هل جاءت محاولات إسرائيل لتخريب الاتفاق النووي الإيراني بنتيجة عكسية لما يريده رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو؟
كان يُخشى أن يُحدث الهجوم الإسرائيلي على منشأة نظنز النووية الإسرائيلية، يوم 11 أبريل/نيسان 2021، ضرراً كبيراً في المفاوضات الرامية لإحياء الاتفاق النووي الإيراني.
ولكن يبدو أن العكس يحدث، منذ وقوع هذا الهجوم تشهد هذه المفاوضات تقدماً بطيئاً، ولكنه مهم، حسبما ورد في تقرير لموقع Responsible Statecraft الأمريكي.
وتوقيت هجوم نطنز يُظهر أن الهدف الواضح من ورائه هو تقويض محادثات الولايات المتحدة غير المباشرة مع إيران للعودة إلى الاتفاق النووي الإيراني، إذ وقع يوم 11 أبريل/نيسان، أي بعد ثلاثة أيام من بدء المحادثات في فيينا، 8 أبريل/نيسان.
ولكن رغم التوتر الذي أحدثه الهجوم، بدأت إيران وبريطانيا والصين وفرنسا وألمانيا وروسيا، الثلاثاء 27 أبريل/نيسان 2021، جولة ثالثة من الاجتماعات في فيينا، للاتفاق على الخطوات الضرورية من أجل إحياء اتفاق عام 2015، الذي انسحب منه الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب عام 2018.
وتدور نقاط الخلاف الرئيسة حول العقوبات التي يجب على الولايات المتحدة أن ترفعها، والخطوات التي يجب على إيران اتخاذها لاستئناف التزامها الحدّ من برنامجها النووي، وكيفية ترتيب هذه العملية لإرضاء الطرفين. ويوجد وفد أمريكي في موقع آخر منفصل في فيينا، ما يمكّن ممثلي القوى الخمس والاتحاد الأوروبي، الذي ينسّق المحادثات، من التنقل بين الجانبين، وذلك بسبب رفض إيران خوض محادثات مباشرة، باعتبار أن واشطن لم تعد عضواً بالاتفاق.
وقد وضعت الدول المفاوِضة لنفسها تاريخاً "افتراضياً" لإنهاء التفاوض، وهو قبل الأسبوع الأخير لمايو/أيار، لأسباب لا تتعلق فقط بالانتخابات الرئاسية الإيرانية في يونيو/حزيران المقبل، بل أيضاً بانتهاء الاتفاق التقني الذي عقده أمين عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية مع إيران، في فبراير/شباط الماضي. والاتفاق سمح للمفتشين الدوليين بالاستمرار في عمليات التفتيش الرئيسية لمدة ثلاثة أشهر، تنتهي في 22 مايو/أيار. وحذر حينها الإيرانيون من وقف كامل عمليات التفتيش في ذلك التاريخ، في حال لم يتم التوصل لاتفاق مع الولايات المتحدة للعودة للاتفاق النووي.
ماذا تريد إسرائيل في الملف النووي الإيراني؟
يرفض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وحلفاؤه الفرضية الأساسية لخطة العمل الشاملة المشتركة أو أي اتفاق دبلوماسي مع إيران، وتحديداً الاتفاقية التي تنصّ على أن الولايات المتحدة وحلفاءها سوف يرفعون جميع العقوبات النووية على إيران، مقابل الموافقة على وضع قيود صارمة على برنامج التخصيب الإيراني، ووجود نظام شامل من عمليات التفتيش الدولية. يعتقد نتنياهو أن العقوبات يجب أن تستخدم ليس لدفع طهران نحو التوصل إلى تسوية، بل لتكون سلاحاً لإجبار إيران على التنازل عن أي برنامج تخصيب، أيما تكون الشروط أو القيود.
ومع ذلك، إذا أراد نتنياهو أن يحبط محادثات فيينا، فإن الاستراتيجية التي اتبعها قد تأتي بنتائج غير مرجوة بالنسبة إليه، حسب الموقع الأمريكي.
وبالفعل، أدت الاحتمالية الحقيقية لاتساع الصدام العسكري بين إيران وإسرائيل، دوراً ليس بسيطاً في دفع المفاوضين الإيرانيين والأمريكيين نحو مواصلة المحادثات غير المباشرة، في 14 أبريل/نيسان. والآن صار ممكناً استشعار تحول من حملة الضغط القصوى إلى الدبلوماسية القصوى، وإن كان تحولاً مضطرباً. يكمن التحدي الآن بالنسبة للمفاوضين الأمريكيين والإيرانيين في المضي قدماً رغم جهود القوى الضخمة الرامية إلى معارضة أي اتفاق لعرقلة العودة إلى خطة العمل الشاملة المشتركة.
