هل تنضم أوروبا إلى جانب أمريكا في نزاعها مع الصين؟ إليك المجالات التي تستطيع فيها إيذاء بكين

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2021/10/17 الساعة 15:32 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/10/17 الساعة 15:32 بتوقيت غرينتش
الرئيس الصيني شي جين بينغ مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون/رويترز

في إطار "المنافسة الاستراتيجية"مع الصين، تريد الولايات المتحدة خلق سلسلة من التحالفات ضد بكين وهي تريد في هذا الإطار أن يكون الموقف الأوروبي من الصين مماثلاً للنهج الأمريكي الصارم ضد الصين.

ولكن يبدو نهج التحالفات ضد بكين منطقياً في آسيا، ولكنه قد لا يحقق نفس النجاح بالنسبة لأوروبا، حسبما ورد في تقرير لمجلة Foreign Policy الأمريكية. 

فلدى معظم الدول الآسيوية أسبابٌ كافية للقلق بشأن الدوافع الصينية للهيمنة الإقليمية، ولا تستطيع الولايات المتحدة مواجهة مثل هذه المحاولة دون تعاونٍ مُكثَّف من اليابان وأستراليا وكوريا الجنوبية والهند وغيرها. ستتطلَّب الإدارة الفعَّالة لهذه العلاقات دبلوماسيةً أمريكيةً يقظة، ولكن في السياق الآسيوي تبدو المصلحة المشتركة في معادلة كفة ميزان الصين واضحة. 

يودُّ الرئيس الأمريكي جو بايدن ومعاونوه أن يكون شركاء الولايات المتحدة الأوروبيين جزءاً من هذا الجهد.

ولكن الظروف المحيطة بعملية تشكيل الموقف الأوروبي من الصين مختلفة عن الوضع في آسيا، وبطبيعة الحال المملكة المتحدة لديها وضع مختلف عن بقية الدول الأوروبية، فلندن دوماً لديها رغبة في الحفاظ على ما يمكن تسميته بالعلاقة الخاصة مع الولايات المتحدة، منذ عهد ونستون تشرشل، ويعد ذلك دافعاً لدورها في التعاون الأسترالي الأمريكي ضد الصين.

ولكن باستبعاد الفرنسيين من صفقة الغواصات الأسترالية بهذا الشكل المهين، قوَّضَ التحالف الجديد الجهود المبذولة لإدخال أوروبا القارية في تحالفٍ واسعٍ ضد الصين.

ولكن حتى قبل الإهانة التي لحقت بالفرنسيين، فإن أوروبا لديها أسباب قليلة لاكتساب عداء الصين، بينما أمريكا على العكس تريد أن تدفع الموقف الأوروبي من الصين للمزيد من التشدد، وتريد جذب الاتحاد الأوروبي وبقية الدول الأوروبية إلى صفها في هذا النزاع، لأن معظم الدول الأوروبية غنيةٌ نسبياً، ومعظمها ديمقراطي، وهم لاعبون اقتصاديون مهمون في الاتحاد الأوروبي، وقادرون على إنتاج أسلحةٍ متطوِّرة. 

وتضمُّ أوروبا أيضاً عضوين مُسلَّحين نووياً في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وأكثر من 500 مليون شخص. ولهذه الأسباب وغيرها، فإن اصطفاف دول أوروبا يمكن أن يُحدِث فرقاً كبيراً في التوازن العام للقوى العالمية. 

خلاف بشأن الموقف الأوروبي من الصين

وبدأ بعض الأوروبيين النافذين يطالبون أوروبا بحسم موقفها، مثل الناشر ورجل الأعمال الألماني المرموق ماتياس دوبفنر الذي يطالب فيه أوروبا وتحديداً ألمانيا بحسم موقفها والاختيار بين أمريكا والصين، محذراً من عاقبة كبيرة لأوروبا في حال اختيارها الصين.

