مع تواصل الارتفاع القياسي لسعر البيتكوين، تحول السؤال من هل نشتريها أم لا إلى سؤال هل هي أفضل من الذهب كاستثمار طويل الأجل؟ 10 خبراء يجيبون عن سؤال الساعة بشأن العملة الرقمية.
فقد حقق سعر العملة الرقمية أو البيتكوين رقماً قياسياً جديداً في تعاملات الجمعة 19 فبراير/شباط الجاري لتتخطى 53 ألف دولار أمريكي، وهو ما يعني أن مكاسب البيتكوين خلال عام واحد أكثر من 81%، بحسب تقرير لموقع بيزنيس إنسايدر الأمريكي.
وأرجع محللون ماليون السبب وراء تلك القفزة التي حققتها البيتكوين إلى إعلان شركة تيسلا الأمريكية التي يمتلكها الميلياردير إيلون ماسك أنها قد اشترت ما قيمته 1.5 مليار دولار من البيتكوين خلال يناير/كانون الثاني الماضي، وقالت الشركة في بيان مطلع فبراير/شباط الجاري أنها ستقبل البيتكوين كعملة في تعاملاتها مع العملاء.
وبعد أن كان السؤال الأكثر تردداً في الفترة الأخيرة: هل نشتري البيتكوين أم لا؟ أصبح السؤال الآن: أيهما أفضل.. البيتكوين أم الذهب؟ وكانت وكالة بلومبيرغ الأمريكية قد نشرت تقريراً يجيب عن السؤال الأول من خلال إجابات متعددة من عدد من الخبراء والمستثمرين.
ونشر موقع Business Insider الأمريكي تقريراً يقارن بين العملة الرقمية الشهيرة ومخزن القيمة المعروف تاريخياً، وهو الذهب، مستطلعاً رأي 10 خبراء، فماذا قالوا؟ وأشار الخبراء إلى أنه غالباً ما يُنظر إلى كلا الأصلين على أنهما طرق مختلفة لتنويع المحفظة الاستثمارية أو كأداة تحوطٍ ضد تضخم العملة الورقية الناجم عما يراه بعض المراقبين على أنه سياسات مالية ونقدية غير مستدامة.
ومع ذلك، حتى وقت قريب، كان من النادر رؤية محللي "وول ستريت"، أو الرؤساء التنفيذيين أو المستثمرين المخضرمين، وهم يقارنون بجدية بين البيتكوين والذهب بوصفهما أصلين لتخزين القيمة. إذ جرت العادة أن يُنظر إلى البيتكوين، الذي يشير إليه كثيرون باسم "الذهب الرقمي"، على أنه من نوعية استثمار المضاربة المحفوف بالمخاطر والذي يجذب عادةً أولئك الذين يتطلعون إلى الأرباح السريعة على المدى القصير. على الجانب الآخر، لطالما كان ينظر إلى الذهب باعتباره أصلاً آمناً لحفظ القيمة وتبادلها.
ماذا يقول أنصار الاحتفاظ بالذهب؟
يقول ديفيد روزنبرغ، رئيس شركة Rosenberg Research للاستشارات المالية وكبير الخبراء الاقتصاديين والاستراتيجيين السابق بشركة Merrill Lynch، إن "تصويته سيكون للذهب لأنه يرتكز إلى سجل تاريخي ممتدٍّ لآلاف السنين كمخزن للقيمة، ولا تزيد نسبة تقلباته عن خمس معدل التقلبات التي تمر بها عملة البيتكوين، كما أنه لا يواجه هذا القدر من مخاطر المنافسة التي تخوضها. واليوم الذي تختار فيه ملكة بريطانيا إليزابيث مقايضة أرطال الذهب الخمسة في تاجها بالاستثمار في العملات المشفرة هو اليوم الذي سأغير فيه رأيي".
