شعر طه خليل، طالب الثانوية العامة، أنه وجدا حلاً لمشكلة حياته بعدما سمع عن افتتاح ثلاث من الجامعات الأهلية الأربع التي تقرر إنشاؤها وافتتاحها هذا الصيف.
فقد حصل على مجموع 95% في الثانوية العامة، لكنه لن يحقق حلمه بالالتحاق بكلية الطب في أي من الجامعات الحكومية ولا حتى الخاصة.
لم يتوقف طه كثيراً عند الأسئلة المنطقية حول الجامعات الأهلية الأربع التي تقرر إنشاؤها وافتتاحها دون سابق خبر، حيث استيقظ الناس ذات يوم ليفاجأوا بصدور قرار رئاسي بإنشاء الجامعات.
الجامعات الجديدة هي: جامعة الملك سلمان الدولية، بمقراتها الثلاثة في مدن الطور، وشرم الشيخ، ورأس سدر، بمحافظة جنوب سيناء؛ وكذلك جامعة العلمين الدولية بمدينة العلمين الجديدة في محافظة مطروح؛ وجامعة الجلالة بهضبة الجلالة في محافظة السويس؛ وجامعة المنصورة الجديدة بمدينة المنصورة الجديدة في محافظة الدقهلية.
غموض وأسئلة
ثم بعد أيام سمعوا عن افتتاح 3 منها، واستعدادها لاستقبال الطلاب في الموسم الدراسي المقبل! فطرحت أسئلة عدةٌ نفسها على الناس بعد هذه الأخبار.
كيف تم إنشاء تلك الجامعات قبل حتى صدور القرار الرئاسي بالموافقة على إنشائها؟ ومن يقوم بتمويل هذه الجامعات في حين أن تعريفها القانوني كجامعات أهلية يقضي بأن تكون ممولة من حمَلة الأسهم، بعيداً عن الجهات الحكومية التقليدية مثل وزارة التعليم العالي، وفي الوقت نفسه بعيداً عن ملكية الأفراد أو الجماعات الاعتبارية مثل الجامعات الخاصة؟
ما هي الجهات التي أشرفت على إنشائها، ومن أين حصلت على التمويل اللازم لذلك وقد كشف وزير التعليم العالي أنه بلغ حتى الآن 40 مليار جنيه مصري، قابلة للزيادة في ضوء حقيقة أن أغلب تلك الجامعات لم تكتمل الأعمال الإنشائية فيها بعد؟!
وإذا كان التمويل قد تم تدبيره -كما ذكر وزير التعليم العالي- من خلال استثمارات، فهل تم جمعه من رجال الأعمال؟ إذا كان كذلك فهذا ينفي عنها صفة الأهلية ويجعلها أقرب للاستثمار الخاص.
تجاوز طه ووالده عن البحث عن إجابات لهذه الأسئلة، فالمهم بالنسبة له ولوالده طبيب الجهاز الهضمي المعروف، أن يلتحق الولد بكلية الطب في أي جامعة؛ حتى يرث عيادة وعمل أبيه.
لكن هذا الارتياح سرعان ما تلاشى بعدما ذهب هو وزملاؤه إلى أكثر من فرع بنكي يوم الأحد الماضي؛ لدفع تكلفة رغبات القبول الخاصة بتلك الجامعات عبر حساب في البنك الأهلي والمقررة بـ750 جنيهاً نظير الرغبة الأولى للطالب و500 جنيه للرغبة الثانية، ومثلهم للثالثة.
الغريب في الأمر أنهم لم يجدوا لهذه الجامعات أية حسابات بنكية؛ وبالتالي رفض موظفو البنك تسلُّم أية مبالغ.
وقتها فقط شعر طه وزملاؤه بأنهم يبحثون عن "المجهول"، بسبب الغموض الذي طغى على فكرة هذه المشاريع وإنشاء جامعات بلا هوية أو ملكية واضحة، وصولاً إلى التفاصيل الخاصة مثل اختبارات القبول والأسعار والإقامة والمواصلات وحتى طبيعة الشهادات التي سيحصلون عليها بعد التخرج .
فضلاً عن أن هؤلاء الشباب حاولوا الذهاب لمقار هذه الجامعات للاستفسار، فلم يجدوا إلا عمّال البناء؛ إذ إن بعض المباني ما زالت "تحت الإنشاء".
