المنافسة بين المقاتلة الباكستانية JF-17 Thunder والمقاتلة الهندية هيل تيجاس لا تقتصر على سماوات جنوب آسيا وأجواء كشمير، بل تشتد المنافسة بين الطائرتين في أسواق السلاح الدولية حيث تواجهتا في العديد من الدول.
فمن ماليزيا في آسيا إلى الأرجنتين في أمريكا الجنوبية تنافس الطائرتان على إبرام الصفقات باعتبارهما من أبرز المقاتلات الاقتصادية في العالم.
نشأة الطائرة الباكستانية JF-17 Thunder
لطالما اعتمدت باكستان على الصين والولايات المتحدة في بناء قوتها الجوية.
في عام 1995، وقَّعت باكستان والصين مذكرة تفاهم لتصميم مشترك وتطوير مقاتلة جديدة. نفس العام، انضمت شركة ميكويان السوفييتية (المعروفة بسلسلة طائرات MIG) إلى المشروع لتقديم "دعم التصميم". وكانت النتيجة هي JF-17 Thunder أو CAC FC-1 Xiaolong التي تم تطويرها بشكل أساسي لتلبية متطلبات القوات الجوية الباكستانية لطائرة مقاتلة حديثة ومتعددة المهام ميسورة التكلفة، ويعتقد أنها متأثرة بالطائرة السوفيتية الشهيرة ميغ 21.
رأس عملية التطوير JF-17 يانغ وي، "المصمم الصيني" الذي صمم أيضاً Chengdu J-20 الصينية. تم تصنيع الطائرة المقاتلة باستخدام 58% من هيكل الطائرة من باكستان و42% من أصل صيني/روسي.
اعتباراً من عام 2017، قام مجمع الطيران الباكستاني بتصنيع 70 طائرة من نوع Block 1 و33 طائرة من نوع Block 2 في البلاد لاستخدامها من قبل القوات الجوية الباكستانية، ويستعد لتصنيع Block 3، الذي يعتقد أنه يمثل طفرة كبيرة وسيكون على حمل أسلحة صينية متطورة.
نشأة برنامج الطائرة الهندية هيل تيجاس
HAL Tejas هي طائرة مقاتلة محلية الصنع بالكامل، تعتبر هيل تيجاس أسرع وأخف من JF-17 ولديها محرك أكثر قوة أيضاً. وحمولة أسلحة وقود أكبر كذلك، كما أنها تشتهر باستخدام المواد المركبة على نطاق واسع في تصنيع هيكلها.
في الثمانينيات من القرن الماضي، بدأت شركة HAL الهندية برنامج الطائرة المقاتلة الخفيفة (LCA) ليحل محل المقاتلة MiG-21 السوفييتية القديمة التي كانت تمثل العمود الفقري للقوات الجوية الهندية.
النسخة الرئيسية من المقاتلة الهندية هال تيجاس مزودة بمحرك توربيني أمريكي الصنع جنرال إلكتريك F404-GE-IN20، لكن القوات الجوية الهندية تريد محركاً أعلى في الدفع، حيث كانت هناك زيادة في وزن الطائرة بسبب التطويرات التي أدخلت عليها.
ويعتقد أن المقاتلة الهندية هال تيجاس متأثرة بشكل كبير بتصميم الطائرة الفرنسية ميراج 2000، وهو ما يظهر في تصميم الطائرة بتكوين جناح دلتا.
وعانى برنامج المقاتلة الهندية هال تيجاس تأخيراً كبيراً وفشلاً في تحقيق الهدف الطموح في الاعتماد على محرك ورادار محليي الصنع، إلى جانب زيادة متطلبات القوات الجوية الهندية، والتي انتهت لتصبح الطائرة أثقل، وخلق هذا بدوره مشكلة لفكرة المحرك المحلي.