وقال ماتياس دوبفنر: "إذا لم ننجح في تأكيد أنفسنا، فقد تعاني أوروبا من مصير مماثل لإفريقيا، أي انحدار تدريجي نحو أن تصبح مستعمرة صينية أو على حد تعبير وزير الخارجية الأمريكي هنري كيسنغر الأسبق: إذا لم تنجح أمريكا وأوروبا في أن تصبحا مجتمعاً متعاوناً مرة أخرى، فإن أمريكا ستصبح جزيرة عملاقة. وسيصبح الاتحاد الأوروبي (ملحقاً لأوراسيا)".

ومع ذلك، فشلت أوروبا حتى الآن في تحديد موقفها بوضوح، مفضلة اللعب في الوسط، وتظن أنها قادرة على قلب الموازين في كلتا الحالتين.

"ولكن لن تتمكن أوروبا أبداً من التمسك بمكانة حبيبة الجميع". حسب تعبيره.

غير أنه من الواضح أنه بغض النظر عن القيم والتاريخ المشترك فإن الجغرافيا سيكون لها تأثير كبير على الموقف الأوروبي من الصين ومن النزاع الصيني الأمريكي.

وأصبح الموقف الأوروبي من الصين محل خلاف داخلي في الاتحاد الأوروبي، فالعلاقة بين أوروبا والصين حائرة بين السياسة والاقتصاد، إذ يحب الاقتصاديون الأوروبيون إبرام صفقات مع الصين ولا يريدون أن يقطعوا هذه المساعي، أما السياسيون فمتردِّدون، خاصة بعدما تبنَّت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن نهج ترامب المتشدد ضد بكين.. كما أن هناك دولاً لا تريد تصعيد التوتر مع بكين مثل ألمانيا وفرنسا وأخرى تريد تنصيبها خصماً للاتحاد الأوروبي، واتخذت إجراءات لتوريط أوروبا في هذا النهج بالفعل، مثل ليتوانيا، سمحت بفتح سفارة بحكم الواقع لتايوان، مما دفع لاستدعاء سفيرها لدى ليتوانيا.

لماذا أصبحت الدول الآسيوية تخشى الصين بعدما استفادت من نهضتها؟

إن أفضل طريقة للتفكير في هذا هو نظرية موازنة التهديد. تجادل هذه النظرية بأن الدول عادةً ما تتحالف من أجل موازنة أكبر التهديدات التي تواجهها. ومستوى التهديد بدوره هو مزيجٌ من أربعة مُكوِّنات للتهديد: القوة الكلية، والقرب الجغرافي، والقدرات الهجومية، والنوايا المُتصوَّرة. 

إذا تساوت الأمور الأخرى، فإن الدول المجاورة التي تتمتَّع بقدرٍ كبيرٍ من القوة الاقتصادية والعسكرية تشكِّل تهديداً أكثر من تلك البعيدة، وبالتالي من المُرجَّح أن تدفع دولاً في جوارها إلى التحالف ضدها. ومرةً أخرى، إذا تساوت كلُّ الأشياء، فإن الدول التي لديها جيوشٌ كبيرة ذات توجُّهٍ هجومي تكون أكثر تهديداً من الدول التي لديها قدراتٌ عسكرية متواضعة أو قواتٌ مُسلَّحة مُصمَّمة للدفاع عن الأراضي أكثر منها لإبراز القوة أو الغزو. 

قد يُنظَر إلى الدولة الأضعف التي يُحكَم عليها بأن لديها نوايا خبيثة على أنها أكثر تهديداً من دولةٍ قويةٍ صديقة، أو على الأقل راضية إلى حدٍّ كبيرٍ عن الوضع الراهن؛ وإذا كان الأمر كذلك، فإن الأولى ستؤدِّي إلى سلوكٍ متوازنٍ أكثر من الأخيرة. 

يمكن أن تتغيَّر تصوُّرات التهديد بسرعة إذا كانت الدولة التي لديها الكثير من إمكانات القوة تنمو بسرعة، وتكتسب قدراتٍ عسكرية مناسبة لمهاجمة الآخرين، وتسعى علناً لمراجعة الترتيبات الإقليمية أو السياسية القائمة لتستفيد منها على حساب الآخرين. ونظراً لأن النوايا يمكن أن تتغيَّر بسرعة، وأن المستقبل دائماً غير موثوق، فإن الدول عادةً ما تتحوَّط في رهاناتها وتتحالف مع الآخرين ضد خطر اليوم، مع إبقاء الخيارات الأخرى مفتوحة إذا تغيَّرَت بيئة التهديد. 

