جاء استهداف الحوثيين لمطار أبوظبي ومنشآت نفطية إماراتية ليكشف عن تطور كبير في ترسانة الحوثيين العسكرية التي باتت أقوى من الكثير من الدول بالمنطقة، فما هي طبيعة قدرات ترسانة الحوثيين العسكرية ومن أين حصلوا على هذه الأسلحة.
والشهر الماضي، قال التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن إن جماعة الحوثي المدعومة من إيران أطلقت 430 صاروخا باليستيا و 851 طائرة مسيرة على السعودية منذ بدء الحرب في 2015 مما أسفر عن مقتل 59 مدنياً سعودياً.
هذا التطور في ترسانة الحوثيين العسكرية الذي أظهره الهجوم الأخير على الإمارات من شأنه ألا يؤثر فقط على تطور حرب اليمن، ولكن على مجمل التوازن العسكري والسياسي في المنطقة وعلى قدرة استخدام إيران لهم في الضغط على السعودية والإمارات وحتى إسرائيل، وكورقة مساومة في مفاوضات الملف النووي الإيراني.
وبحسب خرائط "غوغل" فإن المسافة بين العاصمة اليمنية صنعاء ومدينة أبوظبي في الإمارات حوالي 1100 كم، والمسار الأرجح للطائرات المسيرة والصواريخ المستخدمة في الهجوم هو عن طريق اختراق الأجواء السعودية، وهو ما يعني أن مدى هذه الأسلحة أكثر من ألف كيلومتر.
مصادر ترسانة الحوثيين العسكرية
ورث الحوثيون من الجيش اليمني الذي تداعى إثر الحرب الأهلية دبابات وصواريخ باليستية ومدافع هاون.
كما يعزو مراقبون تضخم ترسانة الحوثيين إلى عمليات التهريب الواسعة للأسلحة، وهي مهمة تقوم بها شبكات دولية متخصصة مقابل المال، وهي أحد المصادر الهامة لتسليح الجماعة المدعومة من إيران.
كما يمكن للحوثيين الحصول على صواريخ كورية أو روسية أو إيرانية الصنع عبر طرق التهريب التي يتقنها "الحرس الثوري".
ومن آن لآخر، تعلن قوات التحالف العربي عن توقيف سفن يشتبه بتهريبها أسلحة للحوثيين، لكن ذلك لم يحُل دون وصول صواريخ أرض جو، ومكونات صواريخ متطورة للجماعة، التي كبدت السعودية خسائر بشرية وأضراراً مادية فادحة.
كما يعتقد أن الرئيس السابق علي عبد الله صالح تواطأ في منح السلاح للحوثيين خلال فترة تحالفه معهم قبل أن ينقلبوا عليه ويقتلوه.
والمصدر الثاني الذي ضخم ترسانة الحوثيين العسكرية هو المستودعات العسكرية التي تمت مداهمتها أو الاستيلاء عليها. وفي عام 2015، شنت السعودية حملة جوية على مخازن الأسلحة المعروفة وقضت على بعض الصواريخ بعيدة المدى من ترسانة الحوثيين، واستخُدم ما تبقى من هذه الترسانة الأولية بحلول عام 2017، بمساعدة استشارات من الحرس الثوري الإيراني.
وإضافة إلى استيلاء الحوثيين على الأسلحة التي كانت موجودة في مستودعات الجيش اليمني في 2014 بما فيها الصواريخ الباليستية، فإنهم نجحوا في إدخال تطويرات وتحديثات عليها بقدرات ذاتية، كما لا يمكن إغفال دور إيران في نقل تكنولوجيا تطوير الأسلحة إلى الحوثيين، وكذلك استخدام خبراء من "حزب الله" اللبناني لتنفيذ تلك المهمة.
وتفيد تقارير غربية بأن الحوثيين حصلوا على مكونات صواريخ ومحركات وأجزاء من طائرات بدون طيار وعبوات ناسفة بحرية، سواء بدعم مباشر من إيران أو عبر وكلاء في السوق السوداء.
