سوريا ستبدو بجانبها لعبة أطفال.. لماذا يخشى مسؤولو بايدن انفجار أزمة إثيوبيا في وجوههم؟

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2021/05/09 الساعة 17:47 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/05/11 الساعة 15:41 بتوقيت غرينتش
الرئيس الأمريكي جو بايدن/رويترز

هناك أزمات مفاجئة يخشى مسؤولو إدارة بايدن انفجارها في وجه الرئيس الأمريكي الذي لديه أصلاً أجندة متخمة، ولكن بين بلدان عدة تقلق المسؤولين الأمريكيين، فهناك بلد إفريقي بعينه يخشون أن يتحوَّل إلى سيناريو أخطر من سوريا.

وبينما يأتي كل رئيس أمريكي إلى منصبه بخطط كبرى لأجندة السياسة الخارجية. فإن الواقع يصدمه، من خلال أزمات غير متوقعة.

إذ  يبدو أن الأزمات  تندلع من العدم، فقد تولى جورج دبليو بوش منصبه مناصراً لسياسة خارجية أقل تدخلاً، ثم وقع هجوم 11 سبتمبر/أيلول، ليحوله لأكثر قادة أمريكا عدوانية.

ولم يكُن الكثيرون ليتوقعوا أنَّ الوباء سيستنزف العام الأخير من ولاية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي كان يباهي قبل الجائحة بنجاحاته الاقتصادية.

تقرير لمجلة Foreign Policy الأمريكي عرض للأزمات التي تلوح في الأفق والتي يمكن أن يواجهها جو بايدن، وفي نفس الوقت تبدو غير واضحة لمسؤولي الإدارة الأمريكية. 

معدو التقرير سألوا مسؤولي الأمن القومي والخبراء وغيرهم من المُطلعِين على بواطن الأمور في واشنطن حول نقاط الاضطراب التي يخشون اشتعالها فجأة.

انهيار محتمل في إثيوبيا: سوريا ستبدو كلعبة بجانبها

 العديد من المسؤولين الأمريكيين الذين تحدثت  Foreign Policy  إليهم أجروا مقارنة بين إثيوبيا ويوغوسلافيا في عام 1992، قبل انهيارها مباشرة واشتعال سلسلة من الحروب وحملات التطهير العرقي الشنيعة. وهو تشبيه ناقص، لكنه يسلط الضوء على مدى قلق البعض في واشنطن بشأن استقرار الدولة الأكثر اكتظاظاً بالسكان في شرق إفريقيا، لا سيما في أعقاب الصراع في تيغراي والتوترات المتصاعدة بين منطقتي أوروميا وأمهرة في البلاد.

وقال جيفري فيلتمان، مبعوث الرئيس الأمريكي الخاص الجديد إلى القرن الإفريقي، لمجلة Foreign Policy، إنَّ انهيار إثيوبيا يمكن أن يجعل سوريا تبدو وكأنها "لعبة أطفال". وقد كان عدد سكان يوغوسلافيا قبل الحرب نحو 23 مليون نسمة، وهو نفس عدد سكان سوريا قبل الحرب الأهلية. وبالمقارنة، يبلغ عدد سكان إثيوبيا 110 ملايين نسمة.

ومما يظهر حجم  الاحتقان في إثيوبيا، ما أعلن مؤخراً عن اتهام رئيس الكنيسة الأرثوذكسية في إثيوبيا أبون ماتياس  حكومة أديس أبابا، بارتكاب إبادة جماعية ضد شعب تيغراي، وذلك عبر فيديو جرى تسريبه إلى خارح البلاد.

وقال دينيس وادلي، صديق أبون ماتياس ومدير مجموعة جسور الأمل الدولية ومقرها الولايات المتحدة، لوكالة فرانس برس إنه سجل الفيديو في 26 أبريل/نيسان الماضي خلال رحلة إلى إثيوبيا.

وأضاف: "طلب مني البطريرك ألا أفرج عنه حتى أخرج من البلاد، وأعود إلى الولايات المتحدة".

أزمات
رئيس وزراء إثيوبيا آبي أحمد/رويترز

وذكر  تقرير لهيئة  الإذاعة البريطانية "بي  بي سي" أن مسؤولاً أرثوذكسياً أكد لوكالة فرانس برس صحة التسجيل.

وقال أبونا ماتياس الذي ينتمي للتيغراي إنه حاول في السابق التحدث ضد الحرب عدة مرات، بما في ذلك في مقابلات إعلامية لكن الحكومة منعته.

ويراقب البعض في إدارة بايدن الوضع الإثيوبي عن كثب، لكن بالنسبة لبقية عالم الأمن القومي، الذي استهلكه الانسحاب من أفغانستان والتحول إلى منافسة القوى العظمى مع الصين، فهي نقطة عمياء يمكن أن تنفجر في أي وقت.

