جاء إغلاق معبر رفح من قبل مصر ليؤشر إلى وجود توتر مكتوم بين القاهرة والفصائل الفلسطينية، وخاصة حركة حماس، على خلفية تصعيد الفصائل أنشطتها ضد استمرار الحصار على غزة.
وكانت مصر قد توسطت في وقف إطلاق النار بين إسرائيل والمقاومة الفلسطينية لإنهاء الحرب التي وقعت في مايو/أيار الماضي، وتعهدت بتقديم 500 مليون دولار لإعمار غزة، والعمل على إنهاء الحصار، فيما ظلت شروط إنهاء الحصار من قبل إسرائيل ومسؤولية الإعمار، وإطلاق سراح الأسرى، مسألة غامضة ومحل خلاف بين القاهرة وتل أبيب وحماس.
لا معلومات من قبل القاهرة عن إغلاق معبر رفح
وقالت حركة حماس، التي تدير شؤون قطاع غزة، إن المسؤولين المصريين لم يقدموا مزيداً من المعلومات عن القرار.
يأتي قرار إغلاق المعبر- الذي أعيد فتحه في مايو/أيار الماضي- في أعقاب تصاعد المواجهات بين الفلسطينيين والقوات الإسرائيلية.
وشنت إسرائيل غارات جوية، السبت الماضي، على مواقع قالت إنها منشآت تابعة لحماس، في أعقاب إطلاق نار عبر الحدود أصيب خلاله جندي إسرائيلي وعشرات الفلسطينيين.
وخلال الضربات الجوية الإسرائيلية، أطلق فلسطينيون نيران مدافع رشاشة ثقيلة على الطائرات الإسرائيلية فوق القطاع الساحلي. وأصيب عدد من المنازل والسيارات في مدينة سديروت بإطلاق نار؛ مما أدى إلى وقوع أضرار، حسب تقرير لموقع The times of Israel.
وأشار مسؤولون مصريون إلى أن "إغلاق معبر رفح يرتبط بجهود القاهرة للتوسط في وقف إطلاق نار طويل الأمد بين إسرائيل وحماس"، لافتين إلى أنه لم يتضح على الفور "إلى متى سيستمر الإغلاق"، بحسب وكالة "أسوشيتد برس".
كما اعتبر أحد المسؤولين أن "هذه الخطوة تهدف إلى الضغط على حماس بسبب "الخلافات" بين القاهرة والحركة بشأن عدم إحراز تقدم في كل من المحادثات غير المباشرة التي تقودها مصر مع إسرائيل، وكذلك جهود المصالحة بين الفصائل الفلسطينية.
وتعد هذه هي المرة الأولى التي يغلق فيها معبر رفح خلال يوم عمل منذ مطلع العام الجاري.
الفصائل الفلسطينية تتحدى إسرائيل
والسبت الماضي، نظّمت الفصائل، مهرجاناً ومسيرة، قرب الحدود الشرقية لمدينة غزة، قمعها الجيش الإسرائيلي المتمركز على الجانب الآخر من السياج، ما أسفر عن إصابة 41 مواطناً بجراح مختلفة، بينهم 22 طفلاً.
كما عادت الفصائل إلى إطلاق "البالونات الحارقة" التي تتسبب في اندلاع النيران في المناطق الإسرائيلية المحاذية للقطاع، وهو ما ترد عليه إسرائيل بقصف أهداف تتبع لحركة حماس.
قال محققون من خدمات الإطفاء والإنقاذ الإسرائيلية إن بالونات حارقة من غزة تسببت يوم الإثنين في إشعال تسعة حرائق على الأقل في جنوب إسرائيل. وأثارت الهجمات انتقادات شديدة من المسؤولين الحكوميين المحليين، الذين دعوا الحكومة إلى اتخاذ إجراءات.
ووقعت اشتباكات السبت الماضي، خلال الاحتجاج الذي نظم للفت الانتباه إلى "الحصار" للقطاع، حيث اقترب عشرات الفلسطينيين من السياج الحدودي الإسرائيلي.
وخلال المظاهرة، أطلق فلسطيني، النار من مسدس، على قناص إسرائيلي، من مسافة قريبة للغاية؛ ما أدى إلى إصابته بجراح خطيرة، بحسب بيان صادر عن الجيش الإسرائيلي.
وكانت وسائل إعلام محلية، تابعة لحركة "حماس"، من بينها إذاعة "صوت الأقصى"، قد قالت، الثلاثاء، نقلاً عن مصادر مُطّلعة، إن إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي للحركة، "يُجري اتصالات مع المسؤولين في مصر بشأن التطورات الأخيرة بغزة"، دون مزيد من التفاصيل.