الدفاع الجوي.. أسقط أباتشي وتورنادو
في أغسطس/آب 2017 كشف الحوثيون عن تطوير ثمانية أسلحة قنص مختلفة يمكن توظيفها كدفاع جوي منخفض.
في نوفمبر/تشرين الثاني 2019، أعلن الحوثيون، إسقاط طائرة مروحية سعودية من طراز أباتشي الأمريكية الصنع ومصرع طاقمها، بعد يوم من إفراج السعودية عن عشرات الأسرى الحوثيين لديها.
وبثت قناة "المسيرة" الناطقة باسم الحوثيين في ذلك الوقت، مشاهد لإسقاط طائرة الأباتشي السعودية قبالة منطقة عسير السعودية على الحدود مع اليمن.
من الواضح أن السعوديين حتى قبل الحادث مالوا لاستخدام الأباتشي في مهاجمة الأهداف الحوثية رغم فاعليتها، في التضاريس الجبلية؛ لأن هذه التضاريس قد تساعدهم على إسقاطها، وقد يقع الطيارون السعوديون أسرى في أيديهم مما قد يشكل انتصاراً معنوياً كبيراً لهم.
وقد يكون عدم استخدام السعودية الأباتشي واعتمادهم على المقاتلات القاذفة النفاثة هو أحد أسباب عدم فاعلية الغارات الجوية السعودية على الحوثيين.
في فبراير/شباط 2020 أعلنت جماعة "أنصار الله" (الحوثي) إسقاط مقاتلة من طراز "تورنيدو" تابعة لسلاح الجو السعودي، وهي قاذفة بريطانية الصنع تستطيع الطيران على ارتفاعات تصل إلى 50 ألف قدم (15.2 كم)، في مؤشر على تطور نوعي كبير في قدرات الحوثيين.
وقال المتحدث باسم القوات التابعة للحوثيين، العميد "يحيى سريع" آنذاك، إنه جرى إسقاط الطائرة الحربية بصاروخ أرض جو متطور مدعوم بتكنولوجيا حديثة.
وأعقب الإعلان الحوثي، تم الاعتراف من قبل المتحدث باسم التحالف العربي، الذي تقوده السعودية في اليمن، "تركي المالكي"، بسقوط المقاتلة أثناء قيامها بـ"مهمة دعم" قرب وحدات الجيش اليمني.
القدرات البحرية.. تستطيع تهديد الملاحة العالمية
طور الحوثيون تكتيكات لمحاربة القوات البحرية لخصومهم.
في البداية، كانت عملياتهم المضادة للسفن بسيطة ومقتصرة على إطلاق قذائف آر بي جي على السفن القريبة من الشاطئ. بعد الاستيلاء على السلطة في صنعاء، سيطر الحوثيون على العديد من بطاريات الصواريخ الساحلية وزوارق الدورية التابعة للجيش اليمني. ومنذ عام 2015، تم تحويلها وتكييفها وتحديثها تدريجياً لاستخدامها بفاعلية في القتال.
بدأ الحوثيون بشكل متزايد في استخدام الألغام المتخصصة المضادة للسفن والصواريخ البحرية، بعضها مأخوذ من الترسانات اليمنية القديمة، والبعض الآخر أنتج حديثاً أو استورد من الخارج وقد يكون من إيران.
تم تزويد زوارق الدورية بصواريخ موجهة مضادة للدبابات، وتم إنشاء حوالي 30 محطة لمراقبة السواحل، وتم إنشاء "قوارب تجسس" مقنعة، والرادار البحري للسفن الراسية يستخدم لإنشاء حلول استهداف للهجمات.
من أبرز سمات ترسانة الحوثيين البحرية زوارقهم بدون قائد التي يتم التحكم فيها عن بعد والتي تحمل متفجرات وتصدم سفن العدو الحربية. من بين هذه الزوارق المتفجرة ذاتية التوجيه Shark-33 التي نشأت كزوارق دورية لخفر السواحل اليمني القديم، بالإضافة إلى ذلك، بدأ الحوثيون في تدريب الغواصين المقاتلين في جزيرتي زقر والبواردي.