ومن رؤية نظرية موازنة التهديد، من السهل فهم الاتجاهات الحالية في آسيا. تدقُّ الصين المعاصرة أجراس الإنذار حول المُكوِّنات الأربعة للتهديد، ولهذا السبب يتحرَّك جيرانها الآسيويون معاً بطرقٍ مختلفة، ويسعون إلى إقامة شراكةٍ أوثق مع الولايات المتحدة. 

ارتفعت القوة الإجمالية للصين بشكلٍ كبيرٍ على مدار أربعة عقود، وهي تترجم ثرواتها المتزايدة إلى مجموعة متزايدة الفاعلية من القدرات العسكرية. وليس من المستغرب أن تشعر الدول المجاوِرة بالقلق من هذه التطوُّرات، على الرغم من أنها استفادت جميعها من النمو الاقتصادي الصيني. وعلاوة على ذلك، لم يعُد دور القوات العسكرية الصينية مقتصراً على الدفاع عن البرِّ الرئيسي للصين من الهجوم المباشر، ويمكن الآن استخدامه لإبراز القوة ضد جيرانها المباشرين، ومَن وراءهم في نهاية المطاف. 

أخيراً، أثار سلوك الصين في بحر الصين الجنوبي وبحر الصين الشرقي وتايوان، واعتمادها دبلوماسية "المحارب الذئب" العدائية، وادِّعاءات الرئيس شي جين بينغ المتكرِّرة حول جعل هذا القرن "قرناً صينياً"، مخاوف مشروعة بشأن الصين منذ فترةٍ طويلة. وبالنظر إلى كلِّ ما سبق، فإن الموازنة المناهضة لهذا السلوك في آسيا (والولايات المتحدة) ليست مفاجئة. 

لكن ماذا عن أوروبا، هل تشعر بتهديد الصين؟ 

من ناحية، أدَّت القوة الصاعدة للصين، وميلها إلى استخدام تلك القوة لمعاقبة الدول الأخرى، إلى تغيير المواقف الأوروبية في اتِّجاهٍ سلبيٍّ حاد. قبل عشرين عاماً، كانت المواقف الأوروبي تجاه الصين إيجابية في الغالب. 

أما اليوم، فقد وصلت نسبة السكَّان الذين لديهم نظرة "غير مُحبِّذة" للصين إلى 63% في إسبانيا، و85% في السويد، و70% في فرنسا، و71% في ألمانيا. وكان لأسلوب الصين وجهودها لفرض التوحيد الثقافي من خلال "إعادة تثقيف" الملايين من الإيغور، دورٌ يضعِف مكانتها في أوروبا أيضاً. 

وقد دفعت أبعاد هذا التهديد- القوة الكلية المتزايدة، والتصوُّرات المتزايدة بأن الصين قوةٌ لا تضطلع بدورٍ مقبول- العديد من الحكومات الأوروبية إلى تبني وجهة نظر أكثر حذراً بشأن دور الصين المتنامي على المسرح العالمي. 

وبالنظر إلى المستقبل، فإن الرغبة المشتركة في إبعاد الصين سريعة الغضب عن ممارسة أكبر تأثيرٍ على المبادئ الأساسية للنظام العالمي من المُرجَّح أن تشجِّع معظم دول أوروبا (وخاصةً أقرب حلفاء الولايات المتحدة في القارة) على الاصطفاف سوياً مع واشنطن، على الأقل فيما يتعلَّق بقضايا مثل التجارة وحقوق الإنسان الأساسية. 

