لا يزال دونالد ترامب هو الرئيس الأمريكي، ولن تنتهي ولايته قبل يوم 20 يناير/كانون الثاني المقبل، حين يتسلم الرئيس المنتخب جو بايدن مهامه، لكن هل يمكن للرئيس أن يتخذ قرارات مهمة ومصيرية، سواء في ملفات داخلية أو خارجية خلال تلك الفترة؟
سلطات الرئيس كاملة.. ولكن!
لا توجد قوانين تمنع الرئيس المنتهية ولايته من ممارسة وظيفته بشكل كامل طوال الفترة الانتقالية في الولايات المتحدة، والتي تبدأ عملياً منذ ظهور نتيجة الانتخابات بصورة مبدئية، وغالباً ما يتم ذلك ليلة الانتخابات، مع استثناءات بسيطة كالتي تواجهها البلاد حالياً.
والاستثناء هذه المرة لا يرجع إلى التقارب بين الرئيس الحالي والمرشح الجمهوري دونالد ترامب ومنافسه الديمقراطي جو بايدن، فما تم حسمه من ولايات حتى الآن يعطي الفوز بصورة واضحة لبايدن في المجمع الانتخابي، لكن الاستثناء هو أن ترامب يرفض الاعتراف بالهزيمة، وقرَّر خوض معركة قانونية طويلة يتمنى أن تنتهي بإعلانه فائزاً لفترة ثانية، وهو احتمال يراه الغالبية الساحقة من خبراء القانون في البلاد ضئيلاً وشبه مستحيل.
لكن بعيداً عن الاستثناءات تشير التقاليد والأعراف الثابتة في ديمقراطية راسخة كالولايات المتحدة إلى إحجام الرئيس المنتهية ولايته عن اتخاذ قرارات مصيرية، أو من شأنها أن تغير من الوضع الراهن في قضية محلية أو تخص السياسة الخارجية للبلاد، ولهذا التقليد سبب منطقي، وهو أن الرئيس الجمهوري/الديمقراطي المغادر لا يريد اتخاذ قرارات مصيرية قد تؤدي إلى نتائج إيجابية تخدم من يخلفه، أو سلبية قد يستخدمها من يخلفه كذريعة للإضرار بسمعة الحزب، وتقليل فرصه في الانتخابات التالية سواء تشريعية أو رئاسية.
ملف كورونا الأبرز داخلياً
وفي ظلّ تفشي جائحة كورونا في الولايات المتحدة، والارتفاع القياسي في أعداد الإصابات تزامناً مع الانتخابات وما يصاحبها من تجمعات، كان طبيعياً أن ينصبَّ تركيز الرئيس المنتخب جو بايدن على مكافحة الوباء، وأعلنت حملته بالفعل عن تشكيل خلية أزمة للتعامل مع الوباء، بحسب تقرير لشبكة CNN رصد بعض الأسماء نقلاً عن الحملة بالفعل.
لكن ترامب يبدو منشغلاً تماماً بمسألة المعركة الانتخابية التي لم تنتهِ بعد بالنسبة له، وهذا منعكس في تصريحاته وتغريداته، التي لا تأتي على ذكر أي قضية أخرى سواء داخلية أو خارجية منذ يوم الانتخابات، 3 نوفمبر/تشرين الثاني، وحتى اليوم الإثنين، 9 نوفمبر/تشرين الثاني، دون أن يبدو أنه قريب من الاستماع لنصائح بعض مستشاريه وإعلان قبوله لنتائج الانتخابات.
