هل سمعت من قبل عن أهرامات الجزائر؟ قصة الاكتشافات الأثرية التي أثارت ضجة قبل 4 سنوات

عربي بوست
تم النشر: 2020/08/26 الساعة 11:26 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/08/26 الساعة 11:26 بتوقيت غرينتش

قبل أربع سنوات، وتحديداً في عام 2016، أعلن وزير الثقافة الجزائري الأسبق عز الدين ميهوبي اكتشاف "أهرامات" عريقة في منطقة "فرندة" بمحافظة "تيارت" غربي البلاد، وهو كلام بدا غريباً وقتها كما لم يسلط الضوء على هذه المعالم وتاريخها إلى اليوم.

الوزير الأسبق قال آنذاك على صفحته الرسمية بفيسبوك: "يجهل كثير من الناس وجود أهرامات بالجزائر، نعم هناك أكثر من 13 هرماً رباعي القاعدة ودائري القمة، بمحافظة تيارت يطلق عليها لجدار".

ميهوبي لم يتوقف عند ذلك فقط، بل أضاف أنها تشبه قليلاً ضريحي "كليوباترا سيليني" بمحافظة تيبازة (غرب العاصمة)، و"إيمدغاسن" بمحافظة باتنة شرقي البلاد.

و"كليوباترا سيليني الثانية" هي ابنة الملكة المصرية كليوباترا التي حكمت مصر منذ وفاة الإسكندر الأكبر عام 323 ق.م.

أما "إيمدغاسن" فهو ضريح أمازيغي جزائري يرجع تاريخه إلى القرن الثالث قبل الميلاد.

وأجريت بعض البحوث حول "أهرامات لجدار"، وتبيّن أنّها أضرحة جنائزية تعود إلى القرن الخامس الميلادي وطبيعتها لا تختلف عن أهرامات الجيزة بمصر، حسب ميهوبي.

أهرامات دائرية الشكل

وحسب مختصين، يوجد في الجزائر العديد من الأهرامات التي تختلف من حيث الفترة الزمنية وتتخذ شكلاً دائرياً بقاعدة مربعة أو مستطيلة وقمة دائرية وأحجام مختلفة، كما تتوزع جغرافياً عبر عدّة محافظات في البلاد.

وتمتد هذه الأهرامات من محافظة تيبازة (شمال) إلى تمنراست (أقصى الجنوب)، ومن باتنة (شرق)، إلى محافظة تيارت (غرب) التي تضم وحدها 13 هرماً تُكوّن ما يسمى "لجدار".

وبخصوص أهرامات فرندة بتيارت (غرب)، فتحوي قواعد يتراوح عرضها بين 11 متراً و46 متراً، أمّا طولها فيبلغ 18 متراً.

أهرامات أم أضرحة جنائزية

ويقول باحثون إن أهرامات الجزائر عبارة عن معالم ملوك الأمازيغ أي أضرحة وقبور جنائزية كانت مقابر جماعية أو أماكن للعبادة وتختلف من ضريح إلى آخر، كما تتباين حجراتها، حسب الحجم وقد تصل 20 حجرة متصلة بأروقة.

وذكر الباحث في الآثار الجزائري بشير صحراوي، في تصريح صحفي سابق، أن الأهرامات الجزائرية تختلف عن أهرامات مصر والمكسيك بكثرة الدهاليز والغرف والممرات مع قاعدة مربعة الشكل ورأس مدبدب في الأعلى على شاكلة قبب المساجد.

صحراوي أوضح أن الهرم الجزائري ذو لمسة أمازيغية ويقوم على عناصر فيزيائية دقيقة لكونه ممتصاً للطاقة الموجودة في الكون والمنبعثة من المجرات والنجوم وأجسام أخرى.

أهرامات الجزائر أصلها أمازيغي

من جانبها، قالت فايزة رياش، الأكاديمية والباحثة في علم الآثار، لـ"الأناضول" إن الجزائر "تزخر بعدد كبير ومتنوع للمعالم الجنائزية، موزعة عبر كامل تراب البلاد".

وأضافت رياش: "وبعدد أكبر في الشرق الجزائري، خاصة بجنوب وشرق محافظة قسنطينة، مثل رأس عين بومرزوق، سيلا، بوشان وسيغوس، بونوارة، وغيرها".

وأشارت إلى أن "تنقيبات أجريت في هذه المعالم الجنائزية أدت للأسف إلى إتلافها وضياع محتوياتها وبعضها تعرض للنهب".

