على نحو غير معتاد من قائد لأركان الجيش الإسرائيلي، حذر الجنرال الإسرائيلي أفيف كوخافي، يوم الثلاثاء 26 يناير/كانون الثاني 2021، من أن الجيش الإسرائيلي أعد خططاً هجومية محتملة على إيران، بهدف إحباط محاولاتها للاقتراب من قنبلة نووية، محذراً أن "أي عودة أمريكية إلى الاتفاق النووي مع طهران ستكون "خطأ"، حسب تعبيره.
وأضاف رئيس أركان الجيش الإسرائيلي خلال مؤتمر بمعهد دراسات الأمن القومي بجامعة تل أبيب، أنه "في ضوء هذا التحليل الأساسي، أصدرت تعليماتي للجيش الإسرائيلي بإعداد عدد من الخطط العسكرية، بالإضافة إلى تلك الموجودة بالفعل"، مشيراً إلى أن "الأمر سيكون متروكاً للقيادة السياسية، لاتخاذ قرار بشأن تنفيذ أي هجمات ضد إيران، لكن هذه الخطط يجب أن تكون مطروحة على الطاولة".
تحذيرات إسرائيلية حادّة وغير مسبوقة لإدارة بايدن
وحملت هذه التصريحات "غير المسبوقة" تحذيرات واضحة إلى الرئيس الأمريكي جو بايدن، ليخطو بحذر في أي مشاركة دبلوماسية مع إيران، حيث يقول كوخافي إن "العودة إلى الاتفاق النووي لعام 2015، أو حتى عقد اتفاق جديد مع بعض الشروط، هو أمر خاطئ وسيئ من وجهة نظر استراتيجية إسرائيلية، وإنه بدلاً من ذلك يجب تشديد العقوبات على إيران".
وتعد مثل هذه التصريحات من قبل رئيس أركان الجيش الإسرائيلي حول خطط السياسة الأمريكية نادرة، ومن المحتمل أن تكون قد حصلت على موافقة مسبقة من قبل رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو.
وانتقدت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية تصريحات كوخافي، قائلة "إن رئيس الأركان وضع نفسه في موضع رئيس الوزراء ضد الأمريكيين". مضيفة أنه "لم يسبق لأحد من رؤساء الأركان أن تحدّث بحدة شديدة كهذه"، وأنه "ليس من المفترض أن يصدر الضابط الأول في الجيش الإسرائيلي تعليمات للولايات المتحدة حليفتنا الرئيسية، التي تواصل تمويلها لنا بـ3.8 مليار دولار كمساعدة أمنية سنوية، حتى في خضم أزمة اقتصادية عالمية غير مسبوقة".
من جانبها، علقت صحيفة "إسرائيل هيوم"، المدعومة من قبل اليمين الإسرائيلي بالقول إن "خطاب رئيس الأركان كوخافي كان بالعبرية، لكن كان هناك متلقّون رئيسيون باللغتين الإنجليزية والفارسية، وإن الهدف من هذه الرسالة هو أن يتردد صداها من واشنطن إلى طهران، ومن إدارة بايدن إلى مكتب آية الله خامنئي".
وتضيف الصحيفة: "أراد رئيس الأركان أن يوضح لكليهما (بايدن وخامنئي) أن إسرائيل ستواصل حربها ضد البرنامج النووي الإيراني… لقد أوضح نتنياهو بالفعل أنه سيعارض أيضاً أي اتفاق محسّن مع طهران، ودعم رئيس الأركان لنتنياهو له وزن كبير في السياسة الإسرائيلية".
وتردف الصحيفة "أن كوخافي كان قد وزن موقفه جيداً قبل اختيار إقحام نفسه -وضمنياً الجيش الإسرائيلي- في مواجهة حتمية على ما يبدو بين تل أبيب وواشنطن حول إيران وملفها النووي".
"سنذهب بمفردنا إلى الحرب إن لزم الأمر".. الإسرائيليون يضغطون بشدة على بايدن
وتخلى سلف بايدن، دونالد ترامب، عن الاتفاق النووي مع إيران في 2018- وهي خطوة رحّب بها بشدة رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو، الذي يرفض تخفيف أي عقوبات على إيران، لأنها "قد تؤدي لاحتمال تطوير طهران أسلحة نووية".
وكان وزير الخارجية الأمريكي الجديد أنطوني بلينكين قد صرح الأسبوع الماضي بأن "الولايات المتحدة ما زالت بعيدة عن تقرير ما إذا كانت ستنضم إلى الاتفاق النووي مع إيران وإنها ستحتاج لمعرفة ما فعلته طهران بالفعل لاستئناف الامتثال للاتفاق التاريخي".
