تراجعت خسائر الأسواق التركية اليوم الثلاثاء 23 مارس/آذار بالتزامن مع تهافت بعض المستثمرين على إجراء صفقات في البورصة التركية، مستغلين تراجع أسعار الأسهم خلال اليومين الماضيين، بعد إقالة محافظ البنك المركزي التركي ناجي إقبال.
كما ارتفعت الليرة التركية اليوم الثلاثاء بنسبة 1% بعد تراجعها أمس لتقترب من أدنى مستوى قياسي لها، حسبما ورد في تقرير لوكالة Reuters.
في المقابل، كان الروبل الروسي من بين أكبر الخاسرين بين العملات الرئيسية في العالم اليوم الثلاثاء، إذ تراجع 0.8% إلى أدنى مستوياته منذ الخامس من فبراير/شباط 2021 مع استعداد روسيا لجولة جديدة من العقوبات الأمريكية بسبب ما تقول واشنطن إنه تدخل في الانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2020، وهو ما تنفيه موسكو.
وسجل مؤشر الأسهم الرئيسي في البورصة التركية أكبر انخفاضٍ له منذ 20 عاماً أمس الإثنين، وبدأ مؤشر بيست 100 العمل اليوم الثلاثاء بتراجع بنحو 9%، مما أدّى وقف التداول لتقليل الخسائر، ولكن بعد ساعات قليلة، عوّضت الأسهم التركية كافة خسائرها تقريباً، حسبما ورد في تقرير لوكالة Bloomberg الأمريكية.
سر استعادة الأسهم التركية لجزء من خسائرها
وبعد تراجع الأسعار في البورصة التركية يوم الإثنين 22 مارس/آذار في أعقاب قرار الرئيس رجب طيب أردوغان إقالة محافظ البنك المركزي ناجي إقبال، بدا أنّ الأسواق قد هدأت أخيراً عقب التصريحات المطمئنة من المسؤولين الأتراك.
إذ قال يغيت بولوت، كبير مستشاري أردوغان، إنّ البنك المركزي سيتجنّب أي خطوات كبيرة في عهد المحافظ الجديد، شهاب قافجي أوغلو. كما أكّد على نظرية السياسة النقدية لأردوغان، التي تفترض أنّ التضخم المرتفع ينتج عن ارتفاع أسعار الفائدة.
وأدى انخفاض يوم الإثنين إلى محو معظم مكاسب الليرة الكبيرة التي تحققت منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2020.
أسهم الشركات المصدرة تقود البورصة التركية
قال سميح كارا، كبير مسؤولي الاستثمار في Tacirler Asset Management، وهو صندوق الأسهم صاحب أفضل العوائد عام 2020: "بدأنا في إزالة بعض التحفظات لأنّنا نرى فرصاً للربح في بعض الأسهم التركية".
وأضاف كارا أنّ الصندوق يتطلّع في الأغلب إلى إضافة أسماء غير مصرفية، وخاصة من أسهم المصدرين والشركات صاحبة المراكز المالية القوية التي ليست لديها ديون بالعملات الأجنبية.
وقد قلص مؤشر بيست 100 خسائره ليتراجع بنسبة 1.7% حتى الساعة 12:31 مساءً بتوقيت إسطنبول، وذلك بفضل مكاسب أسهم المصدرين والشركات التركية صاحبة الدخل بالعملات الأجنبية. بينما خسر مقياس أسهم البنوك 6.8% بعد تراجعٍ وصل إلى 9.6% في وقتٍ سابق.
وقال أكبر خان، مدير إدارة الأصول في شركة الريان للاستثمار بالدوحة: "كان أمام المستثمرين موقفٌ صعب عليهم القبول به مع ظهور محافظٍ جديد للبنك المركزي. إذ كان إقبال قد بنى سريعاً مصداقيةً ثمينة مع المستثمرين بفضل إجراءاته الاستباقية، لذا فقد أدى رحيله المفاجئ- إلى جانب عدم وضوح السياسة المتبعة مستقبلاً- إلى ترك المستثمرين في حالة قلقٍ من حدوث الأسوأ".
