بمباركة وتشجيع إسرائيلي، أعلنت الحكومة البريطانية، الجمعة 19 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، إقرارها لقانون يحظر بموجبه حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس)، ويعتبرها منظمة إرهابية. فماذا يعني هذا القرار وما تبعاته الداخلية والخارجية بالنسبة لكل من المملكة المتحدة وحركة حماس؟
1- ما يعني تصنيف حماس كـ"منظمة إرهابية" في بريطانيا؟
قالت وزيرة الداخلية البريطانية بريتي باتيل، إنها حظرت بشكل رسمي حركة "حماس"، في خطوة تنسجم مع موقف الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي من الحركة.
بموجب القانون الذي سيمرر للبرلمان البريطاني الأسبوع المقبل للمصادقة عليه -ويتوقع أن يكون ذلك سهلاً بحكم سيطرة المحافظين على البرلمان- سيتم فرض عقوبات على أنصار حماس في المملكة المتحدة.
وبموجب القرار، "سيعتبر ارتداء الملابس التي تشير إلى أي فرد ما عضو أو مؤيد لمنظمة محظورة، أو نشر صورة لعنصر أو العلم أو الشعار جريمة جنائية بموجب قانون الإرهاب لعام 2000".
كما سيعتبر أي شخص يعبر عن دعمه لحركة حماس علناً أو يرفع علمها أو يرتب لقاءات لها في بريطانيا، مخالفاً للقانون، وقد يعاقب بالسجن لفترة تصل إلى 10 أعوام.
2- كيف جاء هذا القرار؟
كثفت إسرائيل من ضغوطها على الحكومة البريطانية للاقتداء بالولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي -الذي خرجت منه لندن- للوصول إلى هذا القرار.
وتتحجج الحكومة البريطانية باتخاذ هذا القرار في إطار "محاربة معاداة السامية"، وذلك بعد تكرار حوادث رفع أعلام حماس في بريطانيا أو ارتداء قمصان تؤيدها، أكثر من مرة، خلال تظاهرات مؤيدة للشعب الفلسطيني.
ومؤخراً تمت محاكمة رجل كان يرتدي قميصاً رُسمت عليه شعارات حماس وكتائب القسام -الجناح العسكري للحركة- وكان يتجول في حي Golders Green شمال العاصمة البريطانية لندن، المعروف بأن معظم سكانه من اليهود، في يونيو/حزيران الماضي.
وفي مايو/أيار الماضي، ألقت الشرطة البريطانية القبض على أربعة رجال بتهمة "معاداة السامية"، وذلك بعد أن ظهروا في مقطع فيديو وهم يصرخون بعبارات مناوئة لإسرائيل واليهود من سيارة في شمال لندن. وكان بوريس جونسون رئيس الوزراء قد أدان ذلك الحادث، ووصفه بـ"العنصرية المخزية التي تستهدف اليهود البريطانيين والتي لا مكان لها في المجتمع البريطاني".
وعلقت وزيرة الداخلية البريطانية باتيل على ذلك بالقول إن "خطوة حظر حركة حماس في المملكة المتحدة أساسية لحماية الجالية اليهودية؛ لأنهم يشعرون بعدم الأمان في المدارس والشوارع وفي منازلهم وعلى الإنترنت".
3- هل كان هذا القرار وليد اللحظة أم خطط له منذ وقت طويل؟
تعدّ وزيرة الداخلية البريطانية باتيل واحدة من أشد الداعمين لإسرائيل، ففي عام 2017 أُجبرت على الاستقالة من حكومة تيريزا ماي بعد أن تبين أنها أجرت اجتماعات سرية مع الحكومة الإسرائيلية وناقشت منح أموال المساعدات الخارجية البريطانية للجيش الإسرائيلي، لكن بوريس جونسون عيَّنها وزيرة للداخلية عندما خلف ماي في رئاسة الوزراء العام الماضي، وتُعَد من أشد المقربين له.
وخاضت باتيل معركة داخلية طويلة في الحكومة البريطانية لحظر حماس واعتبارها "جماعة إرهابية" منذ أن أصبحت وزيرة للداخلية في عام 2019.
وبحسب صحيفة التايمز البريطانية، كانت هناك بعض أشكال المقاومة في الحكومة البريطانية لهذه الخطوة، بسبب مخاوف من أنها "ستلحق الضرر بالجهود الدبلوماسية البريطانية لتحقيق السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين".
4- كيف استقبلت إسرائيل القرار البريطاني؟
سبق الإعلان عن القرار البريطاني إشادة كبيرة من رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت بنية حكومة بوريس جونسون حظر حماس؛ حيث غرَّد رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت، الجمعة، مرحباً بالخطوة البريطانية، داعياً إلى إقرارها.
وأضاف بينيت: "ببساطة، حماس منظمة إرهابية.. الذراع السياسية يمهّد العمل للذراع العسكرية، هم نفس "الإرهابيين"، فقط تبادل أدوار.. كل الشكر والتقدير الكبير لصديقي بوريس جونسون على القيادة في موضوع نية إدراج حماس على قائمة المنظمات الإرهابية في بريطانيا".