إحراج لبايدن
بعد أن راهن جزئياً على مصداقيته بوصفه قائداً دولياً في الحملة التي تقودها الولايات المتحدة لإنقاذ الاتفاق النووي الإيراني، لدى بايدن أشياء كثيرة قد يخسرها في حالة فشل تلك الجهود. من أجل أن يمنع مثل هذه النتيجة، من الضروري للولايات المتحدة وإسرائيل أن تجدا مساحةً ما من أرضية مشتركة في النهج الذي تتبعه كلتاهما تجاه إيران.
وكان لافتاً خلال زيارة وزير الدفاع الأمريكي، لويد أوستن، إلى إسرائيل في 11 أبريل/نيسان، التي تزامنت مع الإعلان عن الهجوم قول وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس: "إن إسرائيل تنظر إلى الولايات المتحدة بوصفها شريكاً كاملاً في جميع التهديدات العملياتية، وبشكل خاص إيران".
لكن أوستن لم يذكر إيران ولو مرة واحدة، حتى بينما كان يؤكد على أن التزام الولايات المتحدة بأمن إسرائيل "مستمر"، وهذه البيانات الصحفية التي صيغت بحرص تبدو أنها تبعث برسالة تفيد باعتزام البيت الأبيض المضي قدماً في محادثات فيينا برغم -أو ربما بسبب- التوترات المتزايدة بين إسرائيل وإيران.
يصعب تحديد الوقت المحدد الذي أبلغت فيه إسرائيل إدارة بايدن بعملية نطنز. وفي كل الاحتمالات، لمّح المسؤولون الإسرائيليون إلى أن تحركاً ما كان مُنتَظراً حدوثه في الأفق، لكنهم انتظروا كي يبلغوا أوستن بعد اجتماعه مع غانتس.
وبالنظر إلى الإعلان عن أن العلاقة الأمريكية الإسرائيلية "مبنية على الثقة"، فالأرجح أن أوستن -ناهيك عن الرئيس بايدن- شعر أن هذه الثقة ربما تكون انتُهكت بالتحرك الذي بدا أنه نُفِّذ في توقيت يستهدف تعقيد الدبلوماسية الأمريكية الإيرانية.
هل نفّذ نتنياهو الهجوم دون علم وزير دفاعه؟
أثار هجوم نطنز تساؤلات في إسرائيل حول ما إذا كان وزير الدفاع الإسرائيلي غانتس على دراية تامة بالعملية.
وذكر أحد الخبراء الكبار في السياسات الإسرائيلية، أنه من الممكن أن يكون "غانتس ونتنياهو لا يستشير أحدهما الآخر".
لمّح غانتس نفسه إلى مثل هذه الفرضية، عندما أمر مسؤولي الاستخبارات الإسرائيلية ببدء تحقيق داخلي حول هوية الشخص الذي سرب معلومات حول تورط إسرائيل في العملية التي نفذها الموساد، وهي منظمة مسؤولة مباشرة أمام مكتب رئيس الوزراء. وعندما سُئل عما إذا كان يعتقد أن تحركات نتنياهو كانت مدفوعة بصورة أساسية بمخاوفه السياسية داخلياً، وليس بدافع الأمن القومي الإسرائيلي، أوضح غانتس الكثير عندما شدد قائلاً: "أعتقد أن رئيس الوزراء لديه خبرة واسعة في الميدان السياسي الدبلوماسي، ولن أقلل من ذلك. أعتقد بوجوب إزالة جميع الاعتبارات الأخرى، وأتمنى أن يكون هذا هو ما يفعله".
والقرار الذي اتخذته إسرائيل بإرسال فريق رفيع المستوى إلى واشنطن في أعقاب زيارة أوستن يشير إلى أن المؤسسة الأمنية سوف تحاول النأي بنفسها عن هذه الخلافات الداخلية، وأنها تريد العمل مع البيت الأبيض تحت إدارة بايدن بدلاً من مواجهته.
