مطلع سبتمبر/أيلول 2021 صدق الرئيس عبد الفتاح السيسي على قانون إنشاء صندوق الوقف الخيري.
إنه القانون الذي أقره مجلس النواب المصري في 28 يونيو/حزيران 2021.
إنه القانون المنتظر منذ عقود، لتضع الدولة يدها على "كنز أوقاف المصريين"، بدعوى توفير التمويل اللازم للمشروعات، ومعاونة الدولة في ملف التطوير والمشروعات القومية العملاقة.
يتم ذلك من خلال الكيان الجديد: صندوق الوقف الخيري.
ونشرت الجريدة الرسمية الخبر، الذي يحدد أوجه صرف إيرادات الأوقاف على "نشر الدعوة الإسلامية بالداخل والخارج، ومساعدة الدولة في دعم التعليم والتنمية وإنشاء مشروعات البنية الأساسية، وتطوير العشوائيات، والحد من ظاهرة الأطفال المشردين".
انتهت الفقرة بعبارة مستقلة:
وذلك كله في حدود شروط الواقفين.
الإعلام المملوك للدولة وصف الخطوة بأنها "قبلة حياة للأعمال الخيرية". لكن القانون أثار الكثير من الجدل.
لكن منتقديه اعتبروه بمثابة "تأميم" لثروة الأوقاف، التي تفوق قيمتها تريليون جنيه، وانتهاك لشروط الواقفين ووصيتهم.
ظهرت الأوقاف الإسلامية الخيرية في مصر مع دخول الإسلام، لكنها كانت دائماً في مرمى تهديد الحكام، من أمراء وسلاطين العصور الوسطى، إلى الخديو والملك والبكباشي.
والقانون الأخير هو أكبر تدخل من الدولة في إدارة وتوجيه واستثمار أموال الوقف، بعيداً عن شروط الواقفين، بعد محاولات جزئية لم تتوقف في العقود الأخيرة.
هذا التقرير يستعرض الوضع الراهن لثروات الأوقاف في مصر، ومحاولات الأنظمة المتعاقبة للاستيلاء عليها، وأسلوب عمل الصندوق الجديد، وأهم الانتقادات التي يواجهها. لكن التقرير يبدأ بلمحة عن تاريخ الأوقاف في مصر.
"حبس الأرض" للمنفعة العامة
الأوقاف الخيرية موّلت تعليم الطلبة في الأزهر وأنشأت الجامعة المصرية بالقاهرة وكفلت العائلات الفقيرة
عرفت مصر الوقف الإسلامي مع تأسيس الولاية الإسلامية، بعد تمام الفتح على يد عمرو بن العاص عام 641 ميلادية.
وتذكر المصادر التاريخية أن "جامع عمرو بن العاص" استقبل أول وقف في مصر الإسلامية، وأن قيسبة بن كلثوم بن حُباشة قد تصدَّق بقطعة أرض له لتدخل في تخطيط المسجد، ولم يقبل تعويضاً مالياً مقابلها.