يتساءل الطالب طه بحدَّة، بعدما شعر باقتراب فقدان حلمه: "كيف لجامعات يقال إنها ستصبح دولية ولديها توأمة مع جامعات عالمية، أن تكون إجراءات التقديم على الدراسة فيها أشبه بـ(مهزلة)، لدرجة أنني منذ الثامنة صباحاً وحتى الثالثة عصراً أحاول دفع رسوم التقديم ثم لم أستطع، فعُدت إلى بيتي محبَطاً، وحينما جربت الاتصال بالإدراة على الأرقام المنشورة، فلا أحد يردُّ!"
يستكمل الطالب أنه في النهاية دفع رسوم ثلاث رغبات كما طُلب منه، لكنه لا يعرف ما إذا كان الحساب الذي أودع فيه المبلغ صحيحاً أم لا؛ لأن الحساب باسم المجلس الأعلى للجامعات كما أخبره مدير البنك، الذي تدخَّل بنفسه لإجراء اتصالات لحل المشكلة؛ تقديراً لمثابرة الطالب.
الغريب أن البنك المركزي أصدر لاحقاً، كما علِم "عربي بوست"، قراراً، بالاتفاق مع وزارة التعليم العالي، وتعليمات من البنك الأهلي، بقبول إيداعات الطلاب في الحساب المشار إليه، لكن سرعان ما أعلن وزير التعليم بكل بساطة، إلغاء ذلك الحساب، وإنشاء حساب لكل جامعة على حدة، باعتبار أن تلك الجامعات لا تخضع لقواعد البنك المركزي.
لا أحد يعرف عنها شيئاً
مشكلة أخرى رصدها فريق "عربي بوست" من خلال التواصل مع مصدر مسؤول بالمجلس الأعلى للجامعات؛ لمعرفة تفاصيل إنشاء تلك الجامعات وأنظمة الدراسة بها، خصوصاً في ظل ما قيل عن أنها خاضعة لإشراف "جهات سيادية".
إلا أن المصدر نفى تماماً علمه بأية تفاصيل إضافية عن تلك الجامعات، قائلاً: "لا أعلم عنها سوى أن هناك قراراً رئاسياً تسلَّمه المجلس قبل فترة بإنشاء تلك الجامعات، أما بقية التفاصيل فلا أعلم عنها إلا من وسائل الإعلام"، نافياً من ثم أن يكون للمجلس الأعلى للجامعات سلطة عليها سواء إشرافية أو تعليمية.
وحول ما تردد عن أن مسمى الشهادة الجامعية التي يحصل عليها الطالب بعد التخرج غير واضح، أعاد المصدر تأكيد أنه لا يعلم أية تفاصيل.
فقد ذكرت الجامعات في صيغة الإعلان عن المصروفات عبارة "ليست كليات ولكن مجالات دراسة"، مما فتح الباب أمام التساؤلات والتكهنات حول الشهادات التي سوف تمنحها للطلاب، دون إيضاحات من المسؤولين، وهل يتفق هذا الكلام مع ما سوَّقت له وسائل الإعلام الحكومية بأن تلك الجامعات عالمية ترتبط بعلاقات توأمة مع كبريات الجامعات في الغرب؟!
كان في تصريح وزير التعليم العالي في حديثه عن الجامعات الأهلية، ما زاد من قلق أولياء الأمور، عندما أشار إلى أن السكن الجامعي للطلاب وأعضاء هيئة التدريس لم يكتمل حتى الآن، "لكن اتفقنا مع إحدى الشركات لتوفير أماكن إعاشة الطلاب بأسعار مخفضة".
هذا التصريح أعطى إيحاءً بأن هذه الجامعات يتم افتتاحها دون خطط مسبقة، خاصة أن موضوع السكن ذو أهمية للطلاب، لأن البنايات التي أُنشئت بها الجامعات "غير مأهولة" نسبياً، وأثار تساؤلات حول الدوافع التي جعلت الدولة تقْدم على افتتاح الجامعات قبل أن تكتمل بنيتها الأساسية.