ويفق معه فيل بيكر رئيس شركة Hecla Mining للتعدين ومديرها التنفيذي، بقوله إن "الذهب والفضة لطالما كانا مخازن للقيمة ووسائط للتبادل على مدى 4 آلاف عام على الأقل من عمر الحضارات كافة وفي كل ركن من أركان العالم. كما أن الذهب لديه سبل إمكانية وصول لا مثيل لها للناس من جميع المستويات الاقتصادية وعلى اختلاف معارفهم التكنولوجية. كما أن الذهب هو العملة النهائية للبنوك المركزية، والفضة كذلك للناس. ومع ذلك، فإن هناك مساحة أيضاً للعملات المشفرة لأن طبيعتها الرقمية تشكّل اختلافاً أساسياً عن الذهب والفضة. غير أن هذه الخاصية تكفل أيضاً ألا تحل العملات المشفرة محل الذهب والفضة في أي وقت من الأوقات، وأن الأمور ستؤول إلى تحسن قيمة المعادن في النهاية".
كما تستعرض سيلفيا كاراسكو الرئيس التنفيذي لتطبيق الاستثمار الرقمي في الذهب Goldex ومؤسِّسته، ما تراه عوامل حاسمة للتشكيك في ما يذهب إليه القائلين إن العملات الرقمية ستأكل من حصة الذهب، وتقول إنه على الرغم من اشتراك البيتكوين والذهب في التمتع بمزايا كبيرة على العملات الرقمية، فإن "عملة البيتكوين تنظوي دائماً على احتمالية الاختفاء يوماً ما إذا صدرت ضدها تشريعات معادية جوهرية. وقد تم بالفعل حظر بعض مشتقات بيتكوين. كما مُنعت شركات مثل فيسبوك من المضي قدماً في محاولتها لإطلاق عملة رقمية. من ثم، وفي حين أن البيتكوين هو شكل حديث من أشكال الاستثمار الذي يتلقى بلا شك قدراً كبيراً من الزخم والضجيج، فإن الذهب يظل أصلاً احتفظ بقيمته عبر القرون، وما إذا كانت عملة البيتكوين ستقدم ذلك يبقى أمراً مشكوكاً فيه بشدة".
وفي معرض تأييده للذهب، يقول مايكل رينولدز مسؤول إستراتيجيات الاستثمار في شركة Glenmede، إن "أحد الافتراضات الكامنة وراء حالة البيتكوين بوصفه أحد الأصول الصاعدة هو العرض المحدود، ومع ذلك فإن واقع الأمر أن المعروض من العملات المشفرة، في العموم، غير محدود من الناحية النظرية. كما أن البعض يمتدح البيتكوين باعتباره أداة تنويع للمحفظة الاستثمارية، لكنه أظهر حتى الآن ارتباطاً أعلى بقيمة الأسهم عن الوضع مع الذهب، لا سيما خلال الفترات التي تشهد ضغوطاً في سوق الأسهم وعندما يميل التنويع إلى إضافة أكبر قيمة".
ويذهب روبرت مينتر، مدير إستراتيجيات الاستثمار في شركة Aberdeen Standard Investments إلى أن "هناك اختلافات واضحة جداً [تكفل اختيار الذهب]. فالذهب يعود تاريخ اعتباره لبنة أساسية في سبل التبادل النقدي العالمية إلى 5 آلاف عامٍ مضت، ومن ثم فهو قد خضع لاختبار الزمن، أمَّا عمر عملة البيتكوين فهو 10 سنوات فقط، والأدهى من ذلك أن معدل الانحراف المعياري [مؤشر قياس انحرافات السعر عن المتوسط المتحرك، أي قياس مستوى التذبذب والتقلبات في السعر] لسعر البيتكوين يبلغ 75 %، ما يجعل البيتكوين مخزناً مروعاً للقيمة".
