"ستستطيع الوصول إلى أي مكان في الأرض بعد ساعة، وستتضمن الرحلة سياحة قصيرة على حافة الفضاء"، هذا هو هدف مشروع شركة أمريكية ناشئة تسعى إلى إنتاج طائرة ركاب فائقة السرعة لنقل المسافرين بسرعة أسرع من الصوت 12 مرة.
وبالفعل ستبدأ الشركة الأمريكية الناشئة في اختبار ثلاثة نماذج مصغرة هذا الصيف، حسبما ورد في تقرير لوكالة Bloomberg الأمريكية.
الشركة هي Venus Aerospace، وهي شركة أمريكية ناشئة تسعى لتصميم طائرة فضائية تفوق سرعتها سرعة الصوت عدة مرات، لتكون طائرة ركاب فائقة السرعة، بما يمكن الناس من السفر إلى أي مكان حول العالم في غضون ساعة واحدة فقط.
طائرة ركاب فائقة السرعة تحلق على حافة الفضاء.. كيف ستفعل ذلك؟
السفر في هذه الطائرة الفضائية يشبه إلى حد كبير السفر في طائرة عادية، باستثناء الجزء الأوسط من الرحلة
فبعد الوصول إلى ارتفاع التحليق العادي، سيقوم الطيار بإطلاق معززات صاروخية لدفع الطائرة إلى حافة الفضاء بسرعة تزيد عن 9000 ميل في الساعة (14484.1 كلم)، أو حوالي 12 ضعف سرعة الصوت.
وستسافر الطائرة بهذه السرعة لمدة 15 دقيقة تقريباً، ثم تنزلق عكس الغلاف الجوي لإبطاء نفسها، وتعود إلى الأرض لتهبط في مطار تقليدي.
تهدف شركة Venus Aerospace إلى استخدام هذه التقنية لنقل الأشخاص من لوس أنجلوس إلى طوكيو في غضون ساعة تقريباً، وهي المسافة التي تستغرق حالياً من 12 إلى 13 ساعة.
التأخر على حفل عيد ميلاد جدتهم دفعهم لهذا المشروع
حفلة عيد ميلاد جدة في التسعين من عمرها كان وراء فكرة إنتاج طائرة ركاب فائقة السرعة.
بدأت الشركة من قبل اثنين من الموظفين السابقين لشركة Virgin Orbit، وهي شركة تقدم خدمات إطلاق الأقمار الصناعية الصغيرة.
كانت سارة "ساسي" دوجليبي، مهندسة إطلاق كتابة الكود، وزوجها أندرو، الذي أدار عمليات الإطلاق والحمولة والدفع.
أصبح الزوجان مفتونين بالسفر الأسرع من الصوت، بعد أن غابا عن حفلة عيد ميلاد جدة ساسي الـ95، لأن الرحلات كانت تستغرق وقتاً طويلاً جداً إلى الولايات المتحدة من اليابان، حيث كانا يعيشان هناك في ذلك الوقت، لذلك بدآ مشروعاً لبناء طائرة فضائية خاصة بهما.
يعمل لدى فينوس الآن 15 موظفاً، معظمهم من قدامى العاملين في صناعة الفضاء، وقد تلقّت استثمارات من شركات كبرى في مجال الاستثمار المالي.
يقول أندرو دوجليبي، في اعتراف ضمني بالفشل المتكرر للفكرة: "كل بضعة عقود يحاول البشر ذلك"، ولكنه يستدرك قائلاً "هذه المرة ستنجح".
لماذا يبدوان واثقين من النجاح، وهل يتحمل البشر هذه الرحلة؟
تقول دوجليبي إن طائرتها الفضائية ستختلف عن الجهود السابقة، لأنها تمتلك محركاً أكثر كفاءة، ما يسمح لها بالتعامل مع الوزن الزائد الذي يأتي مع وجود الأجنحة ومعدات الهبوط والمحركات النفاثة التي تتيح الإقلاع والهبوط بشكل مشابه لطائرة الركاب.
يقول جاك فيس فيشتر، رائد فضاء سابق في وكالة ناسا، "إن الإطلاق الأوّلي المؤدي للتسارع يهزك في مقعدك، ولكنه سرعان ما يختفي هذا الشعور، لأنك تسير بسرعة كبيرة لدرجة أنك لا تشعر بذلك بعد الآن".
ومع ذلك، فإن إنتاج طائرة ركاب فائقة السرعة، ليس أمراً وشيكاً، فالعمل على شكل الطائرة مازال قيد التطوير.