وهو السؤال الذي أجاب عنه مصدرنا الخاص في المجلس الأعلى للجامعات، قائلاً: "أعتقد أن السبب هو ارتفاع مجاميع طلاب الثانوية العامة هذا العام، وبسببه ارتفعت نِسَب القبول بالكليات الحكومية والخاصة، وبالتالي وجدت الدولة فرصة سانحة لأن تستقطب الطلاب الذين فوَّتوا فرص الالتحاق بالجامعات".
وهو ما يعني بالنسبة للدولة تحقيق ما يقرب من مليار جنيه كإيرادات من تلك الجامعات، وبالفكر الذي تدار به مصر كان التفكير لماذا نهدر فرصة جمع مليار جنيه إلى العام المقبل إذا كنا نستطيع الحصول عليه هذا العام؟ على حد قول المصدر.
جدير بالذكر أن الوزير أوضح أن الشهادات في بعض البرامج ستكون بالشراكة مع جامعات أجنبية معترف بها دولياً، والدراسة ستكون أكثر تخصصاً عن مثيلاتها في الجامعات الأخرى، عن طريق برامج متخصصة يدرسها الطالب من أول يوم في الدراسة.
وذلك دون إعلان أية تفاصيل عن الرسوم اللازمة لذلك وكيف تخطط الجامعات الجديدة لتقديم مناهج مختلفة عن الجامعات الحكومية وتدريس مواد جديدة، وفي الوقت نفسه الاعتماد على الأساتذة العاملين بالجامعات الحكومية.
والسؤال الأهم من كل ذلك: ما هي تلك المناهج الجديدة المبتكرة؟ ومَن وضعها؟ إذا كانت حتى الآن لم تقدم خطة العمل التي تتضمن المناهج وتفاصيلها إلى المجلس الأعلى للجامعات لاعتمادها، تمهيداً لاعتماد الشهادات التي سوف تمنحها الجامعات الأهلية للطلاب لاحقاً من المجلس، حيث لا يعتد القانون المصري بأية شهادة غير معتمدة من المجلس الأعلى للجامعات (حتى الشهادات الممنوحة من جامعات عالمية، لا يعترف بها إلا بعد معادلتها من المجلس).
الجامعات الأهلية والاحتقان الطبقي
لمياء محمد، طالبة حصلت هي الأخرى على 95.6% في امتحان الثانوية العامة، لكن مجموعها لم يكن كافياً لضمان مكان لها في كلية الطب الحكومية، وعندما تم الإعلان عن الجامعات الأهلية استبشرت خيراً، لأنها ستحقق حلمها، لكنها صُدمت بعد الإعلان عن الرسوم.
تقول الفتاة إنها ليست من أبناء الأثرياء كي تتحمل المصروفات المطلوبة، فكيف تكون الجامعة أهلية ولا تهدف إلى التربح ثم تطالبنا بدفع مثل هذه الرسوم؟ فهل إدارة هذه الجامعات تراعي الظروف الاقتصادية للأسر المصرية كما قيل!
وتشير الطالبة إلى أنها عندما طرحت تلك الأسئلة على صفحة أحد مستشاري الدولة، ردَّ عليها بأن مصروفات الجامعات الأهلية رخيصة بالمقارنة بتكاليف الإنشاءات، لكنه لم يجب عن سؤالها: هل يرتبط ذلك بالمستوى التعليمي فيها أم أنه مرتبط بمستوى الإنشاءات فقط؟
وتساءلت: هل ستتخلى الدولة عن دورها في توفير التعليم المجاني؟! ثم ختمت حديثها قائلة: "للأسف لن يلتحق بهذه الجامعات إلا أبناء الأغنياء؛ نظراً إلى بلوغ مصروفاتها أرقاماً فلكية حسب تخصص الكلية".
هذا فضلاً عن مصروفات الطالب وأدواته ودروسه الخاصة طوال العام، فكيف يستقيم الوضع عندما يكون هناك طالب حاصل على 96% ولا يستطيع الالتحاق بكلية الطب، وهناك زميل له حصل على 90% ويلتحق بجامعة الجلالة ويتخرج فيها ويحمل لقب دكتور ويمارس مهنة الطب؛ نظراً إلى أنه من الأثرياء، على حد تعبيرها.