ومنذ الأحد، تغلق السلطات المصرية معبر رفح البري في كلا الاتجاهين، بحسب وزارة الداخلية والأمن الوطني بغزة (تديرها حماس)، دون تحديد مدة للإغلاق أو أسبابه.
ويربط معبر رفح، قطاع غزة، بمصر، وهو المنفذ الوحيد المتاح أمام الغالبية العظمي من السكان للسفر إلى العالم الخارجي.
هل تم الأمر بالتنسيق مع تل أبيب؟
وأفادت تقارير إعلامية إسرائيلية بأن قرار مصر إغلاق معبر رفح مع قطاع غزة تم بالتنسيق مع إسرائيل ويهدف للضغط على حماس بشأن محادثات وقف إطلاق النار.
وكان رئيس المخابرات المصرية عباس كامل قد وجه خلال زيارته الأخيرة إلى إسرائيل دعوة إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت، الذي كان يزور القدس لإجراء محادثات مع رئيس الوزراء ووزير الدفاع بيني غانتس.
وكان الاجتماع مع رئيس المخابرات المصرية هو الأول منذ تولى بينيت منصبه في يونيو/حزيران 2021.
وتأتي زيارة عباس كامل بعد يومين من إطلاق صاروخين من غزة باتجاه بلدة سديروت في تصعيد قصير لأعمال العنف وسط هدوء هش سائد منذ حرب مايو/أيار 2021.
ويرى محللون سياسيون فلسطينيون، في إغلاق مصر لمعبر رفح البري، جنوبي قطاع غزة، دون تحديد مدة زمنية، رسالة احتجاج مصرية، موجهة للفصائل الفلسطينية وبخاصة حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، لدفعها إلى ضرورة العودة لمسار التهدئة.
ولكن استبعد المحللون أن يؤدي هذا الإغلاق إلى قطيعة بين مصر والفصائل الفلسطينية.
ولم يتمكن مراسل "الأناضول"، من الحصول على تصريح خاص، حول أسباب إغلاق معبر رفح، من حركة "حماس"، التي تحكم قطاع غزة منذ عام 2007.
كما لم تُصدر السلطات المصرية تعقيباً حول أسباب إغلاق المعبر.
ما وضع علاقة حماس مع مصر
ووصف عبداللطيف القانوع، المتحدث باسم حركة "حماس"، العلاقة التي تربط حركته بمصر بـ"الوطيدة والثابتة والمتينة".
وقال القانوع في حديث خاص لـ"الأناضول"، الثلاثاء، إن الاتصالات التي تجريها حركته مع الجانب المصري "لم تنقطع".
ولم يكشف عن موقف مصر إزاء الفعاليات الشعبية، التي قررت الفصائل الفلسطينية تصعيدها قرب حدود غزة.
وأضاف قائلاً: "من حق الشعب أن يمارس أدوات الضغط لانتزاع مطالبه المشروعة، وليس أمامه إلا كسر الحصار".
من جانبه، يقول داوود شهاب، القيادي في حركة الجهاد الإسلامي، إن "مصر تقوم بجهود كبيرة لتخفيف الأعباء عن غزة".
وتابع، في حديث خاص لوكالة الأناضول، إن الاتصالات بين حركته والجانب المصري "متواصلة".
واستبعد شهاب أن يكون قرار الإغلاق "مرتبطاً" بتصاعد أعمال الاحتجاجات الشعبية الفلسطينية.
ويقول عبدالمجيد سويلم، الكاتب والمحلل السياسي، إن أسباب إغلاق معبر رفح، غير واضحة، لكن قد تكون الحكومة المصرية غير مرتاحة تماماً لبعض سلوكيات الفصائل في غزة، بعد إطلاقهم للفعاليات قرب السياج الأمني الفاصل.
ورأى أن ما يجري، لن يؤدي إلى قطيعة ما بين حماس والقاهرة.
وختم حديثه بالقول: "هذه الإشكاليات لا تعتبر نهاية المطاف في العلاقة، إنها هي قابلة للحل".
انفراجة في المفاوضات بشأن إدخال الأموال القطرية
بدا أن هناك انفراجة في المفاوضات غير المباشرة المتوقفة بين إسرائيل وحماس الأسبوع الماضي، عندما أعلنت قطر والأمم المتحدة عن إنشاء آلية جديدة لنقل المساعدات إلى قطاع غزة، قال وزير الدفاع بيني غانتس إنها ستمنع الأموال من الوصول إلى حماس.
