الآن لدينا لقاحات فيروس كورونا، لكن كيف ستصل إلى أقرب صيدلية لنا؟ هذه أبرز 3 مشاكل

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2020/12/07 الساعة 14:21 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/01/30 الساعة 11:09 بتوقيت غرينتش
قلق كبير بين الأوساط العلمية بسبب سلالة كورونا الجديدة/رويترز

لا شك أن التوصل لأكثر من لقاح لفيروس كورونا مثل خبراً جيداً لنا جميعاً، لكن الحديث عن درجات الحرارة المنخفضة للغاية التي لا بد من حفظ بعض تلك اللقاحات فيها والصعوبات الأخرى التي تواجه نقلها وتوريدها حتى تصل إلى أقرب صيدلية لنا يطرح تساؤلات معقدة.

مجلة The National Interest الأمريكية نشرت تقريراً بعنوان: "هذه هي الطريقة التي سيجري بها توزيع لقاح كورونا عبر سلاسل التوريد ليصل إلى صيدليتك المحلية"، أعدته بهار علي أكبريان، أستاذة باحثة مشاركة في نظم "إدارة سلاسل التوريد" بجامعة ولاية ميشيغان الأمريكية، أجاب عن تلك التساؤلات.

ثلاثة لقاحات والبقية تأتي

يأتي في صدارة اللقاحات التي أثبتت فعالية حتى الآن في مواجهة فيروس كورونا لقاحان رئيسيان، أحدهما من إنتاج شركتي "فايزر/بيونتيك" Pfizer/BioNTech، والآخر من إنتاج شركة "موديرنا" Moderna. واللقاحان كلاهما من نوع لقاحات "إم أر إن إيه" mRNA [مرسال الحمض النووي الريبوزي، وهو نوع من الجزيئات الوسيطة التي تتضمن تعليمات لإنتاج بروتين فيروس كورونا واستخدامه في لقاح مضاد للفيروس واستثارة الخلايا البشرية لتكوين مناعة مضادة]، وهو نوع جديد نسبياً من اللقاحات.

سرعة الوصول للقاح كورونا
سرعة الوصول للقاح كورونا تعد إنجازاً علمياً تاريخياً/رويترز

غير أنه مع تلك اللقاحات، يأتي تحدٍّ رئيسي يتعلق بسلاسل توريدها، وهو درجات الحرارة المطلوبة لحفظ هذه اللقاحات. إذ يجب تخزين لقاح "فايزر/بيونتيك" في درجة حرارة تتراوح بين -80 درجة مئوية (-112 فهرنهايت) و-70 درجة مئوية (-94 فهرنهايت)، في حين يحتاج لقاح "موديرنا" إلى درجة حرارة تصل إلى نحو -20 درجة مئوية (-4 فهرنهايت)، وهي قريبة من درجة حرارة المجمدات التجارية.

فيما تقول شركة ثالثة تعمل على تطوير لقاح، وهي شركة "أسترازينيكا" AstraZeneca إن لقاحها المفترض سيحتاج إلى درجة حرارة التبريد العادية من 2 إلى 8 درجات مئوية (36 إلى 46 فهرنهايت).

تقول "موديرنا" إن لقاحها يمكن حفظه عند درجة حرارة -20 درجة مئوية لمدة تصل إلى 6 أشهر، ثم لمدة شهر في ثلاجة عادية. في حين تقول "فايزر" إن لقاحها تدوم مدة صلاحيته لمدة خمسة أيام فقط في الثلاجة العادية، ما يترك مهلة وجيزة لإعطاء اللقاحات قبل انتهاء صلاحيتها.

كيف ستجري عملية نقل هذه اللقاحات وتخزينها؟

تخطط "موديرنا" لاستخدام طريقة مشابهة لتلك المستخدمة في حالات تفشٍ سابقة، مثل ما حدث مع جائحة "إنفلونزا الخنازير" H1N1 في عام 2009. وفي هذه الحالة، سيجري شحن اللقاحات من مرافق التصنيع في شمال شرق الولايات المتحدة وأوروبا إلى مركز توزيع في مدينة إيرفينغ، بولاية تكساس، التي ستكون مجهزةً بمجمّدات لتخزينِ اللقاح لفترات أطول، ومن هناك تنتقل إلى التوزيع على المستشفيات والصيدليات ومواقع التطعيم الأخرى.

لقاح كورونا
لقاح أكسفورد -أسترازينيكا هو الأرخص في العالم والأسهل نقلاً وتخزيناً، رويترز

أما شركة "فايزر" التي تصنّع لقاحها في مدينة كالامازو بولاية ميشيغان، فإنها تتجه إلى إدارة عمليات النقل من خلال العمل مع شركات خدمات لوجستية. ولما كانت المجمدات شديدة البرودة متاحةً فقط في بعض المرافق والمستشفيات الكبرى، فإن جرعات اللقاح سيجري تخزينها هناك لفترة قصيرة قبل التوزيع المباشر على مواقع التطعيم. وهناك بعض الولايات، مثل نيويورك، تفكر في إنشاء مراكز توزيع خاصة بها.