وتساءلت الطالبة في غضب: "ألا يثير ذلك حنَق هؤلاء الطلبة المتفوقين وأُسرهم، الذين لم يستطيعوا اللحاق بركب كليات القمة الحكومية رغم تفوقهم، ويرون أن المال وحده هو الذي أعجزهم عن تحقيق حلمهم وأتاح الفرصة لمن هم أقل منهم مجموعاً وربما كفاءة وذكاء وجهداً في الوصول لهذه الكليات المرموقة؟!.
ألن يكون هذا الأمر مدخلاً لتكريس ثقافة الحقد الاجتماعي في البلد؛ وبالتالي خلق المزيد من الاحتقان بين شرائح المجتمع المصري أكثر مما هو موجودٌ الآن؟!".
مجانية التعليم مهددة بالإلغاء
يرى الدكتور حاتم. ب، وهو أستاذ جامعي، أن تجربة الجامعات الأهلية التابعة للحكومة موجودة بالفعل، ويعمل في إحداها، من خلال 6 جامعات حتى الآن، وهي جامعة النيل، والجامعة المصرية للتعليم الإلكتروني، وجامعة مدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا، والجامعة الفرنسية بمصر، والجامعة العمالية، والجامعة المصرية اليابانية للعلوم والتكنولوجيا.
ويؤكد أنه على أرض الواقع يدفع الطلاب الملتحقون بالجامعات الأهلية تكاليف الدراسة، ومن ضمنها تكاليف إدارة وتشغيل الجامعة ورواتب الأساتذة وغيرها، إضافة إلى المبالغ المطلوبة لتطوير الجامعة وصيانتها واستهلاكها من الخدمات الحكومية مثل المياه والكهرباء، ويحدد مجلس أمناء الجامعة المصروفات المستحقة على كل طالب؛ لسداد تلك التكاليف تحت إشراف الجهاز المركزي للمحاسبات.
وأوضح أن مجانية التعليم، خصوصاً الجامعيّ، نوع من الدعم الذي تقدّمه الدولة لغير القادرين، مشيراً إلى أنه في ظل الميزانيّات المحدودة لمصر يصعب تقديم خدمة التعليم الجامعيّ بالمجان لجميع المواطنين.
فالموازنة العامة تعاني من العجز، وهو الأمر الذي ينعكس على موازنة التعليم الجامعي بالتبعية؛ حيث زادت موازنة وزارة التعليم العالي والبحث العلمي بنسبة 160%، لتصل إلى 65 مليار جنيه عام 2020-2021، مقارنة بـ25 مليار جنيه عام 2014-2015.
ويشير إلى أنَّ توسُّع الجامعات الحكومية في تأسيس جامعات أهلية بنظام التوأمة مع الجامعات العالمية يهدف إلى تشجيع المزيد من المقتدرين على الالتحاق بالتعليم الأهلي، بدلاً من التعليم الحكومي المجاني، وهو الأمر الذي يخفّض عجز موازنة التعليم الجامعي، كما أنه لا يمكن إقناع أيّ جامعة عالميّة بالتوأمة مع جامعة مصرية من دون أن تحصل الجامعة العالمية على مصروفات الالتحاق بها.
تنسيق منخفض المجموع
رغم كل هذا الجدل لا تزال التفاصيل المتوافرة عن الجامعات الأهلية "شحيحة" أو بمعنى أدق غير موجودة، فلم يُعرف عنها سوى إقرار المجلس الأعلى للجامعات تخفيض الحد الأدنى للتقدم بجميع كليات وبرامج هذه الجامعات بنسبة 5% عن نظيرتها في الجامعات الخاصة؛ في محاولة لاستقطاب الطلاب.
ووفقاً لذلك نص تنسيق التقدم لها على ما يلي: 90% للطب البشري؛ و85% لكليات طب الأسنان والصيدلة والعلاج الطبيعي؛ و75% لكليتي الهندسة والطب البيطري؛ و65% لكليات الفنون التطبيقية، وتكنولوجيا العلوم الصحية التطبيقية، والتكنولوجيا الحيوية، وعلوم الحاسب؛ و55% لكليات الإعلام، واللغات والترجمة، والاقتصاد والعلوم السياسية، والإدارة؛ و50% لكليات الزراعة، وبقية الكليات.