وارتفعت الليرة بنسبة 0.4% لتصل قيمتها إلى 7.7727 مقابل الدولار في تمام الـ10:58 صباح الثلاثاء 23 مارس/آذار 2021 بتوقيت إسطنبول، بعد تراجعها بنسبةٍ تصل إلى 15% يوم الإثنين.
لكن متداولي عقود الخيارات كانوا الأكثر تحاملاً على العملة حتى تاريخه، وفقاً لما أظهرته انعكاسات المخاطر لشهرٍ واحد.
بينما ارتفع العائد على سندات الـ10 سنوات للعملة المحلية القياسية في تركيا بتسع نقاط أساس ليصل إلى 18.98%، وهو أعلى مستوى له منذ مايو/أيار عام 2019، في أعقاب قفزته التاريخية بـ483 نقطة أساس يوم الإثنين.
وقال ييرلان سيزديكوف، الرئيس العالمي للأسواق الناشئة في Amundi، أكبر شركة لإدارة الأصول في أوروبا مع 1.7 تريليون يورو (2 تريليون دولار): "ما سيحدد رغبة المستثمرين في الاستثمار في الليرة التركية على المدى الطويل هو تقييم قدرة الفريق الاقتصادي الجديد على الحفاظ على استقرار الاقتصاد الكلي، وتقديم إطار شفاف للسياسة النقدية والمالية".
واللافت أن الأسواق لم تتفاعل بقوة مع ارتفاع الدولار في الأسابيع الأخيرة حيث راهن المستثمرون على أن التعافي الاقتصادي العالمي سيحفز شراء عملات الأسواق الناشئة.
اقتصاد قوي ومعادلة صعبة
ولدى الاقتصاد التركي قطاع تصنيع متطور مقارنة بمعظم الأسواق الناشئة الأخرى وعملة يتم تداولها بكثافة دولياً ومتطلبات التمويل الخارجي الكبيرة، مما يجعلها عرضة للتذبذب والتأثر لمعنويات المستثمرين العالمية.
ويواجه الاقتصاد التركي معادلة صعبة، إذ كان أداؤه ثاني أفضل اقتصاد في مجموعة العشرين بعد الصين في الربع الثالث من العام الماضي في ظل معاناة العالم من جائحة كورونا.
هذا الأداء تحقق بفضل حملة تحفيز مالية نفذتها الحكومة ولكنها ضحت بالليرة واستقرار الأسعار، حسب تقرير سابق لوكالة Bloomberg الأمريكية.
ومن شأن التركيز على رفع أسعار الفائدة كما فعل محافظ البنك المركزي التركي المقال، أن يجعل الليرة جاذبة لمستثمري الأموال الساخنة، ولكنه قد يؤثر على النمو الاقتصادي، ويرفع تكلفة الاقتراض للشركات.
كما أن اقتصاديات الناشئة التي عمدت للتركيز على السياسات المالية التي ترضى مستثمري الأموال الساخنة حققت بعض الاستقرار النقدي، ولكن جنوب إفريقيا تقدم درساً أن ذلك جاء على حساب عوامل أخرى قد تكون ذات أهمية كبيرة، حسب وكالة رويترز.
فاقتصاد جنوب إفريقيا على سبيل المثال يعاني حالة من الركود، ومن المرجح أن يصل عجز الميزانية لهذا العام إلى 14% من الناتج المحلي الإجمالي، وخفضت وكالات التصنيف تصنيفها الائتماني إلى "غير مرغوب فيه".
كما يشير انحدار منحنى العائد إلى مخاوف طويلة الأجل بشأن قدرة الحكومة على سداد مستحقاتها في عام 2024، وستستهلك تكاليف خدمة الدين 16% من الإنفاق الحكومي.
في المقابل، أعلنت وزيرة التجارة التركية روهصار بكجان، أن صادرات البلاد سجلت زيادة تعد قياسية والأعلى بين كافة أشهر فبراير/شباط منذ تأسيس الجمهورية التركية عام 1923، معربة عن ثقتها في زيادة الصادرات التركية خلال العام 2021.