في خطوة مهمة جداً بالنسبة لصناعة الطائرات الصينية، أفادت تقارير بأن الصين سوف تستغني عن المحركات الروسية في المقاتلات التي ستدخل الخدمة مستقبلاً وستستبدلها بجيل جديد من محركات الطائرات الصينية الصنع.
فقد ذكرت صحيفة ساوث تشاينا مورنينغ بوست مؤخراً أن النماذج المستقبلية من مقاتلات الشبح الصينية من الجيل الخامس J-20 لن تزود بعد الآن بمحركات AL-31F الروسية، بل بنوع من محركات الطائرات الصينية الصنع.
ويبدو أن القرار نابع من إصرار روسيا على ربط مبيعات محركات AL-31F المستقبلية بمزيد من صفقات استيراد الصين لطائرات Su-35، حسبما ورد في تقرير لمجلة The National Interest الأمريكية.
واستبعد مصدر مطلع لصحيفة Morning Post: " أن تعتمد الصين على المحرك الروسي لأن روسيا طلبت من الصين شراء المزيد من الطائرات المقاتلة Su-35 مقابل صفقات محركات AL-31F".
كانت القوات الجوية لجيش التحرير الشعبي الصيني أول زبون أجنبي يستورد Su-35، وهي واحدة من أكثر مقاتلات التفوق الجوي الروسية تقدماً..
في عام 2015 أُبرم عقد بين الجانبين لشراء الصين 24 وحدة. لكن يُقال إن القوات الجوية الصينية لم تعد مهتمة بالحصول على طائرات Su-35 إضافية، حيث يزعم مصدر Morning Post أن صناعة الطائرات المحلية في الصين قد حققت قدرات مماثلة، إن لم تكن متفوقة، مع المقاتلة الهجومية J-16: (نسخة مقلدة ومطورة من طائرات سوخوي 27 وسوخوي 30 الشهيرة).
المشكلة الرئيسية هي- باستثناء ميزة المدى القتالي الأطول- أن الرادار ونظام الملاحة والمكونات الإلكترونية الأخرى في طائرات Su-35 أدنى من الطائرات الصينية مثل المقاتلة J-16.
مع وصول بكين وموسكو إلى طريق مسدود بشأن المزيد من مبيعات AL-31F، قررت القوات الجوية الصينية التحول إلى استخدام أشهر محركات الطائرات الصينية الصنع وهو المحرك المحلي WS-10C، وهو نسخة متقدمة من محرك Shenyang WS-10 الذي يعد محصلة لجهود بكين لتطوير محركات الطائرات الصينية الصنع تناسب المقاتلات الحديثة والتي بدأت قبل ربع قرن.
وأكد المصدر المطلع لـMorning Post أن طرازات J-20 المستقبلية ستزود بمحركات WS-10C، والتي يقال إنها مماثلة في الأداء للمحركات الروسية من طراز AL-31F.
محركات الطائرات الصينية الصنع
ويمكن اعتبار WS-10 أول جيل من محركات الطائرات الصينية الصنع الحديث المخصصة للمقاتلة.
ويقال إن مشروع WS-10 بدأ في عام 1986 لإنتاج محرك مماثل لمحرك Saturn AL-31. أي قبل ربع قرن.
قد يكون WS-10 قائماً على محاكاة المحرك الفرنسي الأمريكي
(CFM-56II) الذي يعتمد على محرك شركة جنرال إلكتريك الأمريكية F101 الذي يستخدم في قاذفات B1 الأمريكية الشهيرة.
اشترت الصين محركين من طراز CFM-56II في الثمانينيات قبل حظر الأسلحة الغربي الذي فرض عقب أحداث ميدان السلام السماوي.
بعد عدم قدرتها على شراء كود المصدر من Salyut الروسية لتزويد المحرك به، أمضت صناعة الطيران الصينية ما يقرب من 20 عاماً في تطوير كود المصدر الخاص بها لمحرك WS-10.
بحلول عام 2004، تم اختبار محرك مع طائرات J-11 ( وهي أول نسخة صينية من طائرات سوخوي 27) ويعتقد أن الاختبار قد بدأ في وقت مبكر من عام 2002.
لكن أثبت تطوير WS-10 أنه صعب. تم تحويل فوج واحد من طائرات J-11Bs إلى المحرك WS-10 في عام 2007، ولكن لم يتم الاعتماد لفترة طويلة بسبب ضعف الموثوقية التشغيلية.
ورد أن نسخ WS-10A نضجت بدرجة كافية بعد عام 2009 لتشغيل طائرة J-11B Block 02، وأفادت مجلة Jane's بأن J-11B زودت بمحركات من WS-10 في عام 2014.