لكن "عربي بوست" علِم من مصادر بوزارة التعليم العالي، أن "تخفيض تنسيق القبول في الجامعات الأهلية الجديدة لن يستمر كثيراً، وإنما فقط حتى العام الجامعي 2024-2025، وبعدها ستتم دراسة القرار مرة أخرى؛ ليتماشى مع طبيعة المرحلة".
وتعد جامعة الملك سلمان الوحيدة التي كُشف عن تفاصيلها، حيث تبلغ مساحتها نحو 700 فدان، موزعة على 3 مدن هي: الطور، وشرم الشيخ، ورأس سدر، وظهرت فكرتها ضمن برنامج العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز لتنمية شبه جزيرة سيناء، الذي تم توقيعه خلال زيارته للقاهرة في أبريل/نيسان من عام 2016.
ويضم فرع "شرم الشيخ" 4 كليات هي: السياحة والضيافة، والألسن واللغات التطبيقية، والعمارة، والفنون والتصميم. أما فرع رأس سدر فيضم 4 كليات هي: الطب البيطري، والزراعات الصحراوية، والعلوم الإدارية، وعلوم المجتمع. فيما يضم فرع الطور 7 كليات هي: الهندسة، والطب، والعلوم، والصناعات التكنولوجية، وعلوم وهندسة الحاسبات، والصيدلة، والتمريض.
وتستوعب الجامعة بفروعها الثلاثة نحو 20 ألفاً و500 طالب، والأولوية في العمل ستكون لأبناء الإقليم والكفاءة المهنية.
أما جامعة العلمين الدولية فيقع مقرها في مدينة العلمين الجديدة بمحافظة مطروح، وتضم 11 كلية هي: إدارة الأعمال، والدراسات القانونية الدولية، والسياحة ، والفنون والتصميم، والهندسة، والحاسبات وتكنولوجيا المعلومات، والعلوم، والطب البشري، وطب الفم والأسنان، والصيدلة، والدراسات العليا، ويوجد بها مستشفى جامعي.
وتقع جامعة الجلالة بهضبة الجلالة في محافظة السويس، وتضم 15 كلية، هي: كليات العلوم الاجتماعية والإنسانية، والفنون، والعلوم الإدارية، والطب، والعلوم الأساسية، والهندسة، والعمارة، والإنتاج الإعلامي، وعلوم التمريض، والعلاج الطبيعي، والعلوم الصحية التطبيقية، وطب الأسنان، وعلوم وهندسة الحاسبات، والغذاء والصناعات الغذائية، والعلوم الصيدلية.
فيما تقع جامعة المنصورة الجديدة في مدينة المنصورة الجديدة بمحافظة الدقهلية، لكنها ستفتح أبوابها العام القادم، وتضم 9 كليات هي: إدارة الأعمال، والمعاملات القانونية الدولية، وهندسة المنسوجات، والهندسة، والحاسبات وتكنولوجيا المعلومات، والطب البشري، وطب الفم والأسنان، والصيدلة، والعلوم، وبها مستشفى جامعي.
أعضاء هيئة التدريس بالتعاقد لا بالتعيين
من جهته كشف مستشار بوزارة التعليم العالي، لـ"عربي بوست"، أن كل جامعة ستبدأ بعدد محدود من البرامج الدراسية، وتدريجياً سيتم التوسع فى البرامج الدراسية، كذلك سيتم البدء بـ25% من إجمالى الطلاب المتاح لها.
وأشار إلى أن الخطة المبدئية الموضوعة لأعداد الطلاب المقرر قبولهم في الجامعات الأهلية الجديدة الثلاث، تأتي ما بين 4 و6 آلاف طالب وطالبة إجمالياً، وسيكون لجامعة الجلالة العدد الأكبر من الطلبة، حيث تستوعب أكثر من 2000 من الطلاب.
ومن المقرر مبدئياً قبول 1500 طالب وطالبة في جامعة الملك سلمان، وقبول 1200 طالب وطالبة بجامعة العلمين الجديدة.
وعن نظام الإدارة قال أحد أعضاء هيئة التدريس بجامعة عين شمس، لـ"عربي بوست"، إنه تقدَّم للتدريس أكثر من ستين ألف متقدم، سيتم تقييمهم ورصد درجاتهم العلمية للموافقة عليهم، والتعامل معهم سيكون بنظام التعاقد وليس التعيين.