وقال المبعوث القطري إلى غزة محمد العمادي، إنه بموجب الترتيب الجديد الذي أُعلن عنه يوم الخميس، ستقدم قطر والأمم المتحدة 100 إعانة مالية لـ100 ألف أسرة فقيرة من غزة- ما مجموعه 10 ملايين دولار- كل شهر من خلال الأمم المتحدة وبرنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة.
وجاءت هذه الانفراجة بعد يوم من زيارة عباس كامل لإسرائيل التي جرت قبل نحو أسبوع.
تضمنت خارطة الطريق الجديدة التي صدرت بموافقة حماس نقل المساعدات القطرية إلى سكان غزة المحتاجين، بطريقة جديدة، حيث سيتم استبدال الحقائب القطرية المليئة بالنقود والتي تم نقلها إلى غزة في الماضي ببطاقات ممغنطة قابلة لإعادة الشحن لـ 100.000 أسرة في غزة، وستأتي بقية المساعدات على شكل وقود وزيوت، ولكن يبقى الخلاف حول رواتب موظفي الخدمة المدنية في حكومة غزة، حسبما ورد في تقرير لموقع Al-Monitor الأمريكي.
وبحسب وسائل إعلام مقربة لحركة حماس، فإن مصر "غاضبة" من مسؤولي حماس بسبب رفض الجماعة بعض المطالب التي طرحتها في المفاوضات ورفضها الصريح لمناقشة إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين، في ظل موقف حماس المعلن من أن يكون الأسرى الإسرائيليون مقابل أسرى فلسطينيين.
حماس تريد استمرار فعاليات مهرجان الأقصى وصفقة شاملة للأسرى
وترى حماس أن التوافقات التي توصلت إليها مع مصر لتخفيف الحصار، مرتبطة بوقف إطلاق النار، بينما قضية الأسرى تحل بإطلاق سراح متزامن من الجانبين.
وانضمت إلى طلب السلطة الفلسطينية إلى مواقف إسرائيل، ومصر، وسط خلاف حول تفاصيل كيفية تحويل المساعدات القطرية.
كانت "حماس" حذّرت الوسيط المصري، مساء الخميس الماضي، بحسب المصادر، من أنها في ظلّ الوضع الحالي، واستمرار إسرائيل في التضييق على الغزّيين، لا تستطيع السيطرة على الوضع، وأن انفجاراً جماهيرياً قد يحصل على الحدود في وقت قريب، فيما قد يؤدي تزايد الضغط إلى عودة إطلاق الصواريخ على مستوطنات غلاف غزة.
ومع إصرار الفصائل على إقامة المهرجان على حدود غزة، أعلن جيش الاحتلال رفع حالة التأهّب واليقظة على طول الحدود مع القطاع، خشية أن يتحوّل السبت إلى يوم غضب ضدّ إسرائيل، تُنفَّذ خلاله عمليات اقتحام للحدود، حسب تقرير لصحيفة الأخبار اللبنانية المقربة من حزب الله اللبناني.
وبحسب ما ذكرت صحيفة "الأخبار" اللبنانية في تقرير لها، السبت الماضي، فقد تواصلت الاتصالات بين قيادة "حماس" وجهاز المخابرات المصرية طيلة اليومين السابقين على إغلاق المعبر، ليطلب المصريون من الحركة، بعد إعلان الأخيرة إقامة مهرجان في ذكرى إحراق المسجد الأقصى على الحدود الشرقية لمدينة غزة، عدم الانزلاق إلى اشتباك وتصعيد.
ويبدو أن حماس تخشى أن تخفيف الضغط على الإسرائيليين سوف يؤدي إلى تنصلهم من الاتفاقات، كما فعلوا من قبل.
وانطلاقاً من ذلك، رفضت "حماس" طلباً مصرياً بنقل المهرجان بعيداً عن المنطقة الحدودية، الأمر الذي دفع المصريين إلى الطلب من الحركة ضبط الجماهير، في الحدّ الأدنى، كي لا تتوجّه إلى السلك الحدودي. لكن "حماس" أبلغت القاهرة أنه ليس من ضمن برنامج المهرجان الاشتباك مع الاحتلال في المنطقة الحدودية، مستدركة بأن أيّ اعتداء إسرائيلي على الجماهير سيواجَه بتصعيد وردّ قوي من قِبَل المقاومة.
غضبت القاهرة وأغلقت معبر رفح رداً على ذلك. وبحسب التقرير، فإن هذه الخطوة لم تؤثر على اتصالات مصر مع مسؤولي حماس بشأن إمكانية إجراء محادثات وقف إطلاق النار في القاهرة.
