قتلت مدنيين بعلم ماكرون.. تحقيق يكشف كيف استغلت مصر فرنسا لاستهداف مهربين بدل الإرهابيين

عربي بوست
تم النشر: 2021/11/22 الساعة 16:39 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/11/22 الساعة 16:39 بتوقيت غرينتش
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مع نظيره المصري عبد الفتاح السيسي/رويترز

"مصر استخدمت معلومات استخباراتية زودتها بها فرنسا مخصصة لمكافحة الإرهاب، في قصف المهربين على الحدود مع ليبيا، مما أدى إلى سقوط مدنيين يحتمل أنهم أبرياء"، هذه التفاصيل الصادمة لما يسمى "المهمة سيرلي" كشفها موقع ديسكلوز الاستقصائي الفرنسي.

فلقد حصل موقع ديسكلوز"Disclose" الفرنسي على مئات من وثائق "الدفاع السرية" التي تكشف انتهاكات عملية عسكرية سرية تنفذها فرنسا في مصر، وكذلك ما يقول الموقع إنه تواطؤ من الدولة الفرنسية في قصف المدنيين بالمهمة سيرلي السرية التي بدأت قبل سنوات بين البلدين.

مقر البعثة العسكرية الفرنسية في موقع سري قرب الحدود مع ليبيا

في الساعات الأولى من صباح السبت 13 فبراير/شباط 2016، عبَرت حافلةٌ بوابة القاعدة العسكرية لمرسى مطروح الواقعة على بُعد 570 كيلومتراً من القاهرة، وتوقفت المركبة أمام ثكنة بلون الرمال. نزل عشرة رجال فرنسيين وصلوا إلى مصر قبل أيام بتأشيرات "سياحية". واندفعت المجموعة، التي سبقها جنود مصريون محليون، إلى مبنى بمعدات بدائية وتكييف هواء خَرِب، ولا توجد به نقطة مياه. سيكون هذا مقرهم؛ مركز القيادة لعملية عسكرية سرية فرنسية في مصر، تحمل الاسم الرمزي "سيرلي". 

يقول موقع ديسكلوز إن مصدراً أرسل إليه عدة مئات من الوثائق المصنفة على أنها "دفاع سري". وتشمل ملاحظات من قصر الإليزيه ووزارة القوات المسلحة ومديرية المخابرات العسكرية الفرنسية، تكشف عن تجاوزات هذه البعثة الاستخبارية، التي بدأت في فبراير/شباط 2016، تحت مبرر مكافحة الإرهاب. 

ويوضح هذا التسريب كيف حولت الدولة المصرية هذا التعاون المخفي عن الجمهور لصالح تنفيذ حملة إعدامات تعسفية، حسب وصف الموقع الفرنسي، وتم إبلاغ الرئيسين الفرنسيين السابق فرانسوا هولاند وخلفه إيمانويل ماكرون باستمرار بالجرائم التي ارتُكبت، لكن دون عواقب.

المهمة سيرلي بدأت بعد الاتفاق على صفقة الرافال

وُلِد مشروع مهمة سيرلي في 25 يوليو/تموز 2015. في ذلك اليوم، سافر جان إيف لودريان، وزير الدفاع الفرنسي في عهد الرئيس فرانسوا هولاند آنذاك، إلى القاهرة برفقة مدير المخابرات العسكرية الجنرال كريستوف جومارت. وهناك التقى نظيره المصري، الوزير صدقي صبحي، بعد أن أبرم للتو عقود بيع طائرات رافال وفرقاطات فريم الفرنسية لمصر، حسبما أكدت مذكرة دبلوماسية حصل عليها موقع Disclose، في شهر أبريل/نيسان، حيث اشترت مصر 24 طائرة مقاتلة من طراز رافال وسفينتين حربيتين مقابل 5.6 مليار يورو.

وجاء في جدول أعمال الاجتماع: تأمين 1200 كيلومتر من الحدود مع ليبيا وسط حالة من الفوضى التي تشهدها هذه البلاد المجاورة لمصر. 

المهمة سيرلي
صفقة الرافال كانت بداية مرحلة جديدة للتعاون بين مصر وفرنسا/رويترز

وذكر الوزير المصري الذي أقيل بعد ذلك بسنوات، وجود "احتياجات مُلحة" محددة بمجال الاستخبارات الجوية.

في المقابل، تعهد جان إيف لودريان بتنفيذ "تعاون عملي وفوري" في إطار "مناورة عالمية ضد الإرهاب"، سوف تأخذ شكل مهمة غير رسمية بقيادة مديرية المخابرات العسكرية الفرنسية إلى قاعدة عسكرية مصرية.

