بينما كان العالم منبهراً بإعلان الصين عن خططها للتحكم بالطقس بشكل واسع، كان الخبر يثير القلق في نيودلهي، إذ يخشى العلماء هناك استخدام الصين للتحكم بالطقس ضد الهند عسكرياً.
خاصة أن بكين لديها سوابق مشابهة.
وكانت الصين قد كشفت النقاب عن خطط للسيطرة على الطقس وخلق أمطار اصطناعية ستكون قادرة على تغطية مساحة أكبر 22 مرة من بريطانيا، وأعرب المسؤولون الحكوميون في الصين عن أملهم في نشر تقنية التحكم في الطقس التجريبية في غضون السنوات الخمس المقبلة.
وزعم المسؤولون الصينيون في بيان أن 223 ألف ميل مربع ستتم تغطيتها بما يعرف بـ"قمع البَرَد"، لكنهم أشاروا، على نحو مقلق، إلى أن تقنيتهم يجب أن تكون قادرة على الانتشار على "مستوى عالمي متقدم" بحلول عام 2035، حيث يخشى أن يكون لتكنولوجيا التحكم في الطقس تطبيقات عسكرية.
وهو ما قد يثير مخاوف من إمكانية استخدام الصين للتحكم بالطقس ضد الهند عسكرياً.
كيف يتم التحكم بالطقس؟
وقالت الصين إنها تأمل في استخدام تعديل الطقس للمساعدة في مكافحة الجفاف والحرائق وارتفاع درجات الحرارة مع تعزيز المحاصيل أيضاً.
ويتم التحكم في الطقس عن طريق حقن المواد الكيميائية في السحب التي تحول الماء إلى جليد وتسبب هطول الأمطار.
ويجب أن تكون الظروف في العادة مناسبة تماماً، ومن المعروف أن الصين جربت هذه التكنولوجيا علناً منذ عام 2008، واستخدم المسؤولون البذر السحابي لمحاولة التأكد من عدم هطول أمطار في حفل افتتاح دورة الألعاب الأولمبية في بكين.
في عام 2008 أطلق منظمو أولمبياد بكين أكثر من 1000 صاروخ في السماء لبذر السحب لجعلها تمطر قبل يوم من حفل الافتتاح ولضمان عدم هطول الأمطار. تستخدم الصين تعديل الطقس هذا قبل الأيام الكبيرة في البلاد.
البذر السحابي ليس جديداً وقد تم استخدامه في بلدان مختلفة منذ عقود. يعمل عن طريق حقن كميات صغيرة من يوديد الفضة وأملاح الكلوريد باستخدام صواريخ أو طائرات خاصة تجلب بخار الماء مع الكثير من الرطوبة ثم يتكثف في قطرات الماء مما يؤدي إلى هطول الأمطار.
طُوِّرَت تقنيات استمطار السحب من قِبَلِ الولايات المتحدة في الأربعينيات، وهي تقنياتٌ تعمل عن طريق نشر مادة، مثل يوديد الفضة، في السحب، فترتبط المادة بجزيئات الماء، ممَّا يولِّد قطرات مطر. وتشير الدراسات إلى أن تقنيات استمطار السحب يمكن أن تزيد هطول الأمطار بنسبةٍ تصل إلى الثلث.
وسعت الصين إلى مثل هذا النظام لسنوات حتى الآن لأنه سيساعد في مجالات مثل تقليل الكوارث مثل الجفاف والبرد، وتقسيم المناطق ذات الصلة في مناطق الإنتاج الزراعي وحالات الطوارئ الأخرى مثل حرائق الغابات أو الأراضي العشبية ، ودرجات الحرارة المرتفعة بشكل غير عادي أو الجفاف. .
وعلى مدى السنوات الثلاث الماضية، كثفت الصين جهودها بسرعة لمحاولة السيطرة الكاملة على الطقس، ويُعتقد بالفعل أن نحو 10% من الدولة الضخمة، أي حوالي 370 ألف ميل، مغطاة بتعديل محتمل للطقس.
وأفادت التقارير أن الصين أنفقت 125 مليون جنيه إسترليني على أربع طائرات جديدة، وثماني طائرات مطورة، وما يقرب من 900 قاذفة صواريخ وما يقرب من 2000 جهاز تحكم رقمي، وفقا لصحيفة "ذي غارديان"، كما أن هناك تقارير عن قيام الصين بتطوير نظام للتحكم في الطقس يعتمد على ستة أقمار صناعية يطلق عليها اسم Tianhe، أو Sky River.
