ألمانيا مقبلة على صراع ضارٍّ بين اليسار واليمين، بينما قد يتعرّض حزب المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل لهزيمة مدوية بعد تقاعدها.
كانت هذه السيناريوهات هي التي دفعت ميركل إلى التخلي عن وقارها وتحفظها السياسي التقليدي، حينما ناشدت، الأسبوع الماضي، فيما قد يكون آخر خطاب لها أمام البوندستاغ، الناخبين بإعطاء صوتهم لأرمين لاشيت ليكون خليفةً لها في زعامة حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي.
ولم يكن من المألوف أن تتحدث المستشارة ميركل إلى ائتلاف واسع بهذه الطريقة المتحزبة من منبر البرلمان. ويمثل هذا مؤشراً على يأس حزبها الذي تراجع الدعم الجماهيري له إلى مستويات تاريخية، حسبما ورد في تقرير لمجلة Foreign Policy الأمريكية.
ومن المقرر أن تُجرى الانتخابات البرلمانية في ألمانيا، في 26 أيلول/سبتمبر المقبل، التي ستؤدي إلى تحديد من سيكون خليفة ميركل في منصب المستشارية، وذلك بناء على اسم الحزب الفائز بنتيجة الانتخابات وقدرته على تشكيل ائتلاف حكومي يحظى بالأغلبية.
وقد رشّحت إدارة حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي الألماني، زعيم الحزب المحافظ أرمين لاشيت، فيما يتنافس أولاف شولز عن الحزب الاشتراكي الديمقراطي الذي شغل منصب وزير المالية، ونائب المستشار في حكومة ميركل، بينما قدّم حزب الخضر الألماني مرشّحته أنالينا بيربوك في خطوة هي الأولى من نوعها، منذ تأسيسه قبل أربعين سنة، إذ سيلعب الحزب هذه المرة دوراً مركزياً في الانتخابات المقبلة.
وقبل أقل من 4 أسابيع على الانتخابات واصل الحزب الاشتراكي الألماني صعوده، حسب أحدث استطلاع للرأي، فيما تراجع تحالف المستشارة أنجيلا ميركل المسيحي، وجاء في المركز الثالث حزب الخضر، ثم الحزب الديمقراطي الحر (الليبرالي)، ثم حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني الشعبوي، فحزب اليسار.
وبحسب الاستطلاع فإن من الممكن تشكيل واحد من خمسة ائتلافات حاكمة في ألمانيا بعد الانتخابات- أربعة منها تحت قيادة الحزب الاشتراكي- وهناك ائتلاف من بين هذه الائتلافات يضم الحزب الاشتراكي والتحالف المسيحي والخضر، وآخر يضم الحزب الاشتراكي والتحالف المسيحي والحزب الليبرالي، وثالث يضم الحزب الاشتراكي والخضر والحزب الليبرالي، ورابع يضم التحالف المسيحي والخضر والحزب الليبرالي، وخامس يضم الحزب الاشتراكي والخضر واليسار.
صراع سياسي بين اليمين واليسار في ألمانيا بعد رحيل ميركل
حثت ميركل الناخبين الألمان على دعم لاشيت؛ لأنَّ البديل سيكون حكومة يسارية توحد الحزب الاشتراكي الديمقراطي، وحزب الخضر، وحزب دي لينك اليساري الذي يمكن أن يوصف بالراديكالي.
ومنذ ذلك الحين، أكد هذه المخاوف لاشيت نفسه وماركوس سودر من بافاريا، منافسه على قيادة حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي، ولم يكتفيا بالتحذير من دي لينك، وهو حزب تشكَّل من بقايا حزب الوحدة الاشتراكي الألماني ويساريي ألمانيا الغربية، بل شكّكا أيضاً في تاريخ الحزب الاشتراكي الديمقراطي في فترة ما بعد الحرب، مُذكّرين الناخبين بمعارضة الحزب الاشتراكي الديمقراطي في الخمسينيات من القرن الماضي، وتحالفه مع فرنسا الذي شكل الاتحاد الأوروبي، وعضوية ألمانيا الغربية الأصلية في الناتو، وتردد قيادة الحزب الاشتراكي الديمقراطي في عام 1989 بشأن إعادة توحيد ألمانيا.