وحصلت الشركة على منحة بحثية صغيرة من سلاح الجو الأمريكي، وتسعى للحصول على تمويل إضافي من وزارة الدفاع الأمريكية، وتتوقع دوجليبي أن يستغرق المشروع عقداً أو أكثر.
وبمجرد أن يتم العمل على التكنولوجيا لا يزال يتعين على الشركة مراعاة الطبيعة التجارية للطائرة المنتظرة، بما في ذلك مدى استعداد المسافرين لدفع تكلفة زائدة لقطع نصف الطريق حول العالم بشكل أسرع.
تقول ساسي دوجليبي: "المشروع الحالي مخصص للأشخاص العاديين".
لماذا فشلت المشروعات السابقة؟
المحاولات السابقة للرحلات فائقة السرعة، مثل الطائرة البريطانية الفرنسية "كونكورد" الشهيرة، التي كانت تحلق بسرعة ضعف سرعة الطائرات التقليدية، وAerion Supersonic، التي وعدت بالسفر بين أي نقطتين على الأرض في غضون ثلاث ساعات، لم تدُم.
يقول جيسي كليمبنر، الشريك في مجال الطيران والدفاع التابع لشركة ماكينزي وشركاه، إن هناك حداً لنفاد صبر الناس: "لم يتم إثبات أن الغالبية العظمى من البشر ستدفع الكثير مقابل توفير ساعة من الوقت".
من الناحية التكنولوجية، لا يعد الطيران الأسرع من الصوت أمراً معقداً، يكمن التحدي في تقديم خدمة يمكن للركاب تحمل تكلفتها، وأقل تلويثاً للبيئة، والأهم من ذلك أنها تقضي على دويّ اختراق حاجز الصوت، والذي كانت تعاني منه طائرات الكونكورد، حسبما ورد في تقرير لموقع BBC.
يمكن للضوضاء الهائلة التي تشبه الرعد التي تحدث عندما تخترق طائرة ما عبر حاجز الصوت أن تسبب أضراراً للهياكل.
"كانت كونكورد سابقة لعصرها حقاً، لقد كان إنجازاً تقنياً هائلاً، لكنها كانت غير فعالة في استهلاك الوقود بشكل لا يصدق، ولهذا السبب كانت مكلفة للغاية لتشغيلها".
في 10 أبريل/نيسان 2003، أعلنت الخطوط الجوية الفرنسية والخطوط الجوية البريطانية عن تقاعد أسطولها من طائرات الكونكورد، التي اشتركت المملكة المتحدة وبريطانيا في تصنيعها.
وألقت الخطوط الجوية الفرنسية والخطوط الجوية البريطانية باللوم على انخفاض أعداد الركاب وارتفاع تكاليف الصيانة، حسبما ورد في تقرير لجريدة The Sun البريطانية.
وانخفض عدد الركاب بعد تحطم طائرة كونكورد تابعة للخطوط الجوية الفرنسية، بعد دقائق من إقلاعها من باريس، في يوليو/تموز 2000، ما أسفر عن مقتل كل من كانوا على متنها وعددهم 109، إضافة إلى أربعة أشخاص 4 كانوا موجودين على الأرض.
في المقابل، كانت شركة Aerion Supersonic الأمريكية تراهن على أنها تستطيع معالجة عيوب الكونكورد.
إذ عملت على تصميم طائرة ركاب فائقة السرعة مخصصة لرجال الأعمال، والتي كانت قادرة على الطيران بمعدل ضعف سرعة الطائرات التجارية، ولكن أنهت الشركة عملياتها في مايو/أيار 2021 بسبب الصعوبات المالية.
وكان مخططاً أن تقلع طائرة Aerion Supersonic، والدخول في الخدمات التجارية بحلول عام 2026.
وتوفرت لطائرات Aerion Supersonic ميزة على طائرات الكونكورد الأسرع من الصوت، وهي أن تقنيتها المسماة "boomless cruise"، كان من المتوقع أن تجعل من الممكن للطائرة الطيران دون إحداث الدوي الصوتي، الذي يحدث مع اختراق سرعة الصوت، كما كان الحال مع طائرات الكونكورد النفاثة.
وتستفيد خاصية "التحليق بلا دوي صوتي" (Boomless Cruise) من ظواهر الغلاف الجوي المعروفة باسم Mach Cut Off، حيث ينكسر ذراع التطويل الصوتي من طبقات الهواء الأكثر كثافة ودفئاً.
وبغض النظر عن المشاريع غير الناجحة مثل Aerion وكونكورد، يعتقد الخبراء في المجال أن الناس لن يمانعوا في دفع المزيد للسفر بسرعة الصوت.