كل ما تبقى هو توقيع اتفاقية فنية بين البلدين، يجب أن تحدد هدف العملية، وتسمح للجيش الفرنسي بالرجوع إليها لمعرفة معالمها الدقيقة. ووفقاً لمعلومات موقع Disclose، لم تُوقَع مثل هذه الوثيقة قط.

هدف المهمة مكافحة الإرهاب، ولكن الفرنسيين تبين لهم استهدافها للمهربين

من حيث المبدأ، كانت مهمة الفريق الفرنسي المُرسَل، الذي أُطلِق عليه اسم "ELT 16" اختصاراً لـ"فريق الاتصال التقني 16″، هي مسح الصحراء الغربية بحثاً عن التهديدات الإرهابية المحتملة من ليبيا. وعند كل مخرج، يرافق الفرنسيون ضابط مصري. وهذا الأخير مسؤول عن الاستماع المباشر إلى المحادثات المعترضة. من الناحية النظرية، يجب فحص البيانات المجمعة، من أجل تقييم حقيقة التهديد وهوية المشتبه بهم.

لكن سرعان ما أدرك الفريق الفرنسي أنَّ المعلومات الاستخباراتية المقدمة للمصريين كانت تُستخدَم لقتل المدنيين المشتبه في قيامهم بالتهريب، وهي حقيقة نبّهوا قياداتهم لها على فترات منتظمة، بعد عام، ثم عامين، ثم ثلاثة، لكن دون جدوى.

ظهرت الشكوك الأولى بعد شهرين فقط من بدء المهمة، كما هو مبين في تقرير مديرية المخابرات العسكرية الفرنسية بتاريخ 20 أبريل/نيسان 2016. وفي هذه المذكرة، حذر ضابط الاتصال قائده من أنَّ المصريين يريدون "اتخاذ إجراءات مباشرة ضد المتاجرين"، مضيفاً أنَّ الحرب ضد الإرهاب تبدو بعيدة بالفعل عما يحدث على الأرض.

وفي مذكرة بتاريخ 15 أغسطس/آب 2016، كتب ضابط الاتصال: "أصر العقيد المصري على استعداده لإجراء رحلات جوية فوق الموز- المسمى الذي يطلقه الجيش على منطقة صحراوية شاسعة تمتد من واحة سيوة الجنوبية إلى بلدات دلتا النيل- من أجل الحد من نشاط المهربين العابرين بين ليبيا ومصر".

وبحسب المذكرة، يتركز في تلك المنطقة اصطياد المهربين الذين يعبرون الحدود الليبية باتجاه القاهرة أو الإسكندرية أو وادي النيل. وغالباً ما يكونون شباباً تتراوح أعمارهم بين 18 و30 عاماً، يقودون المركبات الصالحة لجميع التضاريس، وهم مدنيون قد يحملون السجائر أو المخدرات أو الأسلحة، أو مستحضرات التجميل أو البنزين أو حتى الأرز والحبوب.

الجيش المصري يبالغ في خطر الإرهاب القادم من ليبيا

ووفقاً لجليل حرشاوي، الباحث في المبادرة العالمية لمكافحة الجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية- وهي منظمة غير حكومية سويسرية- فإنَّ "الجيش المصري يبالغ إلى حد كبير في تقدير التهديد الإرهابي القادم من ليبيا من أجل كسب الدعم على المسرح الدولي". 

فاعتباراً من عام 2017، لم تتأسس أية جماعة إرهابية أو جماعة متطرفة جديدة تدعي أنها إسلامية في الجزء الشرقي من ليبيا.

ثم جاء في مذكرة ثانية بتاريخ 3 سبتمبر/أيلول 2016: "لم يكن هناك أي دليل على معالجة قضية الإرهاب". 

يقول الموقع الفرنسي لإشباع هوسها بالأمن، تتطلب الديكتاتورية دائماً المزيد. مثل "إقامة حلقة قصيرة لنقل المعلومات" بين الطائرات الفرنسية والقاعدة العسكرية، والغاية هي السماح للقوات الجوية المصرية بالوصول إلى المنطقة "للتعامل مع" الأهداف في أسرع وقت ممكن. 

ووافق نائب مدير البحث في المخابرات العسكرية الفرنسية على تقليص أوقات إرسال البيانات المجمعة. وقال الضابط الذي كتب مذكرة 3 سبتمبر/أيلول إنه منذ ذلك الحين، "أصبح تورط القوات الجوية الفرنسية في استهداف المهربين أوضح". وسُجِّل انجراف المهمة الاستخباراتية عن هدفها الأصلي واستخدامها لاستهداف المركبات المدنية.

