من أقوى عسكرياً أذربيجان أم أرمينيا؟ أصبح هذا هو السؤال الرئيسي مع نُذر تحول المواجهات بين البلدين إلى حرب ضروس في القوقاز.
وآخر حرب مفتوحة بين البلدين عام 1994 انتهت بهزيمة أذربيجان واحتلال أرمينيا نحو 20% من مساحة أذربيجان، بما في ذلك إقليم ناغورنو كارباخ كله، إضافة إلى 9% من أراضي أذربيجان خارج الإقليم، الذي تعتبره الأمم المتحدة والدول الغربية إقليماً أذربيجانياً، وترفض عملية ضم أرمينيا له.
ولكن منذ ذلك الوقت حدثت تغييرات كبيرة في الميزان العسكري بين البلدين.
وتعاني بلدان القوقاز الثلاثة أذربيجان وأرمينيا وجورجيا من معدلات منخفضة من الناتج المحلي الإجمالي ولكنها متشابهة، لكن أهم ميزة تمتلكها أذربيجان على جورجيا وأرمينيا هي موارد النفط واستغلت باكو هذه الموارد لتعزيز قوة جيشها، كما أن عدد سكان أذربيجان واقتصادها أكبر من أرمينيا عدة مرات.
في عام 2015 وحده، أنفقت باكو 3 مليارات دولار على جيشها، أكثر من الميزانية الوطنية الأرمنية بأكملها، ووقعت اشتباكات على الحدود عدة مرات، أبرزها في عام 2016.
عدد السكان والمساحة والميزانية
يبلغ عدد سكان أذربيجان 9 ملايين و713 ألف نسمة، مقابل نحو 3 ملايين لأرمينيا، ومساحة أذربيجان 86 ألف كم مقابل 29.7 كم لأرمينيا.
والميزانية العسكرية لأذربيجان 2.73 مليار دولار بنسبة 5.4% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، مقابل 0.5 مليار دولار لأرمينيا بنسبة 4.7% من الناتج المحلي الأرميني، بينما تشير تقديرات أخرى إلى أنها 1.3 مليار دولار للجيش الأرميني.
ويبلغ عدد من يصلحون للخدمة العسكرية في أذربيجان 3.7 مليون نسمة، ويصل إلى سن التجنيد سنوياً 151 ألف شخص، مقابل 1.3 مليون يصلحون للخدمة العسكرية في أرمينيا، التي يتجاوز عدد من يصلون إلى سن التجنيد فيها 44 ألف شخص سنوياً.
من أقوى عسكرياً أذربيجان أم أرمينيا؟
ويضم جيش أذربيجان 300 ألف جندي، بينهم 126 ألف جندي عامل والباقي قوات احتياطية، مقابل 200 ألف جندي بينهم 45 ألف جندي عامل في جيش أرمينيا.
وتتكون القوات الجوية الأذربيجانية من 147 طائرة، بينها 17 مقاتلة، و12 طائرة هجومية، وطائرة نقل عسكري، و29 طائرة تدريب، إضافة إلى 88 مروحية بينها 17 مروحية هجومية.
وتتكون القوات الجوية الأرمينية من 64 طائرة، بينها 9 طائرات هجومية، و3 طائرات نقل عسكري، و13 طائرة تدريب، إضافة إلى 37 مروحية بينها 20 مروحية هجومية.
وبصفة عامة القوات الجوية البلدية صغيرة الحجم، وتعتمد على طائرات روسية قديمة، باستثناء 12 طائرة ميغ 29 لأذربيجان، و4 طائرات سوخوي 30 لأرمينيا.
ويمتلك الجيش الأذربيجاني 570 دبابة و1451 مدرعة و187 مدفعاً ذاتي الحركة، و227 مدفعاً ميدانياً و162 راجمة صواريخ.
بينما يمتلك الجيش الأرميني 110 دبابات و748 مدرعة و38 مدفعا ذاتي الحركة و150 مدفعاً ميدانياً و6 8 راجمات صواريخ.
