تسعى فرنسا لتطوير نسخة جديدة من طائراتها الشهيرة رافال، ستصبح مزودة بأسلحة شبحية، ولكن هل يمكن لهذا التطوير أن يجعل الطائرة الفرنسية تضاهي المقاتلة الأمريكية الشهيرة الإف 35 وما هي أوجه الاختلاف والتشابه بين الرافال والإف 35.
وكان الإماراتيون هم أول زبائن مرشحين للرافال منذ بداية إنتاجها، ولكن يبدو أنهم كانوا يريدون معالجة بعض نقاط الضعف في الطائرة مثل المحرك، ولكن طلبت فرنسا في عام 2010 من الإمارات دفع 2.6 مليار دولار أمريكي من إجمالي التكلفة اللازمة لترقية رافال، فرفضت الإمارات وبدأت في استكشاف شراء يوروفايتر تايفون الأوروبية أو إف /إيه -18 سوبر هورنت، وانتهى بها الأمر للتعاقد على الإف 35 الأمريكية في واحدة من المنافسات البارزة بين الرافال والإف 35 التي حسمتها الأخيرة.
كان نقص الأموال وتكنولوجيا المحركات القوية مشكلة بارزة على ما يبدو بالنسبة للرافال خاصة في ظل استخدام المحرك Snecma M88-4e turbofans الذي كان أقل قوة بشكل لافت من المحرك المدمج في منافستها الأبرز الأوروبية يورو فايتر تايفون.
ولكن اليوم مع تزايد زبائن الرافال، التي بيعت لمصر وقطر والهند، وأخيراً، اليونان، وكرواتيا، فإن فرنسا عازمة على ما يبدو على تطويرها بشكل جذري، فهل تزدادا المنافسة بين الرافال والإف 35 بعد التحديث المرتقب للرافال، وما طبيعة هذا التحديث؟
أسلحة شبحية
في يناير/كانون الثاني 2019، أعلنت وزيرة الدفاع الفرنسية فلورنس بارلي أن فرنسا ستلتزم بمبلغ 2.3 مليار دولار لتطوير جيل F4 من مقاتلة داسو رافال ثنائية المحرك متعددة المهام.
وسيشمل ذلك الإنتاج في 2022-2024 من آخر 28 طائرة من الطلب الأصلي البالغ 180 طائرة رافال، يليه شراء ثلاثين طائرة إضافية من طراز رافال F4.2 بين 2027-2030، ليصبح المجموع 210، حسبما ورد في تقرير لمجلة The National Interest الأمريكية
سيتم، وفقاً لهذا التعديل، دمج الترقيات المستقبلية لصاروخ كروز الفرنسي SCALP-EG الخفي الذي يطير أقل دون سرعة الصوت وصاروخ كروز الأسرع من الصوت ASMP-A الذي يحمل رأساً نووياً بقوة 300 كيلوطن في الرافال.
كما يقال إن فرنسا قد تطور نسخة من صاروخ AS4NG الذي تفوق سرعته سرعة الصوت مع زيادة النطاق من 300 ميل إلى أكثر من 660 ميلاً.
مقارنة بين الرافال والإف 35
تقنيات التخفي
يمثل التخفي أهم نقطة في المقارنة بين الرافال والإف 35، على الرغم من دمج تقنية التخفي فيها، فإن الرافال، ليست طائرة خفية حقيقية مثل الإف 35.
صحيح أن أجنحة الطائرة الفرنسية وجسمها يتكونان أساساً من مواد مركبة ماصة للرادار وخفيفة الوزن من التيتانيوم، كما تشمل ميزات التصميم التخفي الأخرى مداخل المحرك على شكل حرف S والحواف المسننة ونظام تبريد عادم القناة المصمم لتقليل توقيع الأشعة تحت الحمراء.
كل هذا يعطي الرافال مقطعاً عرضياً رادارياً تقديرياً يزيد قليلاً عن متر مربع، وهو جيد بمعايير طائرات الجيل الرابع يمكن مقارنته بنظرائه مثل طائرات Super Hornet الأمريكية وTyphoon الأوروبية.
لكن هذا المقطع الراداري أكبر بكثير من المقطع الخاص بـ F-35، الأمر الذي يجعل من الصعب المقارنة بين الرافال والإف 35 في مقدار الشبحية.
الثمن وتكلفة الصيانة
الرافال باهظة الثمن عند الشراء بشكل لا يختلف كثيراً عن الإف 35 أو أكثر، ولكن تكلفة صيانتها أقل كثيراً، وهي ميزة مهمة في ظل شكوى الأمريكيين أنفسهم من تكلفة صيانة الإف 35 المخربة لميزانية البنتاغون.
لا يتوقع أن تشتري فرنسا إف 35 لمعالجة عيوب الرافال، لأنها تسعى دوماً للحفاظ على صناعة أسلحة محلية مستقلة، بدلاً من ذلك، تعمل فرنسا مع ألمانيا وشركاء آخرين لتطوير طائرة شبح من الجيل السادس لنظام Future Combat Air System للدخول إلى الخدمة في 2035-2040.
