داعم قوي لإسرائيل وصديق لولي عهد السعودية السابق محمد بن نايف. أنتوني بلينكن، مرشح الرئيس المنتخب جو بايدن لمنصب وزير الخارجية، تنتظره مهمة شاقة تتمثل في إخراج السياسة الخارجية الأمريكية من فوضى فترة دونالد ترامب، فمن هو وهل يستطيع؟
ماذا يقول مشواره في الخارجية؟
نشرت وسائل إعلام أمريكية نقلاً عن حملة الرئيس المنتخب جو بايدن اختياره أنتوني بلينكن لشغل منصب وزير الخارجية، رغم إصرار دونالد ترامب على رفض نتيجة الانتخابات حتى الآن وتمسكه بالبقاء في البيت الأبيض لفترة رئاسية ثانية، ويعتبر منصب وزير الخارجية من أبرز المناصب في الإدارة الأمريكية.
ولا يعتبر اختيار بلينكن مفاجأة، فقد عمل مستشاراً لبايدن لشؤون السياسة الخارجية لسنوات طويلة، ويرى البعض أن اختياره للمنصب يعكس رغبة الرئيس المنتخب في التركيز على استعادة التحالفات التقليدية لأمريكا، بحسب تقرير لصحيفة التايم البريطانية بعنوان "جو بايدن يختار مساعده أنتوني بلينكن لوزارة الخارجية".
ويبلغ بلينكن من العمر 58 عاماً ويتمتع بخبرة طويلة في مجال السياسة الخارجية، حيث عمل كدبلوماسي في الإدارات الديمقراطية الأخيرة في ظل رئاسة بيل كلينتون (1994 – 2000) وباراك أوباما (2008 – 2016)، وشغل منصب نائب وزير الخارجية في آخر عامين من رئاسة أوباما، كما عمل لمدة أربع سنوات كمستشار الأمن القومي لنائب الرئيس جو بايدن، وعمل كمستشار السياسة الخارجية لبايدن خلال حملته الرئاسية الحالية.
ماذا ينتظر بلينكن؟
يرى كثير من المراقبين أن إدارة بايدن ستواجه تحديات غير مسبوقة في ملفات السياسة الخارجية، وينتظر أن يلعب بلينكن دوراً محورياً في تلك القضايا وأبرزها رغبة بايدن في العودة للانضمام للاتفاق النووي مع إيران والعودة لمنظمة الصحة العالمية واتفاقية باريس للمناخ، وهي اتفاقيات دولية انسحبت منها إدارة ترامب، إضافة إلى ملف التعامل مع الصين.
وفي يوليو/تموز الماضي قال بلينكن: "ببساطة المشاكل الكبرى التي نواجهها كبلد وككوكب، سواء كانت الوباء (جائحة كورونا) أو انتشار الأسلحة السيئة، لا يمكن مواجهة تلك القضايا عن طريق فرض حلول أحادية"، وأضاف "حتى دولة قوية مثل الولايات المتحدة لا يمكنها التعامل مع تلك القضايا بمفردها".
وسوف يخضع بلينكن- شأنه شأن جميع مرشحي بايدن للوزارات- لحتمية الموافقة على تعيينه في مجلس الشيوخ الذي يمتلك الجمهوريون فرصة استمرار أغلبيتهم فيه إذا ما فازوا بمقعدي ولاية جورجيا في جولة الإعادة يوم 5 يناير/ كانون الثاني المقبل، لكن على الأرجح لن يجد بلينكن صعوبة في الحصول على موافقة مجلس الشيوخ، نظراً لمواقفه الوسطية بشكل عام.
داعم لإسرائيل وصديق بن نايف
وفيما يتعلق بملفات الشرق الأوسط على وجه الخصوص، يعتبر بلينكن من أبرز الداعمين لإسرائيل وقد عبر عن ذلك بشكل واضح حتى عندما أشار أن صفقة تطبيع إسرائيل علاقاتها مع الإمارات ربما تكون قد تمت على طريقة "المقايضة" للسماح لأبوظبي بشراء أسلحة أمريكية كان محظوراً بيعها في الشرق الأوسط باستثناء إسرائيل.
بلينكن ينحدر من أصول يهودية وقال في 17 يونيو/حزيران الماضي إن بايدن "لن يربط المساعدات العسكرية لإسرائيل بأشياء مثل ضم إسرائيل للضفة أو المستوطنات، أو قرارات أخرى من قبل الحكومة الإسرائيلية قد نختلف معها".
كما عبر بلينكن صراحة عن اعتراضه على بيع أسلحة للسعودية تستخدمها في حرب اليمن، وهو في هذا يحمل نفس وجهة النظر التي عبر عنها مراراً جو بايدن نفسه، لكن علاقة بلينكن بالسعودية ربما تكون أكثر تعقيداً مما تبدو عليه الأمور على السطح.
فقد ورد اسم بلينكن في كتاب "النفط والدم" الذي يتناول صعود ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إلى الحكم، والذي صدر في سبتمبر/أيلول الماضي، وكما ذكر في الكتاب سافر بلينكن إلى الرياض في أعقاب انطلاق الحملة العسكرية السعودية على اليمن، والتي عرفت باسم "عاصفة الحزم" في مارس/آذار 2015.
وكان الغرض من سفر بلينكن، كبير مستشاري نائب الرئيس جو بايدن إلى السعودية وقتها هو لقاء عدد من أصدقائه ومحاولة قراءة الموقف، وكان من بينهم ولي العهد السابق محمد بن نايف، الصديق القوي لبلينكن، وخلال اللقاء مع بلينكن، وصف بن نايف حرب اليمن بأنها "رهان خاسر"، بالرغم من محاولته تفادي الحديث عنها صراحة، وكان يبدو أن بن نايف لم يعلم شيئاً عن تلك الحملة العسكرية، بحسب الكتاب.
وفي ذات السياق، كان بلينكن هو الشخص المخول من إدارة باراك أوباما لاكتشاف الأمير الشاب الصاعد محمد بن سلمان عام 2015، وبالطبع الأمور الآن أصبحت مختلفة بالنسبة لكليهما، فالأمير أصبح ولياً للعهد وحاكماً فعلياً للمملكة وبلينكن أصبح وزيراً للخارجية.
هذه العناصر، بحسب مراقبين، رجحت كفة بلينكن لمنصب وزارة الخارجية على حساب سوزان رايس المرشحة الأخرى للمنصب كما أشارت تقارير إعلامية، فبلينكن كام مصنفاً من الصقور ضمن إدارة أوباما وكان يريد استخدام القوة العسكرية ضد نظام بشار الأسد في سوريا، أما رايس فكانت سفيرة أوباما للأمم المتحدة ومستشارته للأمن القومي وأصبحت هدفاً لانتقادات عنيفة من جانب الجمهوريين بعد مقتل السفير الأمريكي في بني غازي بليبيا عام 2012.