ولكن قد تكون مشكلات الإنتاج أو الأداء منعت WS-10A من التشغيل.
ولكن في عام 2018، أفادت وسائل الإعلام الحكومية الصينية عن زيادة في عمر المحرك من 800 إلى 1500 ساعة بسبب المقاومة الحرارية المتزايدة لشفرات التوربينات الجديدة أحادية البلورة من الجيل الثالث.
ويبدو أن الصين واصلت تطوير المحرك WS-10 إلى أن أصبح جاهزاً ليكون بديلاً للمحرك الروسي.
ليست كافية
ولكن كلا من المحرك الروسي AL-31F ونظيره الصيني WS-10C هما حلان مؤقتان، حسبما يقول المصدر.
فدخول محرك WS-10 الخدمة بشكل واسع يمثل خبراً سعيداً بالنسبة لطائرات J-10 وJ-11 وJ-16 الصينية وهي طائرات من الجيل الرابع والجيل الرابع والنصف.
لكن الأمر لن يكون ميزة كبيرة بالنسبة للطائرات الشبحية من طراز J-20، التي تحتاج محركات بمواصفات أرقى.
كان من المفترض أن تدخل الطائرة J-20 الإنتاج الضخم بمحرك WS-15 الجديد المناسب للطائرات الشبحية من الجيل الخامس، ولكن هذا المحرك لم يتم الانتهاء منه بعد.
ولذا أدخلت الـJ J-20 إلى الخدمة على عجالة كما يبدو مع محرك AL-31F المعد في الأصل لطائرات الجيل الرابع، وذلك وسط تراجع حاد في العلاقات الأمريكية الصينية خلال رئاسة ترامب.
أما محرك WS-15، الذي كان قيد التطوير منذ 2005، ويفترض أن ذلك سيمكن J-20 من التجوال الفائق- أي للحفاظ على الطيران الأسرع من الصوت دون استخدام الحارق اللاحقة، فلقد أبدى العاملون في الصناعة الصينية تفاؤلهم في عام 2018 بأن WS-15 على وشك الحصول على شهادة، لكن هذه الآمال لم تتحقق.
ومع ذلك، لا تزال صناعة الطائرات في الصين تكافح من أجل إيصال WS-15 إلى حالة إنتاج جماعي.
في السنوات السابقة ظهرت تقارير تفيد بأن شفرات التوربينات أحادية البلورة في WS-15 تعاني من مشكلات الموثوقية والأداء. في عام 2015 انفجر محرك WS-15 أثناء الاختبار.
لم يتم حل مشكلات تصميم WS-15 بعد، وبدأ كبار الضباط في القوات الجوية الصينية يفقدون صبرهم.
وجاء استخدام WS-10C لاستبدال المحركات الروسية بسبب فشل WS-15 في اجتياز تقييمه النهائي في عام 2019.
قال المصدر إن "القوات الجوية الصينية ليست سعيدة بالنتائج النهائية، مطالبة فنيي المحركات بتعديلها حتى تفي بجميع المعايير، لتصبح مطابقة لمحرك F119 الذي تستخدمه طائرة F-22 Raptor الأمريكية".
ولقد أدت جائحة Covid-19 إلى زيادة إحباط مما كان يوصف بالفعل بعملية سيئة لتطوير WS-15، مع عدم وجود نهاية واضحة في الأفق.
وبدأ تطوير المحرك التوربيني المروحي WS-15 في أوائل التسعينيات.
وتشير التقديرات إلى أن الدفع الأقصى المتوقع لـ WS-15 سيكون 18.4 طناً (180 كيلو نيوتن)، مما قد يعطي أداءً مناسباً لطائرات "الجيل الخامس".
ويظهر فشل الصينيين في إدخال هذا المحرك للخدمة أن الروس والصينيين على السواء، ما زالوا بعيدين عن ملاحقة الأمريكيين في مجال محركات الطائرات الشبحية الذين أدخلوا المحرك المخصص للطائرات الشبحية عام 1997.
ولكن قد يكون محرجاً بالنسبة للروس، أما الصينيون، فإنه يمثل لهم نجاحاً حتى لو غير كامل لأنهم يبدوا أنهم أصبح لديهم صناعة محركات شبة مستقلة عن الروس، وهو ما يعني فعلياً أنهم أصبحوا شبه مستقلين في مجال صناعة الطائرات باعتبار أن هذه كانت أكبر مشكلة تواجههم.
والآن يبدو أن الصينيين باتوا يقفون على نفس الخط مع معلميهم الروس في محاولاتهم المتعثرة لإنتاج محرك لطائرات الجيل الخامس.