وكان وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن قد أدان ما وصفه بـ"ممارسات تطهير عرقي" في منطقة تيغراي الإثيوبية، ودعا إلى فتح تحقيق في الغرض. وأوضح رئيس الدبلوماسية الأمريكية أنه يريد في المنطقة جيشاً "لا ينتهك حقوق الإنسان لشعب تيغراي أو يرتكب ممارسات تطهير عرقي".

وكلفت الولايات المتحدة الأمريكية، دبلوماسياً كبيراً بخفض التوترات المحيطة بمنطقة تيغراي الإثيوبية، في ظل تصاعد المخاوف من انتشار الصراع، ومعالجة الخلاف حول سد النهضة، حيث عيَّنت إدارة بايدن جيفري فيلتمان، الدبلوماسي الأمريكي المخضرم – الذي شغل حتى عام 2018 منصب كبير المستشارين السياسيين السابق للأمين العام للأمم المتحدة وعمل كسفير لواشنطن في لبنان- في منصب جديد، كمبعوث خاص للقرن الإفريقي.

لبنان: الأسد يفاقم الأوضاع سوءاً

يعاني لبنان، مثل جارته سوريا من مأزق خطير؛ إذ يواجه أزمة نقدية حادة ونقصاً في الكهرباء قد يترك الدولة غارقة في الظلام في وقت لاحق من الشهر الجاري

وكشفت وزارة الخارجية الأمريكية، في تقرير صدر العام الماضي، أنَّ نظام بشار الأسد في سوريا يجعل الأوضاع أصعب على الحكومة اللبنانية، من خلال رفع أسعار الصرف ومساعدة حزب الله المدعوم من إيران على ممارسة الضغط عليها.

لكن بعد انفجار ميناء بيروت في أغسطس/آب الماضي، الذي أودى بحياة أكثر من 200 شخص وأثار مخاوف متجددة بشأن الفساد والهشاشة السياسية في لبنان، بدأ صبر المجتمع الدولي ينفد. وقد يؤدي أي عدم استقرار في لبنان إلى تداعيات متتالية تنتشر سريعاً عبر منطقة غير مستقرة بالفعل، مما يهدِّد أمن إسرائيل وسلامة ما يقرب من مليوني لاجئ فروا إلى لبنان.

منطقة الساحل الإفريقي.. الغرب فقد حليفه المفضل

 حاربت الولايات المتحدة وفرنسا والحكومات الإقليمية بضراوة ضد الجماعات الإرهابية في منطقة الساحل بغرب إفريقيا طوال سنوات، مع نتائج متباينة في أحسن الأحوال؛ إذ اكتسبت الجماعات الإرهابية موطئ قدم أقوى وزادت من اتساع هجماتها ومداها.

واعتمدت القوى الغربية على حاكم تشاد منذ فترة طويلة، إدريس ديبي، للحصول على الدعم، فقد كان لدى تشاد الجيش الأكثر فاعلية في المنطقة لمحاربة الجماعات الإرهابية. لكن ديبي توفي الشهر الماضي، وبرغم أنَّ ابنه جاء خلفاً له، تركت وفاة ديبي فراغاً محتملاً في السلطة وخطراً بتعميق عدم الاستقرار السياسي الذي يمكن أن يتصاعد بسرعة.

فنزويلا: حصار قاسٍ

فرضت إدارة ترامب عقوبات ساحقة على نظام نيكولاس مادورو في فنزويلا، واعترفت بخوان جوايدو رئيساً شرعياً للدولة، حسب Foreign Policy.

وعلى الرغم من أنَّ عقوبات ترامب لا تزال قيد المراجعة (مثل الكثير من الأشياء في ظل الإدارة الجديدة)، لا يبدو أنَّ بايدن مستعد لتخفيف الخناق، مع أنَّ مسؤولًا في البيت الأبيض قال لوكالة Reuters إنَّ مادورو كان "يبعث إشارات" إلى الولايات المتحدة، بعد السماح لبرنامج الغذاء العالمي بدخول البلاد والإفراج عن ستة موظفين أمريكيين سابقين في شركة CITGO النفطية.

ليبيا: انهيار جديد

منذ سقوط الحاكم الليبي معمر القذافي في عام 2011، غرقت ليبيا في عنف متواصل، تطور إلى حرب بالوكالة بين القوى المتنافسة في الشرق الأوسط وأوروبا، بما في ذلك تركيا وقطر والإمارات العربية المتحدة وروسيا. وأدت أول حكومة وحدة وطنية في ليبيا اليمين الدستورية في مارس/آذار؛ مما أعطى أول بصيص أمل في توحيد البلاد الممزقة منذ عقد من الزمان.

لكن الحكومة الجديدة لا تزال ضعيفة وهشة، وإذا انهارت، فقد تعود الدولة إلى نقطة الصفر. وقد أدى العنف في ليبيا إلى تفاقم أزمة اللاجئين في أوروبا، ووفر أرضاً خصبة للجماعات المتطرفة، وصدَّر عدم الاستقرار إلى أجزاء أخرى من إفريقيا، بما في ذلك منطقة الساحل.

تحميل المزيد