لا مكان بالمستشفيات لمصابي كورونا الجدد.. انفجار مرفأ بيروت يتسبب في عودة تفشي الفيروس بلبنان

عربي بوست
تم النشر: 2020/08/19 الساعة 20:42 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/08/20 الساعة 14:16 بتوقيت غرينتش
تضرر مستشفيات بيروت من الانفجار أعجزها عن مواجهة كورونا / رويترز

أصبح فيروس كورونا شبحاً يخيف اللبنانيين ويرافقهم في كلّ مكان، كما وفّر انفجار مرفأ بيروت وما خلَّفه من أضرار صحية واقتصادية وتعطيل لكثير من المرافق الطبية بيئةً خصبة لانتشار الفيروس من جديد، فجعل الحل في إغلاق البلاد لأسبوعين كمحاولة لحد انتشار الفيروس.

بعدما رُفع الحجر الصحّي، وعادت البلاد إلى حركتها الطبيعية من حيث العمل والنشاطات الأخرى، كانت الدولة اللبنانية تراهن على وعي شعبها دون وضع عقوبات على المخالفين.

 زادت الأعداد في الآونة الأخيرة، وتخطّت هذا الأسبوع 400 مصاب، ويقول مدير مستشفى رفيق الحريري الدكتور فراس أبيض لـ"عربي بوست": "هذا الأمر مقلق لأنّ نسبة المصابين مقارنة بالأعداد انتقلت من 5% لتصل إلى 9%، وهذا علميّاً أمر  خطير". 

وبسبب الزيادة المقلقة، لجأت حكومة تصريف الأعمال في لبنان إلى إصدار قرار بالإغلاق التّام مع بعض الاستثناءات وحظر التجوّل من السادسة عصراً حتى السادسة صباحاً.

فقد بات الوضع الاقتصادي في لبنان لا يحتمل، ويعترض البعض من الشعب على هذا الإغلاق، حيث إنّهم لا يتحمّلون أعباءً أكثر من ذلك، بالأخص بعد الانفجار الذي قضى على مرفأ بيروت.

 ولكن من وجهة نظر أخصائيين، فهذا الإغلاق ضروري من أجل تخفيف الضغط عن المستشفيات التي أصبح بعضها عاجزاً عن استقبال المرضى، نظراً لنفاد الأسرّة بسبب عامليْن مهمّيْن، الكورونا والانفجار.

لا أسرّة بالمستشفيات

ويقول الدكتور أبيض لـ"عربي بوست": "قدرة الاستيعاب متعلِّقة بعدد الأسرّة المتوفّرة، وخصوصاً العناية الفائقة، وبسبب الانفجار اضطر الكثير من الجرحى إلى الدخّول إلى العناية الفائقة بسبب وضعهم الحرج". ويضيف د. أبيض أنّ تضرر 4 مستشفيات إثر الانفجار جعلها خارج الخدمة، ما انعكس سلباً على الجاهزية.

مدير مستشفى الرّوم بالسان جورج، في الأشرفية، الذي يُعتبر من المستشفيات المهمّة والمركزية وهو متضرّر بشكل هائل، قال إن المستشفى حالياً خارج الخدمة، ولا يستطيع استقبال المرضى.

ويتابع مدير الكوارث قائلاً: "إن المستشفى يحتاج إلى 4 مراحل، وهي مراحل "تعافي" المستشفى من الأضرار، وهم ما زالوا في المرحلة الأولى، أمّا المراحل الأخرى فستبدأ تدريجيا ابتداءً من الأسبوع المقبل، وهي إعادة فتح قسم الطوارئ والمختبر والأشعّة، وحال مستشفى الجعيتاوي وأوتيل ديو لا يقلّ حرجاً عن حال مستشفى الرّوم، فجميعهم في خندق واحد، ويحاولون أن يتنفّسوا الصعداء في أقرب وقت ممكن".

أمّا من جهة الدّولة، فالقرار بالإقفال ورغم المأساة الاقتصاديّة مهمّ بهدف إعطاء المستشفيات والطّاقم الطبّي استراحة قليلة ووقت كافٍ بعض الشيء، لتتبّع مصدر العدوى قدر المستطاع، وليس من الواضح ما إذا كان الإغلاق سيكون مؤقتّاً أو قابلاً للتمديد. 

الشعب سبب رئيسي

من جهة أخرى، يرى د. أبيض أن الشعب سبب في هذه النتيجة التي لا يرغبها أحد، وقال: "رأينا بعد الحجر العديد من مظاهر الاختلاط بين الأفراد من أعراس وعزاء ومشاوير وتجمّعات عديدة، دون التقيّد بالتدابير الوقائية، بالإضافة الى المغتربين الذين خالطوا أعداداً كبيرة قبل صدور نتيجة الفحص".

ويتابع د. أبيض: "المطلوب ببساطة هو ارتداء الكمامة والتباعد الاجتماعي والالتزام بالتدابير، وإلّا ستستمر الأعداد في الارتفاع، والوضع سيصبح أصعب"، كما أكّد أن المسؤولية تقع على الدولة والمواطنين على حدّ سواء، معتبراً أنه لا دولة تراهن فقط على وعي الشّعب، فأكثر الدول ديمقراطية أصدرت غرامات لمن لا يتّخذ التدابير اللازمة.  

كذلك حذّر نقيب الأطبّاء في بيروت، شرف أبو شرف، أنه لا توجد أسرّة كافية في العناية الفائقة، وهو ما يدعو للقلق.

رغم نجاح لبنان في البداية في حصر الوباء إلى حدّ كبير، فإن تراخي الطرفين من مسؤولين وشعب أدّى إلى وقوع الواقعة التي تخوَّفها اختصاصيون من البداية، والإغلاق لا يضع حدّاً للانتشار، لأن هذا الانتشار واسع جدّاً.

 وفي ظل الإهمال من قِبل الدولة والشعب، يبقى الإغلاق هو الحلّ المؤقّت الوحيد إلى حين إعادة بلورة الأمور في المستشفيات، تفادياً للوصول إلى ما وصلت إليه الدول الأوروبية، وخاصة إيطاليا في بداية الأزمة، هذا قد يؤدّي إلى خسارة العديد من الأرواح، ومنهم أطبّاء أو ممرّضون، الأمر الذي لا يحتاجه لبنان اليوم لأنّه سيزيد الطّين بلّة.