ما قبل بايدن ليس كما بعده.. كيف تغيَّر خطاب محمد بن سلمان حول إيران، وما أسباب ذلك؟

عربي بوست
تم النشر: 2021/04/28 الساعة 10:30 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/06/15 الساعة 13:16 بتوقيت غرينتش
ما بين رفض التفاهم مع "إيران المتطرفة" والرغبة الآن بإقامة علاقات "مميزة وطيبة" معها.. كيف تغيَّر خطاب محمد بن سلمان بين زمنين/ عربي بوست

في تصريحات هي الأولى من نوعها، وبعد نحو 6 سنوات من قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين وتبادل التهم باستمرار "زعزعة استقرار المنطقة"، عبَّر ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان عن "رغبة بلاده في إقامة علاقات "مميزة وطيبة" مع جارتها إيران. 

وقال بن سلمان، الثلاثاء 27 أبريل/نيسان 2021،  في مقابلة بُثت عبر عدة قنوات سعودية إن المملكة تطمح لأن تقيم علاقات "مميزة وطيبة" مع إيران، قائلاً: "في الأخير إيران دولة جارة وكل ما نطمح أن يكون لدينا علاقة طيبة ومميزة معها". فما الذي تغيَّر؟ ولماذا جاءت هذه التصريحات الآن؟

تناقض تصريحات محمد بن سلمان حول إيران بين زمنين

الجديد في تصريحات محمد بن سلمان أنها تناقض بشكل كبير ما صرَّح به في مقابلة سابقة مع قناتَي العربية والحدث في 3 أيار/مايو 2017، حيث صرح قائلاً حول فكرة التفاهم مع إيران قائلاً إن "السعودية لا يمكنها التفاهم مع النظام الإيراني، لأن هذا النظام قائم على أيديولوجية متطرفة، لا توجد نقاط التقاء يمكن أن نتفاهم فيها مع هذا النظام"، مضيفاً: "كيف يمكن أن أتفاهم مع شخص أو نظام قائم على أيديولوجية متطرفة منصوص عليها في دستوره يريد السيطرة على العالم الإسلامي… لن ننتظر حتى تصبح المعركة في السعودية، بل سوف نعمل لكي تكون المعركة لديهم في إيران".

كانت تلك التصريحات الحادة إبان فترة حكم الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، والذي كان صديقاً لولي العهد السعودي وداعماً له في مواقف وأزمات عديدة، أبرزها اغتيال الصحفي السعودي المعارض جمال خاشقجي. كما انحاز ترامب قوة للرياض في الخلاف مع إيران وقام بإنهاء الاتفاق النووي وفرض عقوبات قاسية على طهران، في الوقت الذي قدم دعماً عسكرياً كبيراً للمملكة وأبرم مع ولي عهدها صفقات عسكرية ضخمة وصلت إلى 450 مليار دولار.

لكن يبدو أن رحيل ترامب عن البيت الأبيض وقدوم الديمقراطي جو بايدن الذي كان يتوعد بإعادة تقييم العلاقة مع السعودية دفع ولي العهد إلى تغيير موقفه تجاه طهران، خصوصاً في ظل النشاط الدبلوماسي الأمريكي والغربي المتصاعد لإعادة الاتفاق النووي مع إيران.

ويقول ولي العهد السعودي في مقابلته الأخيرة حول ضرورة تحسين العلاقة مع إيران: "لا نريد أن يكون وضع إيران صعباً، بالعكس، نريد لإيران أن تنمو وأن يكون لدينا مصالح فيها ولديها مصالح في المملكة العربية السعودية لدفع المنطقة والعالم للنمو والازدهار"، مضيفاً أن "إشكاليتنا هي في التصرفات السلبية التي تقوم بها إيران سواء من برنامجها النووي أو دعمها لميليشيات خارجة عن القانون في بعض دول المنطقة أو برنامج صواريخها الباليستية".

تصريحات ولي العهد تتزامن مع الحديث عن مفاوضات سعودية مع مسؤولين إيرانيين في بغداد

في السياق، لم يتطرق ولي العهد السعودي إلى اللقاء مع مسؤولين إيرانيين في بغداد، لكنه قال إن بلاده تعمل "مع شركائنا في المنطقة والعالم لإيجاد حلول لهذه الإشكاليات ونتمنى أن نتجاوزها وأن تكون علاقة طيبة وإيجابية للجميع".

وفي وقت سابق من الشهر الحالي، قال مصدر حكومي عراقي وآخر دبلوماسي غربي إن لقاء جمع مطلع نيسان/أبريل ببغداد وفدين رفيعي المستوى من السعودية وإيران. وبقيت هذه المناقشات سرية إلى أن كشفت عنها صحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية. وفيما نفت الرياض ذلك عبر صحافتها الرسمية، لم تعلق طهران على الأمر واكتفت بالتأكيد أن الحوار مع السعودية كان "دائماً موضع ترحيب".

وكان "عربي بوست" قد علم منذ يومين من مصادر خاصة مطلعة على سير تفاصيل مفاوضات إيران والسعودية في العراق، أن اجتماع 9 أبريل/نيسان 2021، بين مسؤولين أمنيين إيرانيين وسعوديين، لم يكن الأول من نوعه، وقد سبقه العديد من الاجتماعات.

وإلى الآن لم يخرج الإعلان الرسمي لنتائج سلسلة مفاوضات إيران والسعودية في العراق، لكن حسب المعلومات التي حصل عليها "عربي بوست" من سياسيين إيرانيين، فإن اجتماعاً آخر مرتقباً نهاية أبريل/نيسان الجاري، ومن المحتمل أن تُعلن بعده نتيجة هذه المفاوضات.

وبحسب المصادر ذاتها، تناولت زيارة وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف إلى العراق، الأحد 25 أبريل/نيسان 2021، مناقشة بعض الأمور الخاصة بالمفاوضات الإيرانية-السعودية مع الجانب العراقي.

وانطلقت منذ بداية 2021 مفاوضات ثانية بين إيران والمملكة العربية السعودية لبحث سبل إعادة إحياء العلاقات، ومناقشة بعض الملفات الأمنية العالقة بين البلدين.

محمد بن سلمان يقدم عرضاً لافتاً للحوثيين أيضاً

وتدعم كل من المملكة العربية السعودية وهي حليفة لواشنطن، وطهران التي تعادي الولايات المتحدة، أطرافاً متعارضة في النزاعات الرئيسية في الشرق الأوسط، خصوصاً في اليمن وسوريا والعراق.

وتتهم السعوديةُ إيرانَ بشكل خاص بدعم الحوثيين في اليمن الذين يهاجمون المملكة بطائرات مسيّرة وصواريخ باليستية رداً على قيادتها لتحالف عسكري ضدهم في البلد المجاور الغارق في الحرب.

وفي هذا السياق، دعا الأمير محمد بن سلمان، في مقابلته الأخيرة، الحوثيين إلى الجلوس على طاولة المفاوضات "للوصول إلى حلول تكفل حقوق الجميع في اليمن وتضمن أيضاً مصالح دول المنطقة".

وأضاف: "العرض المقدم من السعودية هو وقف إطلاق النار والدعم الاقتصادي وكل ما يريدونه مقابل وقف إطلاق النار من قِبل الحوثي والجلوس على طاولة المفاوضات"، وتابع: "لا شك أن الحوثي له علاقة قوية بالنظام الإيراني، لكن أيضاً الحوثي في الأخير يَمَني ولديه نزعة العروبية واليمنية، الذي أتمنى أن تحيا فيه بشكل أكبر ليراعي مصالحه ومصالح وطنه قبل أي شيء آخر".

تحميل المزيد