5- كيف ردَّت حركة حماس على القرار؟
أكدت حركة حماس أن إعلان وزيرة الداخلية البريطانية بريتي باتيل عن حركة حماس "تنظيماً إرهابياً"، وتهديدها لكل من يناصر حركة حماس بعقوبة السجن التي قد تصل إلى عشر سنوات، يمثل "استمراراً في الغي القديم وارتهان للرواية والمشروع الصهيوني".
وقالت الحركة في بيان نشر بعيد قرار باتيل: "إن بريطانيا تستمر في غيها القديم، فبدلاً من الاعتذار وتصحيح خطيئتها التاريخية بحق الشعب الفلسطيني، سواء في وعد بلفور المشؤوم، أو الانتداب البريطاني الذي سلّم الأرض الفلسطينية للحركة الصهيونية، تناصر المعتدين على حساب الضحايا".
وأضافت "أن مقاومة الاحتلال، وبكل الوسائل المتاحة، بما فيها المقاومة المسلحة، حق مكفول للشعوب تحت الاحتلال في القانون الدولي، فالاحتلال هو الإرهاب؛ فقتل السكان الأصليين، وتهجيرهم بالقوة، وهدم بيوتهم وحبسهم هو الإرهاب، إن حصار أكثر من مليوني فلسطيني في قطاع غزة، معظمهم من الأطفال، لأكثر من 15 عاماً هو الإرهاب، بل جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية كما وصفتها الكثير من المنظمات الدولية والمؤسسات الحقوقية".
وطالبت حماس المجتمع الدولي، وفي مقدمته بريطانيا، الدولة المؤسس في عصبة الأمم، والأمم المتحدة بعد ذلك، بالتوقف عما سمّته "الازدواجية والانتهاك الصارخ للقانون الدولي، الذين يدعون حمايته والالتزام به".
6- من الجهات الغربية التي تحظر حماس أيضاً؟
تم تصنيف حماس بالفعل كمنظمة إرهابية محظورة من قِبَل الولايات المتحدة وكندا والاتحاد الأوروبي، مما يعني أنه يمكن مصادرة أصولها وسجن أعضائها، وكان يصنَّف جناحها العسكري، كتائب القسام، بنفس التصنيف في بريطانيا منذ سنوات، في حين كان تصنيف الحركة ككيان سياسي مثار جدل لوقت طويل بين الأحزاب البريطانية.
وتقول صحيفة "التايمز" البريطانية إن هذه الخطوة ستجعل لندن في صف أقرب لواشنطن بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي، خصيصاً أن تصريحات الوزيرة البريطانية حول حظر حماس جاءت خلال زيارة رسمية لواشنطن هذا الأسبوع، حيث كانت تزور كبار أعضاء إدارة الرئيس جو بايدن.
7- كيف ستنعكس هذه الخطوة داخلياً في بريطانياً؟
تقول صحيفة التايمز إن هذه الخطوة ستجبر حزب العمال البريطاني الذي سبق أن تحدث بشكل إيجابي عن حماس، وقام بعض قياداته مثل جيرمي كوربين بزيارة للأراضي الفلسطينية قبل نحو 10 سنوات، والتقوا خلالها برلمانيين من الحركة الإسلامية، على اتخاذ موقف رسمي الآن من الحركة.
وفي خطاب ألقاه أمام تحالف "أوقفوا الحرب" في عام 2009، وصف كوربين أعضاء حماس وحزب الله بأنهم "أصدقاء". وفي عام 2016، بعد عام من قيادته لحزب العمل لمدة خمس سنوات، قال إنه يأسف لاستخدام هذا المصطلح.
ويعرف حزب العمال بشكل عام بمواقفه الداعمة لفلسطين والمناهضة للاحتلال الإسرائيلي، وفي سبتمبر/أيلول الماضي، قام الحزب بالتصويت على قرار يؤيد فرض عقوبات على إسرائيل ويدعو للاعتراف الفوري بدولة فلسطين حال تشكيله حكومة.
حيث صوَّت أعضاء حزب العمال في المؤتمر السنوي العام الذي عُقد في مدينة برايتون، بأغلبية واضحة مع قرار يدين "النكبة المستمرة في فلسطين، وهجوم إسرائيل العسكري على المسجد الأقصى، والتهجير المتعمد في الشيخ جراح، وحرب إسرائيل على غزة"، ويرحب بتحقيق المحكمة الجنائية الدولية في جرائم إسرائيل.
من جانبها، ردَّت وزيرة الداخلية البريطانية بريتي باتيل على تبعات قرارها حول حظر حماس، بأنه سيجعل حزب العمال في "موقف صعب"، بالقول إنه "لا يوجد شيء صعب بشأن دعم المنظمات الإرهابية، لا يمكننا الفصل بين مختلف أطياف حماس، والطبيعة الجماعية لما تفعله حماس، وما الذي تمثله. ترتبط قدراتهم جميعاً سياسيين وعسكريين بالتهديدات التي يتعرض لها بلدنا وكذلك بالأمن الأوسع في جميع أنحاء العالم"، حسب تعبيرها.