ولكن من ناحيةٍ أخرى، فإن أوروبا بعيدةٌ جداً عن الصين، ولا تشكِّل بكين تهديداً لوحدة أراضي أيِّ دولةٍ أوروبية أو على العناصر الأساسية الأخرى لأمنها القومي. لن تغزو الصين أوروبا أو تهاجمها بالأسلحة النووية أو ترعى هجماتٍ إرهابية واسعة النطاق هناك. وحتى البحرية الصينية الأقوى بكثيرٍ لن تبحر حول العالم وتحاول فرض حصارٍ ما. وليست الصين أيضاً على وشك إرسال ملايين الجنود إلى حدود أوروبا. إذاً، ما الذي يمكن لأوروبا أو توازن ضده؟ 

التحالفات في أوروبا تشكلت دوماً ضد التهديدات الداخلية

تاريخياً، تشكَّلَت تحالفات التوازن في أوروبا لمنع قوةٍ أوروبية واحدة من الهيمنة على الآخرين وترسيخ نفسها كقوةٍ مهيمنة على القارة. لنضع في اعتبارنا التحالفات التي هزمت في نهاية المطاف فرنسا النابليونية، أو ألمانيا في عهد فيلهلم أو في العهد النازي، أو تحالف الناتو الذي تضمَّن الإمبراطورية السوفييتية وتغلَّب عليها في النهاية. 

في الواقع، فإن الحدِّ الذي تؤدِّي فيه الانقسامات داخل أوروبا إلى إعاقة "الحكم الذاتي الاستراتيجي" الأوروبي، سيكون بسبب عدم وجود تهديد مهيمن على أوروبا، والجميع يعرف ذلك. 

في المستقبل المنظور يقترب احتمال الهيمنة الصينية على أوروبا من كونه مستحيلاً. 

في ظل غياب تهديد صيني حقيقي، لماذا يكون من مصلحة أوروبا (أو فرنسا ، أو ألمانيا، أو بريطانيا، أو إسبانيا، إلخ) أن تنحاز إلى جانب في منافسة عسكرية مع الصين؟.

وزير المالية الفرنسي برونو لومير قال مؤخراً: "تريد الولايات المتحدة مواجهة الصين. يريد الاتحاد الأوروبي إشراك الصين". 

وأضاف أن القضية الأساسية بالنسبة لأوروبا هي أن تصبح "مستقلة عن الولايات المتحدة، قادرة على الدفاع عن مصالحها الخاصة، سواء كانت مصالح اقتصادية أو استراتيجية". 

حتى الآن، فإن معظم الدول الأوروبية مترددة بشكل مفهوم في تعريض علاقاتها الاقتصادية مع الصين للخطر.

فلقد زادت نسبة واردات الصين من إجمالي الصادرات الألمانية من 1.6% فقط في عام 2000 إلى أكثر من 7% في عام 2018، في حين انخفضت حصة أمريكا من 10.3% إلى 8.7% على مدى نفس الفترة.

هل يكون الدفاع عن الديمقراطية مبرراً لمواجهة أوروبا للصين؟

يبدو أن إدارة بايدن (وخاصة بايدن نفسه) تعتقد أن القيم الديمقراطية المشتركة يمكن أن تربط أوروبا والولايات المتحدة معاً في تحالف كبير مناهض للصين. وكذلك يفعل الأوروبيون المتشددون مثل رئيس الوزراء الدنماركي السابق أندرس فوغ راسموسن، الذي لم تسفر دعواته المتكررة لـ"تحالف الديمقراطيات" عن نتائج ملموسة حتى الآن. 

من المرجح أن تخيب آمال مثل هذه: لماذا تبذل أوروبا جهداً عسكرياً جاداً للدفاع عن الديمقراطية أو الترويج لها على الجانب الآخر من العالم، في حين أن الاتحاد الأوروبي لا يستطيع حتى معرفة كيفية الرد على تآكل الديمقراطية في المجر وبولندا والقمع النشط للديمقراطية في بيلاروسيا؟

ودعونا لا ننسَ حالة الديمقراطية المحفوفة بالمخاطر في الولايات المتحدة. من الصعب توحيد الديمقراطيات في العالم عندما يقوض أحد الحزبين الرئيسيين في أمريكا علانية النظام الديمقراطي القائم ويحاول تأمين حكم الأقلية الدائم، وعندما يظهر دليل على الخلل الديمقراطي كل يوم. 

