رأت وسائل إعلام إسرائيلية، أن اللقاء الذي جمع العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني ووزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس، في العاصمة الأردنية عمّان، الأربعاء 5 يناير/كانون الثاني 2022، بمثابة خطوة إضافية نحو "ترميم العلاقات بين الطرفين" بعدما تعرضت لأكبر هزة خلال العامين الماضيين، منذ توقيع الطرفين معاهدة السلام "وادي عربة" في العام 1994.
ويولي غانتس اهتماماً شخصياً لترميم هذه العلاقة، التي تقول وسائل إعلام إسرائيلية إنها وصلت إلى الحضيض، في عهد رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو.
ولكنها أشارت إلى هدفين آخرَين هامَّين من اللقاء، يتمثلان في رغبة العاهل الأردني أيضاً في الاستماع مباشرة من غانتس عن خطوات تحسين العلاقات الفلسطينية-الإسرائيلية، وكذلك عن السياسة الإسرائيلية إزاء سوريا.
فترة نتنياهو أوصلت العلاقة بين القصر الملكي الأردني وتل أبيب لأسوأ مراحلها
كثيراً ما شهدت العلاقات الإسرائيلية-الأردنية توترات، خاصة فيما يتعلق بالممارسات الإسرائيلية في مدينة القدس بشكل عام، والمسجد الأقصى بشكل خاص، إضافة إلى اهتمام الأردن باستقرار الأوضاع في الأراضي الفلسطينية، والتوصل إلى حل سلمي بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
ولكنَّ أسوأ الفترات كانت خلال رئاسة رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو، للحكومة. وقال موقع "تايمز أوف إسرائيل" الإخباري الإسرائيلي إن العلاقات الإسرائيلية مع الأردن "كانت في الحضيض خلال السنوات القليلة الماضية، ويرجع ذلك إلى حد كبير للخلافات الشخصية بين نتنياهو والملك عبد الله الثاني، وعمل الجانبان على تحسينها في الأشهر الأخيرة (بعد تشكيل الحكومة الجديدة برئاسة نفتالي بينيت)".
1- إصلاح العلاقات بين الأردن وإسرائيل وتطويرها
من جهتها، لفتت صحيفة "جروزاليم بوست" الإسرائيلية إلى أن غانتس التقى سراً العاهل الأردني في فبراير/شباط 2020، قبل الانتخابات العامة الإسرائيلية.
وقالت الصحيفة إنه "بعد أسابيع من الاجتماع الأول لوزير الدفاع مع الملك، قال غانتس إن وجود رئيس الوزراء السابق وزعيم المعارضة بنيامين نتنياهو يتعارض مع تقدم العلاقات، بين الأردن وإسرائيل".
بدورها، قالت صحيفة "معاريف" الإسرائيلية، الخميس، إن "جمود العلاقات مع الأردن في عهد نتنياهو كان متجذراً في العلاقات الهشة بين الملك ورئيس الوزراء السابق، ولكن بشكل أكبر في السياسة المتعلقة بالقضية الفلسطينية".
وأضافت: "اعتبر الملك عبد الله خطوات نتنياهو ضد السلطة الفلسطينية ورفضه اتخاذ خطوات لتحسين الوضع في الضفة الغربية بمثابة خطوة موجهة ضده وتضر باستقرار المملكة".
وأعلنت الحكومة الإسرائيلية الحالية منذ تشكيلها في يونيو/حزيران 2020، أن تطوير العلاقات مع الأردن ومصر على رأس أولوياتها. وفي شهر يوليو/تموز 2020، التقى رئيس الوزراء الحالي نفتالي بينيت، مع العاهل الأردني الذي استقبل في شهر سبتمبر/أيلول من العام ذاته، الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ.
وقالت صحيفة "جروزاليم بوست": "في محاولة لتعزيز العلاقات الإسرائيلية-الأردنية، ضاعفت حكومة بينيت كمية المياه التي تبيعها إسرائيل للأردن وزادت من مستوى صادراتها للفلسطينيين في الضفة الغربية".