وأكد الأستاذ، الذي تم تكليفه المساهمة في تكوين أطقم هيئة تدريس إحدى تلك الجامعات، أن كل كلية سوف تدار بـ10 أو 12 عضو هيئة تدريس، مع اختيار قيادات جامعية (رؤساء ونواب وعمداء) من متخصصين لهم قدرة على القيادة والسعي للتميز العالمي خلال فترة وجيزة.
هذا فضلاً عن أنه سيتم اختيار مجالس أمنائها من نخبة من رجال الأعمال والمثقفين القادرين على تسويق الجامعات وزيادة مواردها ومراقبة أعمال الإدارة، لتلبية احتياجات سوق العمل.
إحراج أولياء الأمور
رغم إعلان المسؤولين أن مصروفات الجامعات الأهلية ستكون أقل من الجامعات الخاصة، لأنها غير هادفة إلى الربح، فإن الحقيقة ليست كذلك، حيث إن كلية الطب تعدَّت مصروفاتها 100 ألف جنيه، بينما تصل مصروفات كلية الهندسة الى 75 ألفاً.
هذا فضلاً عن أن بعض البرامج المتميزة التي لديها شراكات عالمية مع جامعات دولية قد تصل مصروفاتها إلى 11 ألف دولار.
وهذه الأرقام تعادل تقريباً أو تقل قليلاً عن مثيلاتها في أغلب الجامعات الخاصة، باستثناء الجامعتين الألمانية والأمريكية اللتين تتخطى مصروفات أغلب التخصصات فيهما 200 ألف جنيه.
المثير أن مصروفات السكن والانتقالات (والخدمات الأخرى) غير مشمولة في المصروفات الدراسية المعلنة لكل مجال أكاديمي، وأن التأمين الصحي إجباري لجميع الطلاب، وعلى الطلاب المؤمَّن عليهم بالفعل تقديم المستندات الدالة على ذلك.
تقديرات المسؤولين أن المصروفات الدراسية المعلنة لا تعد كبيرةً مقارنة بتكلفة الإنشاءات، فضلاً عن نوعية البرامج المميزة. كما أنها تعد أقل من مصروفات الجامعات الخاصة.
لكن شريف بدوي، وهو ولي أمر طالب ناجح بالثانوية العامة، يرى أن التصريحات "مستفزة" وأن الحكومة تعتقد أن كل الناس "حرامية"!
وأشار إلى أن دخله السنوي لا يتعدى 84 ألف جنيه، متسائلاً: "كيف سأدفع مصروفات تصل إلى 150 ألفاً؟!".
واعتبر أن ما يحدث خطوة جديدة من الحكومة للضغط على الشعب عبر وضع أولياء الأمور في مواجهة مع أبنائهم الذين يتهمونهم بخذلانهم، بينما الحقيقة أن أغلب الأهالي مكتوفو الأيدي.
قانون الجامعات الأهلية قديم
يقول الدكتور خالد عبدالغفار، وزير التعليم العالي، إن هناك العديد من أنظمة التعليم التي تناسب كل الفئات، حيث تتوافر للطالب المتفوق غير القادر فرصة الالتحاق بالجامعات الحكومية.
ويضيف أن الفئة المتوسطة لها الجامعات الأهلية، والفئة الأعلى لها الجامعات الخاصة، وهناك أيضاً الجامعات الدولية لمن يريد، والهدف من ذلك ألا يتزاحم أبناء القادرين أو الطلاب غير المتفوقين على الجامعات الحكومية، على حد تعبيره.
خصوصاً أنهم يستطيعون تحمُّل "بعض" التكاليف ومنح فرصةٍ أكبر لاستيعاب أكثر للطلاب غير القادرين، مشيراً إلى أن الجامعات الأهلية ستُحدث نقلة نوعية في التعليم العالى بالكامل، كما قال الوزير.
وكان الرئيس المصري قد أقر قانوناً في أغسطس/آب 2019، ينظم مسألة إنشاء الجامعات الأهلية، حيث لم يكن قانون تنظيم الجامعات الحكومية رقم 49 لسنة 1972 يسمح بأن تتبع الجامعات الجديدة أي جامعة حكومية، وسعت وزارة التعليم العالي إلى استحداث القانون ليسمح للجامعات الحكوميّة بتأسيس فروع أو جامعات أهلية غير هادفة إلى الربح.