ماذا يقول أنصار البيتكوين؟
أنتوني بومبلانو مؤسس Pomp Investments للاستثمارات ومؤسس مشارك في Morgan Creek Digital Assets، يعد أحد الأنصار المتحمسين لعملة البيتكوين، ويستند فيه تأييده إلى أن "عملة البيتكوين ارتفعت بمقدار 100 ضعف عن الذهب كمخزن للقيمة"، ويقول بومبلانو إن العالم كله يدرك ذلك وبدأ بالفعل في إعادة تقييم العملات الرقمية. ومن ثم، فهو "يعتقد أن القيمة السوقية لعملة البيتكوين ستتجاوز القيمة السوقية للذهب بحلول عام 2030. ولهذا السبب لا يمتلك ذهباً ولديه نسبة مادية من صافي ثروته مستثمرة في البيتكوين".
ويشير بافيل ماتفيف، الرئيس التنفيذي لشركة Wirex لخدمات الدفع الإلكتروني، إلى التطورات الأخيرة التي تدفع كلها، بحسب ما يرى، إلى صعود البيتكوين، ويقول: "إن عمليات التداول على العملات الرقمية بدأت تستحوذ على اهتمام ملايين الأشخاص الذين لم يكونوا ينظروا إلى العملات الرقمية سابقاً بوصفها أحد الأصول البديلة. غير أن البيتكوين والعملات الرقمية تختلف في أنها ممكنة التداول بسهولة على المنصات الرقمية. كما أن شركات عالمية تقدمية فتحت الباب أمام تلقي المدفوعات بعملة البيتكوين، وشركات كبرى مثل (تسلا) تقوم بدور نشط في الترويج لعملة البيتكوين. وكل هذه السيولة وسهولة التبادل والاستخدام الأوسع نطاقاً في الاقتصاد الحديث هي بعض عوامل التفاضل الرئيسية التي تنحاز إلى البيتكوين والعملات الرقمية".
وفي نفس المسار، يقول دانيال آيفز العضو المنتدب وكبير خبراء أبحاث الأسهم في شركة Wedbush Securities للخدمات المالية والاستثمار، إنه "استناداً إلى الوتيرة الحالية لصعود الذهب الرقمي (البيتكوين) وشيوع استخدامه على مستوى العالم، نعتقد أن البيتكوين سيتحول إلى فئة أصول رئيسية في المستقبل".
ومن ناحية أخرى، يرتكز جي بي ثيروت الرئيس التنفيذي لشركة Uphold، وهي منصة إلى الإمكانيات الطموحة التي تختص بها العملات الرقمية، فإلى جانب اشتراكها في الصفات الدفاعية (الاحتفاظ بالقيمة) مع الذهب، تمتلك عملة البيتكوين إمكانية الصعود إلى مضاعفات مذهلة، وذلك في حين أنه لا أحد يعتقد أن الذهب قد يفعل ذلك. كما أن الكمية المتاحة للتداول من عملة البيتكوين كميةٌ محدودة، على خلاف الذهب. ولا زيادة في الطلب يمكن أن تغير ذلك [عملات البيتكوين الجديدة يتم إنشائها بمعدل متناقص ويمكن التنبؤ به، ما يعني أن الطلب يجب أن يأتي لاحقاً على حساب هذا المستوى من التضخم لكي يبقى السعر ثابتاً]. وهذا يجعل قابلية السعر للتطاير شديدة المحدودية".
أما مايك فينوتو، مدير محفظة استثمارية مشارك في صندوق Amplify Transformational Data Sharing ETF الاستثماري الذي تبلغ قيمة استثماراته 1 مليار دولار، فيقول إنه "من المحتمل ان يختار البيتكوين، لكن لماذا لا يكون كلاهما؟ فالتحوط [تقليل المخاطر الاستثمارية وتحقيق عوائد في الوقت نفسه] في الاستثمارات هو تنويعها، ومن ثم يمكن استخدام البيتكوين وسيلةً للتحوط من أي خسارة للأموال في استثمارات أخرى".