ويُذكِّرنا هذا أنه ذات مرة عرفت ألمانيا الانقسام بين اليسار واليمين، فقد تقاتل الاشتراكيون مع المحاربين المتشددين من الديمقراطيين المسيحيين. وتدفقت الاتهامات بالتواطؤ مع الشيوعية أو النازية بكثافة وسرعة.
ونبعت سيطرة ميركل الطويلة على السلطة من نجاحها في كبح هذا الانقسام الجذري في البلاد.
ففي عام 2013، في الذكرى 150 لتأسيس الحزب الاشتراكي الديمقراطي، اعترفت بنظرائها باعتبارهم معاقل الديمقراطية الألمانية؛ وثلاث من الحكومات الوطنية الأربع التي قادتها كانت ائتلافات مع الديمقراطيين الاجتماعيين، فيما كان يطلق عليه "التحالف الكبير".
وفي عهد ميركل منذ عام 2005، أصبح التحالف بين الغريمين أي الاتحاد المسيحي الديمقراطي وبين الحزب الاشتراكي الديمقراطي هو القاعدة، لكنه لم يكن جيداً بالنسبة للحزبين على السواء.
فوفقاً لاستطلاعات الرأي الأخيرة، فإنَّ الائتلاف الذي كان كبيراً في يوم من الأيام لن يحشد نسبة 50% التي يحتاجها لتشكيل ائتلاف يقوده الحزبان، لكن مع استعداد ميركل للخروج من السياسة الألمانية، عاد الانقسام الأيديولوجي الألماني المكبوت، وقد شكَّل بالفعل الحملة الانتخابية، ويمكن أن يحدد مصير أوروبا قريباً، حسب المجلة الأمريكية.
لم يكن الديمقراطيون المسيحيون هم الذين وضعوا نهاية للانقسام بين اليسار واليمين باعتباره المحور الرئيسي للسياسة الألمانية، بل كان الحزب الاشتراكي الديمقراطي. فقد أدى تحول الحزب الديمقراطي الاشتراكي إلى الليبرالية الجديدة في عهد المستشار الألماني آنذاك غيرهارد شرودر، في أواخر التسعينيات، إلى كسر الجناح اليساري بعيداً عن قاعدته الأم للديمقراطية الاجتماعية.
وتحت قيادة أوسكار لافونتين، رئيس الحزب الاشتراكي الديمقراطي السابق، اندمج يساريو ألمانيا الغربية مع حزب ألمانيا الشرقية للاشتراكية الديمقراطية- المنحدر من الحزب الحاكم في الحقبة الشيوعية- لتشكيل حزب دي لينك.
الحزب الجديد يشكك في عضوية ألمانيا في الأطلسي ويدعو لتهدئة التوترات مع روسيا
وفي العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، وقع انقسام عميق بين حكومة الحزب الديمقراطي الاشتراكي والخُضر، وحزب دي لينك. فبينما الحزب الاشتراكي الديمقراطي، والخُضر- وربما بدرجة أكبر- من مؤيدي الأطلسي، يشكك دي لينك في عضوية ألمانيا في الناتو، وهو يؤيد أيضاً تهدئة التوترات مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
واللافت أن العديد من أعضاء البوندستاغ رفضوا التصويت لإرسال قوات للمساعدة في حماية عملية الإخلاء الأخيرة في كابول.