وسبق أن كشف الإعلام العسكري التابع للحوثيين عن ألغام بحرية جديدة، من طراز "كرار 2، وعاصف 4، وشواظ، وثاقب، وأويس، ومجاهد، والنازعات"، في مؤشر عن نية الجماعة شن هجمات بحرية ضد السعودية.
الصواريخ.. ذراع الحوثيين الطويلة التي تفوق قدرات العديد من دول المنطقة
تمثل الصواريخ الباليستية واحدة من أخطر أدوات في ترسانة الحوثيين في الضغط على السعودية وكذلك الإمارات، بل يعتقد أنها تستطيع أن تطال إسرائيل.
في 25 آذار/مارس 2021، شنت ميليشيا الحوثيين اليمنية هجوماً على السعودية بثماني عشرة طائرة مسيرة وثمانية صواريخ باليستية، من بين أسلحة أخرى، فضربت أهدافاً للطاقة تقع على مسافات بعيدة وصلت إلى المنطقة الشرقية الغنية بالنفط (حوالي 900 ميل من نقاط الإطلاق) وساحل البحر الأحمر (ما يصل إلى 650 ميلاً). وحيث أصبحت الهجمات المماثلة حدثاً أسبوعياً.
يدل ذلك على وجود قطاع متطوّر لتجميع الصواريخ/الطائرات بدون طيار في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون في اليمن وينذر بزيادات أخرى في مدى الصواريخ؛ بما يتيح للمتمردين المدعومين من إيران الوصول إلى أهداف جديدة إذا أرادوا ذلك – ربما في إسرائيل نظراً لعدائهم المعروف تجاه هذه البلاد، أو حتى في مصر والأردن، كجزء من جهود أكبر لإرساء وجود لهم في البحر الأحمر (على سبيل المثال، إعاقة الشحن الدولي، واستهداف البنية التحتية لقناة السويس)، حسبما ورد في تقرير لمعهد واشنطن للشرق الأدنى الأمريكي.
ووفق بيانات رسمية صادرة عن التحالف العربي، فإنه حتى يونيو/حزيران 2020 أطلق الحوثيون 226 صاروخاً باليستياً وأكثر من 1000 مقذوف، وفقاً للتحالف العربي.
أطلق الحوثيون خلال الحرب 226 صاروخاً باليستياً وأكثر من 700 ألف مقذوف رغم الحصار الدولي المفروض عليهم.
- "زلزال": في بداية الحرب استخدم الحوثيون صواريخ "أو تي آر-21 توشكا" و18 صاروخاً مدفعياً من طراز "فروغ-7" (أطلق عليها الحوثيون إسم "زلزال") لضرب أهداف قريبة المدى في اليمن ومنطقتي جازان ونجران الحدوديتين في السعودية.
- "سكود سي": في 2015 كان أول استخدام من الحوثيين لصواريخ "سكود سي" السوفييتية الأصل والتي ورثوها غالباً عن الجيش اليمني، حيث تم استهداف المملكة بأربعة صواريخ من فترة ما قبل الحرب من طراز "آر-17 سكود- بي" أو "هواسونغ-6" ("سكود سي" الكورية الشمالية) والتي تصل نطاقاتها مسافة 500 ميل.
- "قاهر": ثم أعلن الحوثيين تباعاً عن الصاروخ قاهر في المدى البالغ 250 كلم، وهو صاروخ أرض-جو يمني محوّل من طراز "إس-75/أس آي-2" وقادر على ضرب أهداف أرضية على بعد حوالي 190 ميلاً، وإن كان ذلك بحمولة صغيرة وبدقة ضعيفة للغاية، وكان ظهور صاروخ "قاهر -1" الدلالة القوية الأولى على دور إيران الإرشادي في توجيه القوات الصاروخية للحوثيين، مما يعكس أعمال طهران نفسها لتحويل صواريخ "إس-75/إس آي-2" السوفييتية إلى صواريخ باليستية قصيرة المدى من طراز "تندر -69". وبين العامين 2017 و2018، لعب المستشارون من "الحرس الثوري الإسلامي" دوراً أساسياً في تطوير العديد من المنصات الجديدة المتقدمة بما يتجاوز قدرات الفنيين اليمنيين.
