توفي وزير الخارجية الأمريكي السابق كولن باول يوم الاثنين 18 أكتوبر/تشرين أول 2021 متأثراً بمضاعفات فيروس كورونا، حيث أعلنت عائلته ذلك رغم أنه تم تطعيمه بالكامل. لكن باول الذي كان يبلغ 84 عاماً، كان مصاباً أيضاً بسرطان الدم.
وأثار هذا الأمر في الولايات المتحدة الكثير من الجدل غذاه المناهضون لأخذ اللقاح، وبدأ البعض يتساءل: "إذا كان الناس سيموتون بكورونا بعد تطعيمهم ضد كوفيد-19، فما الجدوى من الحصول على اللقاح؟!". وهذا النوع من الأسئلة يتردد كثيراً على وسائل التواصل الاجتماعي عند الحديث عن وفاة أشخاص حاصلين على لقاح مضاد لكورونا، بالفيروس نفسه.
ومن أجل الإجابة عن السؤال السابق، ناقشت شبكة CNN الأمريكية هذا الأمر مع د. ليانا وين، أستاذة السياسة الصحية والإدارة في كلية الصحة العامة بجامعة جورج واشنطن.
وفاة بعد اللقاح.. كيف يتم تفسير هذا الأمر للبعض؟
د. ليانا وين: يجب أن نبدأ بالحديث من الناحية العلمية ونتائج الأبحاث، فلقاحات كوفيد-19 فعالةٌ للغاية في منع المرض، وخاصةً حالات الإصابة الشديدة به، وقد أظهرت أحدث بيانات مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها في الولايات المتحدة، أنّ اللقاحات تُقلّل احتمالية الإصابة بكوفيد-19 ستة أضعاف، وتُقلل احتمالات الوفاة بمقدار 11 ضعفاً.
ما يعني أن التطعيم يجعل فرص إصابتك بكوفيد-19 أقل من الشخص غير المطعم بمقدار ستة أضعاف، كما أن احتمالات وفاتك من كوفيد-19 تقل 11 ضعفاً عن الشخص غير المطعم، وهذه أرقامٌ جيدة.
ومع ذلك، يجب القول إنّ لقاحات كوفيد-19 لا تحميك بنسبة 100%. ولا يوجد لقاحٌ يُوفّر هذا القدر من الحماية، لأنّه ليس هناك علاجٌ فعّال بنسبة 100% على أي حال. وهذا لا يعني أنّ اللقاح غير فعال أو أنّه لا يجب عليك أخذ اللقاح.
ما الأشخاص الأكثر عرضة لمضاعفات كوفيد-19، حتى بعد التطعيم؟
د. ليانا وين: نحن نعرف أنّ كبار السن ومن يُعانون من حالات طبية مزمنة تزيد احتمالية معاناتهم من المضاعفات الشديدة والوفاة عقب إصابتهم بالعدوى. والأشخاص الأكثر عرضةً للخطر في هذه الحالة هم من يُعانون نقص المناعة.
وتذكّر أن هذا الأمر يُعد من أهم أسباب التوصية بالجرعات المعززة الثالثة. ففي أغسطس/آب، أوصى المسؤولون الصحيون الفيدراليون كافة من يُعانون من نقص المناعة المعتدل أو الشديد، ممن حصلوا على لقاحات فايزر وموديرنا، بتلقي جرعة ثالثة من اللقاح. كما حذروا أولئك الأشخاص، الذين يُعانون من نقص المناعة، من أن عليهم اتخاذ تدابير احترازية إضافية رغم الجرعة الإضافية، لأنّ هذه الفئة من الناس أكثر عرضةً للمضاعفات الأشد خطورة.
هل ستكون اللقاحات أكثر فاعلية حين يحصل عليها الجميع؟
د. ليانا وين: بالتأكيد. يُمكن أن ننظر للقاحات كوفيد-19 باعتبارها معطف مطرٍ جيداً للغاية، وسيكون رائعاً في حمايتك من رذاذ المياه، لكن فرص تعرضك للبلل ستزيد دون شك إذا واجهت عاصفةً رعدية أو إعصاراً مدمراً، وهذا لا يعني أن المعطف به عيبٌ ما، بل يعني أنك وسط طقسٍ سيئ، وأن المعطف بمفرده لن يكفي لحمايتك.
وإذا كنت محاطاً بالكثير من المصابين، فسوف تزيد فرص إصابتك بالعدوى. والمشكلة هنا ليست اللقاح، بل كثرة تواجد الفيروس حولك.
ولهذا يكمن الحل في تطعيم أكبر عددٍ ممكن من الناس، إذ يخفض هذا الحل معدل العدوى الإجمالي ويُوفّر الحماية للجميع، وإذا كنت داخل منطقةٍ بها الكثير من المصابين، فإن ارتداء قناع الوجه في الأماكن المغلقة يمنحك حمايةً أكبر.
كما يجب ألا ننسى التطعيم لحماية الأشخاص الأكثر عرضةً للخطر بيننا.
إذ كشفت دراسةٌ أُجرِيَت في 13 ولاية أمريكية على مدار ستة أشهر أنّ الأفراد المطعمين بالكامل شكلوا 4% فقط من إجمالي حالات نقل المصابين للمستشفى بسبب كوفيد-19.
كما أن احتمالات نقل غير المطعمين إلى المستشفى بسبب عدوى فيروس كورونا تزيد عن المطعمين بنحو 17 ضعفاً. وغالبية من يتم نقلهم إلى المستشفى هم من كبار السن أو من يُعانون عدة حالات طبية مزمنة.
هل تستطيع اللقاحات منع عودة الفيروس بنفس القوة في الشتاء المقبل؟
د. ليانا وين: نعم، من المشجع أن حالات العدوى بكوفيد-19 بدأت تتراجع بعد موجة دلتا الفظيعة التي أنهكت البلاد الصيف الجاري. ومع ذلك، فإن ظهور موجة عدوى جديدة هو أمرٌ محتمل، خاصةً أن عدد سكان أمريكا المطعمين بالكامل لا يتجاوز الـ57%. وأوافق الدكتور أنتوني فوسي الرأي حين قال: "سيكون في مقدورنا منع حدوث ذلك… وإلى أي مدى ستواصل أرقامنا التراجع هو أمرٌ يعتمد على درجة نجاحنا في تطعيم المزيد من الناس".
وفي نهاية المطاف، سنجد أنّ تقليل خطر كوفيد-19 على الجميع والقضاء على الجائحة يعتمد في المقام الأول على تطعيمنا جميعاً. وهذا من شأنه أن يحمينا ويحمي المحيطين بنا.