بندقية قنص نمساوية تفوقت على مثيلاتها في العالم.. ما سر شهرة قناصة “شتاير” من فلسطين حتى أوكرانيا؟

عربي بوست
تم النشر: 2021/07/01 الساعة 10:34 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/07/01 الساعة 10:41 بتوقيت غرينتش
بندقية قنص "شتاير" النمساوية، والتي تحمل اسم "غول" التي تم تطويرها لدى كتائب القسام في غزة، فلسطين/ وكالة صفا

تشهد بنادق القنص من عيار 50 الشهيرة انتشاراً هائلاً في القرن الحادي والعشرين، حيث تُستخدَم تقريباً في كلِّ منطقةٍ ساخنة عبر العالم، من الشرق الأوسط إلى أوكرانيا، وفقاً لتقرير نشرته مجلة National Interest الأمريكية.

لكن في الشرق الأوسط تبرز بندقيةٌ واحدة من هذا النوع، حيث تعد البندقية النمساوية "شتاير إتش إس 50" والنسخ المختلفة منها الأكثر شيوعاً إلى حدٍّ بعيد، والأقوى في العالم، إذ تتفوَّق على بندقية باريت الأمريكية، وإم 93 الصربية، وغيرهما من بنادق القنص الصينية من عيار 50، ولكن كيف أصبحت البندقية التي تُصنَّع في غرب ووسط أوروبا تحظى بهذا الانتشار الكبير في الشرق الأوسط؟ 

بندقية قنص عيار 50 التي تصنعها شركة "شتاير" النمساوية، والتي تعتبر الأقوى في العالم بين مثيلاتها/ Wikimedia Commons

ما قصة أشهر بندقية قنص في العالم "إتش إس 50″؟

تقول المجلة الأمريكية، إن قصة بندقية "إتش إس 50" تقدم أدلةً على نجاحها غير المحدود. رغم إنتاجها وتسويقها بواسطة شركة شتاير النمساوية للأسلحة، لم تُصمَّم بندقية إتش إس 50 في الأصل بواسطة فريق التصميم في شتاير. في المقابل، كلَّفَت الشركة المصمِّم الألماني هاينريش فورتمير بتصميم بندقية عيار 50 من أجلها. وعُرِضَت البندقية لأول مرة في معرض SHOT لعام 2002. قد يكون السبب وراء تكليف الشركة لمصمِّمٍ مستقل بتصميم بندقية هو ضجرهم من مفهوم البندقية الثقيلة المضادة للمركبات. قبل بضع سنواتٍ فقط، صمِّمَت شتاير بندقية IWS 2000 عيار 15.2 المتقدِّمة، لكنها لم تتمكَّن من تحقيق مبيعات. 

ولحسن حظ شركة شتاير، حقَّقَت بندقية إتش إس 50 نجاحاً باهراً. في مرحلةٍ ما، اعتمدت القوات المُسلَّحة النمساوية البندقية، ليس من الواضح متى حدث ذلك، أو ما إذا كانت القوات المُسلَّحة النمساوية قد اعتمدت فقط نموذج إتش إس 50 إم 1، الذي يتمتَّع بخزينةٍ لـ5 رصاصات، لكن مقالاً عن فِرَق القناصة في القوات المُسلَّحة النمساوية عام 2004 يشير إلى "أنظمة أسلحة القنص الثقيلة"، ما يشير إلى أن القوات المُسلَّحة النمساوية اعتمدت بندقية إتش إس 50 في ذلك الوقت تقريباً. 

بندقية القنص المفضلة لدى إيران والأوسع انتشاراً في صراعات المنطقة

كانت النقطة الفاصلة الكبيرة لبندقية إتش إس 50، عندما باعت شركة شتاير 800 بندقية من هذا الطراز لإيران في عام 2005. من الناحية الاسمية، كان من المُقرَّر استخدام هذه البنادق من قِبَلِ منظمات الشرطة الإيرانية لإطلاق النار على المهرِّبين على الحدود. 

لكن، كما كان مُتوقَّعاً، بدأت منظمات الدفاع الإيرانية في إنتاج نسخٍ من البندقية إيه إم 50 صياد. وتُستخدَم بنادق صياد من قِبَلِ الجيش الإيراني والمنظمات شبه العسكرية، وتُوزَّع على الفصائل المقربة لإيران المتحالفة معها في جميع أنحاء الشرق الأوسط. 