- "قاهر إم 2 وبركان": ظهر الصاروخ قاهر إم 2 بمدى 400 كلم، ثم كشفوا بركان 1 الباليستي بمدى 800 كلم.
- وهناك صاروخ هجومي دقيق هو نسخة عن الصاروخ المدفعي "بدر" الذي يعمل بالوقود الصلب، ويمكن تجميعه بالكامل تقريباً داخل اليمن وإطلاقه على المحافظات الحدودية السعودية على مسافات تصل إلى حوالي 100 ميل.
- تم تسليط الضوء على صاروخ كروز من طراز "قدس -2″، وهو الاسم الحوثي للصاروخ الإيراني "يا علي" الذي يبلغ مداه 430 ميلاً، ومن المرجح أن يظهر في اليمن بأعداد أكبر قريباً، مما يهدد بصورة أكثر أهدافاً على البحر الأحمر.
- بركان 2 إتش: هناك الصاروخ الباليستي متوسط المدى "بركان 2 إتش" الذي يصل مداه إلى 1200 كلم، وهو يعمل بالوقود السائل والمكوّن من أجزاء من صاروخ "سكود" وأجزاء من صاروخ "قيام" الإيراني وكان هدف الإعلان عنه الصريح هو الوصول إلى الرياض وينبع (650 ميلاً). وفي شباط/فبراير 2021، ضربت نسخة طويلة المدى ("بركان 3" أو "ذو الفقار") رأس تنورة بالسعودية على مسافة 900 ميل، وهذا الصاروخ يعد الأخطر من بين ترسانة الجوثيين ويجعلهم قادرين على استهداف الإمارات.
- "بركان 3" الذي قد يقترب من إسرائيل: ازداد المدى الصاروخي من "بركان – 2 إتش" (650 ميلاً) إلى "بركان -3" (900 ميل) بنسبة مقلقة بلغت 38%. ولا تبعد مدينة إيلات الواقعة عند الطرف الجنوبي من إسرائيل أكثر من 1100 ميل عن بعض منصات الإطلاق التابعة للحوثيين، بينما تقع بقية الأراضي الإسرائيلية (إلى جانب مناطق مختلفة من مصر والأردن) على بُعد 1250 ميلاً. بعبارة أخرى، مع زيادة إضافية في مدى الصواريخ الحوثية بنسبة 20% فقط، ستكون هذه الصواريخ (أو طائرات صماد بدون طيار) قادرة على ضرب إسرائيل – وهو ما قد يفسر سبب إعادة الانتشار لبعض الدفاعات الصاروخية في تلك البلاد لمواجهة اليمن.
- تعزيز دقة الصواريخ المدفعية: تطورت الصواريخ المدفعية للحوثيين من طراز "بدر -1" (غير موجه)، إلى "بدر -1 ب" و"بدر- ف" (موجهان بخطأ دائري مزعوم يحتمل أن يكون 3 أمتار)، ومنها إلى نسخ جديدة تسمى "سعير" و"قاصم" و"نكال" (ادعى الحوثيون استخدام "سعير" في الضربات في 25 آذار/مارس 2021). وإذا تمكنت أحدث الأنظمة من الجمع بين الدقة والمدى الموسع قليلاً، فقد تؤدي إلى تعطيل القاعدة الجوية السعودية في خميس مشيط، وهي العمود الفقري للدفاع عن منطقة مأرب الاستراتيجية.
ويمكن ملاحظة أن مدى صواريخ الحوثيين يفوق قدرات معظم الدول العربية، خاصة في ضوء القيود العالمية على تصدير الصواريخ الباليستية.
الطائرات المسيرة.. سلاح الحوثيين الرخيص والفعال
على الأقل منذ عام 2017، بدأ الحوثيون في إطلاق طائرات مسيَّرة مُحمَّلة بالمتفجِّرات تُجمَّع بمكوناتٍ مشحونة من إيران، وشبه مطابقة للطائرات التي تستخدمها إيران وحزب الله اللبناني. وكثيراً ما استهدفت هذه الضربات المستمرة مناطق مدنية وبنى تحتية حيوية للسعودية.
