه، فكلهم أشد تأييداً لأوروبا في مواجهة روسيا، وكلهم أشد اعتزازاً بالقومية الأوكرانية من عائلتي.

"لا يمكننا الاطمئنان إلى أن الدولة الأوكرانية ستحمينا"

تقول يوليا: أصبح التعايش مع النزاع أمراً طبيعياً، واعتدنا الأخبار عن أشخاص يقاتلون ويموتون في بعض المناطق في البلاد. وعلى مدى السنوات الثماني الماضية، تعيَّن على الأوكرانيين مشاهدة الأخبار نفسها كل يوم وعلى كل قناة تلفزيونية. فكل يوم، يُعرض ملخص لآخر أخبار المعارك، والصحف تكتظ بالتقارير الواردة من الجبهة، وعملية لمكافحة الإرهاب هنا، وتبادل إطلاق نار هناك. والآن تتحدث الأخبار عن غزو آخر. لكن يُقال لنا إن الروس لن يأتوا لأنهم إذا هاجمونا، فسيواجهون عقوبات صارمة. وبعضنا يقول لنفسه: "رائع! أمريكا تحمينا إذن".

لكنني أعلم بحكم ما خبرته من قبل أن فلاديمير بوتين قد ينقلب على كل ذلك، وربما يقرر فجأة: "أريد أن تكون خاركيف لنا أيضاً". ولا يمكن الاطمئنان إلى أن الدولة الأوكرانية ستحمينا، وأن كل شيء سيكون على ما يرام، لأن روسيا أشد قوة منا بكثير من الناحية العسكرية.

أنا لا أشاهد التلفاز. وأتلقى الأخبار من الإنترنت ومن أصدقائي. رأيت الرئيس الأوكراني يلقي خطاباً قال فيه للشعب بأكمله، وسكان خاركيف على وجه الخصوص، ألَّا يهلعوا. وطلب منا ألا نتبادل رسائل الذعر، لكن أصدقائي ما زالوا يرسلون لي رسائل مقلقة في محادثاتنا الجماعية: "روسيا حشدت القوات بالقرب من الحدود"، "هل رأيتِ طائرات الهليكوبتر التي حلقت في سماء خاركيف ليلاً؟، "لا شك في أن الحرب قادمة عما قريب".

أنا أثق برئيسنا لأنه يتحدث بكلمات بسيطة وصريحة. ويسأل: لماذا لا نتحدث عن هذا التهديد سوى الآن، مع أنه موجود منذ ثماني سنوات؟ ولذلك أريد أن أصدق زيلينسكي عندما يخبرنا أنه لا داعي للخوف. أنا أصدقه بالفعل.

تبدو ظنون الغزو غير واقعية. وعائلتي وأنا لا نظن أن هذا الغزو سيحدث حقاً. لهذا السبب، لا يتكبد أحد منا عناء التفكير في خطة جادة. وأقاربي من كبار السن لا يريدون مغادرة منزل العائلة العزيز عليهم. وإذا سيطر الانفصاليون على خاركيف كما سيطروا على لوغانسك، أظن أنهم سيبقون هناك على أي حال ويوطِّنون أنفسهم على العيش في ظل القواعد الجديدة. أما أنا، فلن أفعل ذلك، أنا في السادسة والعشرين من عمري، وحرة، ولا يقيدني مكان أو مدينة، ولا أملك شقة، ولا حتى قطة.

أنا أعيش في طرف من خاركيف، وأختي تعيش في الطرف الآخر. وقد بدأنا في التخطيط لما سنفعله إذا هاجمت روسيا المدينة فجأة، وما التصرف إذا قُطعت خطوط الهاتف والإنترنت وأُغلق المترو. تعاهدنا على الذهاب إلى منزلها ثم السفر معاً. لكنني أعتقد أن مغادرة أوكرانيا الآن -تحت تأثير الأشياء التي تُشاع حالياً- أمرٌ في غاية الغباء.

خلال الحرب العالمية الثانية، كان لكثيرٍ من نساء السوفييت وأوكرانيا بطولات لا تقل عن بطولات الرجال. وإذا لم يكن من الأمر بد، فأعتقد أن شابات كثيرات سيتطوعن للدفاع عن بلادهن فوراً. أمي زاولت مهنة التمريض، وقد تُستدعى، أما أنا فلا أملك مهارات نافعة في ظروف كهذه: فأنا أعمل في مجال توصيل الطعام، ولست طبيبة ولا قناصة ولا أستطيع قيادة الطائرات.

ليس أسهل من أن تشعر بالقلق عندما ترى بعض المنشورات المرعبة على وسائل التواصل الاجتماعي، لكنني أستطيع التعامل معها. واليوم أقابل أصدقائي كأن كل شيء على ما يرام. وهذه هي الحياة، صحيح أن الأمر مخيف، لكن نحن عالقون هنا، في هذا الموقع الجغرافي الحساس، حيث تجثم إلى جوارنا روسيا العملاقة الرهيبة. ماذا نفعل إذن؟ هذه بلادي، وأنا أعيش هنا، وهذا كل ما في الأمر.

تحميل المزيد