إيران تخشى تكرار الاختراقات الإسرائيلية
إذا صح ما قيل بشأن هجوم نطنز، وهو أنه تسبب في تعطيل برنامج التخصيب النووي الإيراني لحوالي 9 أشهر، فإن هذا الأثر لا يقتصر على أنه يمثل إحراجاً كبيراً للوكالات الاستخباراتية الإيرانية، بل يمتد تأثيره إلى إمكانية إضعاف ورقة المفاوضات التي أكسبت إيران نفوذاً عن طريق تعمد الحديث عن قدرات تخصيب اليورانيوم لديها بطرق صُممت لتضغط على الولايات المتحدة. بالنظر إلى هذه الانتكاسة، ليس من قبيل المفاجأة تعهد القادة الإيرانيين بأن الهجوم لن يوقف برنامج التخصيب في بلادهم. وإمعاناً في رفع راية التحدي، أعلنت طهران أنها الآن رفعت مستوى التخصيب إلى 60%.
يجب أن يتعامل قادة إيران الآن مع الحقيقة التي تفيد بأن إسرائيل لديها قدرات على تنفيذ ضربات عميقة في قلب برنامجهم النووي، وأنها قد تفعل ذلك مرة ثانية.
وفي ظل وجود احتمالية للانجذاب نحو صراع عسكري طويل مع إسرائيل، لدى إيران سبب وجيه لأن تواصل الضغط للحصول على اتفاق في فيينا لإحياء الاتفاق النووي الإيراني.
المفارقة أن تحركات إسرائيل قد تدفع إيران نحو قبول تسوية لحفظ ماء الوجه، فيما يتعلق بالسؤال الجوهري المتعلق بمن يتخذ الخطوة الأولى: هل تتخذ واشنطن هذه الخطوة عن طريق اتخاذ خطوات لرفع جميع العقوبات المرتبطة بالأنشطة النووية، أم تكون طهران هي المبادِرة عن طريق اتخاذ خطوات بإعادة التخصيب إلى المستويات المُتفق عليها في خطة العمل الشاملة المشتركة؟
المتشددون يعارضون.. والمرشد يؤيد المفاوضات
وكما هو متوقع، يحذر المتشددون الإيرانيون من أي تنازل إيراني في المفاوضات، حتى أن صحيفة كيهان، التي تربطها علاقات وثيقة بالمرشد الأعلى آية الله علي خامنئي، دعت الوفد الإيراني في فيينا للعودة إلى الوطن.
وقد حاول أعضاء البرلمان الإيراني المتشددون عرقلة المفاوضات عن طريق إصدار تقرير يستنتج أن إيران سوف تحتاج إلى ما لا يقل عن 6 أشهر للتأكد من رفع جميع العقوبات المرتبطة بالقضية النووية، ومن ثم تُستبعد أية صيغة "فورية" لرفع العقوبات وإعادة إيران إلى الالتزام بخطة العمل الشاملة المشتركة.
حتى الآن، لم تحقق هذه التحركات أثرها المرجو. وعلى النقيض، لم يقتصر الأمر على عودة المفاوضين الإيرانيين إلى فيينا في 15 أبريل/نيسان، بل إنهم عادوا بدعم من خامنئي. ولذلك برغم تحذيره من أن طهران لن تتراجع عن إصرارها على أن واشنطن يجب أن ترفع العقوبات أولاً، أعلن خامنئي أن "المسؤولين قرروا أن نتفاوض لتحقيق سياساتنا"، وأن طهران ليس لديها "مشكلة مع هذا، بشرط أن الأطراف لا تُطيل المفاوضات".
ومن أجل انتهاز الفرصة، أصر الرئيس حسن روحاني على أن "المرشد الأعلى حدد بوضوح إطار مفاوضاتنا وسوف نواصل عملنا ضمن هذا الإطار".
النقاط الصعبة التي يُجرى التفاوض عليها
تركز النقاش في الجولة الثانية والجولة الثالثة التي بدأت مؤخراً حول قضية تحديد العقوبات الأمريكية التي سترفعها واشنطن عن إيران، وقسمت الولايات المتحدة العقوبات تلك لثلاثة أقسام؛ منها ما سترفعه على الفور، وأخرى يتم التفاوض حولها، وثالثة لن يتم رفعها، وهي تلك المتعلقة بـ"الحرس الثوري" بشكل خاص.
وهي قضية معقدة بالنظر إلى وجود نحو 1500 من العقوبات الأمريكية على إيران.
