البنتاغون يحذر من امتلاكها “الثالوث”.. الصين تضاعف رؤوسها النووية وإليك كل ما نعرفه عن ترسانتها التدميرية

تم النشر: 2020/09/02 الساعة 14:19 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/12/17 الساعة 11:49 بتوقيت غرينتش
البنتاغون: بكّين تعمل على مضاعفة رؤوسها النووية.. / عربي بوست

"الصين تسعى إلى مضاعفة ترسانتها من الرؤوس الحربية النووية"، هذا ما أعلنه البنتاغون الأمريكي في تقرير، الثلاثاء 1 سبتمبر/أيلول 2020، كاشفاً أن عدد الرؤوس النووية الصينية يبلغ حالياً أكثر من 200، فضلاً عن عمل بكين على تطوير قدرات جيشها لإطلاق تلك الرؤوس بواسطة صواريخ بالستية براً وبحراً وجواً، ويعني ذلك أن الصين تقترب من القدرة على شن ضربات نووية برية وجوية وبحرية، وهذه القدرة النووية معروفة بـ"الثالوث". 

وبحسب التقرير الذي كشف فيه الجيش الأمريكي لأول مرة عن عدد الرؤوس النووية الصينية، فمن المتوقع أن يتضاعف هذا الرقم خلال 10 سنوات، في حين كان اتحاد العلماء الأمريكيين قدّر أن الصين تملك نحو 320 رأساً نووياً.

ما نعرفه عن السلاح النووي الصيني

في البداية، يجب أن نعرف أن ترسانة الصين النووية أصغر من ترسانة أمريكا أو روسيا، ولكنها تزداد تقدماً وبسرعة كبيرة، إذ يقال إن أمريكا تمتلك نحو 6000 آلاف رأس نووي، فيما تمتلك روسيا ما يقرب من 4300 رأس. وكانت الترسانة النووية لجمهورية الصين الشعبية تكتسب سمعة سيئة، حيث يمول اقتصاد بكين المتنامي ترقية جيشها بالكامل، لكن يعد تطوير الصواريخ الباليستية العابرة للقارات (ICBM) وفئة جديدة من غواصات الصواريخ الباليستية دليلاً على أن ترسانة الصين النووية تزداد تطوراً كما يقول مراقبون أمريكيون.

وكانت بكين قد أظهرت القليل من الاهتمام بتطوير مخزون نووي كبير، لأنها لا تنظر إلى الأسلحة النووية على نفس المنوال مثل القوى النووية الأخرى مثل روسيا أو مريكا، إذ تنظر إلى مثل هذه الأسلحة في سياق دفاعي صارم مع استخدام عملياتي أقل بكثير.

ولعقود من الزمان، وضعت الصين الجزء الأكبر من سياستها الدفاعية في مفهوم يُعرف باسم "حرب الشعب"، وهي خطة حرب دفاعية استراتيجية/هجومية تكتيكية، تضمنت جذب الغزاة إلى عمق الأراضي الصينية قبل تدميرهم بالجيوش التقليدية وقوات حرب العصابات. في هذا السياق مقابل إمدادات الصين اللامتناهية تقريباً من القوى البشرية، تبدو الأسلحة النووية أقل جاذبية.

في الواقع، لم يكن للصين في وقت مبكر أي مصلحة في بناء ترسانة أسلحة نووية، لكن الرأي الصيني تغير في منتصف الخمسينيات من القرن الماضي، مع مزيج من الحرب الكورية وأزمة مضيق تايوان -حيث قامت أمريكا المسلحة نووياً بحماية تايوان- وعروض سوفييتية للمساعدة النووية.

بداية الاختبارات النووية الصينية

اختبرت الصين أول سلاح نووي لها، في 16 أكتوبر/تشرين الأول 1964. وكان ناتج الاختبار 22 كيلوطناً، أو ما يقرب من 50% أقوى من القنبلة الذرية التي ألقيت على هيروشيما. وعلى مدار السنوات التالية، طورت الصين أسلحة نووية لتحقيق التكافؤ التكنولوجي الأساسي مع الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي وفرنسا والمملكة المتحدة. على الرغم من أن الصين قامت ببناء هذه الترسانة، إلا أنها لم تضع أبداً أولوية عالية لبناء قوة أسلحة نووية فعالة قادرة على الرد السريع.