ومع استمرار الحرب، أصبح من الواضح أنه في حين أن المملكة السعودية قادرة عادةً على اعتراض صواريخ الحوثيين باستخدام بطاريات باتريوت الأمريكية وأنظمة الدفاع الجوي غربية الصنع التي تحمي مواقعها الحسَّاسة، يبدو أن الطائرات المُسيَّرة منخفضة الارتفاع يصعُب كبحها بشكل كامل.
فلقد شهدت ترسانة الحوثيين من الطائرات المسيرة تطوراً كمياً وكيفياً، خاصة ما يتعلق بكمية المتفجرات التي تحملها والمسافات التي تقطعها، ودقة إصابة أهدافها، وقدرتها على ضرب أهداف مدنية وعسكرية في العمق السعودي، دون رصدها.
ويعتقد أنه لدى الحوثيين 15 نوعاً من الطائرات المسيرة سواء حصلوا عليها من إيران أو طوروها بدعم إيراني، إضافة إلى شرائها من الخارج أو تجميعها بمواد مهربة
في فبراير/شباط 2017، أزيح الستار عن أربع طائرات مسيرة قاذفة واستطلاع يتراوح مداها بين 15 و250 كلم، لكن بعد ذلك طور الحوثيون طائرات مسيرة أكبر مدى بكثير.
أبرز الطائرات المسيرة التي يستخدمها الحوثيون
- قاصف، وقاصف 2: مدى قاصف 2 يصل إلى 200 كلم وهي نسخة مطابقة عن الطائرة التفجيرية الإيرانية بدون طيار "أبابيل تي" (أو الذخيرة المتسكعة)، المعدة للاستخدام ضد أهداف داخل اليمن وعلى مسافة تصل إلى 120 ميلاً قبالة ساحل البحر الأحمر.
- الذخيرة المتسكعة صماد: لدى الحوثيين سلسلة الذخائر المتسكعة وهي الذخائر التي تحوم حول الهدف ترقباً للحظة المناسبة لضربه من نوع "صماد" التي ظهرت في عام 2018 كان يقال إن مداها 1000 كلم، ولكنها ضربت أهدافاً أبعد مدى ويقال إنها تستطيع شن ضربات رمزية على أهداف سعودية بعيدة مثل الشيبة (750 ميلاً) ورأس تنورة (900 ميلاً)، وصماد شنت أولى عملياتها على مطار أبوظبي على بعد أكثر من ألف كيلو من قواعدها باليمن.
- الطائرة المسيرة"صماد -4″: باستطاعة النسخة التي عرضها الحوثيون من الطائرة المسيرة المسقطة للقنابل من طراز "صماد" السماح للحوثيين باستخدام طائرة مسيرة واحدة لشن هجمات متكررة ضد مجموعة واسعة من الأهداف في البحر الأحمر، بما فيها السفن وأنظمة الدفاع الجوي.
- الذخائر المتسكعة "وعيد": استُعرض الحوثيون في معرض بمارس/آذار 2021 أيضاً نوعاً من الذخائر المتسكعة يحمل الاسم الحوثي "وعيد"، وكانت قد استخدمتها إيران لضرب خطوط الأنابيب السعودية ومنشأة بقيق النفطية في مايو/أيار وسبتمبر/أيار 2019 على التوالي. وتم شن تلك الهجمات من العراق على مدى يصل إلى 600 ميل.
- طائرات دلتا وينغ: "دلتا وينغ" هي طائرة إيرانية مسيرة مجنحة ثلاثية الشكل شبيهة بطائرات "ميج 21″، تتسم بالسرعة الجامحة وخفة الحركة، ويعتقد أنها استخدمت في الهجوم الإيراني الذي استهدف عام 2019 معمل بقيق للنفط التابع لشركة أرامكو السعودية، وتتسم بحجم داخلي أكبر لتخزين الوقود، دون الحاجة لزيادة كبيرة في قوة السحب، وأيضاً تتسم هذه الطائرات بنظام متقدم لتحديد المواقع.
