"انتبهوا! هذه ليست سلحفاة. بل طوربيد روسي خفي متجه نحونا!".
هذا ما سيصيح به قباطنة السفن الأمريكية بعد فوات الأوان، إذا وفَّت روسيا بوعدها ونجحت في تطوير طوربيدات صغيرة ذكية، لا تحدث صوتاً، ولا تترك أثراً، وتتسلل عبر المياه بسرعة تتراوح بين 3 و4.8 كم في الساعة.
وهذه "السلاحف القتالية"، التي من المفترض أن تخدع مستشعرات العدو وتوهمها بأنها أسماك، سيبلغ وزنها أقل من 45 كغم، وفقاً للعالِم شامل علييف، الذي تصفه وسائل الإعلام الروسية بخبير الطوربيدات الروسي الرائد.
وتتلخص الفكرة في إطلاق أسراب من هذه الأسلحة لمهاجمة سفن العدو خفية، حسبما ورد في تقرير لمجلة The National Interest الأمريكية.
وقال علييف لوكالة الأنباء الروسية RIA Novosti إن المشروع ما يزال في المرحلة النظرية. ويتمثل التحدي الأكبر في تجهيز الطوربيدات الصغيرة بالذكاء الاصطناعي (AI). والذكاء الاصطناعي ضروري ليتمكن الطوربيد من محاكاة سلوك سمكة كبيرة، "حتى لا ينتبه إليه أحد".
طوربيد روسي خفي بمميزات السلاحف وعيوبها
تكمن صعوبة تصميم الذكاء الاصطناعي لطوربيد يشبه السلاحف في جعله قابلاً للتكيف بدرجة كافية للتعامل مع الظروف المتقلبة. وأضاف علييف أن "اتخاذ قرار في الظروف المتقلبة يضاعف من صعوبة مهمته".
يتوقع علييف أن تكون أسراب الطوربيدات الصغيرة عاملاً حاسماً تحت سطح البحر.
إذ يقول:"التوجه الآن تحول من الطوربيدات الثقيلة إلى الخفيفة، أي من طوربيدات يبلغ وزنها طنين إلى طوربيدات تزن بين 35 و40 كغم. وهو شيء رائع. ومفهوم مختلف نوعياً. فإبطال طوربيد واحد كبير الحجم مهمة صعبة، ولكن يمكن حلها. أما في حالة ظهور آلاف "السلاحف القتالية" ولا تعرف أيها حقيقي وأيها زائف، فهذه مشكلة بمستوى مختلف تماماً من التعقيد".
وبغض النظر عن تظاهر الطوربيدات الجديدة بأنها سلاحف أو تشارلي سمك التونة، فهذا لا يلغي حقيقة قدرتها على الانطلاق بسرعة 3 كيلومترات في الساعة، أو ليس أسرع كثيراً من سمكة ذهبية. وهي تبدو بالفعل أقرب إلى الألغام ذاتية الدفع.
الخبراء الأمريكيون يتشككون في جدوى الفكرة
ويعرب بريان كلارك، ضابط الغواصات السابق في البحرية الأمريكية الذي يعمل الآن محللاً في مركز التقييمات الاستراتيجية والميزانية، عن شكوكه في هذه الفكرة:
"لن يتمكن الطوربيد أو أسراب الطوربيدات بسرعة تتراوح بين 3 و5 عقدة بحرية من الإمساك بالغواصات التي تتحرك عادة بسرعة تتراوح بين 5 و15 عقدة أو السفن السطحية التي تتحرك عادة بسرعة تتراوح بين 15 و25 عقدة. يمكن إطلاق سرب الطوربيدات الصغيرة من أمام الهدف، إذا كان المهاجم يعرف الاتجاه المحتمل لتحرك الهدف ويمكنه تجهيز القاذفة مسبقاً. وإذا اكتشف الهدف الطوربيد وهرب، فلن يتمكن الطوربيد من مواكبة سرعة الهدف أو اعتراضه".
والطوربيد الصغير يفتقر إلى المساحة والقدرة على حمل سونار قوي لاكتشاف الأهداف عن بعد، ولا يمكنه حمل معدات ملاحة متطورة. وحتى إذا أصاب الهدف، فقد لا يلحق به ضرراً كبيراً.
يقول كلارك: "الطوربيد ثقيل الوزن مزود برأس حربي يزن 453.5 كغم لتحطيم عارضة سفينة سطحية أو تمزيق بدن ضغط الغواصات.
أما الطوربيد الذي يبلغ وزنه 39.9 كغم غالباً سيزود برأس حربي يبلغ وزنه حوالي 20 كغم فقط. وإذا كانت شحنة متفجرة مُركَّزة ومُشكَّلة، فقد يكون ذلك كافياً لثقب بدن ضغط الغواصة. ولكن لا بد من تثبيتها بدقة لتتمكن من الانطلاق إلى جانب الغواصة مباشرة. وهذا سيكون صعباً بسرعة تتراوح بين 3 و5 عقدة فقط".
يمكن أن يكون فعالاً مع هذه الأهداف
غير أن كلارك يرى أن هذه الطوربيدات يمكن أن تكون مفيدة في التعامل مع أهداف ثابتة مثل الكابلات وخطوط الأنابيب تحت المياه.
وهو يشبّه فكرة الطوربيدات الروسية بالمركبات الآلية تحت سطح الماء، أو UUV. وتحاول الولايات المتحدة ودول أخرى جاهدة تطوير طائرات صغيرة بدون طيار تُطلق في أسراب لإغراق ساحة المعركة بروبوتات قاتلة وزهيدة التكلفة.
وفيما يتعلق بالقدرة على التسلل، يشير كلارك إلى أنه سيتعين على روسيا أولاً وقف الضجيج الميكانيكي للطوربيدات، ثم تفكر بعدها في تحويل الطوربيد إلى ما يشبه كائن بحري. وقال: "إذا حاولت صنع مركبة UUV لا تصدر صوتاً، فلم تتحمل تكاليف جديدة لتزيد من إمكانية اكتشافها على أمل أن تبدو مثل سمكة؟".