في 21 سبتمبر/أيلول 2016، أقلع رجال المهمة سيرلي من مرسى مطروح على متن طائرة الاستطلاع الفرنسية "ميرلين 3". وبعد التحليق فوق الصحراء لعدة ساعات، رصدوا قافلة صغيرة تسير بسرعة عبر الكثبان الرملية. ونقلوا موقعهم إلى زملائهم على الأرض الذين بدورهم نقلوها إلى القوات الجوية المصرية. وبفضل "الحلقة القصيرة" هذه، وصلت طائرة مصرية من طراز"سيسنا 208″ إلى المنطقة بعد فترة وجيزة. واستوجب على الفرنسيين تغيير المسار لتجنب الاصطدام. وعقب 43 دقيقة، عندما حلقت "سيسنا" فوق المنطقة مرة أخرى، وجدوا السيارة مشتعلة.

وفي مذكرة بتاريخ 22 سبتمبر/أيلول، جاء "إنَّ مجرد وجود طائرة سيسنا المسلحة يشهد على رغبة القوات الجوية المصرية في استخدام المعلومات المقدمة لأغراض مكافحة الإرهاب ضد الاتجار والتهريب المحليين".

المهمة سيرلي
مصر وفرنسا تدعمان أمير الحرب الليبي خليفة حفتر/رويترز

بعد أيام قليلة من الغارة، قال الجيش المصري إنه دمر ثماني شاحنات صغيرة وركابها، المشتبه في أنهم مهربون. ومن خلال تقديم موقعهم، تواطأت الدولة الفرنسية في الإعدام التعسفي، حسب الموقع الفرنسي.

ونوهت مذكرة بتاريخ 28 سبتمبر/أيلول 2016 إلى أنَّ "الفريق ELT 16 لا يزال يقظاً للغاية، لكنه مع ذلك قلق بشأن استخدام المهمة سيرلي الاستخباراتية لاستهداف المهربين وليس ضد الإرهابيين كما كان متفقاً عليه".

صدرت مذكرة في 6 يناير/كانون الثاني 2017 تشير إلى أن المهمة سيرلي لم تواجه قضايا الإرهاب.

وفقًا لوثائق "الدفاع السري" التي حصل عليها موقع Disclose، شاركت القوات الفرنسية في ما لا يقل عن 19 تفجيراً ضد المدنيين، بين عامي 2016 و2018. وغالباً ما دمرت تلك الغارات عدة سيارات، وقد يصل عدد الضحايا إلى عدة مئات. ووفقاً لمعايير القرار رقم 56/83 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة، فإنَّ تواطؤ فرنسا في عمليات الإعدام غير القانونية هذه أمر مؤكد.

ماكرون يواصل المهمة سيرلي رغم علمه بتفاصيلها

في 7 مايو/أيار 2017، انتُخِب إيمانويل ماكرون رئيساً للجمهورية. وأعلن في نفس الأمسية أنَّ "أوروبا والعالم يتوقعون منّا الدفاع عن الحريات وحماية المظلومين في كل مكان نحن فيه". ومع ذلك، سارع ماكرون إلى تأكيد استمرار التعاون مع الديكتاتوريات.

وبعد ثلاثة أسابيع من دخول ماكرون قصر الإليزيه، اتصل هاتفياً بنظيره المصري، بعد أيام من حادث إرهابي استهدف كنيسة وأعلن تنظيم الدولة "داعش" مسؤوليته عنه. وبحسب تقرير المحادثة، تحول الحديث بسرعة كبيرة إلى الشراكة العسكرية بين باريس والقاهرة. وأكد ماكرون لمحاوره أنه "على علم تام بالعمليات الجارية" في مصر. 

وفي اليوم التالي، تلقى رئيس أركان القوات المسلحة الفرنسية، بيير دي فيلييه، مذكرة "دفاع سرية". وضمت تقريراً مفصلاً كتبه مدير مديرية المخابرات العسكرية في ذلك الوقت، الجنرال كريستوف غومار، يؤكد بدوره أنَّ معظم الشاحنات الصغيرة الموجودة في الصحراء المصرية ليست مرتبطة بجماعات إرهابية.

تبين أن الإرهاب أولوية ثالثة

وكشفت مذكرة بتاريخ 1 يونيو/حزيران 2017، أنَّ الإرهاب يأتي في المرتبة الثالثة بين أولويات الشراكة عقب مكافحة التهريب والهجرة غير الشرعية. 

في 6 يونيو/حزيران، سافرت سيلفي غولار، وزيرة دفاع إيمانويل ماكرون- التي غادرت منصبها في 21 من ذلك الشهر- إلى القاهرة للقاء الرئيس المصري. وعلى الرغم من التجاوزات الواضحة للعملية، فإنها أكدت أنَّ إيمانويل ماكرون "مستعد للنظر في إمكانية زيادة استخدام" طائرة التجسس، وأشادت بنتائجها "الاستثنائية".

