هذا الأسبوع قد يكون آخر مرة يلتقي فيها جاريد كوشنر صهر ترامب مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بصفته الرسمية، كبير مستشاري البيت الأبيض، تتويجاً لعلاقة وثيقة بدأت منذ 4 سنوات بين "أميرين صغيرين" أثارت دهشة أعضاء مؤسسة الأمن الوطني.
أين جاريد كوشنر الآن؟
ووفقاً لديون نسينباوم وسمر سايد، من صحيفة The Wall Street Journal، تمثل رحلة كوشنر إلى السعودية وقطر جهداً أخيراً قبل تنصيب الرئيس المُنتخَب جو بايدن بغرض "تأمين المزيد من الاتفاقيات الدبلوماسية في الشرق الأوسط قبل رحيل ترامب عن الرئاسة في يناير/كانون الثاني، وفقاً لمسؤولين خليجيين وأمريكيين"، بحسب تقرير لصحيفة The Washington Post الأمريكية.
ووافقت المملكة العربية السعودية على السماح "لطائرات الخطوط الجوية الإسرائيلية بعبور مجالها الجوي في طريقها إلى الإمارات العربية المتحدة" بعد محادثات مع كوشنر، بحسب ما نقله مراسل Reuters ستيف هولاند. لكن صرَّح خبراء لصحيفة The Washington Post بأنه من غير المرجح أن تؤدي جهود كوشنر الدبلوماسية ذات الرهانات العالية هذا الأسبوع إلى تحقيق هدفه المتمثل في تحقيق طفرة كبيرة في حل الخلاف المستمر منذ سنوات بين قطر وجيرانها الآخرين في الخليج، بما في ذلك الرياض.
كيف سيستفيد كوشنر؟
ومع ذلك بحسب الصحيفة الأمريكية، يمكن أن يستفيد كوشنر شخصياً من هذه الجهود بينما يستعد لمغادرة البيت الأبيض؛ لأنَّ مثل هذه الرحلة تعرض علاقاته الشخصية الوثيقة مع قادة العالم بالكامل أمام العلن.
وكانت صداقة كوشنر مع محمد بن سلمان موضع تمحيص وانبهار على مدار فترة إدارة ترامب – من سهرات الرابعة صباحاً معاً و"تبادل القصص واستراتيجيات التخطيط" إلى محادثاتهم السرية على واتساب. وكان اتفاق تطبيع العلاقات بين إسرائيل وثلاث دول عربية في وقت سابق من الخريف الجاري، الذي توسط فيه كوشنر، موضع ترحيب حتى من منتقدي ترامب، حتى في الوقت الذي استعصى عليه الوصول لاتفاقية سلام إسرائيلية-فلسطينية.
وقال آرون ديفيد ميلر، الزميل البارز في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، لصحيفة The Washington Post، إنَّ كوشنر أوضح "بما لا لبس فيه"، خلال مناقشاتهما حول القضايا في المنطقة في عامي 2017 و2018، أنه يخطط هو وترامب "لتطوير ما وصفه بأنها علاقات استراتيجية وشخصية مع السعوديين والإماراتيين".
وأضاف ميللر، محلل ومفاوض سابق لشؤون الشرق الأوسط في وزارة الخارجية: "أضمن لك أنَّ هذه لن تكون آخر رحلة يجريها إلى المملكة العربية السعودية. هذه علاقات مهمة للغاية يجب تنميتها إذا كنت مهتماً بجني الأموال ومواصلة دورك في قضية الدولة العربية الإسرائيلية. وأنا متأكد من أنه كذلك".
ما وراء الزيارة؟
من جانبه، قال بروس ريدل، وهو ضابط سابق في وكالة المخابرات المركزية الأمريكية ومدير مشروع بروكينغز للاستخبارات، لصحيفة The Washington Post: "أجد صعوبة بالغة في تصديق أنَّ هذه [الرحلة] تتعلق بقطر. أظن أنَّ هناك أسباباً أخرى لذلك. وستستمر العلاقة الأسرية بين ترامب ومحمد بن سلمان لما بعد 21 يناير/كانون الثاني، وهم يتطلعون إلى تعزيز ذلك".