استخدام الصين للتحكم بالطقس ضد الهند عسكرياً.. هل هو ممكن؟
والمساحة التي أعلن مجلس الدولة الصيني عن خطته لتوسيع نظام تعديل الطقس بها مساحتها الإجمالية 5.5 مليون كيلومتر مربع ، أي ما يعادل 1.5 ضعف مساحة الهند.
ويعتقد المحللون أنه في مناطق النزاع ذات درجات الحرارة القاسية، يمكن أن يكون مثل هذا النظام سلاحاً يمنح ميزة للتنقل في الظروف الجوية القاسية والتضاريس الصعبة لتحركات القوات.
ودخلت الهند والصين في نزاع حدودي في منطقة شرق لاداخ على مدار الأشهر السبعة الماضية، وتستعد قواتهما الآن لشتاء طويل وقاسٍ في غرب جبال الهيمالايا.
وتثير هذه العلاقة المتوترة احتمالات استخدام الصين للتحكم بالطقس ضد الهند عسكرياً.
يمكن أن تؤثر تعديلات الطقس هذه على طقس الدول الأخرى أيضاً. "قد يؤدي ظهور تقنيات الهندسة المناخية الطموحة إلى تفاقم التوترات وحتى العداء بين دول مثل الهند والصين".
صرحت داناسري جايارام، الأستاذ المساعد، مركز دراسات المناخ، أكاديمية مانيبال للتعليم العالي، أنه بدون تنظيم يمكن أن تؤثر جهود بلد ما على البلدان الأخرى.
"في حين أن الصين لم تظهر حتى الآن علامات على نشر مشاريع الهندسة الجيولوجية والمناخية" من جانب واحد على الأرض، فإن مشروع تعديل الطقس وغيره من المشاريع الهندسية الضخمة، بما في ذلك مشاريع السدود الضخمة (مثل مشروع الخوانق الثلاثة). يشير ذلك إلى أن الصين مستعدة لنشر خطط الهندسة الجيولوجية واسعة النطاق لمعالجة آثار تغير المناخ وتحقيق أهداف باريس، حسب داناسري جايارام.
سابقة صينية
وهناك سوابق تشير إلى احتمال استخدام الصين للتحكم بالطقس ضد الهند عسكرياً.
ففي أزمة سابقة تتعلق بنهر براهمابوترا (يارلونغ زانجبو كما يُعرف النهر في التبت) الذي تشترك به البلدان، رفضت الأخيرة مشاركة بيانات النهر، وهو أمر بالغ الأهمية لإصدار تحذيرات مبكرة، وذلك خلال المواجهة بين البلدين في دوكلام 2017.
أثار هذا مخاوف من حدوث فيضانات في ولاية آسام الهندية.
واليوم ما الذي يمنع استخدام الصين للتحكم بالطقس ضد الهند عسكرياً، مثلما رفضت التعاون في إدارة نهر براهمابوترا.
وأوضح جايارام أن نظام تعديل الطقس "سيؤثر بشكل غير متوقع على النظم البيئية المحلية والعابرة للحدود، وأنماط هطول الأمطار، وحتى المناخ الإقليمي على المدى الطويل".
قال باحثون في جامعة تايوان الوطنية في ورقة بحثية إن الافتقار إلى الضوابط وتوازنات تسهيل تنفيذ المشاريع التي يحتمل أن تكون مثيرة للجدل قد يؤدي إلى مواقف مثل "سرقة المطر" بين الدول المجاورة.
ومن المعروف أيضاً أن الولايات المتحدة قد جربت أسلحة الطقس لأغراض عسكرية، مع أوراق بحثية توضح كيف يمكن للبنتاغون أن "يمتلك الطقس" بحلول عام 2025، وهي المقترحات التي وضعت عام 1997، كجزء من مبادرة القوة الجوية لعام 2025.
واستخدمت القوات الأمريكية أيضاً البذر السحابي فوق مسار الزعيم الفيتنامي هوشي منه خلال حرب فيتنام لمحاولة زيادة هطول الأمطار في "عملية بوباي" في عام 1967.
وما قد يثير قلق الهنود أكثر ما كشفه أستاذ جامعي صيني من أن بلاده استخدمت سلاحاً سرياً جديداً ضد الهند خلال المناوشات التي جرت بينهما على الحدود في أغسطس/آب الماضي، وهو عبارة عن سلاح كهرومغناطيسي مما أدى إلى شلل حركة الجنود الهنود وبدأوا بالتقيؤ، وبالكاد تمكنوا من السير نحو جبال الهيمالايا هرباً، وهو الادعاء الذي نفته بكين.