تشهد مصر توسعاً في تفشي فيروس كورونا، تعكسه تصريحات وتحركات المسؤولين الحكوميين، وسط إفادات رسمية عن وصول سلالة فيروس كورونا الجديدة لمصر.
وارتفعت الأرقام المعلنة عن حالات الإصابات حيث بلغت أمس الأحد 20 ديسمبر/كانون الأول 664 حالة جديدة، ولكنها مازالت أقل من الألف وأقل من رقم الذروة في أوج الجائحة، ولكن تصريحات بعض المسؤولين تعترف بأن الأرقام المعلنة أقل بكثير من الواقع وأن الأرقام الحقيقية قد تصل إلى عشرة أضعاف.
وبدا وقف البورصة المصرية للتداول في بداية معاملات يوم الإثنين 21 ديسمبر/كانون الثاني لمدة نصف ساعة بسبب انخفاض مؤشر EGX 100 EWI بنسبة 5%، مؤشراً على قلق حقيقي في أوساط المال بعد أن ظلت البلاد أقل تضرراً من الدول الأوروبية من الجائحة، إضافة إلى أنها لم تطبق إجراءات إغلاق صارمة، ولم تتأثر بشدة اقتصادياً كالعديد من الدول، رغم الكثافة السكانية العالية التي تتميز بها مصر.
وانخفض مؤشر البورصة المصرية وسط مبيعات مكثفة على جميع أسهم السوق بعد استمرار ورود أنباء سلبية من بريطانيا عن سلالة فيروس كورونا الجديدة، ورغم أن ما حدث في البورصة جزء من تأثر البورصات في العالم كله بهذه الأخبار، ولكنه بدا وقعه حاداً على البورصة المصرية مما يؤشر إلى أنه من بين أسبابه مخاوف محلية في ظل انتقادات توجه للحكومة لعدم وقف خطوط الطيران مع بريطانيا كما فعلت أغلب الدول الأوروبية.
كما أعلن وزير التعليم تعليق أخذ الغياب من الطلاب الذين لا يحضرون إلى المدارس، كما شددت الحكومة أو أعلنت عن تفعيل بعض الإجراءات الحكومية لمواجهة الجائحة والتي شهدت تراخياً في الفترة الماضية مثل ارتداء الكمامات، ومنع إقامة الأفراح وسرادقات العزاء وغيرها من التجمعات في الأماكن المغلقة.
تضارب رسمي بشأن وصول سلالة فيروس كورونا الجديدة لمصر
ولكن ما أثار الذعر أكثر تصريحات بدت غريبة من عضو بلجنة مكافحة فيروس كورونا، تحدث فيها عن وصول سلالة فيروس كورونا الجديدة لمصر المعروفة باسم السلالة البريطانية.
إذ قال الدكتور محمد النادي، عضو اللجنة العلمية لمواجهة كورونا بوزارة الصحة، إن السلالة الجديدة للفيروس والمنتشرة في بريطانيا، موجودة منذ فترة طويلة، وتنتشر في إفريقيا ويرجح احتمالية وجودها في مصر، قائلاً: "لو عملنا دراسة هنلاقى هذه السلالة في مصر لأنها سريعة الانتشار".
وقال النادي خلال مداخلة هاتفية مع برنامج "كلمة أخيرة"، الذي يعرض عبر شاشة "ON"": "ولو قمنا بدراسة جينية سنجد أنها أيضاً موجودة في مصر وقلنا من فترة إن المرض أصبح أشد ضراوة في الانتشار ولكن ليس في مستوى الخطورة وبالتالي أعداد مرضى أكثر وزيادة في الوفيات ليس لخطورة المرض لكن لأن العدد نسبة وتناسب بين المصابين في قطاع أكبر".
وواصل: "أعتقد أن السلالة الجديدة موجودة في مصر وهذا تحت قيد الملاحظة وليس الدراسة، لسه ماعملناش دراسة لكن ملاحظين ده من خلال مراقبة المرضى وأقاربهم في نفس المكان وسرعة الانتشار هي مؤشرات قد تدل على وجود السلالة في مصر".
وتتناقض هذه التصريحات مع تصريحات مسؤولين طبيين آخرين منهم رئيس اللجنة العلمية لمكافحة كورونا.
إذ قال الدكتور حسام حسنى، رئيس اللجنة العلمية لمكافحة فيروس كورونا المستجد بوزارة الصحة والسكان، إن مصر بها ثلاث سلالات من فيروس كورونا منها واحدة ضعيفة، ولا صحة لوجود سلالات جديدة للفيروس ظهرت داخل مصر.