الموقف الأوروبي من الصين
الرئيس الصيني مع المستشارة أنجيلا ميركل/رويترز

علاوة على ذلك، إذا نجح الحزب الجمهوري في عرقلة جهد أمريكي جاد للتصدي لتغير المناخ- وهو خطر يأخذه الأوروبيون على محمل الجد، فإن هذا العنصر الإضافي من التنافر سيجعل من الصعب تشكيل جبهة مشتركة ضد الصين، حسب المجلة الأمريكية.

على الرغم من هذه العقبات، قد تظل بعض الدول الأوروبية على استعداد لتحقيق التوازن مع الصين لأسباب أخرى. قد يفعلون ذلك لأن لديهم مصالحهم الخاصة في آسيا- على سبيل المثال، تمتلك فرنسا ممتلكات بحرية واسعة وأكثر من مليون مواطن في المحيط الهادئ، على الرغم من ذلك يشكك كاتب التقرير في قدرة فرنسا على الدفاع عن ممتلكاتها البعيدة ضد معتدٍ حازم. كما أنها أدركت أن الأمريكيين لن يستمروا في حمايتهم إذا اختاروا الحياد تجاه الصين. 

كيف سيتشكل الموقف الأوروبي من الصين في ظل الضغوط الأمريكية؟

الموقف الأوروبي من الصين سيقول إن الاتحاد الأوروبي لن يفعل سوى الحد الأدنى الضروري لإرضاء الرأي الأمريكي، الذي لن يكون كثيراً، حسب توقعات كاتب المقال.

أفضل تخمين هو أن الولايات المتحدة وأوروبا ستستمران في الاصطفاف بشأن الكثير من قضايا القوة الناعمة: حقوق الإنسان، والصحة العامة، وحظر انتشار الأسلحة النووية، وبعض الجهود (وليس كلها) لإصلاح النظام الاقتصادي العالمي، وما شابه ذلك. 

يقول كاتب المقال: "قد نشهد بين الحين والآخر عمليات بحرية مشتركة للملاحة عبر بحر الصين الجنوبي ومناقشات مستمرة حول ما قد تفعله (بعض) الدول الأوروبية في حالة حدوث أزمة حقيقية تشمل الصين. سيكون كلا جانبي المحيط الأطلسي مستعدين لفرض عقوبات رمزية على الدول المناهضة لهما من وقت لآخر. 

كما أن الولايات المتحدة ستواصل الإصرار على أن تعمل أوروبا بجد لإبقاء التكنولوجيا الحساسة ذات التطبيقات العسكرية بعيدة عن متناول بكين.

لكني لا أكثر من ذلك بكثير. وفقاً لنظرية توازن التهديد، سيركز الأوروبيون بشكل أساسي على الأخطار الناشئة بالقرب منهم، وستكون معظم الدول الأوروبية مترددة بشدة في تعريض الأرواح أو الازدهار للخطر للمساعدة في الحفاظ على توازن القوى الإقليمي في آسيا.

قد يكون من المغري بالنسبة للأمريكيين أن يروا تردد الأوروبيين في تحقيق التوازن في الصين كعلامة على الجبن، أو المثالية في غير محلها، أو قصر النظر الاستراتيجي، لكن مثل هذه الاتهامات قاسية للغاية". 

إن ما يحدث بالفعل هنا هو تغيير هيكلي في توزيع القوة (والتهديدات)، والذي بدأ يتكشف تدريجياً منذ انهيار الاتحاد السوفيتي. لقد استغرق الأمر عقوداً لتظهر هذه التغييرات نفسها.

ويرجع ذلك جزئياً إلى أن العصر أحادي القطب (1993-2009) حجب ما كان يحدث تحت السطح. عالم اليوم هو عالم متعدد الأقطاب غير متوازن، مما يعني وجود بيئة تهديد أكثر غموضاً للعديد من الدول ومجموعة من الخيارات المختلفة للقوى العظمى والمتوسطة، على حد سواء. 

كان التضامن عبر الأطلسي في نهاية المطاف نتاج الحرب الباردة ذات القطبين، وسيكون من غير الواقعي توقع استمرار العلاقات والالتزامات التي تم إنشاؤها في سياق جيوسياسي معين بعد تغيير هذا السياق.

تحميل المزيد