أهرامات الجزائر/ رويترز

ولفتت إلى أن القبور الجنائزية تطورت عبر مختلف الفترات التاريخية بداية بأقدمها التي وجدت بكولمناطة بمحافظة تيارت (غرب البلاد) وأفالو بورمال بمحافظة بجاية (شرق العاصمة).

وتابعت رياش قولها: "أحصى المؤرخ الفرنسي المختص في تاريخ الأمازيغ غابريال كامبيس أكثر من 14 نوعاً".

وذكّرت بـ"إيمدغاسن بباتنة" و"الضريح الملكي الموريتاني" بتيبازة، اللذين صنفهما الباحث الفرنسي "letourneux" من المعالم الجنائزية ذات الأصل الأمازيغي.

ولم تخفِ رياش وجود أصناف عديدة من هذه المعالم تُسمى "النشاز"، "التيميليس"، "الدولمان"، "البازينة".

وأشارت إلى أن الباحثين لم يذكروا أن القبور الجنائزية لجدار بتيارت على أنها أهرامات، بل هناك من صنّفها ضمن قسمين.

وأوضحت: "القبور الثلاثة القريبة من بعضها من نوع تيميليس (بناء حجري مخروطي الشكل فوق قبور قديمة) وذات شكل مربع، أمّا العشر المتبقية فتشبه شكل القبور الجنائزية البربرية المسماة البازينة".

وبازينة كلمة أمازيغية ومن أنماطها المقببة وذات مدرجات وقاعدة أسطوانية ومتعددة المدافن.

ووفق رياش فإن "المقابر الجنائزية لجدار ليست أهرامات، ولكن شكلها المميز لا يوجد إلاّ في بلاد المغرب العربي".

أهرامات الجزائر هل تشبه نظيرتها في مصر؟

بدورها، قالت الباحثة في الآثار والتراث سميرة امبوعزة إنّ "أهرامات الجزائر عديدة ويجهلها الكثيرون، بنيت على طريقة أهرامات مصر ولكن مع اختلاف طفيف في الشكل الهندسي".

وأضافت امبوعزة للأناضول أنّها "أضرحة تعود لملوك ومختلفة المراحل التاريخية".

وتابعت: "نجد مثلاً هرم تين هينان: ضريح ملكة قبائل الطوارق، بمنطقة الهقار بمحافظة تمنراست بالجنوب الجزائري".

مصر بلد الأهرامات

وذكرت أنّ مراجع تاريخية تقول إنّه شُيّد في القرن الخامس قبل الميلاد، ويقع على ارتفاع أكثر من 850 متراً.

وأضافت: "ضريح ماسينيسا لا يزال يشهد على الملك النوميدي الأسطوري ماسينيسا، بني بمنطقة الخروب بمحافظة قسنطينة، ولقب باسم صومعة إبليس".

وبخصوص التسمية، أوضحت أنّها متوارثة عن الأجداد الذين عرفوا هذا المكان دون أن يحاولوا معرفة سرّ هذه التسمية.

وإضافة إلى ضريحي امدغاسن والملك النوميدي الشهيرين، يوجد هرم "سيڨا"، الذي هو عبارة عن ضريح للملك النوميدي سيفاكس بمحافظة عين تيموشنت (غربي البلاد)، وفق الباحثة.

وحول أهرامات لجدار بتيارت قالت: "هي آثار أمازيغية جنائزية يعود بناؤها إلى القرن الرابع والسادس ميلادي وأطلق عليها هذا الاسم من طرف السكان المحليين".

وكلمة لجدار تعني الجدار أو الحائط، والأضرحة تنقسم إلى مجموعتين متباعدتين عن بعضهما بـ 6 كلم، حسب المتحدثة.

ووفق الباحثة، تضم المجموعة الأولى 3 أهرامات، مرتبة حسب الحروف اللاتينية (a/b/c). بحيث يعتبر القبر A أهمّها وأكبرها حجماً ويسمى "قبر الكسكاس".

وتتشكل المجموعة الثانية من 10 قبور ذات قاعدة مربعة تتراوح بين 12 و46 متراً وارتفاع يصل إلى 18 متراً.

وصنفت لِجدار ضمن التراث الوطني منذ 1969، وتتطلع السلطات الجزائرية وعلماء الآثار إلى تصنيفها ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو (منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة).

علامات:
تحميل المزيد