في عامي 2005 و2013 كان التحالف المناهض لميركل المكون من الحزب الاشتراكي الديمقراطي والخضر ودي لينك خياراً مطروحاً، على الأقل افتراضياً، لكن الحزب الديمقراطي الاشتراكي لم يستكشفه بجدية، باستثناء على مستوى الأقاليم، لكن يظل إغراء هذا التحالف قائماً، ففي ما يتعلق بالسياسة المحلية- الضرائب والاستثمارات العامة والمناخ- يترابط الحزب الاشتراكي الديمقراطي والخُضر ودي لينك ترابطاً وثيقاً. ويعرف المخططون الاستراتيجيون في حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي ذلك.
ويستحضر حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي خطر وجود الشيوعيين في الحكومة، ليس فقط لتخويف الناخبين من اليمين، بل ما يريدونه حقاً هو إثارة الانقسام داخل صفوف الحزب الاشتراكي الديمقراطي نفسه، حسب تقرير Foreign Policy.
بعد قرار قيادة الحزب الاشتراكي الديمقراطي المثير للجدل بأن ينضم رئيس الحزب السابق مارتن شولتز إلى ائتلاف آخر مع ميركل بعد انتخابات عام 2017، تمرد الجناح اليساري للحزب الاشتراكي الديمقراطي.
وقاد السياسي الألماني الراديكالي الشاب كيفن كونرت حركة احتجاجية داخل الحزب لوقف التحالف، لكن وسطاء الحزب طردوه، ويتبنى شولز أسلوباً معتدلاً محسناً عن ميركل، بينما تخوض قاعدة الحزب الديمقراطي الاشتراكي حملاتها الانتخابية بناءً على أجندة أقرب بكثير إلى مواقف دي لينك والخضر منها إلى حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي، وتهدف حملة التخويف التي أطلقها حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي في اللحظة الأخيرة إلى كشف هذا التوتر بين الحزبين.
بصفته من الوسطاء الرئيسيين بين الحزب الاشتراكي والمسيحي، لا شك أنَّ شولتز يعارض شخصياً التحالف مع دي لينك، وسيشكل مثل هذا التحالف مقامرة ضخمة؛ إذ سيعرض الحزب الاشتراكي الديمقراطي نفسه لهجمات وحشية من حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي والحزب الديمقراطي الحر، بحجة أنه يسعى لإصلاح داخلي جذري.
الاشتراكي يسعى للتلاعب بكل الأحزاب لضمان قيادته للحكومة
ومع ذلك، يرفض شولز فعل ما قد يبدو أنه البديل الواضح: استبعاد تحالف الأحمر-الأحمر-الأخضر تماماً، أي تحالف اليساريين مع الخضر، والتوجه إلى الوسط، لماذا؟ السبب الحقيقي الذي يجعله يبقي على خيار الأحمر-الأحمر-الأخضر مفتوحاً هو أنَّ امتلاكه لهذه النافذة يغير شروط مفاوضات ائتلافية أخرى أكثر ترجيحاً بكثير، وهو التحالف المحتمل بين الحزب الاشتراكي الديمقراطي والخُضر والحزب الديمقراطي الحر الليبرالي.
وخرج الحزب الديمقراطي الحر "حزب ليبرالي ورأسمالي التوجه" الخاسر الأكبر من الربع قرن الماضي من السياسة الألمانية، إذ منذ عام 1998، لم يكن جزءاً من الحكومة إلا مرة واحدة، في فترة ولاية ميركل الثانية بين عامي 2009 و2013، وهي فترة هيمنت عليها أزمة اليورو.
هذا الاستبعاد الطويل من السلطة هو أيضاً مسألة قرار تكتيكي من جانب الحزب الديمقراطي الحر نفسه، بعد الانتخابات المفاجئة في عام 2017، التي أدخلت حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني المتطرف إلى البوندستاغ، أرادت ميركل بوضوح تشكيل تحالف بين الاتحاد الديمقراطي المسيحي وحزب الخُضر والحزب الديمقراطي الحر، وكانت ميركل مهتمة بالخُضر لفترة طويلة.
