أثار إعلان إدارة الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب عن نيتها تصنيف جماعة الحوثي في اليمن منظمة إرهابية ردود فعل متباينة، فكيف يمكن أن يؤثر القرار على سير الحرب وعلى اليمنيين بشكل عام؟
توقيت القرار الأمريكي ومبرراته
الأحد 10 يناير/كانون الثاني، قال وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، إن وزارة الخارجية ستُخطر الكونغرس بنيته تصنيف جماعة الحوثي اليمنية منظمة إرهابية أجنبية. وقد تكون الخطوة من آخر القرارات التي تتخذها إدارة ترامب قبل تنصيب الرئيس المنتخب جو بايدن في 20 يناير/كانون الثاني.
وفي حال لم يرفض الكونغرس قرار بومبيو، ستنضم جماعة الحوثي إلى القائمة الأمريكية السوداء في التاسع عشر من يناير/كانون الثاني الجاري، أي قبل يوم واحد من تنصيب بايدن.
وبالفعل أخطر مشرعون أمريكيون من الحزب الديمقراطي- حزب الرئيس المنتخب- بومبيو أن الإقدام على هذه الخطوة قد يقوّض أعمال الإغاثة الإنسانية، وكذلك الجهود الرامية للتوصل إلى حل سلمي في اليمن، بحسب تقرير لهيئة الإذاعة البريطانية BBC.
بومبيو، في بيانه، برر قراره بأنه يهدف إلى تحميل جماعة أنصار الله الحوثية "مسؤولية أعمالها الإرهابية"، ومن بينها هجمات عابرة للحدود تهدد مدنيين، وبنى تحتية، كما صنف أيضاً ثلاثة من قادة الحركة، من بينهم زعيمها عبدالملك الحوثي، كإرهابيين، مشيراً في البيان إلى الهجوم الذي وقع في 30 ديسمبر/كانون الأول، على مطار عدن وأدى إلى مقتل 26 شخصاً. الحكومة اليمنية برئاسة عبدربه هادي، ألقت باللوم في الهجوم على الحوثيين، لكن الجماعة التي تسيطر على العاصمة صنعاء ومعظم مناطق شمال اليمن نفت مسؤوليتها عن استهداف المطار.
ترحيب من الحكومة ورفض من الحوثي وإيران
الحكومة اليمنية رحبت، كما هو متوقع، بالقرار الأمريكي، فيما نددت به جماعة الحوثي وإيران، بينما لم يرد أي تعليق من السعودية بعد بشأن القرار.
فقد قال محمد علي الحوثي أحد قادة الجماعة المستهدفة، في تغريدة له على تويتر، إن الجماعة ترى أن من حقها الرد على أي تصنيف من قِبل إدارة دونالد ترامب أو أي إدارة أخرى، واصفاً سياسات ترامب وتصرفاته بأنها "إرهابية".
من ناحية أخرى، أعلنت حكومة الوحدة الوطنية اليمنية، المعترف بها دولياً كحكومة رسمية لهذا البلد، أنها ترحب بالقرار الأمريكي، وتعتبر "المتمردين الحوثيين" جديرين بلقب "إرهابيين"، كما دعت وزارة الخارجية اليمنية إلى مزيد من "الضغط السياسي والقانوني" على الحوثيين. وفي المقابل، لم تعلق السعودية، التي تدعم حكومة الوحدة الوطنية اليمنية، على قرار واشنطن بعد.
أما في طهران، فقد احتجت وزارة الخارجية الإيرانية على القرار، وقال المتحدث باسم الوزارة سعيد خطيب زادة، في مؤتمر صحفي أسبوعي: "من غير المستبعد أن تترك الإدارة الأمريكية المفلسة إرثاً آخر في الأيام الأخيرة".
قلق المنظمات الإغاثية في اليمن
لكن، بعيداً عن ردود الفعل الرسمية التي جاءت متوقعة بحسب المصالح السياسية لكل طرف، توجد تبعات محتملة للقرار، رصدتها وكالة رويترز للأنباء في تقرير لها.
وأول تلك التداعيات يتعلق بتأثير القرار على جهود السلام، إذ تحاول الأمم المتحدة استئناف المحادثات السياسية لإنهاء الحرب بين الحوثيين والتحالف بقيادة السعودية، وقد يتسبب هذا التصنيف في معوقات قانونية لإشراك الحوثيين، الذين يسيطرون على العاصمة صنعاء وأغلب المراكز الحضرية الكبرى.
كما قد تدفع الخطوة الحوثيين إلى قطع محادثات عبر قنوات خلفية تجرى مع السعودية بشأن وقف إطلاق النار على مستوى البلاد.
الخطوة أيضاً قد تؤدي إلى تصعيد في العنف وتقرّب الحوثيين أكثر من إيران التي أرسلت سفيراً إلى صنعاء في أكتوبر/تشرين الأول 2020.
ورغم أن بومبيو قال إن الولايات المتحدة تعتزم وضع إجراءات لتقليل أثر التصنيف على أنشطة إنسانية محددة وواردات إمدادات مثل الغذاء والدواء إلى اليمن، فإن المنظمات الإغاثية التي تتولى توصيل المساعدات لليمنيين قد عبَّرت عن قلقها من تأثيرات القرار على عملها.
وتسببت الحرب الدائرة منذ أكثر من خمس سنوات، في اعتماد نحو 80% من سكان اليمن على المساعدات، ودفعت الملايين إلى حافة المجاعة. ومع نقص التمويل هذا العام، حذَّرت الأمم المتحدة من أن اليمن يواجه ما قد تكون أكبر مجاعة في العالم منذ عقود.
وفي هذا السياق، تخشى منظمات الإغاثة أن يؤدي التصنيف إلى تجريم عملها في البلاد، إذ إن الحوثيين هم السلطة الفعلية في الشمال ويتعين على المنظمات الإنسانية الحصول على تصاريح منهم لتنفيذ برامج المساعدات، إضافة إلى العمل مع الوزارات والأنظمة المالية المحلية.
وقد يؤثر التصنيف أيضاً، مع زيادة العبء على البنوك في ما يتعلق بآليات الانصياع للقرارات، على قدرة اليمنيين على الوصول للأنظمة المالية والتحويلات من الخارج، إضافة إلى تعقيد إجراءات الواردات ورفع أسعار السلع أكثر.