إنقاذاً للسلطة أم خشية دولية من وصول حماس؟ توجه لتأجيل الانتخابات الفلسطينية بعد ضغوط عربية وأمريكية

عربي بوست
تم النشر: 2021/04/28 الساعة 09:00 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/04/28 الساعة 09:14 بتوقيت غرينتش
الرئيس الفلسطيني محمود عباس، ورئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية خلال لقاء سابق - رويترز

يبدو أنه بات من شبه المؤكد أن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس يتجه إلى إصدار مرسوم رئاسي خلال الساعات القادمة يتضمن إعلاناً بتأجيل الانتخابات الفلسطينية التشريعية، نظراً لازدياد الضغوط الداخلية والخارجية التي تتعرض لها السلطة للدفع بتأجيل الانتخابات، من بينها مسألة رفض إسرائيل مشاركة سكان مدينة القدس في هذه الانتخابات.

وكانت السلطة هيأت الرأي العام الفلسطيني بقرار تأجيل الانتخابات، عبر التصريحات التي جاءت على لسان مسؤولين بارزين في السلطة وحركة فتح في الأسابيع الأخيرة، حملت تلميحاً بأن توجه عباس هو تأجيل الانتخابات إلى حين ترتيب الأوضاع الداخلية لحركة فتح بعد الهزات التي أحدثها تمرد ناصر القدوة ومروان البرغوثي، عضوي اللجنة المركزية، على الحركة، مما وضعها أمام خسارة محتملة في حال أجريت الانتخابات بسبب تشتت الأصوات.

ساعات حاسمة

عباس زكي، عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، قال في تصريح مقتضب لـ"عربي بوست" إنه لا قرار اتخذ من قبل الرئيس فيما يخص تأجيل الانتخابات حتى الآن، إذ يتوقف إجراؤها على متغير واحد وثابت حددناه في وقت سابق قبل إصدار مرسوم الانتخابات، بأنه لا انتخابات بدون القدس تصويتاً وترشيحاً ودعاية.

وأضاف المتحدث أن يوم الخميس 29 أبريل/نيسان سيكون موعداً للقاء هام وحاسم سيدعو له الرئيس كافة الفصائل الفلسطينية الـ14 التي شاركت في حوارات القاهرة، وليس الكتل السياسية التي تنافس في الانتخابات، لمناقشة الرد الإسرائيلي على قرار منع المقدسيين من المشاركة في الانتخابات، وسيتم اتخاذ القرار بعد التشاور مع الكل الوطني.

ضغوط أمريكية

على الجانب الآخر، لم تعد مسألة التدخل الإسرائيلي في الانتخابات مقنعة بالنسبة للفلسطينيين كذريعة لتأجيل الانتخابات، إذ كشف موقع "والا" العبري صباح الثلاثاء 27 أبريل/نيسان أن رئيس الشعبة السياسية بوزارة الخارجية الإسرائيلية، ألون بار، أكد أمام 13 سفيراً أوروبياً أن إسرائيل لا تنوي التدخل في الانتخابات الفلسطينية أو منعها، وأن قرار إجراء الانتخابات أو تأجيلها مرهون بيد رئيس السلطة محمود عباس.

أما صحيفة القدس المحلية المقربة من السلطة الفلسطينية، فكشفت في نفس اليوم أن الرئيس محمود عباس صادق على قرار تأجيل الانتخابات بفعل الضغوط العربية والأمريكية، نظراً لإمكانية تعرض حركة فتح لخسارة محتملة في حال أجريت الانتخابات.

وسبق أن كشفت ذات الصحيفة أن مسؤولاً في الخارجية الأمريكية أشار إلى أن إدارة بايدن لا تمانع تأجيل الانتخابات الفلسطينية، وهي ترى أن نتائج الانتخابات في حال أجريت قد تصب في طريق يعيق عملية السلام، ويقوض من فرص حل الدولتين، في إشارة إلى احتمالية خسارة حركة فتح مواقعها في السلطة لصالح حركة حماس.

ضغوط عربية وخشية من وصول حماس

مصدر قيادي في السلطة الفلسطينية أخفى هويته قال لـ"عربي بوست" إن رئيس السلطة يشعر أن دعوته لإجراء الانتخابات تمت بدون تنسيق مع الأطراف ذات العلاقة، وتحديداً إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية والأوروبيين والدول العربية.

وأضاف أنه لم تتوقف الضغوط والإشارات التي أبدتها هذه الدول لمعرفة توجه الرئيس في اليوم التالي لإجراء الانتخابات، فحكومة وحدة تضم حركة حماس ستكون مرفوضة دولياً، ولن يتم التعامل معها، تكراراً لما جرى في انتخابات 2006، حيث ستتعرض السلطة لحصار مالي قد يتسبب في فوضى سياسية وأمنية لن تسمح بها إسرائيل.

