يتوقع البعض أن متغير أوميكرون سيكون لقاحاً طبيعياً يحقق مناعة القطيع للعالم، ويحوّل كورونا إلى أنفلوانزا عادية، في حين يحذّر آخرون من أن التفشي الواسع لـ"أوميكرون" قد يؤدي إلى متحورٍ أكثر خطورة.
وأصبح من شبه المؤكد أن أوميكرون يؤدي إلى حالات أقل خطورة من المرض، ولكنه مُعدٍ أكثر بكثير من أي نسخة من الفيروس حتى الآن، كما أنه يمكن أن يتجنب بعض الحماية المناعية سواء تلك المكتسبة من اللقاحات أو العدوى السابقة.
قد يكون أوميكرون أكثر قابلية للانتقال بنسبة 25 إلى 50% من متغير دلتا، وفقاً لبعض التقديرات. يعد دلتا أكثر قابلية للانتقال بنسبة 50% من متغير ألفا، الذي هو نفسه أكثر قابلية للانتقال بنسبة 50% من الإصدار الأصلي من فيروس كورونا، حسبما ورد في تقرير لموقع Vox.
ويعني ذلك أن المرض ينتشر بسرعة عالية جداً، كما نرى الآن، ولكن بنسب وفيات ودخول المستشفى أقل من السابق، ولكن قد يعني ذلك أيضاً أنه يمكن أن تحدث زيادة في أعداد حالات دخول المستشفيات وحتى الوفيات بسبب زيادة أعداد المصابين، رغم أن الأعباء على الأنظمة الصحية في الدول التي انتشر بها المتغير حتى الآن أقل من الموجات الأشد من فيروس كورونا.
هل يؤدي أوميكرون إلى توفير مناعة القطيع للبشر؟
هناك نظرية يتبناها بعض خبراء الأوبئة حول العالم، مفادها أن متحور أوميكرون سيقضي على وباء كورونا الذي أنهك العالم وتسبب بملايين الوفيات، علاوة على مليارات الدولارات من الخسائر الاقتصادية حول العالم.
و"مناعة القطيع" مصطلح علمي يصف النقطة التي تتم عندها حماية السكان من المرض، إما عن طريق عدد كافٍ من الأشخاص الذين يتم تطعيمهم وإما من خلال الأشخاص الذين طوروا أجساماً مضادة من خلال الإصابة السابقة بالمرض، ويفترض مفهوم مناعة القطيع أن الوصول لهذه الحالة، يؤدي إلى تباطؤ انتشار المرض في المجتمع.
وكان التقديرات للنسبة المطلوبة لتحقيق مناعة القطيع بالنسبة للسلالات الأولى لفيروس كورونا، هي توفر الأجسام المضادة في 70 % من سكان أي مجتمع، ولكن هذه النسبة قابلة للزيادة في السلالات الأكثر عدوى مثل أوميكرون.
نصف سكان إسرائيل معرَّضون للفيروس، فهل اقتربت من مناعة القطيع؟
وبالفعل، قال ناشمان آش، كبير مستشاري الصحة في إسرائيل، إن زيادة حالات أوميكرون قد تؤدي إلى وصول البلاد إلى مناعة القطيع، حسبما ورد في تقرير لموقع هيئة الإذاعة البريطانية "BBC".
وأضاف آش: "إنَّ ثمن مناعة القطيع هو عدوى واسعة للغاية، وقد يحدث ذلك في نهاية المطاف، مع الأعداد المرتفعة التي يتوقع إصابتها بهذا المتغير"، علماً بأن إسرائيل لديها أعلى معدل تطعيم في العالم تقريباً.
وتابع أن البلاد ستدفع ثمناً لذلك، ولكنه يفضّل أن يرى مناعة القطيع تتحقق عن طريق التطعيمات بدلاً من ذلك.
وحذَّر صانعو النماذج الإحصائية حول انتشار المرض من أن ما يصل إلى أربعة ملايين شخص- أي ما يقرب من نصف سكان البلاد- قد يصابون بنهاية يناير/كانون الثاني 2022.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت، إنه سيتم تقديم جرعة لقاح رابعة للأشخاص الذين تزيد أعمارهم على 60 عاماً، إضافة إلى الأطقم الطبية.
في المقابل، قال سلمان الزرقا رئيس فرقة العمل المعنيَّة بفيروس كورونا في وزارة الصحة الإسرائيلية، إن مناعة القطيع ليست مضمونة.
وأضاف الزرقا لموقع Ynet الإخباري: "يجب أن نكون حذرين للغاية مع هذا الأمر، خاصة في ضوء تجربتنا على مدار العامين الماضيين، حيث رأينا أشخاصاً تعافوا ثم أصيبوا مرة أخرى".
