على الرغم من اقتراب دخول جائحة كورونا العام الثالث، لا تزال كثير من الأسئلة المتعلقة بالوباء بلا إجابة حاسمة، ومنها هل تؤثر سلالة دلتا أو متحور أوميكرون على تكرار الإصابة بالعدوى؟
داني ألتمان، أستاذ علم المناعة في جامعة كوليدج لندن، قال لهيئة الإذاعة البريطانية BBC: "أحد الأشياء المروعة في هذا الوباء هو أن الناس لا يصدقون كل ما يقال من العلماء، لأننا نغير آراءنا لأن الهدف متحرك".
والمقصود بالهدف المتحرك هو كون لقاحات كورونا وبرامج التطعيم تنطوي على عمليات معقدة للغاية، إضافة إلى تحور الفيروس، وبالتالي اختلاف تأثير اللقاحات مع مرور الوقت.
وتناولت صحيفة The Guardian البريطانية في تقرير لها بعنوان "عدوى كوفيد مرةً أخرى: ما مدى احتمالية إصابتك بالفيروس عدة مرات؟"، الأسئلة المتعلقة بتكرار الإصابة بالعدوى، في تواتر التقارير عن الإصابات المتكرِّرة بفيروس كوفيد-19 في المملكة المتحدة، بما في ذلك الأشخاص الذين ثبتت إصابتهم بالفيروس بعد أسابيع فقط في ديسمبر/كانون الأول ويناير/كانون الثاني، أو أُصيبوا بالفيروس ثلاث أو حتى أربع مرات. وأُصيب أطفالٌ كُثُر بالعدوى مرةً أخرى.
ما علاقة تكرار الإصابة بالعدوى بالمتحورات؟
تميل أرقام العدوى مرةً أخرى إلى الكشف عن عدوى كوفيد-19 ثانية أو ثالثة، إلخ، بغض النظر عن المتحوِّر الذي سبَّب الإصابة. ومن المُحتَمَل أن يعتمد خطر الإصابة مرة أخرى على مجموعة من العوامل: على سبيل المثال، تشير البيانات إلى أن تكرار الإصابة يكون أعلى في الأشخاص غير المُحصَّنين وربما في أولئك الذين كانت إصابتهم السابقة أكثر اعتدالاً مع استجابةٍ مناعية أقل.
ويعتمد ذلك أيضاً على المتحوِّر. قال أحد الخبراء إن خطر الإصابة مرة أخرى بأوميكرون بعد وقت قصير من الإصابة الأولى بأوميكرون سيكون أقل من دلتا تليها أوميكرون، وأيضاً الفترة التي تلت التطعيم إذا كانت طويلة. ويقول الخبراء إن جرعة الفيروس التي يتعرَّض لها شخصٌ ما قد تكون مهمة أيضاً.
وكان توم بيكوك، عالم الفيروسات البريطاني في إمبريال كوليدج لندن، أول من اكتشف متحور أوميكرون، ونشر تفاصيل ما توصل إليه على موقع مخصص لنشر المعلومات المتعلقة بالخريطة الجينية لفيروس كورونا، وقال بيكوك إنه حتى الآن تم اكتشاف أربع سلاسل فقط لانتشار المتحور الجديد؛ لذلك "أنصح بالمراقبة حالياً"، مضيفاً أن وصول المتحور الجديد إلى آسيا يشير إلى أنه قد يكون أكثر انتشاراً مما نعرفه.
وزاد القلق بعد أن أصدرت منظمة الصحة العالمية تحذيرات مقلقة بشأن أوميكرون، واصفة إياه بأنه قد يكون الأخطر على الإطلاق منذ اكتشاف سلالة دلتا، وهو ما ثبت بالفعل بعد أن أصبح أوميكرون الأكثر انتشاراً على الإطلاق بين سلالات ومتحورات الفيروس منذ ظهوره أواخر عام 2019 في مدينة ووهان الصينية.
وتستخدم وكالة الأمن الصحي في المملكة المتحدة تعريف إعادة العدوى المُحتَمَلة عندما تحدث الإصابة الجديدة بعد 90 يوماً أو أكثر من الإصابة السابقة، ويرجع ذلك جزئياً إلى أنها تستثني أولئك الذين يتخلَّصون من الفيروس لفترةٍ أطول بعد الإصابة.
كم عدد حالات الإصابة المتكرِّرة بالعدوى؟
وفقاً لأحدث الأرقام الخاصة بإنجلترا من وكالة الأمن الصحي، كان هناك، منذ بداية الجائحة حتى 9 يناير/كانون الثاني، 425.890 إصابة مُحتَمَلة أخرى، مع وجود 109.936 حالة عُثِرَ عليها في الأسبوع المنتهي في 9 يناير/كانون الثاني، وهو ما يمثِّل حوالي 11% من جميع الحالات في ذلك الأسبوع.
