قرار المحكمة العليا في أمريكا بإمكانية فرز الأصوات المرسلة عبر البريد بعد يوم التصويت سبَّب صدمة للجمهوريين، بينما احتفى به الديمقراطيون، رغم أن الحكم يخص ولاية بنسلفانيا، فماذا يعني ذلك بالنسبة للرئيس دونالد ترامب ومنافسه جو بايدن؟
قرار يكشف سبب معركة المحكمة
قضت المحكمة العليا بإمكانية فرز الأصوات المرسلة عبر البريد حتى ما بعد يوم التصويت 3 نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، في ولاية بنسلفانيا، وهو ما سبَّب صدمة للجمهوريين بالولاية التي تمثل أهمية بالغة في تحديد الرئيس المقبل للولايات المتحدة الأمريكية.
والقصة هنا تتعلق بطعن تقدّم به الحزب الجمهوري في الولاية ضد حكم محكمة الولاية بإمكانية فرز الأصوات المرسلة عبر البريد والتي تصل لمراكز الفرز بعد يوم 3 نوفمبر/تشرين الثاني، وكان الجمهوريون يعولون على المحكمة العليا في رفض قرار محكمة الولاية، على أساس أن الناخبون الديمقراطيين يميلون أكثر للتصويت عبر البريد، وبالتالي فإنَّ تأخر وصول بطاقات الاقتراع عبر البريد سيصب في صالح الجمهوريين.
لكن المحكمة العليا، التي تتصدر عناوين الأخبار الرئيسية في السباق الرئيسي بسبب وفاة القاضية الليبرالية روث بادر غينسبورغ وسعي ترامب لترشيح قاضية محافظة هي إيمي كونيت باريت لشغل المقعد، أيدت حكم محكمة ولاية بنسلفانيا، بعد أن انحاز رئيس المحكمة، جون روبرتس، إلى القضاة الثلاثة الليبراليين في مواجهة القضاة الأربعة المحافظين الذين اعترضوا على تأييد الحكم.
وعلى الرغم من أن روبرتس من المحافظين، فإنه انحاز لصالح التفسير الدستوري السليم على حساب قناعاته الشخصية، بحسب المحللين القانونيين الذين رأوا أن هذه ستكون المرة الأخيرة التي يمكن أن يكون صوت روبرتس فيها حاسماً في أي حكم تصدره المحكمة.
والمقصود هنا هو أن مسألة تعيين باريت التي تمر عبر مجلس الشيوخ أمر محسوم، في ظل الأغلبية الجمهورية بالمجلس، وهو ما يُتوقع أن يتم بشكل رسميٍّ مطلع الأسبوع المقبل، وبهذا تصبح أغلبية قضاة المحكمة من المحافظين (5 مقابل 3)، بخلاف رئيس المحكمة القاضي الأعلى روبرتس، وهذا ما يسعى إليه ترامب، الذي قال إنه يتوقع أن تحسم المحكمة العليا مصير الانتخابات وتقرر من هو الفائز.
بنسلفانيا لن تكون الوحيدة
وتمتلك بنسلفانيا 20 صوتاً في المجمع الانتخابي الذي سيحسم السباق إلى البيت الأبيض بموجب النظام الانتخابي المعمول به في الولايات المتحدة، وتكتسب الأصوات التي ستُفرز حتى 6 نوفمبر/تشرين الثاني، أهمية مصيرية، في حال كانت الأصوات التي نالها المرشحان الجمهوري والديمقراطي متقاربة، في الانتخابات.
وتشير تقديرات إلى أنه قد يدلي أكثر من 70 مليون ناخب بأصواتهم عبر البريد، في ظل تفشي فيروس كورونا واحتمال ألا يكفي يوم واحد لفرزها، بينما أعلن ترامب والجمهوريون عموماً معارضتهم لفكرة إمكانية فرز الأصوات بعد يوم الانتخابات في بعض الولايات.
وتمثل بنسلفانيا واحدة من الولايات المتأرجحة التي يطلق عليها ولايات الحسم، وبالتالي فإن قرار المحكمة سبّب جواً من التفاؤل بين أوساط الديمقراطيين الذين يميل ناخبوهم إلى التصويت عبر البريد بنسبة أكبر من الجمهوريين، الذين يعملون بنصيحة ترامب ويخططون للتصويت يوم 3 نوفمبر/تشرين الثاني.
وقد عبّر ترامب أكثر من مرة، عن رغبته في أن تنتهي عملية فرز الأصوات ليلة الانتخابات، معتبراً أن التصويت عبر البريد "تزوير لصالح الديمقراطيين"، دون أن يقدم دليلاً على مزاعمه، وفي هذا السياق يأتي قرار المحكمة العليا كخيبة أمل للرئيس ولحملته، خصوصاً أن الحكم يمثل سابقة سيكون من الصعب على المحكمة أن تخالفها حتى في حالة تعيين باريت ومشاركتها في قرار مشابه يخص ولاية أخرى.
كما أن قرار المحكمة العليا سيساهم في التقليل بنسبة كبيرة، من العراقيل القانونية المتشعبة التي يسعى الجمهوريون في جميع الولايات والمقاطعات إلى وضعها أمام الناخبين الساعين إما للتصويت المبكر وإما للتصويت عبر البريد، خوفاً من الإصابة بعدوى الوباء إذا ما انتظروا ليوم الانتخابات، وهذا يصب في صالح الديمقراطيين، إضافة إلى أن الإقبال القياسي على التصويت المبكر حتى الآن يمثل مؤشراً إيجابياً آخر بالنسبة لفرص بايدن.