وتابع رئيس اللجنة العلمية لمكافحة فيروس كورونا فى تصريحات لـ"اليوم السابع" أن الدولة لن تسمح بدخول أى شخص من الخارج إلا بعد إجراء مسحة للتأكد من سلبية التحاليل، وعدم الاختلاط ودخول أي سلالة جديدة منتشرة بالخارج.
كما قال الدكتور أيمن السيد سالم، رئيس قسم الأمراض الصدرية بقصر العيني التابع لجامعة القاهرة والذي يعد أحد أكبر وأعرق المستشفيات الحكومية في مصر، إن هناك 4 سلالات من فيروس كورونا في مصر، مؤكداً أن السلالة الجديدة من كورونا المكتشفة في بريطانيا لم تصل لمصر حتى الآن.
لماذا لا تحسم القاهرة الأمر؟
ويطرح هذا التضارب تساؤلاً حول الحقيقة في مسألة وصول سلالة فيروس كورونا الجديدة لمصر، وهي السلالة التي يقال إنها أكثر قدرة على الانتشار بنسبة من 40 إلى 70%، ولا يعرف بعد قدرة اللقاحات على التعامل معها وسط تضارب بين العلماء بين متفائل من قدرة اللقاحات الرئيسية على التعامل مع الفيروس وبين آخرين غير متفائلين.
ويثير هذا تساؤلاً آخر، وهو لماذا لم تقم الحكومة المصرية بإجراء تحليلات جينية للفيروس المنتشر في البلاد لتقديم إجابة حاسمة للمواطنين القلقين من احتمال وصول سلالة فيروس كورونا الجديدة لمصر؟ خاصة أن عضو لجنة مكافحة كورونا يقول إن هذه السلالة منتشرة منذ فترة.
وما يزيد القلق ما قاله النادي، إن "أرقام الإصابات فى مصر صعب التكهن بها، وأنا أقول إنه على الأقل الإصابات فى مصر تتضاعف 10 مرات عن الأرقام المعلنة حالياً من قبل وزارة الصحة"، الأمر الذي يعزز الشكوك بأن الحكومة تقلل من خطورة الوضع.
وفي مؤشر آخر على توسع الجائحة، أهلت مصر نحو 30 مستشفى في القاهرة لعزل المصابين بفيروس كورونا، حسبما نقلت وسائل إعلام مصرية عن مصدر بوزارة الصحة.
وأوضح المصدر أن أعداد مصابي فيروس كورونا في تزايد وتحويل هذا العدد من المستشفيات نوع من الاستعداد لأي سيناريو سيئ لانتشار الفيروس.
ولماذا لم تحظر السفر من وإلى بريطانيا؟
وفي غضون ذلك وجهت انتقادات للحكومة المصرية لأنها مازالت حتى عصر الإثنين 21 ديسمبر/كانون الأول 2020 لم تتخذ قراراً بحظر السفر مع بريطانيا.
وحول حظر السفر من وإلى بريطانيا، قال رئيس اللجنة العلمية لمكافحة فيروس كورونا إن مصر تتابع الأمر بشكل دقيق وستتخذ القرار المناسب عند اللزوم.
تجدر الإشارة إلى أن عشرات الدول حظرت السفر عبر الرحلات الجوية، ورحلات القطارات إلى المملكة المتحدة، بسبب ظهور سلالة جديدة من فيروس كورونا يعتقد أنها أشد عدوى بنسبة 70%.
وعلى مستوى الدول العربية، علَّقت السعودية مختلف رحلات السفر جواً وبراً لمدة أسبوع، فيما علقت الكويت رحلات الطيران التجاري، وأغلقت المنافذ البرية والبحرية احترازياً.
وقررت سلطنة عُمان منع الدخول والخروج من كافة المنافذ اعتباراً من الغد ولمدة أسبوع، بينما علقت تونس الرحلات الجوية القادمة من بريطانيا وأستراليا وجنوب إفريقيا، فيما حظرت الجزائر حتى أي عملية إجلاء لمواطنيها من بريطانيا، وعلق الأردن الرحلات الجوية القادمة من بريطانيا لمدة أسبوعين.
وخلال بداية الموجة الأولى من الجائحة، اُنتقدت الحكومة المصرية أيضاً بسبب ما اعتبر تأخراً في تعليق السفر مع الصين موطن المرض، وإيطاليا التي كانت بؤرته في أوروبا وموطن جالية مصرية كبيرة، وزعم بعض المنتقدين للحكومة أن هذا التأخر سببه حرصها على العلاقات السياسية والاقتصادية مع البلدان التي كانت منكوبة بالمرض.