أزمة عصية على الحل.. هل تنقذ أموال الإمارات اقتصاد النظام السوري المنهار؟

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2020/12/27 الساعة 11:12 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/12/27 الساعة 11:14 بتوقيت غرينتش
رئيس النظام السوري بشار الأسد/رويترز

بعد قرابة الـ10 سنوات من اندلاع الثورة في سوريا، وتلقي النظام السوري للمساعدات المالية والمادية مازال المواطن في المناطق الخاضعة لسلطة الأسد يعاني بشكل كبير من انهيار الاقتصاد وتراجع الليرة السورية إضافة إلى انعدام الرواتب.

المساعدات المالية لم تتوقف عند طهران حليف بشار الأسد القوي، بل وصل الأمر إلى دول أخرى عربية مثل الإمارات العربية المتحدة، التي أقلعت طائرة سورية من طراز توبوليف محملة بالدولارات الشهر الماضي من أبوظبي إلى مطار المزة العسكري قرب دمشق، ووفقاً لما أفاد به موقع الخليج أون لاين كانت بشرى الأسد، شقيقة الرئيس السوري بشار الأسد، هي المسؤولة عن تسليم حمولتها.

وبعد هبوط الطائرة سلم جنود الحرس الجمهوري الشحنة الثمينة إلى مخازن البنك المركزي في دمشق، وبعد أيام قلائل بدأ البنك في إغراق السوق بالدولارات، بهدف وقف انهيار الليرة السورية التي يقترب سعر صرفها الآن من 3000 مقابل الدولار أمريكي، بحسب تقرير لصحيفة Haaretz الإسرائيلية.

المساعدات لا تحل الأزمة

ومن المعروف، حتى الآن، أن سوريا تتلقى مساعدات مكثفة كانت ولا تزال تأتي من إيران. وتتراوح تقديراتها بين 30 مليار دولار و100 مليار دولار منذ عام 2011، وبعضها في شكل اعتمادات ائتمانية تقدمها إيران للأسد، وبعضها الآخر في شكل تحويلات نقدية مباشرة وشحنات نفط، لكن هذه الأموال تُضخ في الهيئات الحكومية، لاسيما خزائن القوات الأمنية والميليشيات العاملة في مناطق سيطرة النظام، ولا تصل إلى السكان المدنيين.

طوابير الحصول على الخبز في سوريا / مواقع التواصل الاجتماعي

وأشار استطلاع أجراه الموقع السوري "عنب بلدي" عن الفجوات بين الاحتياجات الإنسانية والتمويل الفعلي لوصول حوالي 1.9 مليار دولار فقط من الـ3.4 مليار دولار المطلوبة للتمويل الإنساني. وكانت أكبر هذه الفجوات في مجال الأمن الغذائي، بلغت نسبتها أكثر من 50%، يليها التصدي لجائحة فيروس كورونا، حيث وصل 179 مليون دولار من حوالي الـ205 ملايين دولار المطلوبة للتعامل مع آثارها.

ويُشار إلى أن حوالي ثلثي سكان المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة يعيشون تحت خط الفقر. وتشير الأرقام الرسمية إلى أن تكلفة المعيشة ارتفعت بنحو 74% عام 2020، وتحتاج الأسرة الواحدة إلى حوالي 304 دولارات شهرياً، لتتمكن من سداد احتياجاتها، في حين أن متوسط الراتب الشهري لموظفي الخدمة المدنية، الذين يبلغ عددهم حوالي 2 مليون موظف، حوالي 24 دولاراً. ويصعب تخيل أن تتمكن العائلات من العيش بهذا المبلغ لمدة أسبوع، ناهيك عن شهر.

الأزمة أقل وطأة في مناطق المعارضة

والوضع يختلف من محافظة لأخرى، فالحياة أكثر تنظيماً في المناطق الشمالية التي تسيطر عليها المعارضة والأكراد، ويتوفر فيها الغذاء والوقود بكميات معقولة، وهذه المحافظات هي المنتجة للنفط، الذي يُباع بعضه للنظام السوري.

إدلب تعرضت لتدمير كبير جراء هجوم روسيا والنظام السوري/رويترز

وجاء في موقع قاسيون المعارض قول أحد المواطنين: "الكل يجد حلاً لوضعه. المدرس، والموظف، وسائق الحافلة، كل هؤلاء لديهم وظيفتان أو ثلاث وظائف، وأي عدد من الوظائف يمكنهم الحصول عليه. ومنهم من يُهرِّب البضائع من المحافظات الشمالية إلى الجنوب، وآخرون يهربونها من لبنان أو يبيعونها له، ومنهم من يسرق ويسطو والبعض يموت جوعاً".

قبضة إيران الاقتصادية

بلغ حجم ميزانية البلاد لعام 2021، 2.7 مليار دولار، أي أقل بنحو 83% من ميزانية عام 2011 وهي الأدنى في العقد الماضي. وما يقرب من ثلثها مخصص للإغاثة والإعانات، وجزء كبير آخر منها مخصص للرواتب والباقي لسداد الديون المحلية والأجنبية.

ومخصصات الإعمار ليست سوى محض هراء، فلا توجد أموال كافية في خزائن الدولة لإعادة بناء المنازل المدمرة أو إصلاح الطرق أو صيانة المدارس، وهذه الخطط الضخمة لإعادة تأهيل البلاد تتطلب مئات المليارات من الدولارات، أي مبالغ خيالية. ويستحيل التكهن بمن قد يوافق على تقديم تلك الأموال إلى النظام السوري، خاصة في ظل غياب حل دبلوماسي واضح في الأفق.

مجموعة من المسؤولين تضم المرشد الأعلى والرئيس الإيراني – صورة أرشيفية

ومستقبل البلاد مرهون أيضاً، بعضه لشركات روسية فازت بعقود سخية للتنقيب عن الغاز والنفط، وبعضه لأصول عقارية بيعت بأثمان بخسة لإيران، للمساعدة في سداد ديون البلاد.

ويبدو أن الوضع الإنساني المروع في سوريا لا يهم أحداً، فلم يقدم الرئيس المنتخب جو بايدن حتى الآن أي خطة عمل لإنقاذها، ولم يُظهر أي نية للتدخل في سوريا، باستثناء معارضته لسحب القوات الأمريكية المنتشرة هناك لحماية الأكراد.

محاولات سحب الأسد بعيداً عن إيران

على أن طريق النجاة الوحيد الذي قد يساعد الأسد هو في الواقع دول الخليج مثل الإمارات والسعودية، التي يمكن أن ترى في الأزمة السورية فرصة لإعادة الأسد إلى حضن العالم العربي وفصله عن إيران. 

وربما تكون المساعدة التي يحصل عليها الأسد من الإمارات جزءاً من الخطة نفسها التي قد ينضم إليها ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، على أمل تحسين علاقاته مع الولايات المتحدة، لاسيما مع بايدن، الذي لم يُخفِ اشمئزازه من ولي العهد. وإذا كانت هذه نيتها فقد تجد شريكاً مشجعاً في روسيا، التي ترغب في استعادة شرعية الأسد على المستوى العربي، وبالتالي شرعيته على المستوى الدولي، حتى تتمكن من حل الأزمة نهائياً.

تحميل المزيد