وبعد الانتخابات المقررة 26 سبتمبر/أيلول، من المرجح أن يكون تحالف حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي وحزب الخضر والحزب الديمقراطي الحر ممكناً حسابياً، لكن إذا تأكدت نتيجة التصويت فسيكون حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي قد تكبّد خسارة تاريخية. وسوف يفتقر لاشيت إلى كل الشرعية للوصول لمنصب المستشار. وسوف يتحول الاتحاد الديمقراطي المسيحي وحليفه الإقليمي في ولاية بافاريا "الاتحاد الاجتماعي المسيحي في بافاريا" إلى تبادل الاتهامات، وسيصبح الاتحاد الديمقراطي المسيحي إلى حد كبير شريكاً غير جذاب سواء بالنسبة للخضر أو الحزب الديمقراطي الحر. وفي المقابل سوف يلجأون إلى شولز، رئيس الحزب الاشتراكي، وهنا يأتي دور خيار تحالف أحمر-أحمر-أخضر، أي تحالف اليسار المعتدل مع الليبراليين والخضر.
تحالف الاشتراكي مع حزب الرأسمالية الألمانية قد يمثل خطراً على أوروبا
إنَّ التحالف مع الحزب الديمقراطي الحر وليس مع دي لينك هو تحالف آمن لكل من الحزب الاشتراكي الديمقراطي وحزب الخضر؛ إذ لن يكون لديهم الكثير من المخاوف بشأن تراجع حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي إلى مقاعد المعارضة.
وسيكون الحزب الديمقراطي الحر هو الذي سيتعرض للانتقاد من اليمين، لكن فيما يتعلق بالسياسة، هناك فجوة كبيرة بين الحزب الاشتراكي الديمقراطي وحزب الخضر من جهة، والحزب الديمقراطي الحر من جهة أخرى، وفقاً لمجلة Foreign Policy.
إذ يتبع الحزب الديمقراطي الحر الذي يمكن وصفه بحزب الرأسمالية الألمانية المنضبطة سياسة الحكومة الصغيرة والمسؤولية الفردية، ويتفق مع حزب الخضر في الليبرالية الثقافية وقضايا حقوق الإنسان، لكنه يفضل الشركات الخاصة.
وفيما يتعلق بالصين وروسيا قد يتفاهم الحزب الديمقراطي الحر جيداً مع الخضر، لكن لن ينطبق نفس الشيء على أوروبا، إذ يتبنى الخضر رؤية حول مستقبل أكثر تكاملاً بإحكام، بينما يفضل الحزب الديمقراطي الحر نموذجاً حكومياً بينياً مُلزماً بقواعد، والخوف هو أنه كما فعل في عام 2017، قد ينسحب كريستيان ليندنر، الزعيم المتقلب للحزب الديمقراطي الحر. وفي ذلك العام، دفع ليندنر ثمناً باهظاً من شعبيته لانسحابه من محادثات الائتلاف، وكان ذلك مع حكومة معتدلة من حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي/الحزب الديمقراطي الاشتراكي، باعتبارها بديلاً. وإذا رفض التصالح مع الحزب الاشترااكي والخضر، وبالتالي فتح الباب أمام حكومة أحمر-أحمر-أخضر يسارية، فإنَّ أنصار الحزب الديمقراطي الحر لن يغفروا له ذلك أبداً.
ولذا يبدو أن هناك فرصة لتشكيل حكومة أحمر-أحمر-أخضر وهو التحالف الذي يطلق عليه "ائتلاف الإشارة الضوئية"، لأن ألوانه مماثلة لإشارات السير.
ولكن القضية الرئيسية هي شروط صفقة تشكيل "ائتلاف الإشارة الضوئية"، فهذا هو ما يهم العالم وأوروبا على وجه الخصوص. ففي الانتخابات قدّم ليندنر نفسه على أنه وزير المالية المستقبلي، وهو المنصب الذي يشغله شولتز الآن. ويتعهد ليندنر بضمان عدم ارتفاع الضرائب ويخطط لاتخاذ موقف متشدد بشأن الديون.