كما أصبحت هذه البندقية سلاح القنص الأكثر شيوعاً لدى فصائل المقاومة الفلسطينية خلال السنوات الأخيرة، وخاصة كتائب عز الدين القسام التابع لحركة حماس، والتي أطلقت عليها اسم "الغول"، وطورتها بمدى قاتل يصل لأكثر من 2000 متر.

واستخدمت هذه البندقية أيضاً في الحرب الأهلية السورية بشكل واسع، لدى العديد من فصائل المعارضة وكذلك النظام السوري وحلفائه من الميليشيات الشيعية المدعومة من إيران. وكذلك تستخدم هذه البندقية في العراق لدى العديد من الفصائل المسلحة وحتى في اليمن لدى الحوثيين.

ما الذي يميز هذه البندقية عن غيرها؟

تحظى هذه البنادق بانتشارٍ واسع بسبب الطبيعة الثابتة للحرب بشكلٍ عام عندما تكون بين فصائل غير نظامية في المنطقة، ولا يحتاج القنَّاصة الذي يستخدمون بندقية صياد إلى التحرُّك عموماً من أماكنهم لمسافاتٍ طويلة، لذا فإن وزن البندية وطولها لا يمثِّلان مشكلةً. ويميل القنَّاصة في المعارك إلى إطلاق النار من ثقوبٍ في جدران المباني، مع وجود غرفة صغيرة بالبندقية مُخصَّصة لفوَّهة البندقية تخفِّف من الوقع الكبير لإطلاق النار من البندقية. وتتمتَّع البندقية أيضاً بقدرةٍ على اختراق المركبات المُدرَّعة، رغم أن بنادق القنص من عيار 50 ليست الطريقة الأكثر موثوقية لوقف هجماتٍ من مثل هذه المركبات. 

جندي إيراني يستخدم بندقية قنص من طراز "شتاير" خلال تدريبات عسكرية للقوات البحرية/ Wikimedia Commons

لكن في حين أن هذه الخصائص تنطبق على بنادق العيار 50 بشكلٍ عام، فإن بندقية إتش إس 50 لديها خصائص تجعلها مثاليةً للاستخدام من قِبَلِ الجماعات المسلحة. 

بالمقارنة مع بنادق عيار 50 الأخرى، فإن تصميم إتش إس 50 بسيطٌ للغاية. تتميَّز بندقية "باريت" شبه الأوتوماتيكية الشهيرة بآلية برميل ارتداد مُعقَّدة لتقليل مقدار الارتداد على القنَّاص. وحتى التعبئة المعتادة لخزينة الرصاصات لها مشكلات في الظروف القاسية في الشرق الأوسط. يُظهِر مقطع فيديو لمقاتل من "البيشمركة" أن القنَّاص يعاني من أجل تلقيم طلقة جديدة في البندقية الصربية إم 93. في المقابل، لا تحتوي إتش إس 50 على أيٍّ من هذه الآليات، كونها تضرب بطلقةٍ واحدة ثم الأخرى. وهذه البساطة الشديدة تجعلها خفيفةً جداً وسهلة الإصلاح. 

جندي من الجيش العراقي يتدرب على بندقية قنص من طراز "شتاير"، خلال الحرب على "داعش"/ Inherent Resolve

لقد أصبحت بنادق القنص بالفعل أسلحةً سيئة السمعة بسبب فاعليتها، أفادت تقارير بأن أبو تحسين، وهو قنَّاصٌ من "الحشد الشعبي" في العراق، قتل أكثر من 320  من أعضاء داعش حتى مقتله في عام 2017. وشوهِدَ وهو يستخدم بندقية "صياد" في الصور ومقاطع الفيديو التي التُقِطَت قبل مقتله. وبينما انتقلت شركة شتاير منذ ذلك الحين من تصميم إتش إس 50 الأصلية، من المُحتَمَل أن تظهر أنواعٌ مختلفة من البندقية في مناطق القتال في الشرق الأوسط لسنواتٍ مقبلة. 

تحميل المزيد