ومنذ انسحاب واشنطن من الاتفاق، خرقت إيران تدريجياً حدودها الرئيسية من التخصيب، وعززت مخزونها من اليورانيوم إلى مستويات أعلى من درجة النقاء، بالإضافة إلى تركيب أجهزة طرد مركزي بطرق يحظرها الاتفاق النووي.
وقال كوخافي "إن هذه التصرفات من جانب إيران، التي تنفي أنها تسعى لامتلاك أسلحة ذرية، تظهر أنها قد تقرر في النهاية المضي قدماً بسرعة نحو بناء سلاح نووي".
وتقول صحيفة "إسرائيل هيوم" إن رسالة كوخافي لبايدن باختصار شديد "أننا سنتصرف بمفردنا إذا لزم الأمر"، وأن "إسرائيل ستكون سعيدة بانضمام الولايات المتحدة إليها في الحرب ضد البرنامج النووي الإيراني، لكنها لن تتردد في القيام بذلك من تلقاء نفسها".
من جانبها، تقول تريتا بارسي، المحللة من معهد كوينسي في واشنطن، إن تصريحات كوخافي كانت رسالة تحذير واضحة إلى بايدن، وأنه حتى قبل أن يؤدي بايدن اليمين الدستورية، كانت حكومة نتنياهو تلاحقه بشدة للضغط عليه لعدم العودة إلى الاتفاق النووي".
وتضيف بارسي للجزيرة الإنجليزية، أن التهديدات الإسرائيلية العلنية بخوض الحرب ضد طهران إذا عادت الولايات المتحدة للاتفاق النووي، خطيرة للغاية، وتأتي في مرحلة مبكرة لإدارة بايدن"، مشيرة إلى نتنياهو "بدأ بشكل فريد وعلى الفور بتوجيه اللكمة الأولى لبايدن".
طهران: سنردّ بقوة على أي تهديد لأمننا
وردّ ممثل إيران في الأمم المتحدة على تصريحات كوخافي بالقول إن "إسرائيل تواصل الكذب والخداع، لإظهار أن برنامجنا النووي يُشكل تهديداً للمنطقة، وأن هذه التهديدات تهدف للتعتيم على أسلحتها النووية وتهديد استقرار المنطقة".
وقال مجيد تخت روانجي، مساء الثلاثاء، إن "بلاده تحتفظ بحقها في الرد على أي تهديدات من قبل إسرائيل، وإننا لن نتردد في الدفاع عن بلادنا وسنرد بقوة على أي تهديد لأمننا".
كما قال مكتب الرئيس الإيراني حسن روحاني، في بيان الأربعاء، "إن تهديدات إسرائيل جزء من حرب نفسية لا قيمة لها، لكننا لن نتردد في الدفاع عن بلادنا، وإنه على إسرائيل أن تدرك أن زمن ترامب انتهى، والقرار الأمريكي لم يعد في يدها"، بحسب البيان.
وتصاعدت التوترات في الشرق الأوسط بسرعة بعد سلسلة من الهجمات والحوادث العسكرية، حيث شنت الولايات المتحدة حملة "الضغط الأقصى" بفرض سلسلة من العقوبات العقابية التي شلّت الاقتصاد الإيراني خلال فترة ترامب.
وفي يناير/كانون الثاني 2020، اغتيل قاسم سليماني، قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني ومهندس أجهزتها الأمنية الإقليمية، في غارة جوية أمريكية بالقرب من مطار بغداد الدولي، حيث دفع اغتياله البلدين إلى شفا الحرب. كما اغتيل محسن فخري زادة في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وهو أبرز عالم نووي في إيران، خلال هجوم معقد خارج طهران، حيث ألقت طهران باللوم على إسرائيل في عملية القتل هذه.
ونفّذت إيران سلسلة من المناورات العسكرية واسعة النطاق في الأسابيع الأخيرة، بما في ذلك المناورات البرية والجوية والبحرية على طول ساحل مكران وبحر عمان. جاءت التدريبات بعد أن جعلت الولايات المتحدة قاذفات B-52 تحلق فوق المنطقة، وهي المرة الخامسة خلال الشهرين الماضيين.
ويقول محللون إن طهران تهدف من المناورات العسكرية والصاروخية وتدريبات الطائرات المسيرة إلى إظهار قوتها للجمهور الإيراني، بينما ترسل رسالة إلى الإدارة الأمريكية الجديدة بأن المفاوضات المحتملة بين البلدين لن تكون سهلة.