وأن يكون ذلك بالشراكة مع جامعات عالمية، وستقوم الدولة بدعم هذا المشروع على أن تقوم الجامعات الأهلية فيما بعدُ بتسديد ما قدَّمته الدولة لها على مراحل، وكان هناك قانون قد صدر بالفعل عام 2009 وأنشئت بموجبه 6 جامعات أهلية على النحو المشار إليه سابقاً، ما يعني بحسب مصدر في وزارة التعليم العالي، أنه ليس قانون السيسي كما يردد البعض؛ في محاولة للإساءة إلى الرئيس المصري.
في المقابل أكد خبير دستوري لـ"عربي بوست"، أن المادة 21 من دستور مصر لعام 2014 تلزم الدولة بأن "تعمل على تطوير التعليم الجامعي وتكفل مجانيّته في جامعات الدولة ومعاهدها، وتحظر بشكل نهائيٍّ على الدولة تأسيس أي جامعات لا يكون الالتحاق بها بالمجان حتى لو كانت تلك الجامعات غير هادفة للربح وتحصل فقط على مقابل التعليم من دون تحقيق أرباح".
ويرى الخبير -رفض ذكر اسمه- أن الإعلان عن الجامعات الأهلية الأربع يعد تمهيداً لتحويل جانب من التعليم الجامعي إلى الجامعات الأهلية، وربما يكون ذلك بداية لحزمة من الإجراءات ستتخذها في المستقبل، كأن يكون هناك مثلاً شروط للمستحقين للجامعات الحكومية المجانية مثل التي تفرضها على المستحقين لبطاقات التموين.
ويرى مراقبون أن التوجه الجديد بالتوسع في إنشاء العديد من الجامعات الأهلية يمثل تراجعاً ملحوظاً من الدولة عن دورها في دعم مجانية التعليم الجامعي، واستكمالاً لما بدأ منذ التسعينيات، حينما تم إصدار القانون رقم 101 لسنة 1992 الذي يسمح بإنشاء الجامعات الخاصة.
وفي 2002 تم إصدار قانون للسماح بإنشاء جامعات هادفة إلى الربح، إضافة إلى ذلك، أنشأت الحكومة أقساماً خاصة في الجامعات الحكومية يتم تدريس المناهج بها بجودة أكبر، من خلال تدريسها باللغتين الإنجليزية أو الفرنسية مقابل دفع الطلاب ما يقارب عشرة آلاف جنيهٍ كل فصل دراسي.
هذا النظام المزدوج أتاح للطلاب الأغنياء أن تكون لهم فرص أفضل من طلاب الطبقتين الوسطى والفقيرة.
ومنذ بداية 2015، هناك اتجاهات جديدة من الحكومة المصرية بإلغاء مجانية التعليم الجامعي، حيث ظهرت تصريحات لمسؤولين حكوميين وشخصيات عامة تتوافق مع السياسة التي تبنَّتها الدولة في السنوات الأخيرة، وهي إلغاء مجانية التعليم.
وكان وزير التعليم، الدكتور طارق شوقي، قد صرح عندما كان رئيساً للمجلس الاستشاري لشؤون التعليم (مجلس شُكِّل بناءً على توجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسي عام 2014)، بضرورة انتهاء التعليم المجاني كحق مكتسب للمواطن، قائلاً: "مفيش حاجة ببلاش، والدولة عليها التزامات كبيرة".
كما قال السيسي نفسه خلال مؤتمر الشباب الأول، في أكتوبر/تشرين الأول 2016، إن دولاً كثيرة نجحت في تجربة إلغاء مجانية التعليم، وتساءل: "هل أقدر أنا أعمل كده؟".
وفي حديثه عن تخفيض ميزانية الجامعات، كشف وزير التعليم العالي أن الوزارة تدرس حالياً الإجابة عن سؤال: هل يستحق الطالب الراسب أن يتمتع بمجانية التعليم؟
وطبقاً للإحصاءات الرسمية، توجد في مصر 27 جامعة حكومية، بينما يبلغ عدد الجامعات الخاصة المعتمدة 24 جامعة، أُنشئت أغلبها خلال الأعوام الثلاثين الماضية.