يستدعي اتفاق الإمارات وإسرائيل على تطبيع العلاقات بينهما تعاوناً جدياً في مجال الطاقة بين البلدين. ويعتمد السوق الإسرائيلي على النفط المستورد، ومن المتوقع أن ينفتح على الإمارات، رابع أكبر منتج للنفط الخام في منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك".
وطبقاً لمعلومات جمعتها وكالة الأناضول، فإن نفط الإمارات تتم تهيئته للاستخدام داخل إسرائيل، من خلال شركة خطوط إيلات عسقلان جنوبي إسرائيل، قبل أن يصل إلى مشتريه في البحر المتوسط، ويتم تكريره داخل إسرائيل في مصفاتي نفط بسعة 300 ألف برميل يومياً.
هل تكون الإمارات البديل النفطي لإسرائيل؟
تنتج إسرائيل يومياً 5 آلاف و977 برميل نفط بينما تستهلك 236 ألف و249 برميلاً، أي تستورد 92% من استهلاكها، وتوفر معظم هذه الكمية من روسيا وأذربيجان. لذا فإنه من المتوقع أن يكون البديل الاستراتيجي لإسرائيل هو الإمارات، التي تنتج ثلاثة ملايين برميل يومياً، تصدر منها مليوني برميل.
ومن الواضح أن الإمارات، وهي أول دولة خليجية تطبع علاقاتها مع إسرائيل، ترغب بالاستفادة من تكنولوجيا إسرائيل المضادة للصواريخ ضد أي هجوم إيراني محتمل على منشآتها النفطية، وتهدف أيضاً إلى التعاون مع تل أبيب في مجال الطاقة المتجددة.
وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، قد أعلن في 13 أغسطس/آب المنصرم، توصل الإمارات وإسرائيل إلى اتفاق لتطبيع العلاقات بينهما. وفي حال توقيعها معاهدة سلام مع إسرائيل، ستصبح الإمارات ثالث دولة عربية تقدم على هذه الخطوة بعد الأردن عام 1994 ومصر في 1979.
تخفيض تكاليف الاستيراد
جورجيو كافييرو، الرئيس التنفيذي لشركة Gulf State Analytics الاستشارية، قال للأناضول، إن الإمارات ستكون أول دولة خليجية تصدر النفط رسمياً إلى إسرائيل. وبيّن رئيس الشركة (مقرها واشنطن) أن اتفاقيات الطاقة المحتمل إبرامها بين البلدين تتناسب طردياً مع "أمن الطاقة الإسرائيلي".
وتابع: "إسرائيل تستورد النفط من عدة دول، لكن الإمارات ستكون أقرب هذه الدول مسافة لإسرائيل، وبالتالي ستنخفض تكاليف استيراد النفط بالنسبة لإسرائيل".
وأفاد كافييرو بأن واردات النفط القادمة إلى إسرائيل من حكومة إقليم كردستان شمالي العراق تواجه صعوبات عديدة. وأردف: "حكومة تل أبيب تواجه مشاكل بسبب عدد الإيرانيين في العراق، ولأن البترول القادم إليها من إقليم كردستان العراق لابد وأن يمر عبر تركيا، وثمة خلافات سياسية بين تركيا وإسرائيل".
وتعتبر كل من إيران وإسرائيل الدولة الأخرى العدو الأول لها، وتتمتع طهران بنفوذ قوي في جارها العراق. وأشار كافييرو إلى أن الصراعات في دول عربية عديدة غنية بالنفط جعلت سياسات الطاقة الإسرائيلية غير آمنة.
واستطرد: "النفط القادم من الإمارات سيحقق أمن الطاقة الإسرائيلي، وفي المقابل، ستحقق شركة بترول أبو ظبي الوطنية عائدات ضخمة من السوق الإسرائيلية."
الإمارات وشرقي المتوسط
وفقاً لحيدر أوروتش، وهو خبير في مركز دراسات الشرق الأوسط بأنقرة، فإن أحد أعمدة اتفاق التطبيع بين أبوظبي وتل أبيب هو اهتمام الإمارات بمشروع خط أنابيب "إيست ميد"، الهادف لتوصيل الغاز الطبيعي الذي اكتشفته إسرائيل شرقي البحر المتوسط إلى أوروبا.
وأضاف أوروتش للأناضول، أن الإمارات استثمرت قرابة 100 مليون دولار في دراسات جدوى خاصة بهذا المشروع، إضافة إلى بعض التمويلات التي قام بها الاتحاد الأوروبي.
وتابع: "اللاعقلانية التي تمخضت عن احتمالية قضاء اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين تركيا وليبيا (نوفمبر/تشرين الثاني 2019) على تنفيذ مشروع إيست ميد ربما تكون هي السبب وراء استمرار الإمارات في لعب دور كبير في التوترات الموجودة في المنطقة، وكأنها صاحبة حق في ذلك".
الصدام مع تركيا
وشدد أوروتش على ضرورة الحصول على موافقة أنقرة لإنشاء خط "إيست ميد"، بموجب الاتفاقية التركية – الليبية. وأضاف: "الدول الأخرى في هذا المحور، وفي مقدمتها إسرائيل والإمارات، تحاول القضاء بالكامل على نفوذ تركيا في المنطقة". وأفاد بأن هذه الدول تلجأ إلى طرق مختلفة بسبب القوة العسكرية لتركيا في المنطقة، ولأن الحقوق التركية تستند على القانون الدولي.
ولفت إلى أن "دعم الإمارات لطلبات إدارة قبرص الرومية واليونان المخالفة للقانون الدولي، بهدف تحويل انتباه تركيا إلى اتجاهات أخرى، ما هو إلا نتيجة لتصور أبو ظبي الخاطئ بأنها قوة إقليمية فاعلة". وشدد أوروتش على أن تركيا لديها إمكانيات لإنشاء محور جديد في المنطقة.
وقال إن "خط المنطقة الاقتصادية الخالصة التي تم تحديدها بموجب الاتفاقية المبرمة بين تركيا وليبيا، لا يسمح في الوقت الراهن بتنفيذ مشروع إيست ميد".
وختم بالقول: "من ثم توجد محاولات على كافة الجبهات لإعاقة تركيا وعدم تفعيل هذه الاتفاقية، إلا أن تركيا قادرة على حماية منافعها القومية وحدودها البحرية، رغماً عن كل شيء".