يُنتَظَر أن توقع الحكومة المصرية اتفاقية مع نظيرتها الصينية في وقت لاحق من الشهر الجاري بشأن توزيع اللقاح الصيني ضد فيروس كورونا المستجد، الذي يمر الآن في مراحل تطويره الأخيرة، في غضون 4 أشهر، كما يقول موقع Al-Monitor الأمريكي.
وعلى الجانب الآخر، تجاهلت مصر دعوة روسيا للدخول في شراكة من أجل إنتاج لقاح آخر ضد فيروس كورونا المستجد. وفي 11 أغسطس/آب، أصبحت روسيا أول دولة في العالم تُعلِن التصريح باستخدام لقاح ضد "كوفيد-19" على نطاق واسع.
من جانبها، أعلنت وزارة الصحة المصرية، في بيان رسمي بتاريخ 12 سبتمبر/أيلول، أنها ستبدأ المشاركة في تجارب إكلينيكية للمرحلة الثالثة من تطوير لقاحين تنتجهما "شركة صينية توفر لقاحات أساسية لمرض شلل الأطفال، وهي واحدة من الشركات الرائدة في المجال"، مع اختبار اللقاحين على نحو 15 ألف شخص. ووفقاً لوزارة الصحة المصرية، تهدف المرحلة الثالثة من الاختبارات إلى ضمان فعالية اللقاحين.
لماذا تفضل مصر اللقاح الصيني على الروسي؟
في هذه الأثناء، لم ترُد وزارة الصحة المصرية على عرض رسمي من روسيا لتأسيس شراكة بين البلدين لإنتاج اللقاح الروسي الجديد ضد فيروس كورونا المستجد المُسمَى Sputnik-V (سبوتنيك-في).
وكان السفير الروسي بالقاهرة جورجي بوريسنكو قد أعرب في تصريح صحفي يوم 19 أغسطس/آب عن استعداد بلاده للتعاون مع مصر لإنتاج اللقاح الروسي. وقال: "هذا اللقاح يمكن أن يكون الأساس لمزيد من تطوير العلاقات بين مصر وروسيا".
من جانبه، قال حسام حسني، رئيس اللجنة العلمية التي شكَّلتها السلطات المصرية في مارس/آذار لمكافحة فيروس كورونا المستجد، في حديث مع موقع Al-Monitor عبر الهاتف، إنَّ مصر تشارك مع الصين في دراسات حول اللقاحات التي تعمل بكين عليها. وأضاف: "تحقَّقت مصر من إجراءات السلامة والوقاية للقاحين اللذين أعلنت عن إجراء تجارب إكلينيكية حولهما. وهذا من أسباب تفضيل مصر للقاح الصيني، ناهيك عن أنَّ مراحل إنتاجه تخضع لإشراف وتقييم منظمة الصحة العالمية.
وعلى الجانب الآخر، لم تُدرِج منظمة الصحة العالمية اللقاح الروسي على قائمة اللقاحات التي خضعت للمراجعة والتقييم بعد تجميع البيانات اللازمة عن سلامتها وفعاليتها خلال مرحلة التجارب الإكلينيكية.
وأعرب حسني عن اعتقاده أنَّ مصر ستصبح مركزاً لإنتاج لقاحات فيروس كورونا المستجد في إفريقيا؛ نظراً لأنَّ مصر لديها القدرة على إجراء تقييمات السلامة والفعالية الخاصة بها على هذه اللقاحات. وأوضح أنَّ هذا هو الحال بالنسبة للقاح الصيني طوال مراحل تصنيعه، إذ تمكنت مصر من الاطلاع على جميع التقارير المتعلقة بكل مرحلة من مراحل التجارب السريرية.
إنتاج اللقاح في مصر
وقال مصدر مسؤول من وزارة الصحة المصرية، لموقع Al-Monitor -تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته- إنَّ "لقاحي فيروس كورونا، اللذين أعلنت وزارة الصحة عن مشاركتها في التجارب الخاصة بهما- ابتكرتهما شركة Sinopharm الصينية، سادس أكبر مُصنِّع للقاحات في العالم. ووافقت الحكومة الصينية بالفعل على الاستخدام الطارئ لأحد هذين اللقاحين، وهو اللقاح الذي ستبدأ مصر في اختباره [على المشاركين من داخلها]. وفي غضون ذلك، لم يصدر أي بيان بخصوص اللقاح الثاني".
وأوضح المصدر أنَّ لقاحي فيروس كورونا المستجد يُعطيان على جرعتين عن طريق الحقن العضلي، بفاصل 14 أو 21 يوماً. ورجَّح المصدر أنَّ مصر تفضل اللقاح الصيني لأنَّ بكين أمدتها بالتكنولوجيا اللازمة لإنتاج اللقاح؛ وهو ما يعد ميزة كبيرة لمصر في ظل صعوبة توريد اللقاحات وتوزيعها.
وأكد المصدر أنَّ إجراء التجارب السريرية الثالثة على المتطوعين المصريين سيحدث من خلال إعطاء اللقاح لمجموعة واحدة وإعطاء لقاح وهمي لمجموعة أخرى. وتخضع المجموعتان للمتابعة، حتى يصاب المشاركون في المجموعة الثانية بالفيروس. بعد ذلك، تُقارن المجموعة الثانية من المتطوعين مع المجموعة الأولى.
وفي حديث مع موقع Al-Monitor، قال أحمد عزب، الباحث في برنامج الحق في الصحة التابع للمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، إنَّ مصر تشارك في العديد من المبادرات التي أطلقتها منظمة الصحة العالمية، التي تهدف بالأساس إلى ضمان التوزيع العادل للقاح الفيروس التاجي، وضمان وصوله إلى الدول النامية مثل مصر التي لا تستطيع تحمل تكلفة اللقاح.
"توافق سياسي بين البلدين"
مع ذلك، أشار عزب إلى أنَّ المشاركة في مبادرات منظمة الصحة العالمية لا تكفي لضمان تطعيم أكبر نسبة من السكان في ظل معوقات كبيرة أبرزها نقص التمويل. وأضاف: "قد يكون هذا هو السبب في توقيع وزارة الصحة المصرية على اتفاقيات، خاصة مع الدول التي وصلت تجارب لقاحها إلى مرحلة متقدمة، مثل الصين".
وأوضح أنَّ التفضيل المصري للقاح الصيني قد يكون مرتبطاً بتوافق سياسي بين البلدين. وقال: "هناك عددٌ من الأسئلة التي يجب على وزارة الصحة المصرية الإجابة عنها حول تفاصيل تصميم التجارب الإكلينيكية، وما إذا كانت منظمة الصحة العالمية ستشرف عليها أم لا".
وتابع عزب أنَّ اللقاح الروسي لم يمر بعد بالمرحلة الثالثة من التجارب الإكلينيكية. وأشار إلى أنه "لم تصدر أية تقارير عن نتائج الاختبارات حتى الآن في المرحلتين الأولى والثانية من تطوير اللقاح. وسارعت روسيا لإنتاج لقاح الإيبولا [في يونيو/حزيران من هذا العام] ، الذي لم يجتز سوى مرحلتي اختبار فقط. وأُرسِل هذا اللقاح إلى البلدان الإفريقية، لكن ظهرت مشكلات لاحقاً في النسبة المئوية للأجسام المضادة التي تولدها".