محمود عباس والملك عبد الله الثاني (رويترز)
محمود عباس والملك عبد الله الثاني (رويترز)

وأوضح أن المسألة الثانية هي إمكانية رفض نتائج هذه الانتخابات من قبل المجتمع الدولي، في حال استطاعت حركة حماس الوصول إلى نسبة عالية في مقاعد المجلس الوطني، وبالتالي اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، مما يمنحها شرعية، ويزيد من فرص سيطرتها على مفاصل القرار السياسي، وهو ما يرفضه الكثير من أعضاء اللجنة المركزية لحركة فتح.

المتتبع لسلوك السلطة يجد أن قرار تأجيل الانتخابات مرهون بعاملين، الأول الضغوط الخارجية التي تمارسها دول عربية كالأردن ومصر، التي تبدي قلقها من أن إجراء الانتخابات في ظل هذه الظروف التي تعيشها حركة فتح سيتسبب في خسارتها لصالح فوز محتمل لحركة حماس، التي تبدو الأكثر استعداداً لاستحقاق الانتخابات مقارنة بحركة فتح التي تنافس الانتخابات في ثلاث قوائم منفصلة.

أما العامل الثاني فمرتبط بموقف الإدارة الأمريكية التي أبدت رغبتها بإعادة السلطة النظر في مسألة إجراء الانتخابات، حيث تخشى السلطة من صدام محتمل مع إدارة بايدن في حال أسفرت نتائج الانتخابات عن فوز حركة حماس، ما يعني تكرار تجربة عام 2006 حينما تعرضت السلطة لحصار مالي من قبل الولايات المتحدة الأمريكية.

قرار فتحاوي داخلي

تيسير نصرالله عضو المجلس الثوري لحركة فتح قال لـ"عربي بوست" إن المداولات التي جرت في اجتماع اللجنة المركزية لحركة فتح خلال الساعات الماضية ناقشت مسألة الرد الإسرائيلي برفض إجراء الانتخابات في مدينة القدس، ومنع أي فعالية انتخابية فيها، لذلك فقرار الرئيس في حال صدر بتأجيل الانتخابات ليس مرتبطاً بضغوط عربية أو أمريكية، بل لأن السلطة وضعت شرطاً لن تتنازل عنه وهو اعتبار القدس الشرقية جزءاً لا يتجزأ من أرض فلسطين.

وأضاف المتحدث أنه فيما يخص صدور قرار تأجيل الانتخابات، فلن تنفرد حركة فتح بقرار وطني تتحمل مسؤولياته لوحدها، بل سيصدر قرار إجراء أو تأجيل الانتخابات بعد مداولات ستجريها قيادة الحركة مع كافة فصائل العمل الوطني، وفي انتهاء الاجتماع سيصدر مرسوم يحدد نتائج المداولات التي قادتها الحركة، يوم الخميس.

وتابع أننا "دعونا لإجراء هذه الانتخابات، ولسنا قلقين على النتائج، بغض النظر عن المخاوف التي تبديها بعض الدول العربية أو الأوروبية، وحتى الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، لأننا في حركة فتح نعتبرها شأناً داخلياً، ولا نسمح لأي دولة أن تفرض اشتراطات علينا".

معارضة التأجيل

من المتوقع أن يجد عباس معارضة لقرار تأجيل الانتخابات، فتوقيت صدوره يأتي قبل أقل من شهر على موعد الانتخابات التشريعية المقررة يوم 22 مايو/أيار، وقبل أيام على بدء الدعاية الانتخابية المقررة في 30 أبريل/نيسان، مما يعني تعرض الحالة الفلسطينية لانتكاسة جديدة، قد تفتح الباب أمام سيناريوهات غير متوقعة.

مصطفى الصواف، الكاتب والمحلل السياسي من غزة، قال لـ"عربي بوست" إنه لا مبرر أمام عباس لتأجيل الانتخابات، فحركة فتح ستكون الخاسر الأكبر من قراره في حال صدوره، ومن ضمن السيناريوهات أن نجد شكلاً من التحالفات السياسية تضم قوى ليبرالية ويسارية وإسلامية ومستقلين تتفق على برنامج وطني يتجاوز دور السلطة وحركة فتح، وقد يكون قطاع غزة نقطة لانطلاق هذا البرنامج، ثم يبدأ بممارسة الضغوط على السلطة في الضفة الغربية.

تحميل المزيد