في 28 نوفمبر/تشرين الثاني 2020 أعلن رئيس الوزراء في إثيوبيا آبي أحمد الانتصار على جبهة تحرير شعب تيغراي، والسيطرة على الأوضاع في الإقليم.
واحتفل بتعيين حكومة إقليمية موالية لأديس أبابا.
لكن شيئاً من هذا لم يحدث.
انتظر أبناء الإقليم عدة شهور، ثم فاجأوا الزعيم المنتصر بإطلاق جبهة تحرير شعب تيغراي، والانتقال من وضعية الدفاع إلى الهجوم على القوات الإثيوبية، وحلفائها من القوات الإريترية وأعراق إثيوبية أخرى.
صنعت قوات تيغراي "ريمونتادا" تاريخية، وهي تستعيد السيطرة على عاصمة الإقليم "ميكيلي"، ومعظم المدن في الإقليم بعد طرد القوات الإثيوبية والإريترية، وأخذت زمام المبادرة في تطور مهم بالزحف نحو الأقاليم المجاورة.
عاد آبي أمام البرلمان الإثيوبي في يوليو/تموز 2021 ليواصل مزاعمه، ويتحدث عن حشد أكثر من 100 ألف مقاتل، واستعداد مليون شاب للقتال في تيغراي.
قال سيد أديس أبابا: حكومة تيغراي سرطان في إثيوبيا يجب استئصاله.
ولم يكن في هذه التصريحات ظل من الثقة أو بوادر انتصار، بل كانت اعترافاً ضمنياً من الحكومة الفيدرالية بعدم قدرة جيشها على القتال بمفرده ضد قوات جبهة تحرير شعب تيغراي.
واعترافاً ثانيا بأنها تخطط لجرّ الأقاليم الإثيوبية لحرب لا تخصها بل تخص بالأساس الصراع بين قوميتي تيغراي وأمهرة.
وانقسمت القوميات الكثيرة بين فريقي تيغراي والعاصمة.
انقسمت إثيوبيا المرشحة للانقسام بحكم الطبيعة، والاختلافات، والتنوع الثقافي الهائل.
طوال القرن الماضي كانت إثيوبيا تعيش سلسلة من الصراعات والنزاعات العرقية بين معظم الأقاليم الإثيوبية، أبرزها الأزمة السياسية بين مشروعين متعارضين:
الفيدرالية الإثنية التي تنادي بها بعض العرقيات والأقاليم.
والنظام المركزي الذي يشكل دولة لها عاصمة واحدة، وقرار واحد.
لكن أزمة إقليم تيغراي سلَّطت الضوء على خطر تفكك إثيوبيا، التي وُلدت بأسباب كثيرة لعدم الاستقرار منذ نهاية القرن الـ19، ولم تشهد من وقتها سلاماً داخلياً إلا نادراً.
الإخوة الأعداء
هنا تتشابك الخلافات بين الجماعات العرقية مع التوترات الدينية في لوحة سياسية معقدة
من السهل رؤية الانقسامات في إثيوبيا على أنها نتيجة حتمية للمساحة الشاسعة والتنوع الإثني.
إثيوبيا هي البلد رقم 27 في العالم من حيث المساحة.
وموطن لأكثر من 80 مجموعة عرقية مختلفة.
لكن لا الجغرافيا ولا الديموغرافيا هي القدر، ما حدث أن القادة الإثيوبيين المتعاقبين أثاروا التوترات العرقية والمناطقية، وحكم كل منهم بطريقة أعطت مجتمعاً واحداً على الأقل سبباً للشعور بالظلم.