حتى ذلك الحين، تحاول فرنسا تطوير مقاتلات رافال من الجيل 4.5 من خلال دمج إلكترونيات طيران إضافية لتحاول الصمود أمام F-35.
الرشاقة
ورغم الفوارق الكبيرة في الشبحية الرافال والإف 35، فإن الطائرة أكثر رشاقة بكثير من منافستها الأمريكية مع معدل تسلق فائق، وأداء دوراني مستدام، وقدرة على الطيران الفائق (الحفاظ على الطيران الأسرع من الصوت دون استخدام احتراق الوقود اللاحق) بسرعة Mach 1.4 أثناء حمل الأسلحة، حسب المجلة الأمريكية.
تضفي الجنيحات المتحركة المثبتة قرب المقدمة في الرافال ميزات في الرفع والسرعة والأداء على ارتفاعات منخفضة.
وبالتالي، لدى المقارنة بين الرافال والإف 35، نجد أن الرافال قد تتفوق في المناورة.
السرعة
ومع ذلك، مقارنةً بالطائرات النفاثة ذات المحركين من الجيل الرابع الأكبر مثل Su-35 أو F-15، لا يمكن لطائرة رافال أن تطير بنفس الارتفاع (سقف الخدمة 50.000 بدلاً من 60.000 قدم لأبرز منافسيها).
كما أن لها سرعة قصوى تقدر فقط بـ1.8 ماخ وهي أقل بكثير من معظم طائرات الجيل الرابع الأخرى، ولذا تبدو بطيئة للغاية لدى مقارنتها بالسرعة التي تفوق 2 ماخ الخاصة بالسوخوي 35، و2.5 ماخ للإف 15 وهي مشكلة تبدو موجودة أيضاً لدى الإف 35 التي تطير بسرعة 1.6 ماخ فقط.
إذ إن ضعف المحرك يظل مشكلة متأصلة في الرافال التي لديها محركان يعطيان قوة أقل من قوة المحرك الواحد المزودة بها الإف 35 (هذا يظهر الفارق الهائل في تكنولوجيا المحركات بين فرنسا والولايات المتحدة وحتى روسيا وبريطانيا والصين).
والنتيجة أنه في كثير من المعارك، لن تساعد خفة الحركة في الرافال إذا اشتبكت مع الاعداء على مسافات طويلة بصواريخ جو- جو، وخاصة في مواجهة طائرات شبحية كالإف 35.
الحرب الإلكترونية
للتعويض عن ضعف المحرك، تفتخر رافال بنظام Spectra للحرب الإلكترونية والذي من المفترض أنه يمكن أن يقلل من المقطع العرضي للطائرة الفرنسية عدة مرات، ويشاع أنه يفعل ذلك طريق عكس الإشارات الخلفية باستخدام ما يسمى بـ"الإلغاء النشط".
ويحوي نظام Spectra أيضاً على أجهزة تشويش قوية على الرادار وموزعات التوهج بإنذار مبكر بزاوية 360 درجة، ويمكنه حتى مساعدة طياري رافال في استهداف الأسلحة للرد على المهاجمين.
كما تشتمل مجموعة Spectra للحرب الإلكترونية الكاملة على مستقبل تحذير بالرادار وتحذير بالليزر وتحذير من اقتراب الصواريخ للكشف عن التهديدات.
هل تستطيع الرافال اللحاق بالإف 35؟
في الحرب الإلكترونية، رغم أن الرافال واحدة من أكثر طائرات الجيل الرابع والنصف، تطوراً في هذا المجال، إلا أن الإف 35 تظل ذات قدرات هائلة في هذا المضمار، يصعب مضاهاتها، ولكن يمكن اعتبار أن هذه نقطة تقارب بين الرافال والإف 35، مع تفوق واضح للأخيرة.
وفي مجال الشبحية مهما حاول الفرنسيون تقليل البصمة الرادارية للنسخة الجديدة من الرافال، فما زال الفارق هائلاً، لأن تصميم الرافال منذ البداية ليس شبحياً خالصاً، كما أن الأمريكيين متقدمون في مجال الشبحية بشكل يسبق منافسيهم بعقود، والدليل على ذلك أن الروس والصينيين لا يحاولون حتى الادعاء أن طائراتهم الشبحية من الجيل الخامس تتفوق على الطائرات الأمريكية في مجال التخفي.
في إطار المقارنة بين الرافال والإف 35، يبقى أمام الفرنسيين أن يحاولوا معالجة نقطة ضعف محرك الرافال، رغم أنه ليس هناك مؤشرات قوية على ذلك، علماً بأن مشكلة ضعف أدت إلى قصور في تصميم الطائرة عبر الاضطرار لبنائها بأنف صغير أتاح المساحة لرادار صغير فقط ، وبالتالي مداه ليس كبيراً رغم تقدمه التقني.
وتظل الميزة الرئيسية للرافال، العملية، وسهولة الصيانة وقلة تكلفتها، بينما جأر الأمريكيون من الشكوى من ارتفاع تكلفة صيانة الإف 35، حتى إنهم قرروا إيجاد رديف لها، وهو الطائرات الإف 15 التي تعود نشأتها لما يقرب من نصف قرن.