وحظيت جميع خطوات التقارب بين إسرائيل والأردن بدعم الإدارة الأمريكية الجديدة برئاسة جو بايدن. وأعادت الصحف الإسرائيلية، الخميس، نشر التصريحات الأردنية والإسرائيلية التي صدرت في ختام اللقاء الذي لم يعلن عنه مسبقاً.
وكان مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي قال في تصريح مكتوب أُرسِل لوسائل الإعلام، الأربعاء: "سلَّط الوزير غانتس، في حديثه مع الملك، الضوء على الأهمية الاستراتيجية للعلاقات القوية والدائمة بين إسرائيل والأردن، والتي تسهم في أمن وازدهار البلدين".
وأضاف: "ركز الحوار على موضوعات الأمن والسياسة، وشكر الوزير غانتس جلالة الملك على قيادته ودور المملكة الحاسم في الحفاظ على السلام والاستقرار الإقليميين". وتابع مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي: "كما رحب بتوسيع العلاقات بين الأردن والحكومة الإسرائيلية الحالية، وأعرب عن التزامه بمواصلة تطوير التبادلات الأمنية والاقتصادية والمدنية".
2- العلاقات بين السُّلطة الفلسطينية وإسرائيل
من جهتها، لفتت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية إلى أن لقاء غانتس والعاهل الأردني جاء بعد أسبوع واحد من لقاء وزير الدفاع الإسرائيلي مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس.
وأضافت الصحيفة: "أراد الملك أن يسمع من غانتس مباشرة عن لقائه مع أبو مازن (عباس) والخطوات التي يتخذها لتقوية السلطة الفلسطينية وتحسين الوضع في الضفة الغربية".
ونقلت عن مسؤول إسرائيلي كبير، لم تسمه، قوله: "كانت الرسالة الرئيسية للملك لوزير الدفاع هي: تهانينا؛ استمِروا في ذلك".
وأشارت إلى أن العاهل الأردني أوضح أن "الاستقرار في الضفة الغربية مُهم جداً للأردنيين". وقالت: "كما يود الملك أن يرى تقدماً سياسياً، لكنه يفهم أنه في ظل الواقع السياسي بإسرائيل، فإن تعزيز التعاون الأمني والاقتصادي بين إسرائيل والفلسطينيين أفضل ما يمكن تحقيقه".
والتقى غانتس مع عباس، في 28 ديسمبر/كانون الأول الماضي، بمنزل الأول، في روش هاعين (قرب تل أبيب-وسط)، حيث ناقش الاثنان مختلف القضايا الأمنية والمدنية، بحسب بيان صدر عن مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي.
3- الملف السوري
تطرقت صحيفة هآرتس إلى موضوع آخر، تناولته مباحثات الملك الأردني ووزير الدفاع الإسرائيلي، إضافة للعلاقات الثنائية والشأن الفلسطيني، ويتعلق بالأوضاع في سوريا.
وقالت الصحيفة في هذا الصدد: "لم تكن القضية الفلسطينية هي القضية الوحيدة في الاجتماع بين غانتس والملك، وربما ليست حتى الموضوع الرئيسي للقاء بينهما الذي استمر ساعة ونصف الساعة؛ الأردنيون كانوا يريدون الحديث عن الوضع في سوريا".
وأوضحت أن "الملك عمل على إعادة وتسحين العلاقات مع نظام الأسد مؤخراً، في ضوء الفهم بأن الديكتاتور السوري باقٍ، لكن الحدود مع سوريا هي النقطة الأكثر حساسية بالنسبة له".
وقالت إن "التعاون الأمني مع إسرائيل بشأن الوضع في سوريا أمر بالغ الأهمية بالنسبة للأردنيين، ومثل دول أخرى في المنطقة فإن الأردن قلِق مما يبدو أنه انسحاب أمريكي من المنطقة". وأضافت: "أبلغ رئيس الشعبة السياسية والأمنية بوزارة الدفاع زوهار فيلتي، مستشاري الملك أن إدارة بايدن تعهدت لإسرائيل بأن الولايات المتحدة لن تسحب قواتها من سوريا والعراق، في المستقبل المنظور".