جاء إفصاح الرئاسة الجزائرية عن مشروع الدستور الجديد في نسخته النهائية، ليعطي للمواطنين فرصة للاطلاع على تعديلات الدستور الجزائري التي تلقت إشادة من الأوساط الحكومية وانتقادات من قبل المعارضة والحراك على السواء.
وصدّق مجلس الوزراء الجزائري أمس الأول الأحد على المشروع، وينتظر إقرار البرلمان ليعرض في استفتاء على الشعب، في الأول من نوفمبر/تشرين الثاني 2020.
لكن تعديلات الدستور الجزائري تعرّضت لانتقادات من الأحزاب والجمعيات المرتبطة بـ"الحراك" والمحامين والمدافعين عن حقوق الإنسان، الذين استنكروا ما اعتبروه "ترقيعاً" للدستور من دون مساءلة حقيقية للنظام الرئاسي.
إليك أبرز تعديلات الدستور الجزائري والملاحظات عليها
– الموقف من الحراك: أعطى مشروع الدستور الحراك الشعبي الذي بدأ يوم 22 فبراير/شباط 2019 طابعاً دستورياً، عبر الإشادة به في الديباجة، تخليداً لانتفاضة أجبرت عبدالعزيز بوتفليقة، في 2 أبريل/نيسان 2019، على الاستقالة من الرئاسة بعد 20 عاماً في الحكم.
ولكن نشطاء الحراك يرفضون الدستور الذي تقول أحزاب المعارضة والنشطاء إنهم لم تتم استشارتهم به، بينما اللجنة المكلفة بوضع الدستور، تقول إنه تم توزيع مسودة مشروع الدستور على الأحزاب والنقابات والجمعيات ووسائل الإعلام المحلية من أجل تقديم اقتراحاتها. وبحسب لجنة تعديل الدستور فإنها "تلقت 1800 ملف تحمل مئات المقترحات بشأن التعديلات المتضمنة في المسودة".
– السماح بإقرار وضع خاص لتسيير البلديات التي تعاني من ضعف في التنمية.
– السماح لأول مرة بخروج الجيش خارج الحدود في مهام "لحفظ السلم" تحت إشراف منظمات الأمم المتحدة، والاتحاد الإفريقي، وجامعة الدول العربية، بشرط موافقة ثلثي أعضاء البرلمان.
في ظل التوتر الذي يحيط بالجزائر، وخاصة في ليبيا والصحراء الكبرى، قد لا يلقى هذا البند معارضة كبيرة، خاصة أنه ليس هناك خلاف كبير بين الجزائريين حول السياسة الخارجية.
– منع توقيف نشاط وسائل الإعلام وحل الأحزاب والجمعيات إلا بقرار قضائي.
وتضمنت المسودة النهائية للدستور الجديد 6 محاور تتعلق بالحقوق الأساسية والحريات العامة، والفصل بين السلطات والسلطة القضائية والمحكمة الدستورية والسلطة الوطنية المستقلة للانتخابات، ولم تُجرِ اللجنة الدستورية تغييرات كبيرة على المسودة الأولى التي طُرحت في الخامس من مايو/أيار الماضي، والتي لقيت اعتراضات كبيرة من قبل القوى السياسية والمدنية في البلاد.
وعبرت منظمة العفو الدولية عن قلقها "بشأن عدد من المواد في (المشروع التمهيدي) للتعديلات الدستورية المُقترحة، مثل المواد المتعلقة بالحق في التعبير، والحق في التجمع"، وأشارت في مذكرة مقترحات وجههتها للجنة التي صاغت التعديلات إلى "افتقار كامل للشفافية بخصوص هذه العملية وإطارها الزمني".
– إسقاط مقترح استحداث نائب الرئيس الذي ورد في المسودة الأولى التي أعدها خبراء قانون.
– منع الترشح لرئاسة الجمهورية لأكثر من فترتين (5 سنوات لكل واحدة) سواء متتاليتين أو منفصلتين.
الدستور الجزائري الذي انتخب الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة على أساسه لم يكن يسمح له سوى بالترشح لولايتين، وبعد أن رسخ حكمه، صادق البرلمان في 2008 على تعديل للدستور من شأنه تمكين بوتفليقة من الترشح بلا حدود.
– منع ممارسة أكثر من عهدتين برلمانيتين منفصلتين أو متتاليتين.
– إقرار إلزامية إسناد رئاسة الحكومة للأغلبية البرلمانية لأول مرة بعد أن كان رئيس الجمهورية حرا في تعيين شخصية من خارج حزب أو تحالف الأغلبية.
– إبعاد وزير العدل من عضوية المجلس الأعلى للقضاء الذي يرأسه رئيس الجمهورية، ونائبه رئيس المحكمة العليا.
– استحداث محكمة دستورية بدلا عن المجلس الدستوري ويعود إليها البت في نتائج الانتخابات، ومدى دستورية القوانين، والمعاهدات الدولية.
محاربة الفساد
– جاءت النسخة النهائية من الدستور الجزائري، باقتراح لإطلاق سلطة عليا للشفافية والوقاية من الفساد ومكافحته، كهيئة رسمية تابعة مباشرة لرئاسة الجمهورية، تعوض ديوان مكافحة الفساد التابع حالياً لوزارة العدل، والمعطلة مهامه منذ عهد الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، حسب موقع العربي الجديد.
– كما أضافت الرئاسة الجزائرية مادة في الدستور الجديد حسب، "العربي الجديد"، تمنع الجمع بين الوظائف العامة والنشاطات الخاصة أو المهن الحرة، وذلك بعدما كشفت التحقيقات القضائية تورط العديد من الوزراء والولاة في حالات تضارب المصالح بجمعهم لوظيفة رسمية وتسيير شركات خاصة.
– وبقصد كبح مظاهر الفساد والمحسوبية، أدرج مشروع الدستور، إلزامية التصريح بالممتلكات في بداية استلام الوظیفة العمومية وعند انتهائها لكل شخص يعین في وظیفة علیا في الدولة أو منتخب أو معین في البرلمان أو منتخب في مجلس محلي، وكذا تطبيق العقاب في حالات استغلال النفوذ.
– كما جرم الدستور الجديد التهرب الضريبي، الذي فاق، بحسب أرقام حكومية، عتبة 100 مليار دولار.
وتعتبر الجزائر من أكثر الدول انتشاراً للفساد فيها، وإن تضاربت الأرقام الرسمية حول حجمه، فإنها تتقاطع كلها فوق عتبة 200 مليار دولار طيلة السنوات العشرين الماضية، أي خلال حكم الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، الذي كلفت برامجه خزينة الدولة 1100 مليار دولار.
وفور استقالته وسقوط نظامه، في إبريل/ نيسان 2019، في أعقاب انطلاق حراك شعبي واسع رافض لولاية رئاسية خامسة لبوتفليقة، شرع القضاء الجزائري في فتح ملفات فساد ثقيلة وكبيرة، كشفت حجم الفساد الذي ضرب مؤسسات الدولة الجزائرية، وأدت التحقيقات إلى سجن 15 وزيراً في مقدمهم رئيسا الحكومة السابقان أحمد أويحيى وعبد المالك سلال، المتابعان في 8 ملفات فساد، بالإضافة إلى عشرين رجل أعمال.
وتوسعت التحقيقات لتصل إلى داخل المؤسسة العسكرية، التي شهدت سجن العشرات من الجنرالات بتهم الإثراء غير المبرر.