ورفض المسؤولون الأمريكيون الكشف عن أي العقوبات سيناقَش رفعها، إلا أنهم أكدوا انفتاحهم على رفع العقوبات غير النووية، كتلك المرتبطة بالإرهاب، وتطوير الصواريخ، وحقوق الإنسان، إضافة إلى تلك المتعلقة بالبرنامج النووي.
وستبدأ مجموعة عمل بفحص "التسلسل المحتمل" للخطوات العملية من أجل إعادة هذه الاتفاقية إلى المسار الصحيح.
ويقول البروفيسور هاينز غارتنر، أستاذ العلوم السياسية في جامعة فيينا، إن إيران حددت أولوياتها حول العقوبات التي تريد أن ترفعها الولايات المتحدة، وإن هذا ظاهر في الوفد المرافق لكبير المفاوضين الإيرانيين، عباس عراقجي، الذي يأتي من طهران ومعه مسؤولون من وزارة النفط و"البنك المركزي الإيراني".
ويقول غارتنر، في تصريحات لصحيفة "الشرق الأوسط" السعودية، إن "إيران ما زالت تطالب رسمياً برفع كامل العقوبات الأمريكية، ولكنها في الوقت نفسه حددت أولوياتها، ما يعني أنها تعرف أن واشنطن لا يمكن أن ترفع العقوبات كلها دفعة واحدة". ويضيف: "إيران تريد بشكل أساسي أن تتمكن من بيع نفطها، وتعود وتدخل إلى نظام (سويفت) المالي العالمي".
ورأى غارتنر أن إيران قد تعلن خفضها تخصيب اليورانيوم في المرحلة الأولى من 60% إلى 20% كـ"بادرة حسن نية"، على أن تعود لاحقاً للسقف الذي يحدده الاتفاق النووي بنسبة 3.67%.
ولكن التعقيدات التي ما زالت موجودة هي أعمق من أي عقوبات سترفعها الولايات المتحدة. بالإضافة إلى استمرار الخلافات حول تسلسل الخطوات، وهي باتت مهمة لجنة خبراء ثالثة، فهناك الخلافات حول التاريخ الذي سيعود المتفاوضون إليه في الاتفاق.
وتنقل الشرق الأوسط عن البروفيسور غارنتر قوله إن واحداً "من أهم المواضيع بالنسبة إلى إيران التي تفضل العودة إلى صيغة عام 2018، عندما انسحب ترمب من الاتفاق، فيما يريد الأمريكيون العودة إلى عام 2015، والبدء من جديد، لأن التزامات إيران تدوم فترة أطول بذلك".
ليس السؤال الأساسي فنياً، بل إنه سؤال سياسي: هل يملك القادة الإيرانيون والأمريكيون المجال السياسي والإرادة السياسية للمضي قدماً في المفاوضات برغم معارضة المتشددين في كلا البلدين؟ حتى الآن، تبدو المؤشرات إيجابية نسبياً، حسب موقع Responsible Statecraft الأمريكي.
بايدن لا يريد ترك الزمام لإسرائيل في الاتفاق النووي الإيراني
والموقف الذي تنتهجه إدارة بايدن، المتعلق بأن طهران تستطيع تخصيب اليورانيوم عند المستويات المنصوص عليها في الاتفاق النووي الإيراني، يساعد البيت الأبيض في نهاية المطاف على التفاوض بطرق تُظهر بكل وضوح أن الولايات المتحدة لا تترك اليد العليا لاتخاذ القرار إلى إسرائيل.
يعني هذا إعطاء إشارة إلى أن تخريب منشأة النفط "نطنز" لم يخفق فحسب في إخراج محادثات فيينا عن مسارها، بل قدّم في الواقع سبباً إضافياً إلى المحافظة على مسار الدبلوماسية.
يكمن التحدي الآن في استغلال الإدارة تأكيد أوستن على أن التزام الولايات المتحدة بأمن إسرائيل سوف يبقى "مُصفَّحاً" في حال إذا واصل نتنياهو وحلفاؤه في واشنطن رفض مسار الدبلوماسية مع إيران الذي ينتهجه البيت الأبيض.
وكشف موقع AXIOS الإخباري الأمريكي، الأربعاء 28 أبريل/نيسان 2021، إن الجانبين الأمريكي والإسرائيلي قد اتفقا على تنحية خلافاتهما قليلاً، والعمل في ملف النووي الإيراني بشكل مشترك.