وبينما تمتلك أذربيجان 31 سفينة حربية متنوعة، بينها 4 غواصات وفرقاطة و13 سفينة دورية و7 كاسحات ألغام، فإن أرمينيا لا تمتلك أساطيل بحرية لأن ليس لديها سواحل.
ويوجد في أذربيجان 37 مطاراً وأسطولاً تجارياً مكوناً من 313 سفينة وميناء، بينما أرمينيا يوجد بها 11 مطاراً وليس لها موانئ بحرية.
لماذا انتصرت أرمينيا في الحرب السابقة؟
وفي الحرب السابقة في التسعينيات انتصرت أرمينيا بفضل الروح القومية الأرمينية المدعومة بالجاليات والأحزاب الأرمينية المنتشرة على مستوى العالم، والدعم الروسي والإيراني.
ولكن منذ تلك الحرب تزايدت الفجوة بين البلدين لصالح أذربيجان بفضل احتياطات النفط الضخمة للبلاد، ولكن هذا لا يضمن تفوقاً عسكرياً لباكو، خاصة في ظل اتهامات للنظام بالفساد وطبيعة النظام العقائدي الأرميني.
ولكن هناك متغير مهم بالنسبة لأذربيجان هو الدعم التركي، حيث أظهر الأتراك بخبرتهم العسكرية قدرة على تغيير مسار المعارك لصالح حلفائهم في إدلب بشمال سوريا وليبيا، خاصة عبر الطائرات بدون الطيار.
في المقابل، فإن أرمينيا تحظى برعاية خاصة من روسيا، ورغم أن موسكو تزود البلدين المتنازعين بالسلاح فيبدو أنها تخص يريفان بأسلحة أكثر تطوراً، مثل طائرات سوخوي 30 على قلتها.
وهناك أيضا نظام أسكندر الذي هددت أرمينيا باستخدامه حتى دون تنسيق مع الجانب الروسي.
والمنظومة الصاروخية "إسكندر" صممت في التسعينيات من القرن الماضي، ودخلت الخدمة الفعلية في روسيا عام 2006، ويبلغ المدى القتالي لصواريخ المنظومة 500 كلم، أما في النموذج المصدر للخارج فمداه 280 كلم فقط.
وكانت روسيا قد زودت أرمينيا بمنظومات "إسكندر" العملياتية التكتيكية، وكشفت أرمينيا النقاب عن تلك المنظومات لأول مرة، في سبتمبر/أيلول الماضي، إذ شاركت "إسكندر" في الاستعراض العسكري الذي أقيم بمناسبة الذكرى الـ25 لاستقلال البلاد (بعد انهيار الاتحاد السوفييتي).
ويمكن التحكم في صواريخ إسكندر حتى بلوغ هدفها، وهذا ما يجعل اعتراضها بوسائل الدفاع الجوي أمراً صعباً للغاية، كما يمكن استخدام هذه المنظومة لإطلاق صواريخ "إر-500" المجنحة فائقة الدقة.
ولم يستبعد المتحدث باسم وزراة الدفاع الأرمينية أرتسرون هوفهانيسيان، استخدام الجانب الأرميني كل الأسلحة الموجودة في ترسانته، بما فيها أنظمة صواريخ "إسكندر" والطائرات الهجومية، لكنه أضاف أن هذا الأمر لن يحدث إلا إذا "اقتضت الضرورة وتوافق ذلك مع منطق إدارة الأعمال القتالية".
كما أعلن سفير أرمينيا في روسيا وارطان توغانيان أن بلاده ستستخدم منظومات "إسكندر" الصاروخية دون التنسيق مع الجانب الروسي عند الخطر، مشدداً أن القرار مستقل بمعزل عن موسكو.
في المقابل، أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الأذربيجانية جيهون بيراموف، أن بإمكان بلاده الرد بشكل مناسب على أرمينيا، إذا استخدمت منظومات صواريخ "إسكندر" على خلفية التصعيد العسكري في قرة باغ.