لا يزال رئيس ما يُعرف بـ"مجلس الأمن القومي الإسرائيلي"، مائير بن شبات يظهر المرة تلو الأخرى في اتفاقات التطبيع التي توصلت لها إسرائيل مع بعض الدول العربية مؤخراً، إذ كان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، قد كلّف "أمين سره" مائير بن شبات، بإنجاز اتفاقات التطبيع مع كل من الإمارات والبحرين في مراحل مبكرة من توقيع الاتفاقات في واشنطن في أيلول/سبتمبر الماضي، وسافر بن شبات للعاصمتين الخليجيتين أكثر من مرة على رأس وفود إسرائيلية، لإجراء محادثات مع المسؤولين في كلا البلدين للدفع بالاتفاقات، وقال نتنياهو فيه حينها إنه "سيعمل جنباً إلى جنب مع فريق أمريكي وفريق موازٍ من الإمارات، لتعزيز السلام والتطبيع بين الطرفين".
بعد الإمارات والبحرين.. بن شبات يظهر في المغرب
ومجدداً، ظهر بن شبات على رأس وفد إسرائيلي إلى جانب مستشار الرئيس الأمريكي وصهره جاريد كوشنر، في العاصمة المغربية الرباط، يوم الثلاثاء 22 ديسمبر/كانون الأول، كمبعوث خاص من قبل نتنياهو إلى المغرب، لتوقيع اتفاقات مختلفة بين الطرفين، جنباً إلى جنب مع ملك المغرب محمد السادس ورئيس حكومته سعد الدين العثماني.
ووقع بن شبات إلى جانب العثماني في مدينة الرباط، أربع اتفاقيات على هامش توقيع اتفاق تطبيع العلاقات بين الجانبين برعاية أمريكية، وذلك بعد وصول أول رحلة إسرائيلية مباشرة إلى الأراضي المغربية. وتضمن الاتفاقيات الأربع التي وقعها بن شبات والعثماني بين إسرائيل والمغرب، بحسب بيان لوزارة الخارجية المغربية، المجال الاقتصادي والتجاري والسياحي.
فمَن هو مائير بن شبات، الرجل الذي تعهد "بتغيير وجه المنطقة" من العواصم العربية، والذي يصفه نتنياهو بـ"رجل المهمات التاريخية"، وما الأدوار التي لعبها سياسياً وعسكرياً في إسرائيل؟
مائير بن شبات شنَّ حروباً مُدمرة على الفلسطينيين
يُعتبر بن شبات ضابط مخابرات وسياسياً إسرائيلياً ومستشاراً لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وهو محسوب على "صقور التيار الديني القومي"، وتم تعيينه رئيساً لـ"مجلس الأمن القومي الإسرائيلي"، منذ 11 نوفمبر/تشرين الثاني 2017 حتى الآن. ومجلس الأمن القومي هو هيئة استشارية لرئيس الوزراء والحكومة في القضايا والشؤون الأمنية، وخاصة ما يتعلق بالأمن القومي العام لإسرائيل.
وقبل تقلُّده رئاسة مجلس الأمن القومي، كان بن شبات رئيس المنطقة الجنوبية لجهاز الشاباك، ويعتبر أحد الجنرالات المسؤولين بشكل مباشر عن شنّ الحرب على غزة عام 2014، وتدمير وقصف مئات البيوت الفلسطينية. ويعتبر شبات خبيراً في شؤون حركة حماس وقطاع غزة، حيث شارك في معظم العمليات هُناك خلال العقدين الأخيرين.
وبن شبات من مواليد العام 1966، والتحق بجهاز المخابرات الإسرائيلية "الشاباك"، وعمل في لواء الجنوب عام 1989. ومن بين المناصب والمهام التي شغلها داخل "الشاباك" إدارة سير الحرب التي شنتها إسرائيل على غزة عام 2008، بعد أن شغل وظائف إدارية متنوعة في أقسام التنفيذ، من بينها قيادته للواءين، وثلاثة أقسام هي السايبر (القسم الإلكتروني)، ومكافحة الإرهاب والتجسس والأبحاث السياسية، وترأس بن شبات خلال السنوات الثلاث الأخيرة قسم منطقة الجنوب في "الشاباك"، المسؤول عن قطاع غزة.
مائير بن شبات تقلّد مناصب عسكرية وسياسية عليا في إسرائيل
بدأ بن شبات رحلة صعوده في التدرج بالمناصب داخل الجيش الإسرائيلي، حيث تم تعيينه في البداية في لواء "جڤعاتي"، وحصل هناك على العديد من الجوائز، من ضمنها وسام عسكري بارز.
وفي عام 1989، خرج من الجيش الإسرائيلي، وتم تجنيده في جهاز الأمن العام (الشاباك)، وشغل عدة وظائف في الشاباك. وخلال عمله في جهاز الأمن الداخلي شغل منصب رئيس قسم الإنترنت، ورئيس قسم مكافحة الإرهاب والتجسس والبحث والسياسات الوطنية، ورئيس الشاباك في المنطقة الجنوبية.
ويحمل بن شبات درجة البكالوريوس في العلوم السياسية من جامعة بار-إيلان، وهو خريج برنامج المديرين وكبار المسؤولين في جامعة تل أبيب.
بن شبات قاد مفاوضات مع السعودية ويلعب أدواراً خارجية "حساسة"
تصف الصحافة الإسرائيلية بن شبات، بأنه الرجل ذو التأثير الواسع الذي يتجنب الأضواء، وأنه "أمين سر" نتنياهو، ويُعتبر مقرباً منه جداً، فهو مسؤول عن جميع القضايا الخارجية والأمنية، لاسيما العلاقات السرية التي تربط إسرائيل بالدول الخليجية، والتي يفاخر نتنياهو بها على الدوام.
وفي 2 أبريل/نيسان 2018، توجّه رئيس الوزراء الإسرائيلي بالشكر لمائير بن شبات، لقيادته المفاوضات مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، التي "كُللت بالنجاح في حصول إسرائيل على موافقة السعودية على مرور طائرات الخطوط الجوية الهندية عبر الأجواء السعودية، في طريقها إلى إسرائيل". كما ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن بن شبات كان قد التقى مع رئيس الأركان الإسرائيلي، گادي آيزنكوت، ولي العهد السعودي محمد بن سلمان.
ويلعب بن شبات دوراً أساسياً في السياسة الإسرائيلية، مثل المشاركة في المحادثات الاستراتيجية مع الولايات المتحدة وحلفاء آخرين في المنطقة، والتخطيط لمواجهة التهديدات الإيرانية، وكذلك القضايا الاقتصادية والاجتماعية التي تعتبر "استراتيجية". وينظر إلى بن شبات على أنه المكلف بجميع القضايا الخارجية السياسية والأمنية، التي تتطلب السرية والكتمان، وهو شريك رئيسي في المناقشات عالية السرية التي يترأسها نتنياهو.
وبحسب الصحافة الإسرائيلية، فقد سبق لابن شبات التوسط في العلاقات بين نتنياهو وإدارتي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في موسكو، والأمريكي دونالد ترامب في واشنطن، كما أنه كان أحد أهم المفاوضين الأساسيين مع الأمريكيين حول خطة الرئيس ترامب للسلام "صفقة القرن"، وقاد إعداد الخرائط للسيادة الإسرائيلية في الضفة الغربية وغور الأردن.