ويبلغ طول الدلتا 1.2 متر مع أقصى حد لوزن الحمولة 2 كيلوغرام، ويبلغ أقصى ارتفاع طيران للمسيرة حوالي 2000 متر، ومدى طيران يصل إلى 15 كيلومتراً، مع استمرارية الطيران مدتها 40 دقيقة، وتزعم إيران أن هذه الطائرة هي تقليد لطائرة "US RQ-170 سنتينل" الأمريكية.
طائرة إيرانية تغطي شبه الجزيرة العربية بأكملها
في يناير/كانون الثاني 2021، أشارت صور الأقمار الصناعية إلى نشر طائرات شاهد-136 الإيرانية الانتحارية (بمدى 1200 ميل) في اليمن، وبالتالي لديها القدرة على تغطية شبه الجزيرة العربية بأكملها وكذلك البحار المحيطة. ولا يوجد دليلٌ على استخدام هذه الطائرات المسيَّرة المتقدِّمة حتى الآن، ولكن نظراً لنفوذ إيران على الحوثيين، فإن موقفهم يسمح عملياً لطهران بشنِّ هجماتٍ بطائراتٍ مسيَّرة ضد أهدافٍ بعيدة في البحر الأحمر وخليج عدن وباب المندب الاستراتيجي، مع استغلال الحوثيين كوكيلٍ من أجل إنكار المسؤولية.
ويقول تقرير معهد واشنطن للشرق الأدنى إن تواجد سلاح بهذه القوة في أيدي الحوثيين من شأنه أن يحسن قدراتهم الهجومية ضد أهداف ساحلية على البحر الأحمر وربما مناطق في الرياض.
كيف قد يغير تطور ترسانة الحوثيين التوازن العسكري في المنطقة؟
بالنظر إلى عدد الهجمات التي شُنّت في السنوات الأخيرة باستخدام جميع هذه المنظومات، من الواضح أن إيران والحوثيين طوّروا صناعة عسكرية صغيرة بل فعالة في صنعاء وصعدة.
ووفقاً لما وثّقه فريق خبراء الأمم المتحدة، يدمج هذا القطاع المواد المستوردة من إيران (على سبيل المثال، محركات الطائرات بدون طيار وأنظمة التوجيه ومكونات الوقود السائل/الصلب) مع المواد العسكرية المتوفرة محلياً والمواد الصناعية المستوردة (مثل الألياف الزجاجية). ومن خلال هذه الأساليب، يمكن للحوثيين تحمّل حملة مطوّلة من هجمات القذائف والطائرات بدون طيار والصواريخ. ووفقاً لإحصاء الهجمات المعلنة لـ"معهد واشنطن"، يتسارع معدل عمليات الإطلاق بشكل كبير – ففي شهر مارس/آذار 2021، تم إطلاق 70 من أنظمة الأسلحة الرئيسية على السعودية (24 "صماد -3″، 25 "قاصف -2 كي"، 17 من نوع "بدر"، 3 "بركان -3″، وصاروخ كروز واحد من طراز "القدس-2")، مقارنة بـ25 نظاماً في فبراير/شباط 2021 و3 في كانون الثاني/يناير 2021.
هذا التطور سيعزز من قدرات الحوثيين على إطالة أمد الحرب، وبالتالي العمل على استنزاف القوات السعودية المنهكة أو الرد على دعمها لقوات الحكومة الشرعية بقصف الداخل السعودية، إضافة إلى تخويف الإمارات من توجيه القوات الموالية لها في اليمن لدعم الحكومة الشرعية والتحالف العربي.
تصاعد وتيرة الهجمات باستخدام الطائرات المسيرة، والصواريخ المتطورة، التي وصلت إلى مدى أبعد وأصبحت أكثر دقة، تعني أن أهدافاً حساسة أكثر أهمية صارت في متناول الحوثيين، ويعطي ذلك الحوثيين موقفاً أقوى على مائدة التفاوض.
ويمكن اعتبار حجم التطور في القدرات العسكرية للحوثيين، وتضخم ترسانتهم العسكرية، رقماً صعباً في معادلة الصراع، مع السعودية، أحد أكبر مشتري السلاح في العالم بفاتورة إنفاق بلغت نحو 65 مليار دولار في 2018، وكذلك الإمارات التي كان يصفها الأمريكيون بأنها إسبرطة صغيرة، ولكن أبوظبي التي لديها قواعد في القرن الإفريقي وليبيا، وتدعم حفتر تبدو غير قادرة على حماية بيتها الداخلي.