من ناحية أخرى، يرى العديد من الموظفين السابقين أنَّ جاريد كوشنر قد يعود إلى قطاع العقارات بعد رحيله عن البيت الأبيض، لكن بتركيز أوسع وعالمي.
وفي تصريح لصحيفة The Washington Post، تحدث مصدر مُقرَّب من إيفانكا ترامب وجاريد كوشنر عن الخيارات المستقبلية المحتملة لكوشنر، قائلاً: "هناك أعمال العائلة، وأي الطرق التي يمكن استغلال ذلك بها لتوسيعها، ثم هناك الاستثمارات التي كان يدخل فيها دائماً مع شقيقه. لديه إمكانية الوصول إلى المزيد من رأس المال لأنَّ العلاقات التي طوَّرها في الشرق الأوسط مهمة"، لكنه أشار إلى أنه لا يزال من غير الواضح ما إذا كان ذلك سيغير النهج الاستراتيجي للعائلة.
وقال أيضاً مسؤول سابق في البيت الأبيض إنَّ العلاقات التي بنوها من مناصبهم في البيت الأبيض لن تساعد إلا كوشنر وإيفانكا ترامب، ابنة الرئيس وأحد مستشاريه البارزين، في تحركاتهما التالية. وأضاف: "العلاقات التي تربطهما الآن بأشخاص مثل محمد بن سلمان؟ لا تنظر لها باستخفاف. سيستمران في كل ما بنياه وسيمضيان قدماً ويسافران وسيكونان جزءاً من هذه المؤسسة العالمية".
وقال حليفان للزوجين إنَّ "كوشنر لن يشعر على الأرجح بالرضا تجاه الأعمال العقارية لعائلته ما لم يأخذها إلى مستوى عالمي"، حسبما أفادت ميريديث ماكغرو ونانسي كوك من مجلة Politico في نوفمبر/تشرين الثاني.
واحتفظ كوشنر بحصة مالية وملكية جزئية في شركة عقارات عائلته، إلى جانب مشاريع تجارية أخرى أثناء عمله لصالح الرئيس ترامب. وعندما تولى كوشنر أدواراً رفيعة المستوى في المفاوضات والاجتماعات مع دول أجنبية مثل السعودية والصين، واصلت عائلته جمع الأموال من المستثمرين في الخارج لمشروعات عقارية وسلَّطت الضوء على علاقاتها معه أثناء استمالة المستثمرين.
وفي عام 2017، على سبيل المثال، ذكرت صحيفة The New York Times أنَّ "نيكول ماير، شقيقة كوشنر، قدمت عرضاً لجذب تمويل بقيمة 150 مليون دولار لتطوير الإسكان في مدينة جيرسي، المعروف باسم One Journal Square، إلى أكثر من 100 مستثمر صيني تجمعوا في فندق ريتز كارلتون في بكين".
ما أهمية ذلك؟
"بينما تخلى عن السيطرة اليومية على الشركة، أثار هذا الترتيب انتقادات من خبراء الأخلاقيات الحكومية، الذين يقولون إنَّ هذا يفتح الأبواب أمام تضارب المصالح والتأثير المحتمل من الكيانات الأجنبية"، وفقاً للصحفيتين ميشيل يي هي لي، وأني نارايانسوامي من The Washington Post.
وذكرت أنيتا كومار لمجلة Politico هذا الأسبوع أنه بمجرد مغادرة ترامب البيت الأبيض، "من المتوقع أن يفعل شيئاً لم يفعله أي رئيس من قبل: إبرام صفقات بملايين الدولارات مع حكومات وشركات أجنبية لصالح أعماله الخاصة. وتخطط شركة ترامب، التي تحمل الاسم نفسه، لاستئناف مشروعات عقارية أجنبية، التي من المحتمل أن تكون فنادق فاخرة، في الوقت الذي تعاني فيه من تشوه سمعة اسمها داخل الولايات المتحدة، والحاجة إلى سداد ديون بمئات الملايين من الدولارات، وفقاً لثلاثة أشخاص مطلعين على هذه الخطط، ناهيك عن التصريحات العامة السابقة من أبناء ترامب".