لم يمر قرار ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بعزل الأمير الفريق الركن فهد بن تركي بن عبدالعزيز آل سعود وإعفائه من منصبه كقائد للقوات المشتركة وإحالته للتقاعد وإعفاء نجله الأمير عبدالعزيز بن فهد من منصبه كنائب لأمير منطقة الجوف وإحالتهما للتحقيق، مرور الكرام، بل أعاد طرح قضية عداء بن سلمان مع أبناء عمومته من جديد.
فقد كشفت مصادر خاصة لـ"عربي بوست" أنّ ولي العهد سيجعل من الأمير فهد بن تركي كبش فداء ليحمله مسؤولية فشل قراره بالدخول في حرب اليمن منذ خمس سنوات وارتكاب كوارث إنسانية بحق الشعب اليمني، إثر نشوب خلاف بينهما بعدما رفض الأمير فهد مبايعة ولي العهد لتنصيبه ملكاًعلى البلاد، خلال الترتيبات السرية التي يجريها بن سلمان داخل الأسرة المالكة تمهيداً للخطوة الجديدة.
وتؤكد مصادر خاصة لـ"عربي بوست" أن ولي العهد السعودي قام بتعيين الأمير فهد بن تركي في منصبه كترضية له بعدما أبدى الأخير معارضته الشديدة لتنصيب ابن عمه ملكاً، ولينال صوته في هيئة البيعة السعودية القادمة ليضمن بن سلمان خلافة والده الملك سلمان بن عبدالعزيز.
خاصة أن بن سلمان يسعى لتخفيف الغضب المتصاعد ضده بين أبناء الأسرة الحاكمة، في ظل ما يواجهه من معارضة كبار الأمراء لسياساته عامة، وقرار حرب اليمن خاصة، وعلى رأسهم الأمير أحمد بن عبدالعزيز.
أسباب الإقالة والإقصاء
وتؤكد المصادر أن الأمير فهد بن تركي، قائد القوات المشتركة للتحالف السعودي الإماراتي، كان قد رفض خطة بن سلمان لوقف الحرب والتصالح مع الحوثيين والانسحاب من اليمن، الأمر الذي استغله ولي العهد كذريعة لإقالته ثم إحالته للتحقيق.
وتكشف المصادر أن فهد بن تركي رفض قرار الخروج من اليمن والتخلي عن حلفاء السعودية في مأرب بلا ظهير عسكري يحميهم، وعلى رأس هؤلاء الحلفاء حكومة الرئيس عبدربه منصور هادي وحزب الإصلاح، ما يعرضهم لخسارة الأرض لصالح الحوثيين.
فيما ربط مراقبون بين قرار إقالة بن تركي وتدخل الإمارات، ورأوا أنه كان أحد أكثر الشخصيات التي كانت تشكل صداعاً لها باليمن، مشيرين إلى وجود خلافات سابقة بين أبوظبي وبن تركي، وأن قرار استبعاده وإقالته جاء بطلب من الإمارات، خاصة أنه على اطلاع بأغلب تنازلات ولي العهد السعودي بن سلمان للإماراتيين والاتفاقات المشبوهة التي تمت هناك.
أصوات رافضة
تناثرت أنباء أخرى حول اعتراض ثلاثة أمراء من آل سعود على التصويت لصالح بن سلمان، في حين لم تشر وسائل الإعلام السعودية الرسمية والمحلية إلى أسماء الأمراء الثلاثة الذين يرفضون توريثه عرش والده بعد وفاته، فضلاً عن أن التصويت كان سرياً بين أبناء آل سعود.
وبحسب مصادر خاصة لـ"عربي بوست" فإن وزير الداخلية الحالي الأمير عبدالعزيز بن سعود سيواجه هو الآخر خطر الإقصاء والإبعاد، كونه من الجناح المعارض لبن سلمان ومحسوباً على جناح الأمير محمد بن نايف والأمير أحمد بن عبدالعزيز.
كما علم "عربي بوست" من مصادر قريبة من بعض الأمراء أن الأمير سعود بن نايف ونجله عبدالعزيز لن يوافقا على تنصيب بن سلمان ملكاً للبلاد، ولن يمنح الأمير سعود صوته في هيئة البيعة لصالح بن سلمان، الأمر الذي قد يعرّضهما للإقصاء.
يذكر أن الأمير سعود بن نايف عُيّن أميراً للمنطقة الشرقية منذ 2014، وهو الابن الأكبر للأمير نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية الأسبق، وهو أحد أعضاء هيئة البيعة الـ34 ومن الأصوات الممثلة لعائلته، ولم يعلن من قبل رفضه لتعيين بن سلمان ولياً للعهد.
في السياق ذاته أشارت صحيفة "التايمز" (The Times) إلى أنّ ولي العهد محمد بن سلمان بدأ ولا يزال يشن عمليات تطهير بين أبناء عمومته، بدأت بابن عمه ولي العهد محمد بن نايف الذي أطاح به في يونيو/حزيران 2017 ، ثم توالت الإقالات والاعتقالات، حيث قام بسجن عدد من الأمراء ورجال الأعمال السعوديين في فندق ريتز كارلتون بالرياض تحت ذريعة الفساد، قبل إجبارهم في نهاية الأمر على تنازلات مالية طالت ثرواتهم.
بن سلمان استهدف هذه المرة الأمير فهد بن تركي ونجله عبدالعزيز بن فهد، وذلك بسبب تصاعد مخاوفه من تفاقم أزمته مع المعارضة الداخلية في صفوف أسرته الحاكمة.
كما أنّ الأمير فهد يشكل أحد أبرز الشخصيات العسكرية والأمنية في المملكة العربية السعودية، المحسوبة على جناح الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز ونجله الأمير متعب وزير الحرس الوطني السابق.
حيث تربط الأمير فهد بالأمير متعب علاقة نسب، فهو زوج شقيقته الأميرة عبير بنت عبدالله، ما يجعله مقرباً من الجناح المعارض لبن سلمان ومؤسسته التي كان يرأسها الحرس الوطني المعروفة بولائها للملك عبدالله ونجله.
أمراء مهددون بالإقصاء
ليس كل أمراء آل سعود على قلب رجل واحد خلف ولي العهد محمد بن سلمان، فهناك أمراء يُعتقد أنهم مناهضون له ويرفضون تنصيبه ملكاً للبلاد، بسبب سياساته التي يعتبرونها "غير متوازنة" وشوهت صورة الأسرة الحاكمة أمام الرأي العام المحلي والعالمي.
هؤلاء أيضاً مهددون بالإقالة وتنحيتهم عن مناصبهم، في ظل المخاوف التي يعيشها ولي العهد من عرقلة وصوله لحكم البلاد، وهو ما يبرر به حملات الاعتقالات المتكررة بحق الناشطين الحقوقيين وشيوخ تيار الصحوة ورجال الأعمال، ويأتي على رأس هذه الشخصيات المهددة بالإبعاد عن المشهد السياسي في البلاد، أمير المنطقة الشرقية الأمير سعود بن نايف.