وركزت بكين على استراتيجية ذات قيمة معادلة، واكتسبت قوة صغيرة من الصواريخ البالستية العابرة للقارات، مسلحة برؤوس حربية نووية حرارية. مثل DF-5 ICBM المسلحة برأس حربي 5 ميغاطن، والذي يتسبب بكرة نارية يزيد عرضها عن ميلين، ويضمن حروقاً من الدرجة الثالثة على بعد 15 ميلاً من نقطة تفجيره.

وأحد المبادئ الأساسية للسياسة النووية الصينية هو تعهدها "بعدم الاستخدام الأول". هذا التعهد الذي كان مثيراً للإعجاب في ظاهره كان متجذراً أيضاً في الآراء الصينية بأن الأسلحة النووية بشكل عام كانت في الحقيقة أقل تخويفاً بكثير مما يُعتقد عموماً. كما أشار جيفري لويس في كتابه الصادر حديثاً "النمر الورقي: الموقف النووي للصين"، فإن "التهديدات من جانب الصين باستخدام أسلحتها النووية ضد الدول الأضعف ستقوض المزاعم الصينية بأن القوة النووية الأمريكية المتفوقة عددياً ليس لها قيمة قسرية كبيرة".

حجم القوة والتطورات التكنولوجية الرئيسية

اعتباراً من عام 2012، قدرت وزارة الدفاع الأمريكية أن ترسانة الصين النووية الأرضية تتكون من 50-75 صاروخاً باليستياً عابراً للقارات (ICBMs) و75-100 صاروخ باليستي متوسط ​​المدى، غير قادر على استهداف الولايات المتحدة. بالمقارنة مع ترسانة الولايات المتحدة من 450 صاروخاً باليستياً عابراً للقارات، فهذه قوة متواضعة.

وكانت أول محاولة للصين لنشر أسلحة نووية حرارية على صواريخ بعيدة المدى -على وجه التحديد- بواسطة صاروخ DF-4 / CSS-3 ICBM ، وهو صاروخ ذو مرحلتين، يعمل بالوقود السائل، ويمكن أن يصل إلى غوام أو موسكو. كان هذا كافياً لإخضاع معظم الأصول العسكرية الأمريكية غرب هاواي وعاصمة الاتحاد السوفييتي للخطر. ويُقدر الخطأ الدائري المحتمل (نصف قطر الدائرة التي يسقط فيها متوسط 50% من الرؤوس الحربية للسلاح) بما يتراوح بين 1.4 و3.5 كيلومتر. للتعويض عن هذا الخطأ النسبي، تحمل صواريخ DF-4 رؤوساً حربية بقوة تتراوح بين 2 و3 ميغاطن.

ويمكن أن يضرب صاروخ DF-5 أهدافاً في غرب روسيا وغرب الولايات المتحدة، وتعتبر صواريخ DF-4/5 ICBM أنظمة أسلحة ثابتة، لكن يبدو أن الصين تتحول الآن إلى صواريخ متنقلة عابرة للقارات. يتم إطلاق صواريخ DF-21A متوسطة المدى، وصواريخ المدى العابرة للقارات DF-31A من مركبة الإطلاق ذات العجلات التي يمكن نقلها داخل وخارج شبكة الأنفاق الواسعة في الصين، وتنتشر عبر شبكة طرق كبيرة.

ويحمل كل من صواريخ DF-21 وDF-31A / B رأساً حربياً واحداً على الرغم من وجود تقارير عن أن  DF-31B الجديدة يمكنها حمل ما يصل إلى ثلاثة رؤوس حربية قابلة للاستهداف بشكل مستقل. بالإضافة إلى ذلك يمكن للصواريخ DF-41 ICBM المتنقلة على الطرق، والتي تعمل بالوقود الصلب، والتي تطورها الصين حالياً أن تحمل ما يصل إلى 10 رؤوس حربية قابلة للاستهداف بشكل مستقل.

