يعرف الخبراء العسكريون كيف يُمكن القضاء على حاملات الطائرات، أو بالأحرى يعرفون كيف يُمكن محاولة القضاء على حاملة طائرات. إذ يُمكن للطوربيدات التي تُطلقها الغواصات، وصواريخ كروز الجوّالة التي تُطلقها مختلف المنصات، والصواريخ الباليستية أن تُلحق ضرراً كبيراً بحاملات الطائرات. لكن حاملات الطائرات الحديثة تمتلك العديد من وسائل الدفاع عن نفسها ضد كافة أشكال الهجوم.
فماذا عن المستقبل إذن؟ وكيف يمكن التخطيط للقضاء على حاملات الطائرات بعد ثلاثين عاماً؟ إليكم 5 مشكلات سيتعيّن على الجيل المقبل من مهندسي حاملات الطائرات حلها:
1- الغواصات المسيّرة تحت الماء
لطالما شكّلت الغواصات أكبر تهديدٍ قاتل على حاملات الطائرات. ففي الحرب العالمية الثانية، عانت كافة أساطيل ناقلات الطائرات من خسائر فادحة بسبب الغواصات، كما تقول مجلة The National Interest الأمريكية.
لكن الغواصات المسيّرة تحل أي مشكلات كانت تواجهها الغواصات في السابق. إذ يمكنها الانتظار في الماء إلى أجلٍ غير مسمى على طول الطرق المحتملة لحاملة الطائرات، دون أن تتحرّك للهجوم قبل أن ترصد حاملة الطائرات.
كما أنّ هذه الغواصات المسيّرة لن تقلق كثيراً بشأن ما سيُصيب طاقمها إذا دمّرتها الحرب. وتستطيع المركبات المسيّرة تحت الماء أن تُسبّب صداعاً كبيراً لحاملات الطائرات، باستخدام بضع أسلحة وبقدرتها على التشغيل بشكلٍ مستقل تحت ظروفٍ محددة مسبقاً.
2- الهجمات السيبرانية
إنّ تأثير الهجمات السيبرانية على حاملات الطائرات متنوّعٌ إلى حدٍّ كبير. إذ يُمكن على الأقل أن يُصيب حاملة الطائرات بالعمى فعلياً، ما يُصعّب على السفينة وطائراتها تنفيذ المهمات الموكلة إليهم. وبحسب "ناشونال إنترست"، يُمكن لتلك الهجمات أيضاً أن تكشف موقع حاملة الطائرات، ما يجعل السفينة عرضةً لمختلف الهجمات من الصواريخ والغواصات. وفي أسوأ الأحوال، يُمكن لهجومٍ سيبراني أن يُعطّل أنظمةً مهمة على متن حاملة الطائرات، ليستحيل على السفينة أن تدافع عن نفسها.
3- الطائرات بدون طيار
تستطيع الطائرات بدون طيار أو الطائرات المسيرة استخدام أسلحة قصيرة وطويلة المدى. كما تتمتّع بالمرونة الكافية لإرباك شبكات الدفاع الجوي، حيث إنها ليست بحاجةٍ إلى القلق على حياة طياريها. ويمكن لهذه الطائرات إرسال الصواريخ من مختلف المسافات، ثم الاقتراب من الهدف والاصطدام بها لإلحاق ضررٍ فتّاك بجسم حاملة الطائرات. وليس هناك شيءٌ في عالمنا أخطر من روبوت ليس لديه شيءٌ ليخسره.
4- الأسلحة فرط الصوتية
لقد أولت الصين وروسيا والولايات المتحدة اهتماماً كبيراً بالتكنولوجيا فرط الصوتية، التي تُمثّل تهديداً من مختلف الزوايا كما هو الحال مع الصواريخ الباليستية. لكن هذه الصواريخ فرط الصوتية تختلف عن الصواريخ الباليستية في أنها تتقدم نحو الهدف بمسارٍ من الصعب للغاية أن تستهدفه الأسلحة الدفاعية.
وتجمع هذه الأسلحة كافة جوانب الصواريخ الباليستية والجوالة الأكثر فتكاً، كما تستطيع بفضل القصور الذاتي فقط أن تُلحق بحاملات الطائرات أضراراً هائلة تُجبرها على إلغاء مهمتها، وربما القضاء على السفينة بالكامل. كما يُمكن للصواريخ فرط الصوتية أن تحظى بقبولٍ أوسع سياسياً من نظيرتها الباليستية، ويرجع ذلك إلى ارتباط الأخيرة بحمل الرؤوس النووية.
5- القصف المداري
يكمُن عيب القاعدة الجوية الثابتة في معرفة العدو بموقعها دائماً، وبالتالي تعتمد المعركة التكتيكية هنا على قدرات الأسلحة الهجومية في مواجهة الأسلحة الدفاعية. لكن حاملات الطائرات تستطيع استغلال قدرتها على الحركة لصالحها، بالاستفادة من فارق التوقيت في نقل الأوامر من أنظمة المراقبة إلى أنظمة الأسلحة الاحتياطية.
لكن أنظمة القصف المداري يمكنها حل هذه المشكلة. حيث تستطيع الأقمار الصناعية، المسلحة بقضبان مصنوعة من مادة التنجستن أو أي سلاح حركي، أن ترصد وتهاجم حاملات الطائرات في الوقت نفسه بعيداً عن المشكلات المرتبطة بالاتصالات الشبكية. وتستطيع تلك القضبان بفضل الطاقة الحركية فقط أن تُوجّه ضربةً فتاكة لهدفٍ على سطح الأرض، ما قد يتسبّب في إغراق حاملة الطائرات أو تعطيلها عن العمل تماماً.
هل ستستطيع حاملات الطائرات أن تصمد في وجه ما سبق؟
تُعتبر حاملات الطائرات من أدوات فرض النفوذ الجيوسياسي. وستسعى الدول إلى البحث عن سبل للقضاء عليها طالما ظلت تؤدي هذا الدور بفاعلية. بينما برهن شكل حاملة الطائرات على مرونته الكبيرة، رغم دخولها في الخدمة منذ نحو 100 عام. ولكن في وقتٍ ما مستقبلاً لن تعود حاملات الطائرات قادرةً على إلحاق الضرر الكافي لتبرير نقاط ضعفها. ولا نعلم متى سيأتي ذلك اليوم، لكننا سنعرفه حتماً حين تتعرض إحدى ممتلكات البحرية الكبرى للدمار.