وفي هذا السياق، نشرت صحيفة واشنطن بوست اليوم تقريراً بعنوان "موظفة عيّنها ترامب ترفض التعاون لانتقال السلطة"، ألقى الضوء على رفض رئيسة إدارة الخدمات العامة في البيت الأبيض التوقيع على خطاب يسمح لفريق الرئيس المنتخب ببدء العمل رسمياً هذا الأسبوع. والقصة هنا تتعلق بالسماح لفريق عمل الرئيس المنتخب بالتواجد داخل البيت الأبيض وبدء عملية تسلم السلطة، وهي في العادة عملية روتينية لكنها تكتسب أهمية خاصة هذه الأيام، في ظل توقع أن تبلغ الموجة الثانية من وباء كورونا ذروتها في الأسابيع المقبلة، وضرورة وقوف الإدارة الجديدة على مستجدات الأوضاع، حتى لا يتوقف العمل فجأة لو تأخرت عملية انتقال السلطة.
ولا يعد رفض ترامب التعاون غريباً أو مفاجئاً، في ظل عدم تسليمه بالهزيمة وإصراره على أنه الرئيس الفائز، وأن منافسه "سرق منه الانتخابات"، وهي مزاعم لا يوجد ما يدعمها من أدلة أو حقائق، بحسب المراقبين والمحللين ومسؤولي الانتخابات المستقلين.
مزيد من العقوبات على إيران
لكن من الواضح أن ترامب وإدارته يريدون أن تظل استراتيجيتهم التي طبقوها طوال السنوات الأربع الماضية في أحد الملفات الهامة في السياسة الخارجية باقية، مهما حاول بايدن أن يعكسها أو يتخلى عنها، والحديث هنا عن ملف العقوبات على إيران بالتحديد.
فقد نشر موقع Axios الإخباري الأمريكي تقريراً بعنوان "إدراة ترامب تنوي إغراق إيران بالعقوبات حتى 20 يناير"، رصد خطط الإدارة الجمهورية المنتهية ولايتها لفرض مزيد من العقوبات على إيران، وذلك بالتنسيق مع إسرائيل وبعض الدول الخليجية، بالتحديد السعودية والإمارات، وذلك حتى آخر يوم لترامب في البيت الأبيض.
ووصل بالفعل مبعوث الإدارة الخاص بإيران إليون أبرامز إسرائيل، الأحد 8 نوفمبر/تشرين الثاني، والتقى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ومستشار الأمن القومي الإسرائيلي بين شابات، لمناقشة خطة العقوبات الجديدة، وبحسب جدول الزيارة يلتقي أبرامز مع بيني غانتس وزير الدفاع وآبي أشكينازي وزير الخارجية اليوم الإثنين، ثم يتوجه إلى أبوظبي، ومنها إلى الرياض لنفس الغرض.
وضع مزيد من العراقيل أمام بايدن
وبحسب تقرير الموقع الأمريكي، تقوم خطة إدارة ترامب على إعلان حزمة عقوبات ضد إيران بشكل أسبوعي من هذا الأسبوع، وحتى يوم 20 يناير/كانون الثاني المقبل، وهو اليوم الذي يتم فيه تنصيب الرئيس الأمريكي الجديد، وهو جو بايدن، الذي سيصبح الرئيس رقم 46 للبلاد.
ويهدف ترامب ومستشاروه من وراء خطة العقوبات المكثفة في هذه الفترة إلى وضع المزيد من العراقيل أمام جو بايدن، الذي أعلن أثناء الحملة الانتخابية عزمه العودة إلى الاتفاق النووي مع إيران، والذي تم توقيعه أثناء رئاسة باراك أوباما وجو بايدن كنائب له عام 2015، وانسحب منه ترامب عام 2018 من طرف واحد، وأعاد فرض العقوبات على إيران.
كما يهدف تحرك إدارة ترامب ضد إيران لطمأنة إسرائيل والسعودية والإمارات، التي يتمتع زعماؤها بعلاقة خاصة مع ترامب، ويشعرون بقلق شديد من إدراة جو بايدن الديمقراطية فيما يخص العلاقة مع إيران، وفي هذا السياق أيضاً من المنتظر أن يقوم وزير الخارجية مايك بومبيو بزيارة إلى إسرائيل، يوم 18 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، وسيزور أيضاً دولاً أخرى منها السعودية والإمارات، بحسب تقرير الموقع الأمريكي.