اقتربت ساعة الحسم في السباق الانتخابي، ولا تزال استطلاعات الرأي تضع جو بايدن في المقدمة، فهل يتكرر سيناريو 2016 ويفوز دونالد ترامب عكس التوقعات مرة أخرى؟ احتمال وارد.
ماذا حدث في المرة الماضية؟
في البداية من المهم استرجاع ما حدث في الانتخابات الرئاسية الماضية، حيث أظهرت جميع استطلاعات الرأي أن هيلاري كلينتون الأقرب للفوز على حساب دونالد ترامب لدرجة أن صحيفة نيويورك تايمز نشرت صورة هيلاري كلينتون في صدر صفحتها الأولى ليلة الانتخابات وتحتها تعليق "السيدة الرئيس".
ورغم ذلك فإن تكرار نفس الخطأ الذي وقعت فيه استطلاعات الرأي هذه المرة يعني أن جو بايدن سيفوز على ترامب، فكيف ذلك؟ صحيفة The Times البريطانية نشرت تقريراً بعنوان "هل تخطئ الاستطلاعات مرة أخرى؟ ربما"، عقد مقارنة بين استطلاعات الانتخابات الماضية والاستطلاعات هذه المرة.
والقصة التي أصبحت حديث الساعة طوال السنوات الأربع الماضية أي منذ وصول ترامب المفاجئ للبيت الأبيض تتعلق باستطلاعات الرأي التي أصبحت هدفاً للتشكيك المستمر من جانب ترامب وأنصاره، بل إن كثيراً منهم يراها مؤشراً إيجابياً على أنه سيفوز بفترة ثانية رغم أنه متأخر عن جو بايدن، لكن على الجانب الآخر يرى مراقبو الانتخابات ومحللو بيانات استطلاع الرأي أن نسبة الخطأ في المرة الماضية ليست بالصورة التي يروج لها الجمهوريون.
وقياساً على نسبة الخطأ تلك، فإن بايدن يظل الأقرب للفوز في ولايات متأرجحة مثل بنسلفانيا وفلوريدا وميشيغن وويسكنسون، حتى لو كانت استطلاعات الرأي الحالية خاطئة كما كانت في الانتخابات الماضية، والمقصود هنا أن نسبة الخطأ في تلك الولايات تراوحت بين 0.5% و2%، بينما يظهر بايدن متقدماً حالياً بأضعاف تلك النسبة في غالبية تلك الولايات.
هل يمكن أن يتكرر الخطأ هذه المرة؟
الإجابة نعم، لكن هل يعني ذلك أنه في حال تكرر نفس الخطأ وبنفس النسبة سيفوز ترامب؟ الإجابة كلا، لأن هامش التقدم الذي تظهره استطلاعات الرأي حتى اليوم الإثنين 2 نوفمبر/تشرين الثاني لصالح بايدن أكثر اتساعاً بكثير عما كانت عليه لصالح هيلاري كلينتون، فهل يمكن أن تكون استطلاعات الرأي خاطئة هذه المرة بنسبة تسمح بفوز ترامب؟ احتمال وارد، لكنه يبدو ضعيفاً.
والسبب هنا يتعلق بالأساس بالمفاهيم الخاطئة بشأن مدى هامش خطأ استطلاعات الرأي في الانتخابات الماضية؛ ففي تلك الانتخابات بالغت استطلاعات الرأي في إبراز تقدم هيلاري كلينتون على دونالد ترامب بنسبة 3.1% طوال الأسابيع الثلاثة التي سبقت يوم الانتخابات، بحسب موقع FiveThirtyEight المتخصص في تحليل نتائج استطلاعات الرأي، وهامش الخطأ بتلك النسبة هو هامش قياسي جداً بحسب المعايير التاريخية لاستطلاعات الرأي. ففي انتخابات 2012، كانت نسبة الخطأ في استطلاعات الرأي تبلغ 3.3%، لكنها كانت لصالح ميت رومني على حساب باراك أوباما.
لكن مشكلة استطلاعات الرأي في الانتخابات الماضية كانت أكبر على مستوى الولايات، حيث بلغ هامش الخطأ فيها 5.2% في المتوسط، ومع تركيز هيئات قياس استطلاع الرأي على المستوى القومي للبلاد، تجاهلوا الموقف على الأرض في ولايات ديمقراطية تقليدياً فجاء فوز ترامب فيها مفاجئاً للجميع، وأبرزها بنسلفانيا وميشيغن وويسكنسون.
ما المختلف هذه المرة؟
وبالتالي فإن تكرار نفس الخطأ على مستوى الولايات هذه المرة أيضا يبدو احتمالاً ضعيفاً، ويظهر بوضوح أن استطلاعات الرأي في الانتخابات الحالية أكثر تركيزاً على الولايات منها على المستوى القومي، وبصفة خاصة في الولايات التي تمثل ساحات معارك.
كما توجد اختلافات هامة أخرى في طريقة إجراء استطلاعات الرأي في هذه الانتخابات عما كان عليه الأمر في الانتخابات الماضية، وأبرزها أن نسبة تقدم بايدن واستمرارية ذلك التقدم أعلى بكثير من نسبة تقدم هيلاري كلينتون، سواء على مستوى الولايات المتأرجحة أو على المستوى القومي ككل، كما أن الفارق بين بايدن وترامب لم ينخفض بنفس النسبة التي انخفض بها لصالح ترامب في المرة الماضية مع وصول قطار التصويت لمحطته الأخيرة أي يوم الانتخابات غداً الثلاثاء 3 نوفمبر/تشرين الثاني.
المتغير الآخر المختلف في هذه الانتخابات عند مقارنتها بالانتخابات الماضية هو التصويت المبكر والذي بلغ نسبة قياسية، حيث أدلى أكثر من 94 مليون أمريكي بأصواتهم حتى صباح الإثنين 2 نوفمبر، بنسبة 68.2% من إجمالي نسبة الإقبال في انتخابات 2016 التي أدلى فيها 138.8 مليون أمريكي بأصواتهم بنسبة 55.5% من من لهم حق التصويت، بحسب موقع مشروع الانتخابات.
وعلى الرغم من عدم وجود معلومات دقيقة عن لمن ذهبت تلك الأصوات، خصوصاً أن 23.5% من الناخبين الذين صوتوا بالفعل، سواء بشخصهم أو من خلال البريد، ناخبون مستقلون، إلا أن 45.5% منهم مسجلون كناخبين ديمقراطيين مقابل 30.4% ناخبين جمهوريين، وهو ما يعني إقبالاً أكبر بين الديمقراطيين مقارنة بالانتخابات الماضية.
لكن لا أحد يمكنه الجزم بنتيجة تلك الانتخابات الأشرس في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية والأهم بالنسبة للعالم أجمع، بحسب المراقبين، وستظل نتيجتها النهائية غير معلومة إلى ما بعد أيام وربما أسابيع من يوم الانتخابات، ويتوقع البعض أن تصل النتيجة إلى المحكمة العليا، في تكرار لسيناريو انتخابات 2000 التي فاز بها جورج بوش (الابن) على حساب آل جور بقرار من المحكمة، رغم فوز الأخير بالتصويت الشعبي.