يتوجه ملايين الأمريكيين اليوم الثلاثاء، 3 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، للإدلاء بأصواتهم لاختيار رئيسهم الجديد، في يوم حاسم وغير عادي تشهد فيه البلاد انقساماً حاداً وإجراءات انتخابية غير مسبوقة بسبب جائحة كورونا، وستحسم صناديق الاقتراع الاختيار بين مرشحَيْن يعتمدان مقاربتين مختلفتين بالكامل، الرئيس الجمهوري دونالد ترامب، والمرشح الديمقراطي جو بايدن. وإليكم في هذا التقرير آلية الانتخابات الأمريكية وحيثيات السباق الرئاسي، وما سيتبعه من فرز الأصوات، من الألف إلى الياء.
متى سيبدأ الاقتراع وكم سيستمر؟
انطلقت الانتخابات الرئاسية الأمريكية اليوم الثلاثاء، مع فتح صناديق الاقتراع ابتداء من الساعة 6:00 صباحاً، بتوقيت الساحل الشرقي للولايات المتحدة، على أن تستمر عمليات التصويت إلى 9:00 مساء بتوقيت الساحل الغربي لهذه البلاد.
وفتحت مدينتان صغيرتان في ولاية نيو هامبشاير أبواب مراكز الاقتراع في منتصف الليل بالتوقيت المحلي. وأدلى ناخبو ديكسفيل نوتش، القرية الصغيرة البالغ عدد سكانها 12 شخصاً في شمال شرقي الولايات المتحدة، بأولى الأصوات بحلول منتصف الليل، مطلقين رمزياً الانتخابات الرئاسية. وتفتح معظم الولايات مكاتب اقتراعها لمدة 12 ساعة على الأقل.
كم عدد الناخبين الأمريكيين وما نسبة المشاركة؟
فعلياً، أدلى نحو 100 مليون أمريكي بأصواتهم في الانتخابات الرئاسية الأمريكية الـ59، بحلول اليوم الإثنين، حسب إحصاء لمشروع الانتخابات الأمريكية في جامعة فلوريدا، ويحق لنحو 239 مليون أمريكي التصويت في هذه الانتخابات.
ويمهد التصويت المبكر، الطريق لما يُتوقع أن تكون أعلى مشاركة في الانتخابات في التاريخ الحديث. ويشكل هذا الرقم القياسي 69% من إجمالي المشاركين في التصويت في انتخابات العام 2016.
ويبدو أن نسبة المشاركة في الانتخابات الرئاسية ستكون تاريخية، إذ كان الديمقراطيون قد دعوا إلى التصويت بكثافة بهذا الشكل بسبب الفيروس، ويترقب الجميع لمعرفة ما إذا كان الجمهوريون الذي يميلون إلى التصويت في نفس يوم الانتخابات سيكونون على الموعد في مكاتب الاقتراع.
هذا التراكم القياسي للأصوات عبر البريد، والتي قد يستمر تواردها في بعض الولايات لعدة أيام بعد الثلاثاء، قد يعقّد عمليات فرز الأصوات، أو حتى يؤخر إعلان الفائز في حال كانت النتائج متقاربة جداً. أما ترامب فكان قد حذّر قائلاً: "فور انتهاء الانتخابات سيكون محامونا جاهزين". وكان ترامب رفض التعهد بقبول نتيجة الانتخابات، في سلوك غير مسبوق لرئيس منتهية ولايته.
ومن أجل الفوز يجب أن يحصل المرشح على غالبية أصوات كبار الناخبين، والبالغة 270 من أصل 538، والتي تمنح بشكل نسبي على مستوى الولايات، عن طريق ما يعرف بنظام "المجمع الانتخابي".
ما هو المجمع الانتخابي؟
لكي تصبح رئيساً للولايات المتحدة لا تحتاج في الواقع إلى الفوز بالتصويت الشعبي، وإنما بدلاً من ذلك يهدف المرشحون إلى الفوز بالأغلبية فيما يسمى المجمع الانتخابي.
ويرجع ذلك إلى أن الرئيس الأمريكي لا يختاره الشعب مباشرة، ولكن تختاره مجموعة مسؤولين يعرفون باسم "المجمع الانتخابي"، بحسب ما نص عليه الدستور، ومجموعة قوانين اتحادية وقوانين محلية في كل ولاية.
ونظرياً يختار ممثلو الولاية المرشح الذي فاز بأغلبية الأصوات، ولكن هذا لا يحدث في كل الأحوال. والفوز بسباق البيت الأبيض يحرزه من يحصل على 270 صوتاً من بين 538.
ويعني هذا النظام أن هناك أهمية لبعض الولايات دون غيرها بالنسبة للمرشحين، لأن الولايات التي تتمتع بعدد كبير من السكان لها عدد أكبر من أصوات الممثلين لها.
ومن المحتمل أن تفوز بأصوات الناخبين من الشعب، ولكنك تخسر الانتخابات، وهذا ما حدث لمرشحي الحزب الديمقراطي آل غور في انتخابات عام 2000، وهيلاري كلينتون في 2016.