وزير الخارجية الفرنسي يشيد بدقة الطيران المصري

وأفادت مذكرة بتاريخ 6 يونيو/حزيران 2017: "النتائج التي تحققت بالفعل بفضل مهام طيران الاستطلاع والمراقبة، التابع للفريق الفرنسي، استثنائية. فقد [سمحت] هذه المهام في عام واحد باعتراض وتدمير أكثر من 1000 مركبة لجميع التضاريس تعبر الحدود بطرق غير قانونية".

بعد يومين من زيارة سيلفي غولار، التقى جان إيف لودريان، مباشرة عقب تعيينه رئيساً للدبلوماسية الفرنسية، للمرة الثامنة في أقل من ثلاث سنوات، بوزير الدفاع المصري السابق صدقي صبحي. 

وبعد الثناء على "مستوى الثقة الذي وصلت إليه الدولتان"، قيّم الرجلان الجانب السري للشراكة العسكرية؛ "من أجل تحديد وتعيين العديد من الأهداف"، حسبما كشفت مذكرة دبلوماسية بتاريخ 11 يونيو/حزيران 2017. 

من جانبه، أعرب جان إيف لودريان عن "تقدير لمهارة ودقة طياري القوات الجوية المصرية". 

ولكن يعتقد أن ثلاثة عمال ومهندساً راحوا ضحية للعملية

وعقب ما يقرب من شهر على جلسة التهنئة الذاتية هذه، قتلت "دقة" القوات الجوية المصرية ثلاثة عمال، بينهم أحمد الفقي مهندس من القاهرة وأب لأربعة أطفال.

لم يرد ذكر وفاة أحمد الفقي ورفاقه في أي من الوثائق التي أحيلت إلى موقع Disclose. لكن بعد يومين فقط من القصف، تحدث ضابط فرنسي مع جنرال في القوات الجوية المصرية، حيث أصر على أنَّ "الشراكة لا تسمح بأي شكل من الأشكال لطائرات الاستطلاع والمراقبة التابعة للمهمة الفرنسية بالمشاركة في عمليات الاستهداف.. ويجب إعادة التحقق من صحة المعلومات المنقولة" للقوات المصرية. 

أما بالنسبة لموقع الضربة، فقد كانت في إحدى مناطق التحليق التابعة لمهمة مديرية المخابرات العسكرية الفرنسية خلال نفس الفترة.

بعد ما يقرب من عامين من بدء المهمة سيرلي، أصبحت إخفاقاتها مصدر قلق كبير، ليس فقط في مديرية المخابرات العسكرية الفرنسية، بل أيضاً في سلاح الجو الفرنسي، الذي يشعر بالقلق من استمرار الضربات العشوائية، كما يتضح من مذكرة مرسلة إلى الإليزيه بتاريخ 23 نوفمبر/تشرين الثاني 2017.

وعلى مدار عام 2018، نُفِّذَت المهمة تلو الأخرى، وشنت طائرات "إف-16" المصرية غارات بمعدل متزايد مستدام.

وفي أوائل عام 2019، ذهب إيمانويل ماكرون ووزيرة الدفاع الفرنسية فلورنس بارلي في زيارة رسمية لمصر. وبهذه المناسبة، أُغرِق الرئيس الفرنسي ووزير القوات المسلحة بمذكرات. إحداها، كتبتها خلية إفريقيا في الإليزيه في في 19 يناير/كانون الثاني، لتذكير إيمانويل ماكرون بـ "الحاجة" إلى اتفاق مكتوب يضمن "إطاراً قانونياً متيناً" للفريق الاستخباراتي الفرنسي على الأرض. وحثت مذكرة أخرى، مخصصة لفلورنس بارلي، على وضع حد لانتهاكات العملية.

مذكرات فرنسية تنتقد المهمة، ولكن صفقة الرافال الجديدة ظهرت في الأفق

ولفتت مذكرة بتاريخ 22 يناير/كانون الثاني 2019 إلى أن "حالات تدمير الأهداف التي اكتشفتها الطائرات تأكدت صحتها، ومن المهم تذكير الشريك بأنَّ طائرات الاستطلاع والمراقبة ليست أداة استهداف".

ومع ذلك، لم يوقَّع أية اتفاق ولم تُقابَل المهمة الفرنسية بأية تساؤلات. 

ويعلق الموقع الفرنسي قائلاً: "يبقى دعم الديكتاتورية هو الأولوية مهما كلف الثمن". 

وفي 5 ديسمبر/كانون الأول 2020، قلّد إيمانويل ماكرون السيسي وسام جوقة الشرف خلال مأدبة عشاء أقيمت في الإليزيه. وبعد أربعة أشهر من الاحتفال، طلبت مصر، في سرية، 30 طائرة رافال من فرنسا بقيمة 3.6 مليار يورو. وبحسب معلومات الموقع فإنَّ الجيش الفرنسي ما زال منتشراً في الصحراء المصرية.

تحميل المزيد