وفي 20 فبراير/شباط 2019، خلال معرض أيرو الهند 2019، منح الترخيص التشغيلي النهائي (FOC) رسمياً للشركة، أي بعد 35 عاماً من انطلاق المشروع و60 عاماً من بدء الفكرة.
ولكن لذلك لم يكن نهاية الطريق؛ لأنها ستستغرق سنوات أخرى لكي تدخل الخدمة الفعلية. بعد كل هذا الوقت، ما زالت غير قادرة على المشاركة في المعارك.
فبسبب المشكلات الخطيرة في التصميم والأداء والسلامة، لم تشعر قيادة القوات الجوية الهندية بالثقة الكافية لنشر مقاتلة هال تيجاس خلال عملية القصف لباكستان في 26 فبراير/أيار 2019، بينما نشرت باكستان طائرتها محلية الصنع وقالت إنها استخدمتها.
ويرجع ذلك إلى أن المقاتلة الهندية هال تيجاس تعاني من عيوب أساسية في التصميم لم يتم التعامل معها من قبل الشركة المصنعة لها Hindustan Aeronautics Limited (HAL)، فعلى الرغم من العمل على العديد من نماذج هال تيجاس الأولية لأكثر من 35 عاماً، ما زالت الطائرة تعاني.
يواجه 40 من هذه المقاتلات في الخطوط الأمامية للقوات الجوية الهندية مشكلات حرجة، مثل أوجه القصور في تلبية دفع المحرك والمعايير الأخرى ومشكلات متعلقة بوزن الطائرة وسعة الوقود وحماية الطيار من الأمام ضد الرصاص عيار 7.62، حسب ما ورد في موقع جامعة Hertfordshire البريطانية.
لماذا تتفوق المقاتلة الباكستانية بالأسواق الدولية رغم أنه يفترض أن إمكاناتها أقل؟
رغم أن الهنود يتحدثون عن فارق كبير بين طائرتهم تيجاس، ومنافستها الباكستانية JF-17 Thunder، لكن الواقع أن نقطة التفوق الرئيسية للمقاتلة الباكستانية، أنها دخلت الخدمة منذ سنوات بينما ما زالت المقاتلة الهندية تتلمس طريقها بتخبط.
ولكن هناك ميزات أخرى تتوفر للمقاتلة الباكستانية جعلتها تتفوق في المبيعات الخارجية على الطائرة الهندية.
فبالمقارنة مع منافستها اللدودة HAL Tejas Mk-1A المصنوعة في الهند، نجحت الطائرة الباكستانية في الحصول على العديد من العملاء العالميين.
أما هيل تيجاس فنظراً لكونها طائرة مقاتلة منخفضة التكلفة ومتقدمة متعددة المهام، فقد اجتذبت الاهتمام من مثل ماليزيا والإمارات، لكم دون صفقات فعلية لأن القوات الجوية الهندية نفسها لا تبدو أنها تثق في الطائرة.
تُعزى الدول التي تختار JF-17 وليس هيل تيجاس بشكل أساسي إلى انخفاض معدل الإنتاج بواسطة HAL، والذي يمثل حوالي نصف نظيراتها الباكستانية.
مميزات المقاتلة الباكستانية JF-17 مقارنة بهيل تيجاس
في حديثه إلى موقع EurAsian Times، قال Abhijit Iyer-Mitra، الزميل البارز في معهد دراسات السلام والصراع في نيودلهي، إن هناك العديد من الأسباب التي تجعل الدول الأجنبية تفضل JF-17s على تيجاس الهندية.
فهناك عدة أسباب رئيسية لفشل تيجاس في إقناع سلاح الجو الهندي (IAF) بأدائها القتالي، حسبما نقل موقع Eurasian Times.