ويستخدم مصطلح "المجمع الانتخابي" للإشارة إلى هيئة من المسؤولين، أو "الناخبين"، يمثلون كل ولاية، ويقدر عدد الناخبين الممثلين لكل ولاية بحسب تمثيلها في الكونغرس: أي مجموع عدد الشيوخ لديها (فكل ولاية لديها عضوان في مجلس الشيوخ)، وعدد النواب الذين يمثلونها في مجلس النواب (وهذا العدد يقرره الناخبون من الشعب).
وأكبر 6 ولايات هي: كاليفورنيا (55)، وتكساس (38)، ونيويورك (29)، وفلوريدا (29)، وإلينوي (20)، وبنسلفانيا (20). ويعطي هذا النظام ثقلاً أكبر لولايات أصغر، ويعني هذا أن على مرشح الرئاسة الحصول على عدد من الأصوات يمتد على رقعة متسعة في أرجاء البلاد.
كم سيستغرق الفرز ومعرفة النتيجة؟
في الانتخابات الحالية، يصوت ملايين الأمريكيين بالبريد أكثر من الانتخابات السابقة، وقد يستغرق فرز الأصوات البريدية مزيداً من الوقت، ولن تبدأ بعض الولايات الفرز حتى يوم الاقتراع، لذلك سيكون هناك بالتأكيد تأخير في بعض النتائج.
وبسبب هذه الزيادة غير المسبوقة في عدد الأصوات البريدية فقد ينتهي الأمر بهزيمة المرشح الذي تقدم في وقت مبكر مع فرز الأصوات البريدية أو الشخصية، لذلك يجب الحذر من الأرقام.
ولدى الولايات المختلفة قواعد مختلفة لكيفية فرز بطاقات الاقتراع البريدية ومتى يتم ذلك، ما يعني أنه ستكون هناك فجوات كبيرة بينها من حيث الإبلاغ عن النتائج. وبدأت بعض الولايات مثل فلوريدا وأريزونا فرز بطاقات الاقتراع قبل أسابيع من موعد الثالث من نوفمبر/تشرين الثاني، في حين أن ولايات أخرى مثل ويسكونسن وبنسلفانيا لن تمسّ هذه الأصوات حتى يوم الانتخابات، ما يعني أنه من المحتمل أن يكون فرز الأصوات لديهم أبطأ.
ما هو الموعد النهائي لقبول الأصوات البريدية؟
وما سيزيد الالتباس، أن الولايات تختلف في مواعيدها النهائية بشأن موعد قبول الاقتراع البريدي، حيث سيجري البعض، مثل جورجيا، عملية فرز الأصوات التي تم تلقيها في 3 نوفمبر/تشرين الثاني، أو قبل هذا الموعد فقط، في حين أن بعض الولايات الأخرى، مثل أوهايو، سيحسب الأصوات المتأخرة ما دام تم ختمها بالبريد، بحلول 3 نوفمبر/تشرين الثاني.
وتقول التوقعات إنه في بعض الولايات سيستغرق الأمر أسابيع للحصول على نتائج كاملة، ما يعني أنه سيكون من المستحيل تقريباً التنبؤ بموعد تسمية الرئيس المقبل رسمياً.
لكن في الانتخابات السابقة، كانت معرفة النتيجة مباشرة بعد إغلاق مراكز الاقتراع، التي كانت تتم على الساعة 23:00 بتوقيت شرق الولايات المتحدة (04:00 بتوقيت غرينتش) لإغلاق مراكز الاقتراع في الساحل الغربي. وفي عام 2008، جاءت النتائج مباشرة في تلك الساعة، وفي عام 2012 كانت بعد 15 دقيقة فقط.
ويُجمع المراقبون على أنه بعد ليلة الانتخابات قد تكون هناك نتائج إيجابية مضللة لترامب في بعض الولايات، ولكن الحال قد ينقلب تماماً مع استمرار تدفق نتائج بطاقات الاقتراع عبر البريد خلال الأيام التالية، لتنقلب النتائج لصالح بايدن، الأمر الذي سبق لترامب أن حذر منه مراراً وأعلن رفضه.
ماذا سيحدث إذا لم يكن هناك فائز واضح؟
إذا لم تكن هناك نتائج واضحة، في 3 نوفمبر/تشرين الثاني، فسيتعيّن علينا الانتظار أياماً، أو أسابيع، حتى ينتهي فرز الأصوات. ومن الطبيعي ألا يتم فرز جميع الأصوات في الليل، ولكن هذا العام قد يستغرق الأمر وقتاً أطول. وبالإضافة إلى ذلك، قد تكون هناك نزاعات قانونية ستزيد من حالة عدم اليقين، وقد تعني أن المحاكم قد تلعب دوراً في حسم النتائج.
وماذا سيحدث بعد حسم إعلان الفائز؟
توجد فترة انتقالية قصيرة بعد الانتخابات، تسمح للرئيس الجديد باختيار أعضاء حكومته، وتحضير خططه. ويؤدي الرئيس الجديد (أو الذي يتولى الرئاسة للمرة الثانية) اليمين في يناير/كانون الثاني في احتفال كبير.
وحددت المادة 20 من الدستور الأمريكي، التي صدق عليها في عام 1933، يوم 20 يناير/كانون الثاني لهذا الاحتفال. وعقب أداء المراسم في الكونغرس يعود الرئيس إلى البيت الأبيض في موكب لبدء فترة رئاسته لمدة أربع سنوات.