بدأت الدول الثرية تتخطف المعروض من لقاحات كورونا مما يترك بعض أجزاء العالم من دون خيار سوى الاعتماد على اللقاحات التي تطورها الصين لمحاولة هزيمة الجائحة. لكن السؤال هنا: هل سيكون لها مفعول قوي؟
اللقاحات الصينية هي الخيار الوحيد الآن للدول الفقيرة
تقول صحيفة The Washington Post الأمريكية إنه لا يوجد سبب ظاهري يستدعي التصديق بأن اللقاحات الصينية غير فعّالة، لكن الصين لديها تاريخ من الفضائح المرتبطة باللقاحات، ولم يفصح صناع الأدوية هناك إلا عن القليل من التجارب النهائية على البشر، وتفاصيل التطعيم الطارئ لمليون شخص الذي قالوا إنهم نفذوه داخل الدولة بالفعل.
وحجزت الدول الثرية لنفسها نحو 9 مليارات لقاح من أصل 12 مليار لقاح طوَّر معظمها دولٌ غربية ويُتوقَّع إنتاجها العام المقبل، بينما عجزت آلية "كوفاكس" -وهي جهد عالمي يهدف لضمان الوصول العادل للقاحات المضادة لـ"كوفيد-19″- عن التلبية بتعهداته بتوزيع 2 مليار جرعة. وبالنسبة لتلك الدول التي لم تؤمّن لنفسها لقاحات بعد، فقد لا يكون هناك حل سوى الصين.
اللقاحات الصينية.. هل تكون فعالة؟
لدى الصين ستة مرشحين في المرحلة الأخيرة من التجارب وهي واحدة من الدول القليلة التي يمكنها تصنيع اللقاح على نطاق واسع. وأعلن مسؤولون حكوميون عن قدرة الدولة على إنتاج مليار جرعة العام المقبل، وتعهد الرئيس شي جين بينغ بأنَّ اللقاحات الصينية ستكون هبة للعالم.
ويمنح الاستخدام المحتمل للقاح من جانب ملايين الأشخاص في بلدان أخرى الصين فرصة لإصلاح الضرر الذي لحق بسمعتها بعد الفاشية التي تخطت حدودها، والتوضيح للعالم أنها يمكن أن تكون مؤثراً علمياً رئيسياً.
بيد أنَّ الفضائح السابقة أضرت بثقة مواطنيها في لقاحاتها، مع إلقاء مشكلات التصنيع وسلسلة التوريد بظلال من الشك على ما إذا يمكن أن تكون المُنقِذ حقاً.
وفي هذا السياق، قالت جوي زانج، أستاذة جامعية تَدرس أخلاقيات العلوم الناشئة في جامعة كنت البريطانية، "لا تزال هناك علامة استفهام حول كيفية ضمان الصين تقديم لقاحات موثوقة". واستشهدت "بعدم شفافية الصين بشأن البيانات العلمية والتاريخ المضطرب في توصيل اللقاح".
وفي بعض البلدان، يُنظرَ إلى اللقاحات الصينية بعين الريبة. فمن جانبه، أثار الرئيس البرازيلي جاير بولسونارو مراراً وتكراراً شكوكاً حول فعالية اللقاح المرشح من الشركة الصينية Sinovac دون الاستشهاد بأي دليل، وقال إنَّ البرازيليين لن يُستخدَموا "فئران تجارب".
لكن الكثير من الخبراء يشيدون بقدرة الصين على تطوير اللقاحات
لكن من ناحية أخرى، يشيد الكثير من الخبراء بقدرات الصين على تطوير اللقاحات؛ إذ يقول العالم جيمي تريكاس، رئيس علم المناعة والأمراض المعدية في كلية الطب بجامعة سيدني، "يبدو أنَّ الدراسات على اللقاحات الصينية أُجريت بإتقان"، في إشارة إلى نتائج التجارب السريرية المنشورة في المجلات العلمية، مضيفاً: "لن أبالغ في القلق بشأن ذلك".