كيف ستُحفظ اللقاحات في درجات الحرارة المطلوبة؟

تحاول الصيدليات والمستشفيات حالياً تطوير أو الحصول على مجمدات ذات درجة حرارة شديدة الانخفاض، لكنها مكلفة للغاية. ونشهد الآن ارتفاعاً كبيراً في الطلب على المجمدات والثلج الجاف، وهناك مخاطر بحدوث نقص فيها. لذلك يجب توفير اللقاحات وإدارة عملية حفظها بكفاءة لضمان وصولها إلى الجمهور دون أي هدر أو تعثر في سلاسل التوريد. وينبغي أن نتذكر أنه في عام 2019 وحده، أُهدر ما قيمته 34 مليار دولار أمريكي من اللقاحات بسبب التقلبات في درجات الحرارة أثناء عملية النقل.

الآثار الجانبية للقاح كورونا
الآثار الجانبية للقاح كورونا

يعد الثلج الجاف طريقةً غير مكلفة للحفاظ على درجات حرارة منخفضة. وتحتاج "شاحنات التبريد" من النوعية التي تستخدمها شركة "فايزر" لنقل لقاحها، إلى نحو 23 كيلوغراماً (50 رطلاً) من الثلج الجاف لإبقائها في درجة الحرارة المطلوبة لبضعة أيام. ويعتبر الثلج الجاف مادة خطرة في الطائرات، لكن إدارة الطيران الفيدرالية الأمريكية منحت الإذن بشحن ما يصل إلى خمسة أضعاف الكمية المسموح بها عادة لنقل اللقاحات إلى وجهاتها.

ومع ذلك، يجب تدريب الموظفين في مراكز التوزيع على فحص درجة الحرارة أولاً بأول والتأكد من عدم فتح صناديق التبريد أكثر من عدة مرات في اليوم الواحد، وليس لأكثر من بضع دقائق في المرة الواحدة، وتعبئته بكميات جديدة من الثلج الجاف في الأوقات المناسبة. وقد بدأ التدريب على بعض تلك الإجراءات بالفعل.

كيف يمكن مراقبة اللقاحات وتتبعها تحسباً لأي طارئ؟

تعمل عمليات المراقبة والتتبع طوال عملية نقل اللقاح وتوزيعه على ضمان أن تظل جرعات اللقاح مستقرة ولا يجري العبث بها. ويمكن لإتاحة هذه البيانات الخاصة بالمراقبة والتتبع وجعلها في متناول الحكومات والعامة إلى زيادة الثقة باللقاحات. كما أنها مهمة على نحو خاص، لأن هذه اللقاحات تتطلب تلقيها على جرعتين لتؤدي عملها، أي أننا نحتاج إلى عودة الناس للحصول على الجرعة الثانية، والمتابعة معهم لاستقبال الملاحظات حول أي آثار جانبية محتملة.

وتعمل بعض الفرق حالياً على تطوير تقنيات لتحسين عمليات التتبع والمراقبة بواسطة التغليف الذكي، من خلال أجهزة الاستشعار عن بعد وتقنيات الاتصال الأخرى.

روسيا لقاح كورونا إجبار موظفين الدولة
روسيا أول دولة تبدأ بحملة تلقيح جماعي ضد كورونا – رويترز

كما تتضمن عمليات المراقبة والتتبع تطويرَ قواعد بيانات تتيح دمج البيانات المتوفرة من مصادر مختلفة ضمن سلسلة التوريد من طرف إلى طرف، ومن الشركات المصنعة إلى مراكز التوزيع. وفي الوقت الحالي، ستحصل الشركات المنتجة للقاحات، "فايزر" و"موديرنا"، على معلومات المتابعة حتى الوصول إلى مراكز التوزيع، وستحصل المستشفيات والصيدليات على البيانات الخاصة بالمرضى المتلقين للقاح من خلال السجلات الصحية الإلكترونية (EHR).

ومن ثم، فإن هناك بعض التحديات التي ما زلنا نحاول التغلب عليها للحصول على نظام متكامل وقابل لتبادل وتفعيل المعلومات المتوفرة بينياً، مع تعزيز القدرة على تيسير عمليات وصول اللقاح واستخدامه على صعيد البلاد.

من جهة أخرى، تفكر شركات التأمين والحكومات الآن في كيفية توفير التغطية المادية الكافية للقاحات، وفي الوقت نفسه تصدر "مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها" إرشادات وتوجيهات لضمان حصول معظم السكان على اللقاح بكفاءة.

تحميل المزيد