وقد أُكِّدَ عددٌ قليلٌ جداً من حالات إعادة العدوى المُحتَمَلة لأن ذلك يتطلَّب التسلسل الجيني. علاوة على ذلك، مع وجود عدد قليل من الأشخاص في المجتمع لديهم إمكانية الوصول إلى الاختبارات في الموجة الأولى، ربما لم تُحتَسَب العديد من الإصابات الأولى.
قال داني ألتمان، أستاذ علم المناعة في الكلية الإمبراطورية في لندن: "هناك عدوى متفشية إلى حدٍّ ما بعد عامين، مع موجتين رئيسيَّتين من التهرُّب المناعي من قِبَلِ متحوِّر دلتا ثم أوميكرون".
هل من الأسهل تكرار الإصابة ببعض المتحوِّرات؟
باختصار، نعم. وفقاً للعلماء في كلية لندن الإمبراطورية، بعد أخذ مجموعةٍ من العوامل من الاعتبار، ارتبط أوميكرون بنسبةٍ تتراوح بين 4.38 و6.63 ضعف لخطر الإصابة مرةً أخرى، مقارنةً بمتحوِّر دلتا.
يضيف الفريق أن هذا يعني أن الحماية من الإصابة بكوفيد-19 الناشئة عن إصابةٍ سابقة خلال الأشهر الستة الماضية قد انخفضت من حوالي 85% قبل أن يصل أوميكرون إلى ما بين 0% إلى 27%. هذا الانخفاض ليس مفاجئاً نظراً لأن أوميكرون لديه القدرة على تفادي الاستجابات المناعية للجسم إلى درجةٍ كبيرة.
هل تحدث عدوى أوميكرون في فترة زمنية أقصر؟
يُحتَمَل، نعم. تُظهِر بيانات وكالة الأمن الصحي أنه بالنسبة للحالات التي كانت عيَّنتها بين 1 نوفمبر/تشرين الثاني و29 ديسمبر/كانون الأول 2021، كان هناك 2855 إصابة مُحتَمَلة بعد 29 إلى 89 يوماً من الإصابة السابقة- رغم أن بعضها قد يعكس الكشف المستمر عن عدوى أوَّلية.
وفي حين أن وكالة الأمن الصحي تلاحظ أنه من الصعب مقارنة الوضع بين المتحوِّرات بشكلٍ مباشر- إذ توجد العديد من العوامل المختلفة المهمة، بما في ذلك المستويات الإجمالية للمناعة لدى السكَّان- من المُرجَّح أن تلعب قوى تهرب المناعة لدى أوميكرون دوراً في هذه العدوى.
لم يتَّضح بعد إلى أيِّ مدى تحمي الاستجابات المناعية لأوميكرون من عدوى أوميكرون ثانية، أو العدوى بمتحوِّرات جديدة. قال بول هانتر، أستاذ الطب في جامعة إيست أنجليا: "أتوقع أن يكون خطر الإصابة بعدوى أوميكرون الثانية أقل بكثير من خطر الإصابة بأوميكرون بعد دلتا بعد أن تتنامى لديك أجسامٌ مضادة لبروتين أوميكرون الشائك".
هل يصبح تكرار العدوى أكثر اعتدالاً؟
قد يبدو ذلك منطقياً نظراً للاستجابة المناعية السابقة للجسم، وتشير بيانات هنتر إلى أن الحمل الفيروسي في حالات العدوى المتكررة أقل منه في حالات العدوى الأولية، مِمَّا يشير إلى أن المرض، بشكلٍ عام، قد يكون أقل حدة. ومع ذلك، فإن شدة الإصابة مرة أخرى تعتمد على العديد من العوامل، بما في ذلك المتحوِّر المعني وحالة تطعيم الشخص.
تشير بيانات مكتب الإحصاء الوطني البريطاني إلى أنه عندما أصبح المتحوِّر ألفا هو المسيطر، كانت الأعراض أقل شيوعاً بالنسبة للعدوى مرةً أخرى- لكن هذا انعكس عندما أصبح متحوِّر دلتا هو المهيمن.
كم مرة يمكن أن يُصاب الناس بكوفيد-19؟
من بين أولئك الذين أُصيبوا بكوفيد-19 مرتين السياسيَّان البريطانيَّان كير ستارمر ومات هانكوك، بينما كانت هناك أيضاً تقارير عن إصابة أشخاص بالفيروس ثلاث أو حتى أربع مرات، بفاصل بضعة أسابيع في بعض الحالات.