على النقيض من ذلك، يريد كل من الحزب الاشتراكي الديمقراطي وحزب الخضر إيجاد طرق للالتفاف حول سقف الديون الذي يحد من الاستثمار العام. وإذا حصل ليندنر على ما يريد فسوف يضر ذلك بالسياسة الداخلية ويثير الانقسامات داخل صفوف الحزب الاشتراكي الديمقراطي. إلى جانب أنَّ ذلك سيثير أسئلة خطيرة حول المستقبل المالي لأوروبا، ففي حال ألقى وزير المالية الألماني بثقله وراء الدول الأعضاء المحافظة الأصغر في الاتحاد الأوروبي، التي تدعو إلى العودة إلى السياسة المالية المُحافِظة، فستكون هذه كارثة لأوروبا.
ويوجد في أوروبا معسكر يطلق عليه معسكر دول "التقشف" مثل هولندا والنمسا، التي تريد عودة سريعة إلى قواعد ضبط الموازنة، وكتبت تلك الدول التي تشمل أيضاً فنلندا وسلوفاكيا، عارضة موقفها، أن "المالية العامة السليمة هي ركيزة لعضوية الاتحاد الأوروبي وأساس للاتحاد الاقتصادي والنقدي".
في المقابل، يصل حجم ديون كل من فرنسا وإيطاليا وإسبانيا وبلجيكا والبرتغال- وتمثل معاً 60% من حجم سكان منطقة اليورو- إلى نسبة تزيد عن 100% من ناتجها المحلي الإجمالي.
وإذا انضمت ألمانيا بقوة لدول معسكر التقشف، حينها ستكون الساحة مهيئة لصدام كارثي من النوع الذي أدى إلى أزمة منطقة اليورو.
يذكر أنه وفقاً لقواعد ميثاق الاستقرار والنمو، لا يسمح لأي دولة عضو في الاتحاد الأوروبي بزيادة عجز ميزانيتها عن 3% من إجمالي الناتج المحلي، ودينها العام عن 60% من إجمالي الناتج المحلي.
ولكن الحكومات الأوروبية سرّعت إنفاقها لمنع جائحة كوفيد- 19 من التسبب في كارثة اقتصادية، رغم تصاعد دينها العام، ويواجه الاتحاد الأوروبي الآن دعوات إلى تخفيف قواعد ضبط الموازنة، بما يسمح بمواصلة الإنفاق السخي، لكن المسألة تنطوي على حساسية بالنسبة إلى عديد من الدول الأعضاء.
وأكثر ما يدعو إلى القلق ترسخ فرنسا وبلجيكا في نادي الدول المثقلة بالديون مع توقع ارتفاعها في الدولتين إلى 120%، من الناتج المحلي الإجمالي.
وتقترب تلك النسبة من المعدلات الكبيرة المسجلة في اليونان "200%" وإيطاليا "160%".
لكن تطبيقاً صارماً لميثاق الموازنة من شأنه أن يؤدي إلى انخفاض كبير للاستثمارات العامة في تلك الدول، مع خطر إغراق أوروبا بأكملها مجدداً في انكماش اقتصادي، وعودة للأيام المظلمة لأزمة الدين في منطقة اليورو.
وفي الوقت ذاته التخلص الكلي من قاعدة الـ60% كسقف للدين العام للدول مستحيل، الأمر الذي يهدد بتفاقم ديون القارة.
ففي معظم الدول تخصص أكبر مبالغ الإنفاق على البرامج الاجتماعية، ولمعاشات التقاعد الحصة الأكبر فيها، وخفض الدين يعني خفض معاشات تقاعد الناخبين.
لكن الدول الغنية، وعلى رأسها ألمانيا، تعتقد أن الوقت حان لشركائها لخفض برامج الرعاية الاجتماعية التي تعود إلى فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية.