الدكتور أوغور شاهين وزوجته الدكتورة أوزلم تورجي أسَّسا شركة بيونتيك لتطوير أجسام "وحيدة النسيلة ضد السرطان"، فانتهى بهما الأمر لتطوير لقاح يمثل أملاً للبشرية في التخلص من وباء كورونا الفتاك، فما قصة ذلك الزوج الألماني الجنسية تركي الأصل الذي أصبح حديث العالم؟
جمعهما حب العلم والأبحاث
تحت عنوان "فيروس كورونا: قصة الزوجين سبب نجاح لقاح فايزر ضد كوفيد" نشر موقع شبكة Sky News تقريراً ألقى الضوء على قصة شاهين وتورجي اللذين قاما بتطوير اللقاح الذي تبلغ نسبة فعاليته 90% في الوقاية من الوباء القاتل.
وقد أسس شاهين وتورجي شركتهما BioNTech للأدوية عام 2008 ونجحت الشركة بالتعاون مع عملاق الأدوية الأمريكي فايزر في تطوير أنجح لقاحات كورونا والذي تم الإعلان عنه أمس الإثنين 9 نوفمبر/تشرين الثاني ليمثل بارقة أمل هامة للبشرية في التخلص من الجائحة التي أصيب بها أكثر من 50 مليون شخص منذ ظهورها في مدينة ووهان الصينية نهاية العام الماضي.
صحيح أن التركيز الإعلامي الآن ينصب على شركة فايزر التي ستتولى توزيع اللقاح عالمياً، إلا أن العلم والأبحاث الخاصة باللقاح بالكامل هي فكرة وتطوير شركة شاهين وتورجي، اللذين يتم الاحتفاء بهما كونهما العقول التي توصلت لهذا الاكتشاف الهام.
ويبلغ شاهين من العمر 55 عاماً وتصغره تورجي بعامين وهما اليوم ضمن قائمة أغنى 100 شخص في ألمانيا، بعد أن بلغت القيمة السوقية لشركة بيونتيك 21 مليار دولار بمجرد الإعلان عن اللقاح، لكنهما من أبناء المهاجرين ذوي البدايات المتواضعة، حيث وُلد شاهين في مدينة الإسكندرونة التركية وهاجر مع والده إلى ألمانيا الغربية وهو في الرابعة من العمر، واستقرت العائلة في مقاطعة كولونيا حيث عمل والد شاهين في مصنع فورد للسيارات، أما تورجي فقد وُلدت في ألمانيا لأب تركي هاجر من إسطنبول وكان يعمل طبيباً.
ودرس شاهين الطب في كولونيا وهامبورج، لكنه ركز دراسته على أبحاث علاج أمراض المناعة، وتقابل الزوجان في مستشفى هامبورغ بعد تخرج شاهين بينما كانت تورجي لا تزال تدرس الطب في نفس الجامعة، وجمع بينهما حب العلم وأبحاثه، وفي إحدى مقابلاتها الصحفية قالت تورجي إنهما كانا معاً في المعمل طوال الوقت حتى في يوم زفافهما.
كيف بدأت قصة لقاح كورونا؟
وفي يناير/كانون الثاني الماضي، قرأ الدكتور شاهين بحثاً علمياً عن تفشي فيروس كورونا في مدينة ووهان الصينية، ولفت نظره أن عمل شركة بيونتيك على أبحاث السرطان متشابه إلى حد كبير مع اللقاحات الفيروسية، وعلى الفور اتخذ مع زوجته تورجي قراراً بتكليف حوالي 500 من العاملين في الشركة "لمشروع سرعة البرق" للعمل على عدة مسارات محتملة للقاح وسرعان ما حصلت الشركة على شراكة مع فايزر ومصنع الأدوية فوسون الصينية، وذلك في مارس/آذار الماضي.
والآن أثبتت التجارب التي أجريت على أكثر من 43 ألف شخص أن فعالية اللقاح الجيني في تحفيز الجسم البشري لإنتاج أجسام مضادة لفيروس كورونا تبلغ 90%.
وعلى المستوى الشخصي، يوصف الدكتور شاهين من جانب زملائه والعاملين معه بأنه شخص "متواضع"، وقال ماثياس ثيوبولد، أستاذ علم الأورام في جامعة ماينز الألمانية، حيث ما زال شاهين يعمل بالتدريس أيضاً، إن "شاهين شخص متواضع جداً ولا تعني له المظاهر أي شيء، أما على مستوى الطموحات العملية والعلمية فهو أبعد ما يكون عن التواضع أو التراجع".
وأضاف ثيوبلود أنه حتى بعد أن حقق شاهين نجاحات مذهلة وحصل على أعلى الدرجات العلمية وشهادات التقدير، لم يتغير مطلقاً على المستوى الشخصي وظل كما هو متواضعاً وغير مهتم بالمظاهر.
وكان شاهين قد أكد لصحيفة فايننشيال تايمز البريطانية بعد الإعلان أن التجارب أثبتت أن اللقاح التجريبي لعلاج مرض "كوفيد-19" فعال بأكثر من 90%: "إن هذه أفضل نتيجة ممكنة"، موضحاً أن الاستجابة المناعية للقاح من المتوقع أن تستمر "لمدة عام على الأقل"، وأضاف أن الأجسام المضادة التي يسببها اللقاح ثبت أنها تمنع نحو 20 طفرة مختلفة من فيروس كورونا، مقللاً من احتمالية أن تتمكن طفرة للفيروس من التغلب على الاستجابة المناعية.
وتتجاوز هذه النتائج معايير إدارة الغذاء والدواء الأمريكية، التي تفرض فاعلية بنسبة لا تقل عن 50% في التجارب، فيما لا يوجد لقاح فعال بنسبة 100%، وفقاً لمنظمة الصحة العالمية، ووصف أنتوني فاوتشي، رئيس معاهد الصحة الوطنية الأمريكية، فاعلية 90% بأنها "غير عادية"، مضيفاً أن النتائج كانت علامة إيجابية لعديد من اللقاحات قيد التطوير، وقد رحبت منظمة الصحة العالمية أيضاً بنتائج اللقاح، واصفة إياها بـ"الإيجابية للغاية".
يؤكد فريق “عربي بوست” على أهمّية مراجعة الطبيب أو المستشفى فيما يتعلّق بتناول أي عقاقير أو أدوية أو مُكمِّلات غذائية أو فيتامينات، أو بعض أنواع الأطعمة في حال كنت تعاني من حالة صحية خاصة.
إذ إنّ الاختلافات الجسدية والصحيّة بين الأشخاص عامل حاسم في التشخيصات الطبية، كما أن الدراسات المُعتَمَدَة في التقارير تركز أحياناً على جوانب معينة من الأعراض وطرق علاجها، دون الأخذ في الاعتبار بقية الجوانب والعوامل، وقد أُجريت الدراسات في ظروف معملية صارمة لا تراعي أحياناً كثيراً من الاختلافات، لذلك ننصح دائماً بالمراجعة الدقيقة من الطبيب المختص.