وما يفاقم تأثير هجمات الحوثيين على الإمارات أنها دولة تعتمد على السياحة والتجارة بشكل أكبر بكثير من السعودية، وتحديداً دبي يمكن أن تتضرر سمعتها كإحدى عواصم السياحة والتجارة العالمية من أي هجمات خاصة لو استهدفت منشآت سياحية.
إسرائيل في مرمى نيران الحوثيين
ولكن الأمر لا يقتصر على السعودية والإمارات، فتطور ترسانة الحوثيين يشير إلى قدرتهم على استهداف إسرائيل، أو اقترابهم من ذلك، وهم بالتالي إحدى أدوات الرد الإيراني المحتمل على أي هجوم عسكري إسرائيلي على البرنامج النووي الإيراني، خاصة أن قيام الحوثيين باستهداف إسرائيل من شأنه أن يمثل دفعة معنوية لهم لا سيما أنهم طالما رفعوا شعار الموت لأمريكا وإسرائيل دون أن يمسوا الدولة العبرية.
كما أن احتمال استخدام إيران لهم لقصف إسرائيل خيار أفضل لطهران من أن تقوم بذلك بنفسها أو عبر حزب الله؛ لأنه إذا ردت تل أبيب بقصف اليمن لن يكون للأمر تأثير كبير، بالنظر إلى تضاريس اليمن الجغرافية، وطبيعة صراع الحوثيين مع السعودية لم تجعل لهم أهدافاً عالية القيمة يمكن استخدامها.
فأقوى ما في ترسانة الحوثيين ليس صواريخهم وطائراتهم المسيرة فقط، ولكن تركيبة التنظيم الأيديولوجية الماضوية التي تجعلهم يستهينون بالحياة البشرية لمؤيديهم واليمنيين جميعاً، ولا يأبهون لأي استهداف لهم.
كما أن جغرافية البلاد وطبيعة تنظيم الحوثيين العسكري الذي يجمع بين أساليب حروب العصابات الجبلية والجيوش وفر لهم ملاذات آمنة في جبال اليمن أغناهم عن امتلاك القواعد والتشكيلات العسكرية النظامية القابلة للاستهداف عبر الطيران.
هل تصبح مصر في مرمى النيران الحوثية؟
ولكن ما لم يتم الالتفات إليه كثيراً، هو أن ترسانة الحوثيين قد تستطيع قريباً أو تستطيع بالفعل أن تطول مصر، خاصة جنوبها الشرقي؛ حيث توجد منتجعات مصرية شهيرة على البحر الأحمر أو مدينتي أسوان والأقصر التاريخيتين ومعقلا السياحة الأثرية المصرية.
ورغم أن القاهرة رفضت الضغط السعودي في حرب اليمن ونأت بنفسها عن التشدد ضد الحوثيين واكتفت بعبارات إدانة دبلوماسية لهجماتهم، إلا أنه يمكن للحوثيين استهدافها إذا شعروا بأن لهم دوراً ما ولو ضئيل في دعم الجهد العسكري السعودي في اليمن مثلما فعلوا مع الإمارات رغم انسحابها من اليمن ومغازلتها لإيران مؤخراً.
كما أن الحوثيين قادرون على استهداف الملاحة في البحر الأحمر وخاصة عنقه الضيق في باب المندب الذي تمر به نسبة كبيرة من التجارة العالمية.
ونتيجة كل ما سبق فإن الحوثيين هذه الميليشيات التي تحكم بلداً معدماً وتتبنى أيديولوجية عنصرية عفا عليها الزمن تقوم على تفوقهم على باقي اليمنيين بدعوى أنهم من سلالة آل بيت، قد أصبحت لاعباً إقليميا ذا تأثير لا يمكنه فقط تهديد دول كبيرة وثرية مثل السعودية والإمارات وإسرائيل ومصر، بل خنق التجارة العالمية في أضعف نقاطها.