– تمتلك تيجاس مجموعة صغيرة جداً من الأسلحة المدمجة معها معظمها هندي وبعضها غربي، وهذا يعني أنك تجبر البلدان على شراء أسلحة هندية لا تصلح لها،أو سيضطرون لشراء أسلحة غربية، فسوف يسألون ما فائدة شراء طائرة هندية وما قد يترتب على ذلك من دخول في مشكلات تتعلق بشراء التسليح الغربي التي كثيراً ما تحدث لأسباب سياسية أو حقوقية، في المقابل تتكامل JF17 مع عدد كبير من الأسلحة الصينية والروسية والباكستانية وحتى الغربية.
– مع باكستان – دخلت JF17 أساساً في سلسلة التوريد الصينية – التي لديها مجموعة كبيرة ومتنوعة من الأسلحة التي أثبتت جدواها، لذلك، فإن الأشخاص الذين يشترون JF-17 لديهم بالفعل أسلحة صينية أو يشعرون بالراحة عند شراء الأسلحة الصينية التي لها سجل حافل على أي حال. كما أن الدول ذات السجلات السيئة في مجال حقوق الإنسان تفضل الصينيين لأنهم لا يفرضون عقوبات.
– JF-17 هي مجرد طائرة انتقالية مناسبة لكثير من الدول كبديل للطائرات القديمة، فإذا كنت تبحث عن استبدال مقاتلات قديمة من طرازات MiG 21-27 و J6 و J7 الصينيتين أو المقاتلات الأمريكية الأكبر سناً مثل F4 F5 & F104، تقدم JF-17 القدرة والتسعير المناسبين.
– في المقابل، تيجاس هي طائرة مرتبكة للغاية، هي لا تناسب أي قطاع معروف في السوق، فهي أغلى من نظيرتها الباكستانية بشكل ملحوظ، ولا تستطيع منافسة الإف 16 الأمريكية أو "غريبين" السويدية أو J-10 الصينية.
– JF-17 هي مقاتلة متواضعة ولكن قدراتها قوية ومثبتة، وتتسم بالمرونة، في المقابل، قدرات تيجاس لم يتم إثبات أي شيء بخصوصها.
– موضوع إعادة التصدير. تستخدم JF-17 في الغالب المعدات الصينية ولكنها مزودة أيضاً ببعض المعدات الإيطالية (إلكترونيات الطيران والرادار) والمعدات الروسية (المحرك) – وكلها مسموح بإعادة تصديرها إلى دول ثالثة، في المقابل، تستخدم تيجاس محركات أمريكية، وراداراً إسرائيلياً، ومزيجاً من إلكترونيات الطيران من دول لن تسمح أبداً بإعادة التصدير.
طرح شهيد رضا، الخبير الدفاعي من باكستان، أسباباً مماثلة لتفوق JF-17 على نظيرتها الهندية في إمكانات التصدير الدولية.
وفقاً لرضا، منها أن الهيل تيجاس لا يوجد لها حالياً مشغل رئيسي لها، ولا حتى سلاح الجو الهندي، الذي لا يقتني سوى عدد قليل من هذه الطائرات في الخدمة؛ وهذا يقلل من ثقة أي مشترٍ محتمل.
فمنذ رحلتها الأولى في عام 2001، واجهت طائرات تيجاس المقاتلة الخفيفة الهندية عقدين من المعارضة الشديدة من القوات الجوية الهندية.
لفترة طويلة، عارض الطيارون المقاتلون الذين يتخذون جميع القرارات الرئيسية في سلاح الجو الهندي دخول المقاتلة، بحجة أنها تفتقر إلى الأداء المطلوب للبقاء أمام باكستان والصين.
في العام الماضي فقط، تمكنت وزارة الدفاع من تنفيذ أمر شراء 83 مقاتلة من طراز Tejas Mark 1A – نسخة محسنة من الطائرة سيبدأ تسليمها في غضون عامين.
في تناقض حاد مع سلاح الجو الهندي، دعمت القوات الجوية الباكستانية بكل إخلاص مقاتلتها الخاصة – JF-17 Thunder ، والتي شاركت باكستان والصين في تصميمها كمقاتلة خفيفة.