وتعمل الصين على بناء برامج التحصين الخاصة بها منذ أكثر من عقد. وقال جين دونج يان، أستاذ الطب في جامعة هونغ كونغ، إنه أنتج لقاحات ناجحة على نطاق واسع للشعب الصيني، بما في ذلك لقاحات الحصبة والتهاب الكبد.
وأضاف: "لا تشهد الصين تفشي جائحات كبرى لأي من هذه الأمراض؛ مما يعني أنَّ اللقاحات آمنة وفعّالة".
وعملت الصين في العقد الماضي مع مؤسسة غيتس الأمريكية وآخرين لتحسين جودة التصنيع. وسبق أن أهّلت منظمة الصحة العالمية 5 لقاحات صينية لأمراض غير كورونا المستجد؛ مما يسمح لوكالات الأمم المتحدة بشرائها لدول أخرى. ومن الشركات الصينية التي نالت منتجاتها تأهيل مسبق: Sinovac وشركة Sinopharm المملوكة للدولة، وكلتاهما مطوران رياديان للقاحات كورونا.
تاريخ من الفضائح المرتبطة بالشركات الصينية
وتقول "واشنطن بوست" إنه مع ذلك، تورط معهد ووهان للمنتجات البيولوجية -وهو فرع تابع لشركة Sinopharm ومشارك في إنتاج أحد اللقاحات المرشحة لـ"كوفيد-19″- في فضيحة لقاح في عام 2018.
وجد المفتشون الحكوميون أنَّ الشركة، ومقرها المدينة التي اكتُشِف فيها فيروس كورونا المستجد لأول مرة العام الماضي، صنعت مئات الآلاف من الجرعات غير الفعّالة من لقاح مركب مضاد للدفتيريا والتيتانوس والسعال الديكي بسبب عطل في المعدات.
وفي العام ذاته، أفيد بأنَّ شركة Changsheng Biotechnology زيفت بيانات خاصة بلقاح لداء السُعار. وفي عام 2016، كشفت وسائل الإعلام الصينية أنَّ مليوني جرعة من اللقاحات المختلفة للأطفال خُزِنَت في ظروف غير لائقة وبيعت في جميع أنحاء البلاد لسنوات. وانخفضت معدلات التطعيم في الصين بعد تلك الفضائح
وقال راي ييب، المدير القُطري السابق لمؤسسة غيتس في الصين: "جميع أصدقائي الصينيين المحليين، من ذوي الياقات البيضاء، وهم ميسورو الحال، ولن يشتري أيٌ منهم الأدوية المصنوعة في الصين. هذه هي حقيقة الأمر". لكنه أضاف أنه أحد القلائل الذين لا يمانعون في شراء الأدوية الصينية الصنع.
ونشر مطورو لقاحات كورونا الرئيسيون في البلاد بعض النتائج العلمية في الدوريات العلمية التي راجعها النظراء. لكن خبراء دوليين تساءلوا عن كيفية تجنيد الصين لمتطوعين وما نوع التعقب هناك للآثار الجانبية المحتملة. ولم تكشف الشركات الصينية والمسؤولون الحكوميون عن هذه التفاصيل.
اللقاحات الصينية فعالة بنسبة تصل إلى 91%
والآن بعد إصدار البيانات حول فعّالية اللقاحات الغربية الصنع التي طورتها شركتا Pfizer و Moderna، ينتظر الخبراء رؤية النتائج الصينية. وقال المراقبون في الإمارات العربية المتحدة، حيث اختُبِر لقاح Sinopharm، إنه يبدو فعالاً بنسبة 86% بناءً على بيانات التجارب السريرية المؤقتة. فيما أعلنت الحكومة التركية، يوم الخميس 24 ديسمبر/كانون الأول، أنَّ لقاح Sinovac فعّال بنسبة 91.25% استناداً إلى البيانات المؤقتة.
ولم ترد شركة Sinopharm على طلب للتعليق على بيانات فعالية اللقاح. كما لم تستجِب Sinovac ولا CanSino، شركة لقاحات صينية أخرى، لطلبات إجراء حديث. وبالنسبة إلى بعض الأشخاص في البلدان التي لا تظهر فيها الجائحة أية علامات للتراجع، لا يهم بلد منشأ اللقاح، كما تقول الصحيفة الأمريكية.