وكشف مسؤول إسرائيلي كبير للموقع الرؤية الجديدة التي تمخضت عن محادثات جرت في واشنطن، الثلاثاء، بين مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض جيك سوليفان ونظيره الإسرائيلي مئير بن شبات.
وأشار المصدر للموقع إلى أن المسؤولين الإسرائيليين كانوا راضين للغاية عن الطريقة التي سارت بها الأمور، التي جاءت عكس مخاوفهم، قائلين إن سوليفان والمسؤولين الأمريكيين اتخذوا نهجاً إيجابياً ولم يحملوا ضغينة أيديولوجية أو شخصية تجاه إسرائيل.
وقال المسؤول: "الولايات المتحدة تحترم موقفنا من الاتفاق النووي الإيراني بغض النظر عن الخلاف، لا يريد أي من الجانبين الدخول في معركة علنية حول إيران كل أسبوعين".
وأعرب الإسرائيليون عن سعادتهم باختيار البيت الأبيض تأكيد تهديد إيران وحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، في بيانه بعد الاجتماع.
الإيرانيون ابتلعوا إهانة نطنز
ويبدو أن الإيرانيين من جانبهم قرروا ابتلاع إهانة الهجوم على منشأة نطنز، والمضي قدماً في المفاوضات الرامية لإحياء الاتفاق النووي الإيراني.
إذ يواجه القادة الإيرانيون، ولا سيما وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف والرئيس الإيراني حسن روحاني، ناهيك عن المفاوضين نيابة عنهما، معادلة صعبة بالمثل. مع اقتراب الانتخابات الرئاسية المزمع عقدها بعد أقل من شهرين، لا يمكنهم أن يسمحوا أن يُنظر إليهم على أنهم يتغاضون لعقد اتفاق يصب فقط في مصلحة المتشددين الذين يشككون في مجرد فرضية الوصول إلى اتفاقية يقولون إنها يمكن بكل سهولة إفشالها عن طريق الكونغرس أو رفضها من جانب إدارة أمريكية جديدة بعد 4 سنوات من الآن.
ولكن إذا لم يظهر أي اتفاق في الأفق، لن يكون هناك رفع للعقوبات، بل والأدهى أن آفاق وقوع صراع مسلح أوسع بين إيران وإسرائيل، بل وبين إيران والولايات المتحدة، سوف تتسارع. يبقى منطق الاتفاقية قوياً، حتى إذا كان طريق الوصول إليها مليئاً بالألغام التي يمكن أن ينفجر أي منها في أي لحظة.
وقال كبير المفاوضين الإيرانيين عباس عراقجي للتلفزيون الإيراني الرسمي: "نحن على الطريق الصحيح، لكن لا تزال هناك تحديات شاقة وتفاصيل صعبة".
الصواريخ ومخاوف الخليج
وبينما قال المسؤول إسرائيلي إن محادثات مستشاري الأمن القومي في أمريكا وإسرائيل ركزت أيضاً على التهديدات غير النووية من إيران، فيبدو أن مسألة التهديدات غير النووية لم تُثَر بشكل جوهري في هذه المرحلة من المفاوضات، ولاسيما برنامج إيران من الصواريخ الباليسيتية.
وأكدت الدول الغربية أن تركيزها الأول ينصب على إحياء الاتفاق النووي الإيراني القائم بالفعل، قبل التعامل مع تلك القضايا. وفي ظل مخاوف الحلفاء الخليجيين بشأن تلك الاستراتيجية، أجرى مبعوث الولايات المتحدة الخاص بإيران اتصالاً بالفيديو معهم يوم الثلاثاء.
وسيكون من بين التحديات التي تواجه الولايات المتحدة إقناع حلفائها الرئيسيين في منطقة الخليج بأن أي صفقة من شأنها أن تفتح الباب أمام التوصل إلى اتفاق نووي أقوى وأطول أجلاً، إلى جانب التعامل مع برنامج إيران للصواريخ البالستية وسلوكها في المنطقة.
وتنقل صحيفة "الشرق الأوسط" عن البروفيسور هاينز غارتنر، أستاذ العلوم السياسية في جامعة فيينا، قوله: المزاج السياسي الحالي يشبه الذي كان سائداً قبيل الاتفاق النووي الإيراني عام 2015. عندما "شعر" الرئيسان الأمريكي باراك أوباما (حينذاك) ونظيره الإيراني حسن روحاني بوجود فرصة واستغلالها، ما أدى للاتفاق.