وحذَّر مستشار حكومي إسرائيلي آخر، وهو عيران سيغال من معهد وايزمان، من أن الحالات ستفوق قريباً قدرة الاختبار الإسرائيلية، مما يجعل البلاد غير قادرة على تحديد الإصابات الجديدة.
وتوقع إصابة ما بين مليونين وأربعة ملايين شخص خلال الأسابيع الثلاثة المقبلة، لكن عدداً أقل من الأشخاص سيعانون مرضاً شديداً مقارنة بالموجة السابقة.
سيناريو كارثي.. متغير أشرس بدلاً من المناعة الجماعية
في مقابل التوقعات المتفائلة بإمكانية أن يؤدي أوميكرون إلى مناعة قطيع، هناك مخاوف من سيناريو كارثي.
فلقد حذَّرت منظمة الصحة العالمية بمنطقة أوروبا من أن الارتفاع الحاد في الإصابات بالمتحور أوميكرون في أنحاء العالم، يمكن أن يزيد احتمال ظهور متحور جديدٍ أكثر خطورة.
وفيما ينتشر المتحور الجديد من دون رادع في أنحاء العالم، يبدو أقل خطورة مما كان يُخشى في البدء، وهو ما أثار الآمال بإمكان دحر الوباء والعودة إلى الحياة الطبيعية.
غير أن مسؤولة الطوارئ في المنظمة كاثرين سمولوود، أبدت حذرها وقالت لوكالة الصحافة الفرنسية إن الارتفاع الكبير في أعداد الإصابات قد يأتي بردّ فعل عكسي. وقالت في مقابلة إنه "كلما ازداد انتشار أوميكرون ازدادت نسبة العدوى والتكاثر، ما يزيد احتمالات ظهور متحور جديد".
وتؤدي إصابة عدد كبير من الناس بالفيروس أو طول فترة حضانة الفيروس بجسم أحد المرضي، إلى زيادة احتمالات عدد التحورات خلال عملية نسخ الفيروس لنفسه في أجسام المرضى والمصابين، ويؤدي ذلك إلى احتمال حدوث متغير أكثر خطورة من حيث قوة الإصابة أو سرعة العدوى أو كلاهما أو حتى طول الفترة التي لا يظهر فيها المرض.
حالياً أوميكرون متحور قاتل يمكنه التسبب بالوفاة… ربما بنسبة أقل بقليل من دلتا، لكن من يستطيع معرفة كيف سيكون المتحور الجديد؟
وها نحن قد نكون أمام مرحلة ما بعد أوميكرون
وبالفعل أفادت تقارير بظهور متغير جديد اكتشف بعد أوميكرون في فرنسا، ونقل موقع شبكة "سي إن بي سي" الأمريكية، عن علماء فرنسيين، أن متغير IHU أو سلالة B.1.640.2 التي اكتُشفت مؤخراً، يمكن أن تكون أكثر قابلية للانتقال ونشر العدوى؛ بل أكثر قدرة على مقاومة اللقاحات، بحسب ما هو معروف عنها حتى الآن.
وسبق هذا المتغير متغير أوميكرون، ولكن أدى إلى إصابة 12 حالة في فرنسا، تم تحديدها حتى الآن مقارنة بأعداد هائلة من أوميكرون.
من الصعب تحديد أي السيناريوهين أقرب، ولكن يمكن القول إن سيناريو مناعة القطيع لا يبدو أن له ثمناً باهظاً، إضافة إلى أنه غير مضمون، بل إنه يمكن أن ينقلب للسيناريو الكارثي بمجرد تحور فيروس واحد في جسد مريض إلى سلالة أكثر توحشاً أو أكثر مراوغة للأجسام المضادة الموجودة حالياً في أجساد البشر، مما يعيد مناعة القطيع لنقطة الصفر.
وقد يكون السيناريو الأفضل هو محاولة الوصول لمناعة القطيع عبر اللقاحات، وكذلك تسريع تطوير لقاحات أكثر مقاومة لـ"أوميكرون" وغيره من السلالات الجديدة قبل أن يتحول أوميكرون إلى متغير أكثر وحشية.
يؤكد فريق “عربي بوست” على أهمّية مراجعة الطبيب أو المستشفى فيما يتعلّق بتناول أي عقاقير أو أدوية أو مُكمِّلات غذائية أو فيتامينات، أو بعض أنواع الأطعمة في حال كنت تعاني من حالة صحية خاصة.
إذ إنّ الاختلافات الجسدية والصحيّة بين الأشخاص عامل حاسم في التشخيصات الطبية، كما أن الدراسات المُعتَمَدَة في التقارير تركز أحياناً على جوانب معينة من الأعراض وطرق علاجها، دون الأخذ في الاعتبار بقية الجوانب والعوامل، وقد أُجريت الدراسات في ظروف معملية صارمة لا تراعي أحياناً كثيراً من الاختلافات، لذلك ننصح دائماً بالمراجعة الدقيقة من الطبيب المختص.