أنباء عن لجوء مصر لحزب الله للوساطة
ونقلت مجلة "إسرائيل ديفنس" المتخصصة بالشؤون العسكرية والاستخباراتية عن الموقع الفرنسي المتخصص في شؤون الاستخبارات intelligenceonline أن مدير المخابرات المصرية عباس كامل توجه لحزب الله لإقناع قادته التوسط لدى حماس لإبرام اتفاق تهدئة في قطاع غزة، حيث زار الوزير المصري معقل حـزب الله جنوب بيروت يومي 10و12 أغسطس/آب الجاري بعد أن اتصل السفير المصري في لبنان "ياسر علوي" بمدير الأمن الداخلي لحزب الله وفيق صفا.
تناولت المحادثات، التي ضمت نائب الأمين العام للحزب نعيم قاسم ورئيس مجلس الإدارة وابن عم حسن نصر الله، هشام صفي الدين، الأزمة في لبنان والوضع في سوريا، وتناولت المحادثات بشكل أساسي علاقة حزب الله مع حماس والفصائل الفلسطينية في غزة.
ويأمل مهندسو هذه الاستراتيجية الجديدة التي تبنتها مصر- التي صاغها عباس كامل ومعتز زهران، سفير مصر لدى الولايات المتحدة وفايز أبوالنجا، مستشار السيسي، أن المحادثات مع حزب الله ستكون مفيدة وتساعد في إبقاء المواجهة بعيدة عن غزة.
إصرار إسرائيل على إدخال مساعدات محدودة يهدد بتفجير الأوضاع
في الشهر الماضي، قال مسؤول مطلع على المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل وحماس في القاهرة، لموقع The times of Israel إن إسرائيل وحماس "على طريق" نحو جولة أخرى من العنف بعد أسابيع فقط من التصعيد الأخير في قطاع غزة.
وأشار المسؤول إلى الموقف الإسرائيلي المتشدد منذ الصراع الذي استمر 11 يوماً في مسألة فتح معبر كرم أبوسالم للبضائع، حيث سُمح بدخول ضروريات إنسانية محدودة فقط، مثل الغذاء والدواء والوقود، وتم منع جميع الصادرات تقريباً. كما قاد وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس سياسة تشترط إعادة تأهيل القطاع بعودة مدنيين إسرائيليين وجثث جنديين يعتقد أنها موجود لدى حماس.
كما أشار المسؤول المطلع على المفاوضات إلى موقف حماس "الجريء" منذ الصراع، والذي وصفه زعيمها يحيى السنوار بأنه انتصار على إسرائيل، كل ذلك بينما يستمر الدعم الشعبي لحركة فتح المنافسة بقيادة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في التراجع.
وقال المسؤول إن الواقعين المتنافسين- إسرائيل المتشددة وحركة حماس النشطة- لا يبشران بالخير للمفاوضات التي توسطت فيها مصر والتي بدأت الشهر الماضي في القاهرة.
وقال مسؤول إسرائيلي للقناة 12 الإسرائيلية أمس الإثنين إن حماس تسعى إلى زيادة الضغط على إسرائيل من خلال تجديد الاحتجاجات على حدود غزة وإطلاق البالونات الحارقة من القطاع الساحلي.
مع تجدد الاحتجاجات على الحدود، ستضطر إسرائيل إلى الرد بقوة أكبر لإبعاد سكان غزة عن السياج الأمني، مما قد يؤدي إلى سقوط المزيد من الضحايا في الجانب الفلسطيني، وهو ما سترد عليه حماس.
البنوك الفلسطينية ترفض تحويل الأموال إلى غزة
وأثناء مناقشة موقف إسرائيل من إعادة إعمار غزة، أقر مسؤول إسرائيلي كبير لتايمز إنترناشونال، الأسبوع الماضي، بأنه في حين أن اللاعبين الرئيسيين في المحادثات في القاهرة قد يكونون إسرائيل وحماس، فإن إسرائيل كانت مصرة على توسيع طاولة المفاوضات لتشمل السلطة الفلسطينية.
وقال وزير السلطة الفلسطينية أحمد مجدلاني مؤخراً إن المسؤولين في الدوحة ورام الله اتفقوا على إطار عمل واسع لإعادة تحويل الأموال القطرية إلى قطاع غزة، لكن البنوك الفلسطينية تعيق تنفيذه.