تطوير الغواصات النووية

تم إطلاق أول غواصة صواريخ باليستية في الصين، فئة "شيا"، في عام 1981. كانت هناك شائعات مستمرة بأنها اشتعلت فيها النيران وغرقت جانب الرصيف في الثمانينيات، لكن الغواصة ظلت تعمل حتى عام 2014. على الرغم من أنها مجهزة بصواريخ 12 JL-1A الباليستية، لم تقم قط بدورية ردع نووي.

وتقوم الصين حالياً ببناء قوة من حوالي 5 غواصات صواريخ باليستية من الجيل الثاني من فئة "جين". يحمل كل منها ما لا يقل عن 12 صاروخاً باليستياً من طراز JL-2. ومع ذلك، من الناحية التكنولوجية، فإنها لا تزال أدنى من التصميمات الأمريكية، فقد قيّمها مكتب المخابرات البحرية التابع للبحرية الأمريكية على  أنها أكثر ضوضاء من غواصات دلتا 3 السوفييتية في أواخر السبعينيات. ومما يثير القلق أيضاً أن كل غواصة من طراز جين يجب أن تسافر إلى شمال المحيط الهادئ من أجل جلب الولايات المتحدة إلى مدى صواريخها.

أسلحة نووية جوية؟

في الماضي، كانت الطائرات الصينية ذات القدرة النووية تشمل القاذفات الهجومية Hong-6 H-6 و Qian-5A Q-5A المجهزة بقنابل الجاذبية النووية. وفي التسعينيات قدر مركز جيمس مارتن للدراسات أن الصين لديها حوالي 150 قنبلة نووية ذات جاذبية لطائراتها، والغالبية العظمى منها مصممة للقاذفة H-6. تشير تقديرات أحدث إلى أن الصين لديها ما يقرب من 40 فقط من هذه الصواريخ جو- أرض ذات القدرة النووية.

ومع ذلك، من المتوقع أن تعزز القاذفة الصينية الجديدة، H-6K المحطة الثالثة من الثالوث النووي الصيني بشكل كبير. في الواقع، كما أشارت وسائل الإعلام الصينية المملوكة للدولة عن H-6K في عام 2013، فإن صواريخ Changjian ذات القدرة النووية (السيف الطويل) التي تحملها [H-6K] لها مدى يتراوح بين 1500 و2000 كيلومتر، ويتم توسيع نطاق قاذفة القاذفة القتالية بشكل فعال إلى 4000-5000 كيلومتر، وهي طويلة بما يكفي للوصول إلى أوكيناوا وغوام، وحتى هاواي من البر الرئيسي للصين".

ما هو "الثالوث النووي" الذي اقتربت الصين من تحقيقه؟

بالعودة إلى تقرير البنتاغون، فقد تحدث التقريرعن استكمال الصين للضلع الأخير من الثالوث النووي، بحيث ستصبح قادرة على شن هجمات نووية برية وجوية وبحرية.

ويشير مصطلح الثالوث النووي إلى طرق إطلاق الأسلحة النووية من الخزينة النووية الاستراتيجية، والتي تتألف من ثلاثة مكونات، قاذفة قنابل استراتيجية، صاروخ باليستي عابر للقارات، صواريخ باليستية تطلق من الغواصات. 

والهدف من امتلاك نظام نووي بثلاث مكونات هو تقليل خطر التدمير الكامل للقوة النووية من قبل العدو في حال تلقي الضربة الأولى، وبالتالي رفع قابلية توجيه ضربة رد، وكان الهدف من كل هذا هو رفع قوة الردع النووي للدولة التي لديها الثالوث النووي.

في النهاية، قد يسعى البرنامج النووي الصيني في يوم من الأيام إلى تحقيق التكافؤ مع القوى النووية الكبرى، مثل الولايات المتحدة وروسيا. تم تصور أفكار بكين الأساسية حول الأسلحة النووية في البداية في ظل قيود أيديولوجية بينما كانت البلاد أفقر بكثير مما هي عليه اليوم. ومع ذلك، إذا أصبحت العلاقات عدائية تماماً مع أي من القوى النووية الكبرى، يمكن للصين أن تغير طريقة تفكيرها بسرعة.

تحميل المزيد