وأثار الاتفاق المبدئي الذي كشف عنه مجدلاني مخاوف البنوك الفلسطينية التي قيل إنها قلقة من التعرض للعقوبات إذا ذهبت أموالها إلى حماس، وتتمثل إحدى الطرق الممكنة للالتفاف على العقوبات في تحويل الأموال عبر مكاتب البريد في القطاع، بدلاً من البنوك، وهي توصية تم تمريرها إلى مسؤولي السلطة الفلسطينية، بحسب ما قاله مصدر مطلع على المفاوضات لتايمز أوف إسرائيل.
مصر تريد تعزيز علاقاتها مع بينيت ليكون وسيطاً مع بايدن
ويأتي إغلاق مصر لمعبر رفح أيضاً في ظل توجهات لتعزيز العلاقة بين القاهرة وبين حكومة بينيت، على غرار الأمر مع نتنياهو أو أكثر، حسب تقرير لموقع Al-Monitor الأمريكي.
إذ يحاول المصريون الآن الإشارة إلى أن العمل يسير كالمعتاد مع الحكومة الإسرائيلية الجديدة أيضاً، وأنه ليس لديهم نية لتعليق العلاقات أو تخفيضها مع إسرائيل.
بل ربما العكس. قال مسؤول أمني إسرائيلي كبير لـ Al-Monitor شريطة عدم الكشف عن هويته: "مصر بحاجة إلينا بشكل خاص في عهد بايدن".
واللافت هنا تزامن زيارة مدير المخابرات المصرية لإسرائيل مع الإعلان عن موعد أول زيارة رسمية لبينيت لواشنطن ولقائه مع الرئيس جو بايدن (المقرر عقدها في 26 أغسطس/آب).
وذكر موقع Al-Monitor أن المصريين طلبوا من بينيت التأكيد لمضيفه الأمريكي وكبار المسؤولين في إدارته على أهمية الاستقرار في مصر لإسرائيل والشرق الأوسط بأكمله. وافق بينيت عن طيب خاطر. بعد ذلك الاجتماع مباشرة، أفيد أن السيسي دعا بينيت لزيارة مصر (من المحتمل أن يجتمعوا في شرم الشيخ بمجرد عودة بينيت من الولايات المتحدة).
وينظر المسؤولون المصريون بقلق عادة لأي إدارة أمريكية؛ لأنها تعلي من شأن قضايا حقوق الإنسان أكثر من الجمهوريين، ويعتبرون أن آخر رئيس ديمقراطي وهو باراك أوباما مسؤول عن سقوط مبارك.
ولذا هم يحتاجون الإسرائيليون لتعزيز العلاقة مع بايدن، في غياب ترامب الذي وصف السيسي يوماً بـ"ديكتاتوري المفضل"، حسب الموقع الأمريكي، الذي يقول يريد الإسرائيليون في المقابل، تعزيز مصر لجهودها للتصدي للتهريب عبر معبر رفح الذي يخدم قدرات حماس العسكرية وخاصة مع سعي الحركة لتجديد مخزون الصواريخ الذي أطلقته على إسرائيل خلال القتال في مايو/أيار الماضي.
وتحاول إسرائيل الآن إقناع مصر بمضاعفة ورفع مستوى جهودها لمنع الإمدادات عن ترسانات حماس.
وقال مصدر أمني إسرائيلي كبير آخر لـ "Al-Monitor" طلب عدم الكشف عن هويته: يريد الإسرائيليون تطوير معبر رفح على مرحلتين. الأولى ستكون فورياً، وتتألف من الجهود المادية للمخابرات المصرية لتقليص قدرة حماس على تهريب الأسلحة إلى قطاع غزة. وستشمل المرحلة الثانية اللاحقة تحديث المعبر بإلكترونيات متطورة من شأنها أن تعرقل التهريب بشكل كبير وتقطع العديد من الطرق الالتفافية.
حد الإنجازات المصرية الملموسة التي أعقبت زيارة عباس كامل كان نصيحة مكتب مكافحة الإرهاب الإسرائيلي بتخفيض مستوى التهديد للسياح الإسرائيليين الذين يزورون شرم الشيخ. تعرف إسرائيل أن مثل هذا الإعلان سيزيد من تدفق السياح الإسرائيليين إلى المنطقة ويوفر نوعاً من "الضوء الأخضر" للسياحة الأوروبية أيضاً. وقال مصدر دبلوماسي رفيع المستوى في القدس لـ"Al-Monitor" شريطة عدم الكشف عن هويته: "نبذل قصارى جهدنا لتسهيل مسار السيسي". "المسألة تتعلق بتعاوننا الاستراتيجي طويل الأمد، ونأمل أن ينظر إليه الأمريكيون على هذا النحو أيضاً".